كيف تغلب "شاي الفقاعات" على قهوة "لوكين" في الصين؟

إقبال كبير من الشباب في الصين على مشروب "شاي الفقاعات"
إقبال كبير من الشباب في الصين على مشروب "شاي الفقاعات" المصدر: iStockphoto
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كانت "لوكين كوفي" آخر علامة تجارية صينية استهلاكية تجتاح أسواق الأسهم الأمريكية.

لجأت سلسلة القهوة، "اليونيكورن"، والتي لم يكن عمرها قد بلغ العامين في ذلك الوقت، إلى الاكتتاب العام في نيويورك في مايو 2019، لتجمع 645 مليون دولار، ثم جنت بعد ذلك بعدة شهور مبلغاً آخر قدره 778 مليون دولار من بيع الأسهم والسندات القابلة للتحويل.

انهيار "لوكين"

كانت الطريقة الترويجية لـ"لوكين" مغرية. فلك أن تتخيل أن فنجان قهوتها كان أرخص ثمناً بكثير مما قدمته شركة "ستاربكس" إلى ملايين الشباب الصينيين الذين كانوا على وشك التحول من مشروب الشاي الوطني إلى القهوة.

ومع ذلك، انتهى كل هذا بشكل بائس، فقد انهارت "لوكين" بعد اعترافها بالاحتيال المحاسبي.

إلا أن هذا الفشل لم يمنع الشركات من محاولة استقطاب شاربي الشاي الصينيين. فبعد كل شيء، يُشكل شباب الجيل "زد" (المواليد بين عامي 1996 و2016) حوالي 250 مليون من سكان البلاد، بالإضافة إلى 300 مليون من جيل الألفية.

ويُمكن التأثير على عادات التسوّق والاستهلاك لدى الشباب وتشكيلها، مع وجود ما يكفي من رأس المال الاستثماري والتسويق، ليؤدي ذلك إلى ربح كبير في نهاية المطاف.

لذلك، تأسست متاجر العصر الجديد المتخصصة في اللبن المخفوق بالشاي، والذي يتم تقديمه غالباً مع لآلئ الـ "تابيوكا" المطاطية.

شركات صاعدة

ولا تزال شركة "نايوكي هولدينغز ليميتيد" تعاني من خسائر، في ظل وصول مبيعاتها إلى 3.1 مليار يوان (479 مليون دولار) فقط، خلال العام الماضي، إلا أنها جمعت 5.09 مليار دولار هونغ كونغ (655 مليون دولار) للتو من خلال إدراج عام في هونغ كونغ.

في الواقع، أحب المستثمرون ذلك، فقد اهتمت خمس جهات شراء مؤسسية أساسية بأسهمها، وتعدى الاكتتاب أكثر من 400 مرة في شريحة الأفراد.

بلغت قيمة الشركة، "اليونيكورن"، حوالي 4.4 مليار دولار في الاكتتاب العام، أي أكثر من ضعف تقييم الجولة التمويلية في شهر ديسمبر.

وفي شهر مارس 2020، تفاخرت شركة "هاي تي"، المنافس المدعوم من قبل "هيلهاوس كابيتال غرب"، بتقييمها البالغ 2.2 مليار دولار.

وذكر تقرير إخباري صيني في يونيو 2021، أن قيمة الشركة قُدِّرت بحوالي 60 مليار يوان (9.3 مليار دولار) في الجولة التمويلية الأخيرة، وقد تسعى إلى اكتتاب عام أولي بحلول نهاية العام.

تقييمات مرتفعة

بدورها، لم تكن أسهم "نايوكي" رخيصة أثناء طرحها في الاكتتاب العام، حتى بمعايير شركة "لوكين".

ففي ذروة شهر يناير 2020، تم تقييم "لوكين" بحوالي 17.5 ضعف مبيعاتها في عام 2019، بينما بلغ سعر "نايوكي" حوالي 10 أضعاف إيراداتها لعام 2020.

في ذلك الوقت، قالت "لوكين" إن نمو مبيعاتها قد تضاعف، وبالمقارنة، نمت إيرادات سلسلة "شاي الفقاعات" بنسبة 22.5% فقط العام الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى وباء كورونا.

يرجع أصل "شاي الفقاعات" إلى تايوان قبل انطلاقه للبر الرئيس الصيني في التسعينيات. فما الجاذبية التي تعد بها تلك الشركات "اليونيكورن" حالياً؟

مشروبات مميزة

لقد غيّرت كل من "هاي تي" و"نايوكي" بشكلٍ جذري مساحيق الشاي، والمبيّضات المستخدمة في أكشاك "شاي الفقاعات" في أركان الشوارع، فقد تم استبدالها بأوراق الشاي عالية الجودة والحليب الطازج، وغالباً ما تتم إضافة طبقة من الجبن المخفوق أو الكريمة إلى المشروب، مع الفواكه الطازجة مثل الفراولة أو المانجو أو العنب.

ويحتوي أحد المشروبات المميزة التي ابتدعتها "نايوكي" على مزيج من الفراولة زاهية اللون وشاي الياسمين، تعلوه طبقة من الجبن المخفوق "المستورد"، والمستوحى من كعكة الجبن بالفراولة، وفقاً لموقع الشركة الإلكتروني.

وخلال العام الماضي، وصل متوسط سعر ​​الطلب في "نايوكي" إلى مستوى جيد عند 43 يوان، ولم تفعل مثل "لوكين" التي باعت القهوة بسعر زهيد عند 10 يوان لكل فنجان.

نتيجة لذلك، حققت "نايوكي" ربحاً على مستوى المتاجر. وبرغم وباء كورونا وقلة الحركة، بلغ هامش الربح التشغيلي لعلامتها التجارية الرئيسة 12.2% في العام الماضي، مقابل 18.9% و16.3% في عامي 2018 و2019.

"شاي الفقاعات"

بالتأكيد، أثارت إمكانات الربح حماسة المستثمرين، بل وأسعدتهم أيضاً قاعدة العملاء من الشباب.

فوفقًا لأحدث استطلاع حول المستهلكين، أجرته "سي إل إس إيه"، اشترى 94% من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاماً "شاي الفقاعات" في الشهور الثلاثة الماضية، وفضّلوا الشاي المغطّى بالجبن على القهوة أو القهوة الصينية التقليدية.

يبدو أن احتساء "شاي الفقاعات" في مركز تسوّق راقٍ، أو التسكع في متجر شاي أنيق مع زملاء العمل، بات أمراً عصرياً يفعله جيل الشباب، الذي يُفضل "لمس الأسماك"، وهو تعبير عامي يعني إمضاء الوقت، بدلاً من العمل لمدة "996 ساعة"، وهو تعبير عامي آخر يعني العمل من الساعة 9 صباحاً حتى 9 مساءً لمدة ستة أيام في الأسبوع.

ومع ذلك، هناك تشابه واحد مع "لوكين"، فتلك السلاسل تستهلك أموالاً طائلة.

إنفاق مرتفع

افتتحت "نايوكي" أول محل لـ "شاي الفقاعات" في أواخر عام 2015، ومنذ عام 2017، مرت الشركة بخمس جولات تمويلية، لأجل تمويل افتتاح متاجرها.

جمعت "نايوكي" حوالي 850 مليون دولار، شملت عائدات الاكتتاب العام، وفقاً للبيانات التي جمعها "رأي بلومبرغ"، بينما حصلت سلسلة "شاي الفقاعات" على 172 مليون دولار فقط من النقد التشغيلي خلال السنوات الثلاث الماضية، ولكنها لم تتمكن من توليد تدفق نقدي كافٍ للحفاظ على توسعها.

واعتباراً من نهاية عام 2020، كان لدى "نايوكي"491 محلاً للشاي، فيما تخطط لافتتاح 300 هذا العام، و350 بعد ذلك، برغم أن حوالي 70% منها سيكون أصغر حجماً وأقل كثافة في رأس المال.

مع ذلك، يبقى السؤال: متى ستكتفي "نايوكي" ذاتياً؟ هل ستسير في طريق "لوكين"؟ وهل ستحاول جمع المزيد من السيولة من خلال مبيعات السندات القابلة للتحويل؟

منافسة حامية

تُعقِّد المنافسة هذا الأمر. فلم تواجه "لوكين" عملياً أية منافسة من العلامات التجارية للقهوة الصينية، وتنافست إلى حدٍ كبير مع "ستارباكس"، بينما يتعيّن على كل من "نايوكي" و"هاي تي" منافسة بعضهما بعضا.

ففي قطاع المحال الفاخرة لـ "شاي الفقاعات"، تمتلك "هاي تي" حصة سوقية تبلغ 27.7%، تليها "نايوكي" بنسبة 18.9%، وكلاهما مموّل بشكل جيد. إلا أنه إذا انتهى الأمر بفوز أحد منهما، قد لا تكون النتائج جيدة.

عندما افُتتحت "هاي تي"، ومقرها "غوانغدونغ"، لأول مرة في شنغهاي عام 2017، انتظر العملاء في طابور لساعات لشراء كوب، وربما لعب هذا الانطباع عن ندرة منتجاتها، دوراً في إثارة الرغبة بين الشباب وأولئك الذين يتأثرون بسهولة.

قد يكون هذا الاندفاع الجنوني مؤقتاً، ولكن بينما تتسابق شركات "شاي الفقاعات" على جمع الملايين وعلى ملأ المدن الكبيرة بالمتاجر، فستقصر طوابير الانتظار.

يبقى هنا سؤال هام: هل سيثُبت الجيل "زد" أنه عميل مخلص، أم أنه سيصطف عند شركة "اليونيكورن" التي ستأتي بموضة جديدة؟