"علي بابا" تزيد حصتها في "سونينغ" المتعثرة.. فما الأسباب؟

المقر الرئيسي لشركة "سونينغ دوت كوم" في نانجينغ بمقاطعة جيانغسو
المقر الرئيسي لشركة "سونينغ دوت كوم" في نانجينغ بمقاطعة جيانغسو المصدر: أ.ف.ب
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عندما نطرح السؤال الآتي: ما هو الأصعب؟ هل تتبع وحيد القرن لاصطياده داخل غابة كثيفة، أم تحاول اصطياد آخر من على حافة جرف؟ وبعيداً عن التصوير البلاغي أو بمعنى أقرب، تختار ما بين الاستثمار المُخاطر، أم الاستثمار في أصول واعدة لكنَّها متعثِّرة؟

ينطبق ذلك التساؤل على ما تقوم به امبراطورية التكنولوجيا الاستهلاكية، وهي مجموعة "علي بابا" المترامية الأطراف، عندما كشفت عن زيادة حصتها في شركة "سونينغ دوت كوم" (Suning.com) للتجزئة عبر الإنترنت.

ما يحدث قد يكون تطوراً منطقياً لما حدث في أغسطس 2015، عندما أنفقت "علي بابا" 28.3 مليار يوان (4.6 مليار دولار) مقابل حصة 19.99% في "سونينغ" – التي كانت بحاجة لضخِّ سيولة بسبب ركود المبيعات، وتباطؤ هوامش الربحية، في خطوة استهدف بها "جاك ما" تعزيز المنافسة مع "جيه دي دوت كوم" (JD.com Inc) المتخصصة في بيع الإلكترونيات.

كانت "سونينغ" شركة بسيطة مدرجة في "شنتشن" حتى 2019، بالرغم من توسُّعها، حتى اشترت 80% من "كارفور تشاينا"، و37 منفذاً متعدد الأقسام من متاجر "واندا" التي تسيطر عليها مجموعة "داليان واندا" المملوكة للملياردير "وانغ جيانلين"، مقابل 4.8 مليار يوان، و2.7 مليار يوان على التوالي.

ومع تمويل عمليات التوسُّع والاستحواذات جزئياً عن طريق الاقتراض، تضخَّمت ديون "سونينغ" بنهاية مارس الماضي إلى 55.3 مليار يوان مقابل 14.6 مليار يوان بنهاية عام 2015.

الصيد من أعماق البحار

إذاً لماذا تريد مجموعة "علي بابا" الالتزام بشيكات كبيرة مرة أخرى؟ ذكرت "بلومبرغ نيوز" يوم الأربعاء، أنَّ "كونسورتيوم" بقيادة عملاق التجارة الإلكترونية التابع لـ "جاك ما"، وحكومة مقاطعة "جيانغسو"، حيث يقع مقر "سونينغ"، يقترب من إبرام صفقة لشراء حصة في متجر التجزئة. ومن المحتمل أن تعلن الصفقة هذا الأسبوع رسمياً.

فيما يبدو أنَّ هذا الاستثمار لن يكون سلبياً أيضاً، فلن يتحكَّم مؤسس شركة التجزئة "تشانغ جيندونغ" بعد الآن في "سونينغ" بعد إغلاق هذه الصفقة، لأنَّ الرؤساء الجدد سيأتون إليها.

قد يقول متفائل، إنَّ "علي بابا" تصطاد من أعماق البحار، إذ تتعثَّر أسهم "سونينغ" بسبب مشاكل الشركة، ففي يونيو، قالت "سونينغ" على موقعها الإلكتروني، إنَّ محكمة محلية جمَّدت حصة مملوكة شخصياً لـ "تشانغ" - تاركةً فراغاً واضحاً في القيادة، ربما تحاول "علي بابا" استغلاله.

وفي الوقت نفسه، باعت شركة "سونينغ أبليانس غروب" ((Suning Appliance Group، وهي مساهم آخر وإحدى شركات "تشانغ" القابضة، بعض الأسهم أيضاً، وتعتزم بيع المزيد.

قد يكون الحصول على حصة إضافية في "سونينغ" فرصة لمجموعة "علي بابا" لدعم تفوُّقها في التجارة الإلكترونية وسط مشاكلها أمراً لا يحتاج إلى تفكير.

مخاطر خفية

ولكن كما يعلم المستثمرون القدامى في الأصول المتعثِّرة؛ فإنَّ الأمور ليست بهذه البساطة على الإطلاق. فهناك دائماً بعض المسؤوليات الخفية مع التكتلات المثقلة بالديون، التي يمكن أن تكون متاهات من المعاملات مع الأطراف ذات الصلة، وبعض أصحاب المصالح الراسخة داخل الشركة. وقد لا يكون من السهل محو وجود "تشانغ".

يسيطر "تشانغ" على "سونينغ" من ثلاث جهات بصورة مباشرة وغير مباشرة، فحتى نهاية مارس الماضي، كان يمتلك شخصياً ما يزيد قليلاً على 20% من أسهم الشركة، وحوالي 20% أخرى كانت مملوكة لمجموعة "سونينغ أبليانس" التي يملك نصفها.

وأخيراً شركة "سونينغ هولدنغ غروب"- المملوكة فقط لـ "تشانغ"وابنه "تشانغ كانغينغ"- التي تمتلك 3.98% من "سونينغ دوت كوم"، وهذه هي الشركة القابضة التي تصدَّرت عناوين الصحف في عام 2016، عندما أعلنت عن شرائها حصة مسيطرة في نادي "إنتر ميلان" لكرة القدم مقابل 270 مليون يورو (320 مليون دولار). كما كانت تتحكَّم في خدمة البث التي شهدت إلغاء عقد مربح في الخريف الماضي بعد عدم دفع الالتزامات لموسم 2019-2020.

عائلة "تشانغ"

ولكن حتى إذا اشترى الكونسورتيوم جميع حصص "تشانغ"، فقد لا يتعيَّن على "سونينغ" الاستمرار في التعامل مع العائلة، وفقاً لموقع "كايكسين" للأخبار المالية الذي أشار إلى أنَّ أكثر قطاعات متجر التجزئة قيمة تتركَّز في العمليات اللوجستية والتمويلية، وشركة "سونينغ فاينانشيال سيرفيسز شانغهاي" التي تقوم بالتمويل الصغير والتخصيم، والمملوكة لشركة "سنانيغ دوت كوم" بنسبة 41.15% فقط، فيما تملك "سونينغ هولدنغ" التابعة لـ "تشانغ" باقي الحصة، مما يعني تقاسمه للأرباح من هذه الوحدة.

وهذا مجرد تفصيل واحد مزعج. والمشكلة الأكبر في خطة الإنقاذ هذه هي أنَّ "ساوينغ دوت كوم" تمثِّل الجزء الوحيد في إمبراطورية مترامية الأطراف، والتي تتمتَّع بقدر من الشفافية والإفصاح، لكونها شركة مدرجة في البورصة.

في حين تدير عائلة "تشانغ" باقي الإمبراطورية على ما يبدو بشكل يفتقد الشفافية، فقد جاءت معظم قروضها عبر مستثمرين من القطاع الخاص، مما يعني أنَّه لا يوجد الكثير من الإفصاح، وهو أحد الأسباب التي تجعل تجار السندات لا يحبِّذون التكتلات.

بالمقارنة؛ فإنَّ فهم طبيعة الشركات الناشئة التي تتخطى قيمتها مليار دولار أسهل بكثير. وفي أسوأ الأحوال، يقدِّمون توقُّعات نمو غريبة، التي يمكن لأصحاب رؤوس الأموال أصحاب الخبرة مثل "علي بابا" اكتشافها بسهولة.

لكن ربما تعلَّم "علي بابا" توخي الحذر بشأن الأصول المتعثِّرة، وقد يكون هذا هو السبب في أنَّ حكومة مقاطعة "جيانغسو" شريكة لها. وهو ما يعطيهم قدرة أكبر على ممارسة السيطرة، فلا أحد يريد أن يكون بمفرده حاملاً الذنب إذا ساءت الأمور.