الصندوق الذي غلب "إكسون موبيل" يستهدف المال خامل الإدارة–الجريء

مصفاة نفط في باتون روج بولاية لويزيانا الأمريكية. شركة صغيرة متخصصة بإدارة الصناديق الاستثمارية زرعت ثلاثة أعضاء متمردين في مجلس إدارة "إكسون موبيل"
مصفاة نفط في باتون روج بولاية لويزيانا الأمريكية. شركة صغيرة متخصصة بإدارة الصناديق الاستثمارية زرعت ثلاثة أعضاء متمردين في مجلس إدارة "إكسون موبيل" المصدر: بلومبرغ
Liam Denning
Liam Denning

Liam Denning is a Bloomberg Opinion columnist covering energy, mining and commodities. He previously was editor of the Wall Street Journal's Heard on the Street column and wrote for the Financial Times' Lex column. He was also an investment banker.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نظراً لنشأتي في المملكة المتحدة، لطالما ترقبت تَحوّل المال المدار بأدنى حدود التدخل إلى مالٍ خامل الإدارة لكن جريء، وقد وقع ذلك اليوم متمثلاً بصندوق المؤشرات المتداولة "ترانسفورم 500" الذي طرحته شركة "إنجن نمبر 1" (Engine No. 1).

بدلاً عن استبعاد الشركات سيئة الأداء بيئياً واجتماعياً وحوكمياً، أو منح الشركات "الحسنة" ثقلاً أكبر، يسعى الصندوق لتشجيع السلوكيات الفضلى والتصويت بصفة حامل أسهم. يتَّبع الصندوق قواعد إرشادية في قراراته التصويتية لحثّ الشركات على الاستثمار في الموظفين والمجتمعات والعملاء والبيئة، بحسب تقرير بهذا الخصوص. (مأخوذ مقال في بلومبرغ غرين).

أحدثت "إنجن نمبر 1" وهي شركة صغيرة متخصصة بإدارة صناديق الاستثمار إنجازاً نوعياً بأن زرعت ثلاثة أعضاء متمردين في مجلس إدارة شركة "إكسون موبيل" وهي نفيسة نفائس قطاع النفط. ما فعلته "إنجن نمبر 1" كان يشبه حركة جودو، حيث استخدمت انضباط "إكسون" المالي وهو عامل قوتها التقليدي ضدها. وفي الوقت نفسه، أحرجت الشركة عمالقة صناديق التمويل المتراخي من طراز "بلاكروك" وأجبرتهم على ترجمة مطالباتهم بإصلاحات بيئية واجتماعية وأخرى على صعيد الحوكمة إلى أفعال ملموسة. بهذا غدا طرح صندوق المؤشرات المتداولة هو الخطوة المنطقية التالية، وبالفعل هذه الفكرة عبقرية نوعاً ما.

في المقام الأول، هي طريقة منطقية لتحقيق عوائد انطلاقاً من نجاح "إكسون موبيل" إبّان طفرة الاستثمارات الواعية بيئياً ومجتمعياً وحوكمياً. بعد أن أثبت الصندوق قدرةً على تحقيق ما يبدو مستحيلاً، تحول فجأة من صندوق مغمور قبيل ثمانية أشهر ليصبح حديث الساعة كواحد من أشهر الصناديق النشطة في مجال الاستثمار الواعي بيئياً ومجتمعياً وحوكمياً.

نضال ذا قدسية

مع ذلك، فإن صندوق "أنجن نمبر 1" بطبيعته يتجانس أيضاً مع حملة "إكسون موبيل"، فقد أدخل على عملاق النفط فكراً جديداً فيما يخص التحول بمجال الطاقة. إلا أن ما يظهر من عدم جهوزية "إكسون موبيل" لتحولات أساسية في الطلب على الطاقة يتأتى من رتابة متطلبات الحوكمة والقرارات المتعلقة بالإنفاق، وليس تعبيراً عن سياستها البيئية. وهذا ما ميز هذه الحملة عن فعاليات نصرة البيئة التي تقدم لنفسها على أنها نضال ذا قدسية.

إلى ذلك، فإن صندوق المؤشرات المتداولة لن يقصي الجهات التي يراها مفتقرة للمبادئ، أو يطفف ميزان تلك التي تماهيه. واقعياً، هو لا يختلف كثيراً عن أي صندوق استثمار مشترك أمريكي يملك رسملة كبرى، من ذاك النوع الذي تملك فيه جميع الجهات التي تقدم خطط تقاعد "401 K". فهو سيتقاضى رسماً بخمس نقاط أساس، أي أزيد بشكل طفيف من الصناديق خاملة الإدارة المتعقبة لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، وأدنى بكثير من التكلفة التي تكبدها الصناديق القائمة على المُثُل مستهدفيها من الملتزمين بهذه القيّم. الصندوق تأسس تحت حظوة رئيسته التنفيذية جنيفر غرانسيو، وهي إحدى مؤسسات نشاط "iShares" في شركة "بلاكروك".

الفرق هو رغم أن أداء صندوق المؤشرات المتداولة هذا سيقاس مقارنة بالأموال خاملة الإدارة، إلا أن الصندوق يعتزم إطلاق حملات تركز على مسائل البيئة والمجتمع والحوكمة التي "تخلق قيمة". بالتالي، لن يتلبس الصندوق دور الناشط برمته لكن في الوقت نفسه لن يكون خاملاً على صعيد إدارة المال بالكامل، بل سيكون متساهلاً مع بعض الإضافة- أي ما بين خامل وجريء. حتى أن الرمز "فوت" (VOTE) الذي اختاره الصندوق لنفسه يؤشر إلى مسعى إحداث توازن حساس يحقق الدعم دون إملاء سياسات محددة.

اصطياد الحوت بشبكة محار

كي تنجح هكذا استراتيجية بحق، خاصة بما يتعلق بإطلاق حملات مبنية على خمس نقاط أساس، فلا بدّ لـ"VOTE" أن يجذب مبالغ أعلى بكثير من ملايين دولاراته المئة الأولى. من ناحية أخرى، لا يزال بإمكان "أنجن نمبر 1" أن تفخر بأنها اصطادت حوتاً بشبكة محار. ربما من الأفضل أن يُعتبر صندوق المؤشرات المتداولة وسيلة مضافة لاستجرار رأس مال (أرخص) يُصوت تماشياً مع أهداف الصندوق الخاص.

يستند ذلك إلى وجود العديد من المستثمرين، بالأخص بين الشباب، الذين لا يرغبون بتسخير أموالهم لخدمتهم فحسب، بل يسعون لخدمة هدف أكبر من صاحب رأس المال. وفي حالة "إنجن نمبر 1" مع "أكسون" كانت الغاية هي إظهار أن حسن الأفعال يؤدي في نهاية المطاف إلى عوائد أفضل على المدى البعيد. هذا أمر لم يثبت بعد، إلا أن مسألة معالجة التغير المناخي اكتسبت زخماً كبيراً في السنوات الماضية. كذلك، من المفيد أن يؤشر الصندوق إلى سجل "إكسون" على امتداد العقد الماضي دلالة على أن الاستمرار بالنهج نفسه ليس كافياً. على كلّ حال، سواء نجح "VOTE" في تحقيق المزيد من الانقلابات أو لم ينجح، فإن الآثار المالية لأي أرباح أو خسائر ستغذي مؤشر المعايير المعتمد للحكم على أدائه.

أمّا السؤال الذي يطرح نفسه فهو كيف ستتعاطى الصناديق الكبرى مع هذا الأمر. ينسب جزء من نجاح حملة "إكسون" إلى التمكن من إجبار أشخاص أمثال لاري فينك، الرئيس التنفيذي لـ"بلاكروك" على ترجمة أقواله أفعالاً فيما يخصّ البيئة والمجتمع والحوكمة، لدرجة أنه قد يجوز وصف "VOTE" على أنه "صندوق ضمير فينك".

نظرياً، حتى شركات إدارة الأموال المتراخية يفترض أن تحاسب إدارات الشركات. مع ذلك، لا يزال الطريق الأسهل هو ذلك الذي لا يعوقه كثير من المقاومة. فقد تصبح الأمور صعبة على أي شركة إدارة صناديق هادئة ومحبة للحياة حين تُطرح مواضيع البيئة والمجتمع والحوكمة، فلا يمكنك أن تتخذ موقفاً صلباً حيال أمور كتلك فيما تسوّق لمواد تُعظم مزايا إراحة البال. مع ذلك، يمكن لصندوق المؤشرات المتداولة من "إنجن نمبر 1" انطلاقاً من الدور الذي لعبه بالوكالة في معركة "إكسون"، أن يؤدي مجدداً دور المستطلع لقضايا ترغب جهات مثل "فانغارد" في التطرق إليها ولكن لا يمكنها أن تحشد لها وحدها.

المفارقة هي أن "VOTE" سينافس شركات إدارة الأموال التي يحاول كسبها إلى جانبه على أموال المهتمين بالشؤون البيئية والاجتماعية والحوكمية، وإن لم تكن أموالاً نشطةً تماماً. إن مدى جرأة رد فعل هذه الشركات هو ما سيحدد فعالية النهج خامل الإدارة والجريء في آن معاً.