ارتفاع عوائد السندات الأمريكية يفجر مخاوف من تأثير "الدومينو" في كل الأسواق

واجهة مبنى وزارة الخزانة الأمريكية في العاصمة واشنطن. الولايات المتحدة
واجهة مبنى وزارة الخزانة الأمريكية في العاصمة واشنطن. الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ساهمت، واحدة من أكبر الارتفاعات في عوائد سندات الخزانة الأمريكية، أن يرسم المستثمرون تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على الأسواق التي تتراوح من الأسهم إلى سندات الشركات.

وأدى التفاؤل المتجدد بشأن محادثات التحفيز الأمريكية إلى دفع العائد القياسي لسندات لأجل 10 سنوات، إلى أعلى مستوى عند 0.94% يوم الثلاثاء، وهي خطوة إذا استمرت، قد تفجِّر "تأثير الدومينو" عبر تداول الأصول الخطرة عند أعلى مستوياتها على الإطلاق بفضل أسعار الفائدة المنخفضة.

ويدور الخلاف حول إن كانت القفزة في عائدات السندات، المصحوبة بانتعاش اقتصادي، ومستويات معتدلة من التضخم؛ ستسمح للمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بالحفاظ على معدلات منخفضة.

ويبدو أنَّ المستثمرين يتجهون إلى هذا السيناريو إلى الآن، مع منحنى سندات الخزانة - الذي غالباً ما يكون مقياساً لتوقعات النمو - وترتفع الأسهم الأمريكية إلى مستوى قياسي جديد.

وارتفع عائد السندات لأجل 10 سنوات- وهو مقياس توقعات التضخم في السوق - إلى أعلى مستوى له منذ مايو 2019.

وقال فيشنو فاراثان، رئيس قسم الاقتصاد والاستراتيجية في "بنك ميزوهو" في سنغافورة: " الوصول إلى نطاق من 1% إلى 2% محتمل بالتأكيد، وستكون له تداعيات واسعة في كل شيء من العملات الآسيوية الناشئة إلى السلع"، مضيفاً:

"من المحتمل أن تكون مسألة وقت - وليس ما إذا - فسترتفع العائدات".

تغيَّرت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بشكل طفيف يوم الأربعاء، فقد تم تداولها عند 0.92% في الساعة 6:58 صباحاً في نيويورك.

وتضاعفت العوائد القياسية ثلاث مرات من أدنى مستوياتها في مارس بفضل رهانات الانتعاش الاقتصادي العالمي، و "العودة إلى الوضع الطبيعي" من الوباء بمساعدة اللقاحات.

وكشف استطلاع أجراه "بنك أوف أمريكا" الشهر الماضي أنَّ 73% من المستثمرين، قد توقعوا ارتفاع منحنى العائد بحدة.

وفيما يلي نظرة على ما يمكن أن يعنيه ارتفاع عوائد سندات الخزانة لفئات الأصول المختلفة:

ارتفاع الأسهم

ويمكن أن تكون الأسهم من أبرز الرابحين من الارتفاع المتواضع في عوائد سندات الخزانة، ولا سيما الأكثر تعرضاً لاقتصاد آخذ في الانكماش.

ويشهد مؤشر "MSCI AC World" أسعاراً قياسية، وتسارعاً في التناوب على الأسهم الدورية، مثل أسماء الصناعات، والمواد الخام في الشهر الماضي.

وقال أندرو شيتس، محلِّلٌ استراتيجيٌّ، يتابع العديد من الأصول في "مورجان ستانلي": " نطاق ارتفاع العوائد، من المحتمل أن يكون ذلك بناءً على توقُّعات تضخُّم أعلى". "الفترات التي ترتفع فيها العوائد، ومنحنى العائد بحدة- تلك هي بعض أفضل الفترات لسوق الأسهم".

لكنَّ مفتاح التوقُّعات الصاعدة للأسهم، يعني بقاء التضخم تحت السيطرة، وعودة النمو الاقتصادي. إن العودة إلى الركود التضخمي المخيف في السبعينيات من القرن الماضي، على سبيل المثال ، من شأنه أن يعرقل بسرعة، أي ارتفاع في الأصول ذات المخاطر.

وقال ستيفن ميللر ، المستشار في "GSFM"، وهي وحدة تابعة لمجموعة "CI Financial" الكندية: "لا يمكن استبعاد عودة التضخُّم - فقد يزحف علينا حتى 2021 و 2022".

وأضاف "سترتفع العائدات أكثر، وتجعل من الصعب على البنوك المركزية التحكُّم في منحنيات عوائدها، مما سيخلق بالتأكيد رياحاً معاكسةً للأسهم، ويجعلها عرضة لتصحيح كبير بشكل معقول".

لا خوف على الأسواق الناشئة

في حين أنَّ عوائد سندات الخزانة المرتفعة أدت تقليدياً إلى عمليات بيع في سندات وعملات الأسواق الناشئة ، فقد يكون عام 2021 مختلفاً ، وفقاً للاستراتيجيين.

وقال خون جوه، رئيس أبحاث آسيا في "مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية المحدودة في سنغافورة" ، لأن الارتفاع الأخير مرتبطٌ بتحسن الآفاق الاقتصادية ، فهو إيجابي أيضاً للدول النامية.

وأضاف جوه: "مع توقُّع أن يبقي البنك الاحتياطي الاتحادي سياسته متيسرة للغاية بعض الوقت، لا يوجد ما تخشاه الأسواق الناشئة في هذه المرحلة".

ومن الأمثلة على ذلك إندونيسيا ، التي انخفض عائد سنداتها لأجل 10 سنوات إلى أدنى مستوى له في 2018، الشهر الماضي، فقد قام المستثمرون باقتناص الأصول ذات العوائد الأعلى، والأصول الحساسة للنمو.

كما تعدُّ الروبية أفضل العملات أداءً في آسيا خلال الشهر الماضي، إذ ارتفعت إلى أكثر من 3.6% مقابل الدولار.

وقال ميتول كوتيتشا ، كبير محلِّلي الأسواق الناشئة في "تي دي للأوراق المالية" في سنغافورة ، إنه من المرجح أيضاً أن تواجه معظم العملات الآسيوية "تأثيراً محدوداً،

أو حتى تقوى مقابل الدولار، ويمكن أن تكون عوائد السندات الأمريكية المرتفعة انعكاساً لتوقُّعات اقتصادية أمريكية أقوى، مما سيكون مفيداً للاقتصاديات الآسيوية، ولكنه سيكون أقل دعماً للدولار."

الاحتفاظ بالذهب

النظرة المستقبلية أقل يقيناً بالنسبة للذهب، إذا كان ارتفاع عوائد سندات الخزانة إلى 1% أو أعلى، وهو "ناتج عن تضخُّم مقنن، ثم تعادل تضخم، فإنَّ أداء عمال مناجم الذهب والذهب والسلع، سيكون جيداً في العادة "وفقاً لصوفي هوين، الاستراتيجي في مصرف "سوسيتيه جنرال".

لكنَّ المزيد من المكاسب في العوائد قد تضرُّ أيضاً بالمعدن الأصفر ( الذهب) مع تضاؤل ​​الطلب على أصول الملاذ الآمن، وفقاً لكين بينج ، رئيس "آسيا لاستراتيجية الاستثمار"، ذراع الخدمات المصرفية الخاصة لمؤسسة "سيتي جروب".

وقال بينج: "لنفترض أننا شهدنا ارتفاعاً في العائد إلى 1.5% على سندات لأجل 10 سنوات ، فمن المحتمل أن نرى الذهب أقل من 1800 دولار، وأقرب إلى 1700 دولار". وارتفع الذهب في اليوم الثاني فوق 1820 دولاراً للأوقية يوم الأربعاء.

سوق الائتمان

قد يستفيد سوق الائتمان أيضاً من عوائد سندات الخزانة المرتفعة، مثل الأسهم.

وكان مستثمرو الديون يطلبون سندات الشركات الأمريكية طويلة الأجل، لأنَّ الإنفاق التحفيزي يعزِّز الرغبة في المخاطرة، ويرسل فروق الأسعار على السندات لأجل 10 سنوات أو أكثر إلى أٌقلها منذ فبراير.

وقال هوين من "سوسيتيه جنرال" إنَّ فروق عوائد الائتمان، يجب أن تظلَّ ضيقة، أو قليلة، بما أنَّ الارتفاع في عوائد سندات الخزانة، يرجع إلى تضخم مقننٍ.

تضرر الدولار

ويمكن أن ينتهي الأمر بارتفاع عوائد سندات الخزانة، بتأثيرها على العملة الاحتياطية العالمية (الدولار).

وفي حال ارتفاع منحنى العائد بحدَّة في الولايات المتحدة مع ارتفاع توقُّعات التضخم، "فإنَّ هذا سيحفز المستثمرين على التحوط من العملة" ، كما كتب الخبراء الإستراتيجيون في "Citigroup"، مثل " كالفين تسي" في مذكرة حديثة.

وقال الخبراء الإستراتيجيون في "سيتي جروب"، إنَّ تحركات المستثمرين للوقاية من تقلبات العملة في الاستثمارات الأمريكية، قد تؤدي إلى انخفاض الدولار بما يصل إلى 20% العام المقبل.

ويتوقَّع جيمس آشلي من بنك "غولدمان ساكس" لإدارة الأصول، الذي يرى أيضاً إمكانية حدوث مزيد من تعمق المنحنى، ضعف الدولار مقابل العملات الناشئة، مثل اليوان الصيني.

رد فعل بنك الاحتياطي الفيدرالي

ومع ذلك، فإنَّ الكثير سيعتمد على استجابة مجلس "الاحتياطي الاتحادي"، ( البنك المركزي الأمريكي) لأيِّ ارتفاع في العوائد الأمريكية، لا سيَّما وسط الجدل المستمر حول برنامج شراء الأصول، والتوقُّعات بأنه سيسمح للاقتصاد بالانطلاق.

ويشتري بنك الاحتياطي الاتحادي حالياً حوالي 120 مليار دولار من سندات الخزانة، والسندات المدعومة بالرهن العقاري شهرياً، ويهدف جزئياً إلى خفض تكاليف الاقتراض للشركات والأسر.

وقال بينغ من سيتي جروب، إنَّ الرهانات طويلة الأجل المتعلقة بسندات الخزانة، وتأثيراتها المتتالية على فئات الأصول الأخرى، قد تتوقَّف على "كيفية تواصل الاحتياطي الاتحادي".

وأضاف "هناك قدرٌ هائلٌ من الجمود، فيما يتعلق بالتموضع الذي يحول دون تحقيق عائدات أعلى - لا بأس بذلك عندما نكون في حالة ركود ، ولكن ليس عندما نكون في وضع التعافي المناسب".