الشركات الناشئة تسابق "مايكروسوفت" لإيجاد أفضل الطرق لتبريد مراكز البيانات

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كل مقاطع الفيديو ورسائل البريد الإلكتروني والبيانات المصرفية والصور وعربات التسوق من المتاجر الإلكترونية وحجوزات شركات الطيران، وغيرها الكثير من البيانات المتراكمة في شبكات الإنترنت، ينتهي بها المطاف كلها في ملايين مراكز البيانات المنتشرة حول العالم.

ومع معالجة كل البيانات الداخلة والخارجة، تصبح هذه المراكز أكثر ازدحاماً وسخونة. بالنسبة إلى مسألة الازدحام، فإن ديفيد كريغ لن يستطيع فعل الكثير لتخفيف حدته، لكن لديه حلاً في ما يتعلق بالحرارة. وهذا الحل هو عبارة عن سائل يغمر قلب المعالجات، للمحافظة على درجة الحرارة عند مستوى بارد نسبياً يبلغ 50 درجة مئوية.

يقول كريغ، الرئيس التنفيذي لشركة "آيسوتوب تكنولوجيز" (Iceotope Technologies) البريطانية الناشئة التي تركز على استراتيجيات التبريد للحوسبة: "عند معالجة المزيد من البيانات، تزيد سخونة الرقائق بثلاثة أو أربعة أو حتى خمسة أضعاف".

يذكر أن مراكز البيانات تستهلك من 2% إلى 4% من مجمل الطاقة الكهربائية في العالم، ونصف هذه الطاقة تقريباً يخصص للتبريد، بحسب "معهد أبتايم" (Uptime Institut)، وهو مؤسسة استشارية في سياتل.

التبريد بالتكييف

في السابق، كان يتم حفظ معظم البيانات في موقع العمل في البنوك أو الجامعات أو الشركات التي أنشأتها. وغالباً ما كان التبريد لا يعني شيئاً أكثر من مجرد فتح النافذة. أما اليوم، فيتم دمج كميات متزايدة من البيانات العالمية في مراكز ضخمة تضم آلاف المعالجات، والغالبية العظمى منها تستخدم تكييف الهواء التقليدي.

ورغم أن وجود بعض الحرارة مفيد لأجهزة الحاسب الآلي، إلا أن الكثير منها قد يتسبب في تعطل الأنظمة. ومع تشغيل كل جيل من الرقائق بشكل أسرع وأكثر سخونة، فإن الأنظمة ستصبح قريباً ساخنة جداً حتى بالنسبة إلى أجهزة تكييف الهواء الأكثر كفاءة. وبالتالي، فإن العثور على طرق أفضل لخفض درجات الحرارة قد يوفر على الصناعة نحو 10 مليارات دولار سنوياً من بند الكهرباء فقط، بحسب "أبتايم".

يقول ربيع بشروش، الرئيس العالمي للخدمات الاستشارية لتكنولوجيا المعلومات في "أبتايم": "الهواء وحده لا يعد وسيلة فعالة جداً لنقل الحرارة".

لقد بلغ حجم سوق المعدات المستخدمة لتبريد معدات الكمبيوتر ما قيمته 10.5 مليار دولار في عام 2019، وهو سوق ينمو بنسبة 13% سنوياً، بحسب شركة الأبحاث "ألايد ماركت ريسيرش" (Allied Market Research). وهو الأمر الذي أثار سباقاً بين الشركات، بدءاً من الشركات الناشئة مثل "آيسوتوب تكنولوجيز"، إلى شركات مثل "فيسبوك" و"غوغل" و"مايكروسوفت".

غالباً ما تركز الاستراتيجيات الأحدث على التقنيات السائلة. وهي تقنيات مثل توزيع السوائل المصممة خصيصاً عبر الأنابيب، وغمر المعالجات بالسوائل المبردة، وحتى بناء مراكز البيانات تحت سطح البحر، حيث ارتفعت استثمارات رأس المال المغامر في الشركات الناشئة العاملة في تبريد مراكز البيانات بأكثر من النصف خلال العام الماضي، لتبلغ 34 مليون دولار، وذلك وفقاً لشركة الأبحاث السوقية "بيتشبوك" (PitchBook).

يقول أرمان شهابي، عالم الأبحاث في "مختبر لورنس بيركلي الوطني" الذي يدرس استهلاك الطاقة في الحواسيب: "التبريد السائل بإمكانه توفير خدمات أكثر، ضمن مساحات أقل".

مساعي "مايكروسوف"

تختبر شركة "مايكروسوفت"، التي تدير أكثر من 200 مركز بيانات عالمياً، نوع الأنظمة التي تُغمر فيها الخوادم مباشرة بسائل غير مُوصل للكهرباء. وتعتقد الشركة أن التبريد السائل يمكن أن يسمح لها باحتواء 10 أضعاف القدرة الحاسوبية في المكان ذاته.

يقول كريستيان بيلادي، رئيس وحدة تطوير التكنولوجيا لمراكز البيانات لدى "مايكروسوفت": "نحن فقط نبدأ الطريق نحو التبريد بالسوائل". وأضاف: "ما عليك سوى أن تنتظر وتشاهد التغييرات السريعة والكثيرة في طريقة عملنا".

لقد انضم ما لا يقل عن 12 شركة ناشئة أصغر حجماً إلى هذه المعركة، حيث تبيع شركة "سبمر تكنولوجيز" (Submer Technologies) الإسبانية ما يشبه الصناديق المغلقة التي تحوي بداخلها خوادم مغطاة بسائل غير مُوصّل للكهرباء ويمكن توصيلها مباشرة بالشبكة.

وتقول الشركة إن الحرارة الزائدة يمكن استخدامها لتدفئة المباني المجاورة، إضافة إلى أن هذه التكنولوجيا تعمل على إطالة عمر الحاسب نظراً لمنعها وصول الغبار إلى المعالج.

في الوقت ذاته، تستخدم شركة "إنكولينغ" (Incooling) ومقرها هولندا، سائلاً يتحول إلى غاز بواسطة المعالجات، وذلك قبل تبريده وعودته إلى سائل وإعادة تدويره. وهي طريقة تقول الشركة إنها الأكثر فعالية لامتصاص الحرارة. وعن ذلك، تقول الشريكة المؤسسة هيلينا سامودوروفا: "نحن قادرون على تعظيم إمكانات كل مكون".

استثمارات في قطاع متنامٍ

منذ تأسيسها في عام 2005، جمعت شركة "آيسوتوب" أكثر من 10 ملايين دولار من الداعمين لرأس المال الاستثماري. وجدير بالذكر أن "آيسوتوب" تتخذ من شيفيلد مقراً لها، وهو مكان يقع على بعد ثلاث ساعات بالسيارة شمال لندن. وقد سعت الشركة في البداية إلى تصنيع أنظمة التبريد الخاصة بها، لكنها تحولت إلى تطوير التكنولوجيا الأساسية لذلك، منذ نحو خمسة أعوام.

تعمل "آيسوتوب" على جمع الأموال من جولة تمويلية أخرى من المستثمرين الاستراتيجيين، والتي تتوقع أنها ستوفر لها فرصاً أفضل لمزيد من العملاء. وخلال العام الماضي، افتتحت الشركة مكتباً في الولايات المتحدة بهدف توسيع نطاق أعمالها هناك.

على الرغم من أن "آيسوتوب" حققت مبيعات أقل من 10 ملايين جنيه إسترليني (14 مليون دولار) العام الماضي، إلا أن الرئيس التنفيذي كريغ يستهدف مضاعفة الإيرادات على الأقل هذا العام، حيث بدأت شراكاتها الناشئة مع شركة تصنيع الحاسوب "لينوفو غروب" (Lenovo Group) وبعض الشركات الأصغر حجماً، تؤتي ثمارها.

يقول كريغ: "السوق يزداد سخونة وسرعة. وبكل صراحة، إذا لم نتعامل مع التبريد بكفاءة، فسنواجه مشكلة حقيقية".