أسعار الوقود تثير القلق والخلاف بين الأمريكيين المصدر: بلومبرغ

بعد ارتفاع البنزين لأعلى مستوى في 7 سنوات.. هل يفقد "بايدن" شعبيته؟

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ارتفعت أسعار غالون البنزين في الولايات المتحدة لأعلى مستوى منذ سبع سنوات، لكن لا يبدو أنَّ المؤشر الاقتصادي القوي يضغط على سياسات الطاقة التي يتَّبعها الرئيس الأمريكي جو بايدن. يرجع ذلك جزئياً إلى أنَّ أسعار البنزين تؤثِّر على الديمقراطيين والجمهوريين بشكل مختلف.

تزامناً مع عطلة نهاية الأسبوع في يوم الاستقلال الموافق 4 يوليو، إذ من المتوقَّع أن تقترب الرحلات البرية من مستوى قياسي؛ بلغ متوسط سعر الغالون 3.12 دولاراً على مستوى البلاد، وفقاً لجمعية السيارات الأمريكية، مما يمثِّل ارتفاعاً بنسبة 44% على أساس سنوي، عندما كانت أسعار النفط تهبط بشدَّة بسبب وفرة العرض، وتقييد الطلب تحت ضغط وباء كورونا.

شكَّل ارتفاع أسعار البنزين مثاراً للقلق في البيت الأبيض في العقود الأخيرة، إذ يصبُّ الناخبون جمَّ غضبهم بشأن تكاليف الطاقة على الرئيس الحالي.

وكشفت دراسة أجريت عام 2016 حول معدلات على الموافقة، أو تأييد الرؤساء الأمريكيين من جيرالد فورد إلى جورج دبليو بوش، أنَّ كل زيادة بنسبة 10% في أسعار البنزين قلَّلت من الموافقة على تأييد الرئيس بمقدار 0.6 نقطة مئوية، بعد التحكُّم في عوامل أخرى.

مع ذلك، في حين أنَّ نسبة التأييد لـ"بايدن" قد تراجعت منذ يوم ذكرى الشهداء، في الإثنين الأخير في مايو، فقد وصل متوسط مؤشر "ريل كلير بوليتيكس" إلى أدنى مستوى منذ توليه منصبه يوم الجمعة، عند 51.7% من الموافقين، و 44.5% غير موافقين، أعلى مما تمتَّع به الرئيس السابق دونالد ترمب في أيِّ وقت خلال فترة توليه منصبه.

وتمنح السياسات المتغيِّرة لأسعار البنزين بايدن المزيدَ من الحرية لمتابعة أجندة الطاقة النظيفة التي يفضِّلها الديمقراطيون التقدُّميون، مع تحمُّل الجمهوريين التكاليف بشكل غير متناسب.

سياسات غير مؤثرة

وخلال فترة ولايته، ألغى الرئيس تصريحاً لخط أنابيب "كيستون" لنقل الخام الكندي إلى مصافي التكرير الأمريكية، وعلَّق حقوق الحفر في محمية القطب الشمالي الوطنية للحياة البرية، كما تحرَّك لحظر مشاريع النفط والغاز الجديدة على الأراضي الفيدرالية، وحثَّ على التخلُّص التدريجي من الوقود الأحفوري بالكامل.

ولا يؤثِّر أي من هذه السياسات تأثيراً فورياً على أسعار البنزين التي تتأثَّر على نطاق أوسع بالتقلُّبات في سوق النفط العالمية، بما في ذلك المواجهة الدبلوماسية المستمرة داخل حلفاء "أوبك +" التي يمكن أن ترفع الأسعار.

وقد تؤدي بعض سياسات "بايدن"، مثل الضغط من أجل التحوُّل للكهرباء، إلى تقليل الطلب وانخفاض الأسعار بمرور الوقت، لكنَّ الجمهوريين يجادلون بأنَّ أجندته البيئية سترفع تكلفة الطاقة بشكل عام.

وقال زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفين مكارثي يوم الخميس الماضي:"في حين نتوجه إلى عطلة نهاية الأسبوع، بعد ستة أشهر فقط من تولي إدارة بايدن، لدينا أعلى أسعار للغازولين منذ سبع سنوات، إذ أراد الكثيرون أن يسافروا..أعتقد أنَّ الشعب الأمريكي يريد المزيد. يريدون السيطرة على التضخم، ويريدون أن يكون سعر الغازولين في متناول أيديهم أيضاً".

ألقى النائب راندي فينسترا، النائب الجمهوري عن غرب آيوا، كلمة أمام مجلس النواب الأسبوع الجاري ليعلن أنَّ سياسات بايدن بمثابة "هجوم على الريف الأمريكي، وريف آيوا".

زيادة ضرائب الوقود

قالت المتحدِّثة باسم البيت الأبيض جين بساكي يوم الجمعة الماضي، إن َّالرئيس ملتزم بالتأكُّد من بقاء أسعار البنزين في متناول أيدي الأمريكيين وسط ارتفاع أسعار النفط.

وأوضحت "بساكي" أنَّ هذا هو سبب معارضته لزيادة الضرائب على الوقود أو المسافات المقطوعة "لأنَّه شعر أنَّ ذلك سوف يقع على كاهل الأمريكيين الذين يعودون إلى أماكن عملهم، ويوصلون أولادهم إلى المدارس".

وغالباً ما يعاني الديمقراطيون والجمهوريون من متاعب ارتفاع أسعار البنزين بشكل مختلف بسبب الجغرافيا، وأنماط الاستخدام، بالإضافة إلى الإدراك أيضاً.

ويشعر الجمهوريون بالقلق بشأن الأسعار المرتفعة أكثر من الديمقراطيين، ويتوقَّعون ارتفاعاً بنسبة 33 % للغالون الواحد خلال العام المقبل، وفقاً لأحدث استطلاع أجرته جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين، بما يعادل خمسة أضعاف الزيادة التي توقَّعها الديمقراطيون.

جمهوريون وديمقراطيون

وتأتي التوقُّعات الاقتصادية مدفوعةً بشكل متزايد بالمواقف الحزبية، إذ تصبح البلاد أكثر استقطابا، كما أنَّها تعكس وجهة نظر أكثر تشاؤماً تجاه إدارة يديرها الحزب المعارض. وقال مدير المسح في ميشيغان ريتشارد كيرتن، إنَّ الجمهوريين أكثر تفاؤلاً بشأن الاقتصاد خلال الإدارة الجمهورية، والعكس صحيح.

وأظهر استطلاع أجرته شبكة "فوكس نيوز" الشهر الماضي شمل الناخبين المسجلين أنَّ 68% قالوا، إنَّ ارتفاع أسعار البنزين يمثِّل صعوبة لأسرهم، على الرغم من أنَّ 29% فقط قالوا، إنَّها مشكلة خطيرة.

ومن المرجح أن يقول الآباء والأمهات من الحزب الجمهوري، إنَّ ارتفاع الأسعار يمثِّل لهم مشقة. ولا يعدُّ ذلك تصوراً، إذ من المرجح أن ينفق العديد من الجمهوريين على البنزين أكثر مما ينفقه الديمقراطيون.

وبرغم أنَّ سعر البنزين غالباً ما يكون أرخص في الولايات ذات الميول الجمهورية الواقعة في الجنوب، بالمقارنة مع معاقل الديمقراطيين، مثل: كاليفورنيا، ونيوجيرسي، ونيويورك؛ فإنَّ الأسر بالمناطق الريفية يتنقلون لمسافات أطول، مقارنةً بالأسر في المناطق الحضرية والضواحي.

يقود الرجال السيارات مسافات أبعد من النساء، كما أنَّ الأسر متوسطة العمر تقود سيارات لمسافات أطول، لأنَّها توفِّق بين العمل والأسرة. وتميل كل هذه التركيبة السكانية إلى تبني مواقف الجمهوريين، الذين يميلون أيضاً إلى قيادة سيارات لمسافات أطول، وأقل كفاءة في استهلاك الوقود.

ارتفاع التضخم

وعادةً ما كان يُنظر إلى أسعار البنزين على أنَّها علامة على ارتفاع معدلات التضخم، وأدى إنفاق نحو 2 تريليون دولار في صورة حزمة إنقاذ لمواجهة تداعيات كورونا- وقَّعها بايدن في صورة قانون- إلى تفاقم هذه المخاوف.

لكن "كيرتن" قال، إنَّ هذه الافتراضات تعود إلى اقتصاديات حقبة السبعينيات من القرن الماضي، عندما كانت تكاليف الطاقة تمثِّل نسبة مئوية أعلى بكثير من الاقتصاد، وكانت السيارات أقل كفاءة في استهلاك الوقود، وكانت الولايات المتحدة تعتمد بدرجة أكبر على النفط الأجنبي.

عرض وطلب

أوضح "كيرتن" أنَّ المستهلكين يقبلون حالياً أسعار البنزين باعتبارها أكثر تقلُّباً. ترتفع التكلفة بشكل ثابت في الصيف عندما يقطع الناس مزيداً من المسافات، وتتحوَّل المصافي إلى أنواع الوقود المختلطة الصيفية التي تقلِّل الضباب الدخاني. وفاقم الوباء من زيادة التقلُّب.

من جهته، قال لوريل هاربريدج يونج من جامعة نورث وسترن، المؤلِّف الرئيسي لدراسة صادرة عام 2016 عن أسعار الغاز ونسب الموافقة على أداء الرئيس: "بالنسبة للأشخاص الذين يفهمون الأمر على أنَّه مسألة عرض وطلب؛ فإنَّهم لا يرون أنَّ الرئيس مسؤول عن الارتفاع.. ليس الأمر كما لو أنَّ الرئيس يمكن أن يضع إصبعه على الزر، ويجعل أسعار الغاز ترتفع أو تنخفض".

يرى ديفيد وينستون، خبير استطلاعات الرأي والاستراتيجي الجمهوري والمتخصص في مسائل الرأي العام، أنَّه لكي تكون الأسعار مسؤولية "بايدن"، يجب على الجمهوريين القيام بعمل أفضل في ربطها بسياساته، ويقول متسائلاً: "إنَّها أكثر من مجرد تكلفة البنزين الخام؟ هل قام بأشياء من منظور السياسة أدت إلى ارتفاع التكلفة، ليس بسبب مد وجزر أسعار البنزين؟..إذا قرر الناس وجود صلة، فهذه هي المشكلة".

وأضاف ونستون: "لكن إذا ظلَّت أسعار البنزين مرتفعة حتى الخريف، فقد يبدأ الناخبون في تحميل بايدن المسؤولية، هذه نقطة بداية، إذ يقوم الناس بتقييم ما يحدث مع أسعار البنزين..لا أعرف أنَّ هناك رقماً سحرياً في حدِّ ذاته، ولكن ربما يكون أقرب إلى 4 دولارات للغالون".