شركات ناشئة سئمت "فيسبوك" تقايض بأسهمها إعلانات متلفزة

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لجلّ عقد من السنين، اتبعت شركات التقانة الناشئة التي تركز على المستهلكين وصفة للنجاح أثبت الزمن نجاعتها: ادفع لشركة "فيسبوك" و"غوغل" لتضعك قبالة الأشخاص المناسبين تماماً، ثم اصقل علامتك التجارية عبر نشرات مُلهِمة على ”إنستغرام"، وأكمل الخلطة بإضافة حفنة رسائل بريدية أو حملة في الصحف أو المجلات بين فينة وأخرى.

لكن بعض الوافدين الجدد الطموحين طوروا الوصفة أخيراً، مضيفين وسيلةً عادةً ما تستثنى لاعتبارها من عتيق القرن العشرين، وهي استخدام التلفزة، بل إنهم مستعدون لتقديم أسهم ثمينة لقاء ذلك.

”ثمة محدودية لجدية تلقيك نشاطاً تجارياً لا تراه إلا على (إنستغرام)“، وفقاً لبِن فارين، مؤسس "سپوك" (Spoke) التي تبيع الملابس غير الرسمية عبر الإنترنت، وقد عرضت حصة فيها مقابل ما يوازي مليونَي جنيه إسترليني (2.8 مليون دولار) من الإعلانات على "آي تي في" (ITV)، أكبر محطة تليفزيونية تجارية في بريطانيا. ويضيف: "إنتاج إعلان تليفزيوني له ألق غبار النجم. إنه حقيقةً محفز. لا يمكنك تحديد ثمن لمثل ذلك".

أنشأت محطة "آي تي في" (ITV) ومنافستها الرئيسية القناة الرابعة، تلبية للشركات الناشئة الطموحة مثل "سپوك" (Spoke)، أذرعاً استثمارية وأطلقت مروّجين لفوائد الإعلان التليفزيوني. وفي بيئة تمتلك فيها شركات الاستثمار المغامِرة أكواماً من الأموال جاهزة للاستخدام، تقول محطات التلفزة إن البروز الذي تقدمه يجاوز المال قيمة، لذا تتيح الفرصة للمديرين لحجز وقت إعلان كبير دون تخصيص ميزانية لذلك. يقول نيكو وايش، رئيس قسم الاستثمار المغامر في "آي تي في" (ITV): "نحن بحاجة إلى أن نتنافس مع المال، وشركات الاستثمار المغامر لديها كثير منه. نحن نضع أفضل من لدينا في هذا المزيج لنقدم للشركات الناشئة هذه المعارف".

ابتكار سويدي

ابتكر پاتريك روزين الفكرة في السويد عام 2002، إذ تدير شركته "أغريغايت" (Aggregate) صندوقاً يضم في مالكيه محطات تلفزة لا تسهم بالمال، بل عبر تقديم مساحات إعلانية تقايض بها ”أغريغايت" حصصاً في شركات ناشئة. كانت المحطة الألمانية ”پروسايبين سات 1 ميديا" (ProSiebenSat.1 Media) من أوائل المستثمرين في ”أغريغايت"، ثم أسست لنفسها وحدة استثمار مغامر في 2009. قدمت القناة الرابعة في عام 2015 صندوقاً بإلهام من نظرائها الأوروبيين يملك حصصاً في 18 شركة، من بينها شركة صناعة فرشات الأسرّة "إيڤ سليپ" (Eve Sleep)، ومنصة التمويل الجماعي "كراود كيوب كاپيتال" (Crowdcube Capital)، وتخارجت من شركات عديدة مثل منصة التواصل الاجتماعي "پينترست" (Pinterest). "آي تي ڤي" (ITV) أسست بدورها ذراعاً استثمارية في العام الماضي.

كانت شركة الخرائط الرقمية "وات 3 ووردز" (What3Words) تفكر بالاستثمار في شركة علاقات عامة باهظة الثمن ولوحات إعلانية بغرض التعريف بخدماتها التي تعتمد رموزاً من ثلاث كلمات لتحديد أي بقعة على الأرض ضمن نطاق ثلاثة أمتار تقريباً. بدلاً من ذلك، اختار رئيس قسم التسويق غايلز ريس جونز الإعلانات التليفزيونية لتثقيف الناس حول هذه الأداة، إذ تسعى الشركة إلى الانتقال من استهداف المستجيبين الأوائل والمنظمات غير الربحية في المواقع البعيدة إلى معيار عالمي يواكب الحياة اليومية. وقد وقّعت "وات 3 ووردز" اتفاقاً مع القناة الرابعة العام الماضي، وأصبحت في الربيع أول استثمار إعلامي لـ"آي تي ڤي" (ITV) عبر إعلان يوضح كيف تساعد الخدمة المسافرين على التوجه إلى طرق وأماكن التخييم القاصية ومنازل العطلات. يقول ريس جونز: "نستخدم الرقميات بكثرة لأنها قابلة جداً للقياس، ولكنها توصلك إلى حد معين فقط. يمكنك أن ترى أين تبلغ على (فيسبوك) و(غوغل)".

أنت عميل مميز.. وهُم يمنحونك مدخلاً أوسع للمعرفة

لقد رأينا بعض الرهانات المدرة

يتجاهل بعض مستثمري الأموال المغامرين الفكرة، قائلين إنه بالنسبة إلى الشركات الناشئة فإن النقد هو الملك وسيظل دائماً كذلك. يقول أنطوان نوسنباوم، الشريك المؤسس لشركة الاستثمار المغامر "فيليكس كابيتال" (Felix Capital) إن رجال الأعمال الذين يعرفهم يفضلون عادةً الحصول على شيء ملموس أكثر من الإعلانات إذا كانوا سيخفضون حصصهم في الملكية. نوسنباوم الذي دعمت شركته نجاحات بارزة كأمثال شركة تصنيع الدراجات الثابتة "پيلوتون إنترأكتيف" (Peloton Interactive)، ومنتج حليب الشوفان "أوتلي غروب" (Oatly Group)، يقول: "كان من الصعب على المؤسسين أن يثقوا بأنهم يحصلون على قيمة ملائمة لقاء أموالهم عندما يحصلون على صفقات إعلام مقابل أسهم".

مورتن توفت بيك، مؤسس وكبير تنفيذيي شركة "ميتليس فارم" (Meatless Farm) لصنع الأغذية النباتية، يتفق رأياً مع نوسنباوم ويقول إنه غير متيقن مما إذا كان التليفزيون هو أفضل طريقة للوصول إلى عملائه. لكن توفت بيك، الذي وافق على الاستثمار مع القناة الرابعة في عام 2019 قال إن الصفقة عززت من صلاحية الشركة، إذ تقدم القناة الرابعة مساعدة إبداعية ومساحات إعلانية في أوقات الذروة لإعلاناتها. ويقول: "إن شراء ما قيمته مليون جنيه إسترليني من وقت الإعلان كثير على شركة صغيرة. أنت عميل مميز، وهم يمنحونك مدخلاً أوسع للمعرفة".

هذه الصفقات بإمكانها نفع محطات التلفزة بشكل كبير، وفقاً لڤيناي سولانكي، الذي يرأس "القناة الرابعة ڤينتشرز" (Channel 4 Ventures)، واعداً بإيرادات جديدة للشركات الأم عبر تخارجات مربحة من استثماراتهم. يقول سولانكي: "لقد رأينا بعض الرهانات المدرة. بدأ هذا يصبح نموذجاً مثبت النجاح يحل مشكلة حقيقية، وهي قصور رأس المال التسويقي لدى الشركات المبتدئة".

وتتيح هذه الاستثمارات إمكانية إقامة روابط وثيقة مع نجوم المستقبل في عالم التقنية، فيما تزداد الرؤى حول سبل دعم التليفزيون للتسويق الرقمي. ونظراً إلى أن عديداً من الأشخاص يشاهدون البث التليفزيوني الآن من هواتفهم الذكية، فغالباً ما تعزز إعلانات البث تحميل التطبيقات بشكل فوري وكذلك كثافة التفاعل مع مواقع الشبكة. يظهر ذلك خصوصاً مع الأخبار الهامة مثل تفشي فيروس كورونا، أو الأحداث الرياضية، أو بطولة أوروبا لكرة القدم 2020 الحالية.

يقول سولانكي: "ارتفعت نِسَب المشاهدة في أثناء الجائحة. في وقت الأزمة يشكل التلفزيون ظاهرة ثقافية تسمح للأمة بالتخاطب".