إلى أي مدى تقنية "كريسبر" للتعديل الجيني مهمة لعلاج الأمراض؟

عصر علاج الأمراض عن طريق تعديل الحمض النووي اقترب كثيراً
عصر علاج الأمراض عن طريق تعديل الحمض النووي اقترب كثيراً المصدر: د ب أ
Sam Fazeli
Sam Fazeli

Sam Fazeli is senior pharmaceuticals analyst for Bloomberg Intelligence and director of research for EMEA.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يجيب سام فازيلي، كاتب المقالات في "رأي بلومبرغ"، والذي يغطي قطاع صناعة الأدوية، في "بلومبرغ إنتليجينس"، على مجموعة من الأسئلة بعد أن أصدرت "إنتيليا ثيرابيوتكس" و"ريجينيرون فارماسوتيكال" نتائج واعدة من أول تجربة إكلينيكية بشرية باستخدام تقنية "كريسبر" (Crispr) لتحرير الجينات في الجسم لعلاج مرض ما.

ارتفعت أسهم "إنتيليا" (Intellia) بأكثر من 40% على خلفية هذه الأخبار. تم تحرير المحادثة وتكثيفها.

*إنه أول تعديل جيني ناجح نعرفه في البشر باستخدام "كريسبر" (Crispr)، ويبدو أنه يعمل بشكل جيد حقاً. هل هذا الأمر مهم؟

الجواب هو نعم بالتأكيد. هذه البيانات الجديدة، رغم أنها آتية من عدد قليل من المرضى، فإنها لا تُظهر فقط أن هذه التكنولوجيا الجديدة تعمل على البشر، ولكنها أيضاً آمنة جداً، على الأقل عند الجرعتين اللتين تم اختبارهما في هذه التجربة.

إنها مهمة لأنها المرة الأولى التي يتمكن فيها العلماء من تعديل الحمض النووي في خلايا المريض بطريقة محددة للغاية.

هذه التكنولوجيا الرائعة، بكل بساطة، عبارة عن مقص جزيئي (Cas9) يقوده "الحمض النووي الريبي الدليل" لقطع جزء معين من الحمض النووي. تستخدم البكتيريا هذه الطريقة لإبطال نشاط الفيروسات الغازية.

في تجربة "إنتيليا"، اُستخدم النظام لإلغاء تنشيط الجين لبروتين غير مطوي يعرف باسم "ترانستريتين"، أو (TTR)، والذي يمكن أن يتراكم في المرضى في بعض الحالات النادرة، ما يؤدي إلى تلف في الجهاز العصبي والقلب ويؤدي في النهاية إلى الوفاة.

*لماذا قد تنجح بطريقة أفضل من أشكال العلاج الجيني الأخرى التي تمت الموافقة عليها بالفعل؟

يكمن جمال ما قامت به "إنتيليا" في أنها أنتجت "ضربة قاضية" محددة للغاية، لجين مرض واحد، رغم الحاجة إلى مزيد من البيانات لإثبات أن ذلك محدد بنسبة 100% في البشر.

تشمل الطريقة الأخرى التي كان الناس يتعاملون بها مع هذا النوع من الأمراض، إما استخدام الأجسام المضادة الموجهة ضد البروتين، أو شكل من أشكال إسكات الحمض النووي الريبي، أو الأساليب المضادة للإحساس، لوقف إنتاج البروتين.

في الواقع، يوجد بالفعل دواء معتمد من شركة "ألنيلام" وهو "أونباترو" للمرض النادر الذي تستهدفه "إنتيليا". لكنها عقاقير تحتاج إلى علاج مستمر، في حين أن طرق تعديل الجينات يجب أن تكون واحدة فحسب.

*هذا النوع من التعديل دائم - ربما يكون هذا أمراً جيداً من حيث التأثير المطلوب على المرض، ولكن هذا يبدو مخيفاً أيضاً. هل هناك أي سبب ليكون هذا مشكلة؟

ليس فعلاً، خاصة إذا أثبت العلماء أنها محددة بالفعل مثل التكنولوجيا المصممة لتكون عليها، وظهرت حتى الآن في الدراسات على الحيوانات. لكن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات لإثبات ذلك.

تكمن المشكلة في أن جسم الإنسان معقد للغاية، وسيكون هناك دائماً بعض المخاطر من أنه يعمل بشكل أفضل في البعض أكثر من البعض الآخر.

في الواقع، أظهرت البيانات أن تأثيرات نفس الجرعة تباينت بين ثلاثة أشخاص مختلفين.

أحد الأمور الجيدة في تقنية "إنتيليا" هو أنها تستخدم الجسيمات النانوية الدهنية لتوصيل حمولتها - على غرار تلك المستخدمة في لقاحات الحمض الريبي النووي الرسول" (mRNA) من (فايزر – بيونتيك)، و"مودرنا"، ما يقلل المخاطر المرتبطة باستخدام الفيروسات، والتي تستخدمها معظم العلاجات الجينية الأخرى.

*هل هناك أي مخاوف تتعلق بالسلامة؟

أظهرت البيانات بعضاً من الآثار الجانبية، وهو أمر مذهل. لكن الشركة ستتوجه إلى جرعة أعلى في المجموعة التالية من المرضى –إنها جرعة أعلى بثلاث مرات من أعلى جرعة تم اختبارها حتى الآن، مما قد يزيد من الآثار الجانبية.

ولكن قد تكون هذه التقنية جيدة بما يكفي لخفض البروتين الذي يمثل مشكلة بالجرعة الحالية، بحيث لا تحتاج "إنتيليا" لتحمل هذه المخاطرة.

قد تكون هناك أيضاً استجابة مناعية لبروتين "كاس9" (Cas9) الذي يحتاجه النظام لأداء وظيفته بشكل صحيح.

إذا كان الحال هكذا، فمن غير المرجح أن يسبب هذا مشكلة في حد ذاته، ولكنه قد يجعل تقديم جرعة ثانية مشكلة، ما يعني أن التأثير الناجم عن الجرعة الأولى يجب أن يستمر.

*بالحديث عن ذلك، ماذا عن المتانة. هل سيستمر التأثير؟

هذا سؤال رئيسي. في الدراسات التي أجريت على الحيوانات، استمر التأثير لمدة 52 أسبوعاً على الأقل. لكن بالنسبة للبشر، تتوقف البيانات عند 28 يوماً في الوقت الحالي.

لذلك تحتاج الشركة لإظهار أن الانخفاضات في مستويات البروتين لدى البشر مستمرة. وإلا، كما هو مذكور أعلاه، من المحتمل أن تكون فرصة الانخفاض باستخدام نفس الدواء محدودة للغاية.

تعمل شركات أخرى على إصدارات مختلفة من التكنولوجيا التي قد تسمح بالانخفاض، ولكن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لمعرفة ما إذا كانت هناك حاجة إليها أم أن ذلك ممكن.

*ما هو المسار أمام "إنتيليا" وهذا النوع من التحرير الجيني بشكل عام؟ متى يمكن أن تكون متاحة على نطاق أوسع؟

ستكون المتانة والسلامة على المدى الطويل في غاية الأهمية، لأن الدواء قد يكلف مئات الآلاف من الدولارات أو أكثر.

لكن تحتاج "إنتيليا" أيضاً إلى إظهار فائدة سريرية للمرضى، رغم أني أظن، نظراً للعلاقة المباشرة بين مستويات "تي تي آر" (TTR) والمرض، فإن هذا لا يمثل خطراً كبيراً في هذا الوضع.

في الطريق إلى الأمام، تثبت هذه النتائج جدوى "خروج الجينات" في البشر.

يوجد لدى "إنتيليا" برامج أخرى تستخدم هذه التقنية لعلاج أمراض أخرى، بما في ذلك اضطراب التورم الذي يسمى "الوذمة الوعائية الوراثية".

تكمن الخطوة التالية فيما إذا كان العلماء حرفياً قادرين على "تعديل" الجين لتصحيح الطفرة. تعمل "إنتيليا" والعديد من شركات تحرير الجينات الأخرى على تنفيذ هذه البرامج.

أما الأسئلة الحرجة فهي: هل يمكن إجراء تعديل الجينات الحقيقي بكفاءة عالية لدى المرضى، وهل يمكن القيام بذلك في أي عضو، وليس فقط تلك التي يسهل الوصول إليها نسبياً، مثل الكبد؟

والمشكلة الأخرى هي ما إذا كان يمكن استخدام النظام لتصحيح الطفرات المتعددة، لأنه ليست كل الأمراض سببها واحد فقط.

*هل تعد تقنية "كريسبر" بالتأكيد الطريق الصحيح للمضي قدماً في تحرير الجينات، أم يمكننا القيام بعمل أفضل؟

هناك تقنيات أخرى قيد التطوير، مثل "تالينز" (TALENs) و"نوكليزات أصابع الزنك" (Nucleases Zinc-finger) من "سانغامو" (Sangamo)، و"النوكليزات" الخاصة بالموقع. لكنهم في النهاية، يحاولون جميعاً تحقيق الأمر نفسه.

تُظهر بيانات "إنتيليا" أنه على الأقل في بعض الأماكن، حيث يسهل الوصول إلى العضو المستهدف، فإنه يمكن القيام بذلك داخل الإنسان.

يفتح هذا الباب أمام اختبار كل هذه التقنيات. سوف يستغرق الأمر دراسة إضافية وبيانات بشرية لإظهار أي مزايا أو مشاكل.

*يأتي التعديل الجيني مصحوباً ببعض المخاوف الأخلاقية - كيف نتأكد من استخدامه بالطريقة الصحيحة؟

إنها مشكلة مجتمعية كبيرة. لقد رأينا ذلك عندما يتعلق الأمر باستنساخ النعجة "دوللي". في النهاية، فإن مهمة العلم هي ابتكار تقنيات جديدة، وأن يتأكد المنظمون والحكومات من تطبيقها للأسباب الصحيحة وبالطريقة الصحيحة وفي السياق الصحيح.


*لقد تطرقت إلى التكلفة المرتفعة المحتملة للدواء أعلاه. كانت العلاجات الجينية الأخرى باهظة الثمن للغاية، حيث تستحضر الشركات جانب "الطريقة الوحيدة فقط" من هذه العلاجات كمبرر. هل سيتبع هذا المسار نفسه؟

أعتقد أن هذه هي النقطة التي سيتعين علينا إجراء المزيد من المناقشات حولها وإيجاد طرق أفضل لتشجيع الابتكار دون جعل العلاج باهظ الثمن.

لقد سمعت عن شراء النوادي، على سبيل المثال، للعلاج الجيني "زوليغينزما" من شركة "نوفارتس" لعلاج ضمور العضلات الشوكي، وهو مرض نادر ولكنه مدمر لبعض الأطفال.

لكن بتكلفة تبلغ حوالي 2 مليون دولار، من الصعب للغاية تمويل هذا. إذا كان التعديل الجيني يفي بوعده في نهاية المطاف، نظراً لعدد الأمراض أحادية الجين، فقد يؤدي هذا إلى عبء تكلفة كبير على المجتمع الذي لا يزال يعاني من الآثار الاقتصادية للوباء.