رغم وصولها للذروة.. أسواق الأسهم ما تزال جاذبة وتوقعات بمزيد من الارتفاع

أسواق الأسهم ما زالت جاذبة رغم المخاطر
أسواق الأسهم ما زالت جاذبة رغم المخاطر المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في حين تستمر الأسهم بجميع أنحاء العالم في تحطيم الأرقام القياسية واحداً تلو الآخر، فإنَّ لدى بعض أكبر مديري الأصول في العالم رسالة بسيطة، مفادها أنَّه يجب الاعتياد على ذلك.

تتوقَّع مؤسسات الاستثمار من أمثال "بلاك روك"، و"ستيت ستريت غلوبال ماركتس" (State Street Global Markets) و"يو بي أس"، و"جيه بي مورغان" أن تستمر أسواق الأسهم في الارتفاع في النصف الثاني من العام الجاري، إذ يبحث العديد من المستثمرين بشكل متزايد خارج الولايات المتحدة عن المزيد من العائدات.

على الصعيد العالمي، اتضح أنَّ جاذبية هذه الفئة من الأصول وسط الانتعاش الاقتصادي المستمر من الصعب مقاومتها جداً، وعلى الرغم من أنَّ مؤشر "مورغان ستانلي" لجميع دول العالم قد تجاوز بالفعل 12 % هذا العام ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، إلا أنَّ بعض اللاعبين في السوق يحذِّرون من مخاطر التراجع نظراً للتقييمات القوية.

من المتوقَّع أن يؤدي الارتداد الحاد في أرباح الشركات والدعم القوي من البنوك المركزية إلى استمرار الارتفاع.

وقالت إستي دويك، رئيسة إستراتيجية السوق العالمية في شركة "ناتيكسيس إنفستمنت مانجرز" (Natixis Investment Managers): "بدأت حملة التطعيم تتسارع على الصعيد العالمي، وتظلُّ سياسة البنوك المركزية الرئيسية ملائمة للغاية، وما يزال الدعم المالي موجوداً، والأرباح مستمرة في التعافي، في مثل هذه البيئة، من الصعب تخيُّل سيناريو سلبي للغاية بالنسبة للأسهم".

وفيما يلي نظرة على بعض العوامل التي تجعل المستثمرين مدمنين على الأسهم على الرغم من وجود المخاطر:

الأسهم هي الأفضل

أحد أسباب الارتفاع في الأسهم، هو أنَّه لا يوجد شيء جذَّاب مثل الأسهم، بالنظر إلى أنَّ عوائد السندات الحكومية في الأسواق المتقدِّمة ما تزال باهتة، كما أنَّ فروق العائد تقلَّصت إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقد.

ويقترن ذلك بالكثير من الطلب المكبوت الآن بعد بدأت الاقتصادات في إعادة الفتح بعد عمليات الإغلاق في العام الماضي. وأشار المحللون الاستراتيجيون في "غولدمان ساكس غروب" مؤخراً إلى أنَّ أصول صناديق سوق المال الأمريكية تضخَّمت إلى مستوى قياسي بلغ 5.5 تريليون دولار خلال فترة تفشي وباء كورونا، مما يدل على وجود الكثير من الأموال المتاحة في حسابات المضاربة.

سيولة ضخمة

قال كارستن رومولد، محلل أسواق رأس المال في شركة "فيديليتي إنترناشونال": "تشير العديد من المؤشرات إلى أنَّه ما تزال هناك سيولة هائلة في النظام، والتي تبحث عن موطن لها ".

وأضاف "رومولد" أنَّه نظراً للدعم القوي من البنوك المركزية العالمية؛ ستستمر التدفُّقات في الدخول إلى الأسهم، على الرغم من أنَّ توقُّعات العائد يجب أن تكون أقل بكثير، بدايةً من الآن.

وبالنظر إلى المستقبل، يفضِّل المستثمرون الأسهم الدورية، وأسهم القيمة عموماً، التي من المنتظر أن تستفيد أكثر من انتعاش النمو.

فيما يتعلَّق بالمناطق، قال العديد من المستثمرين المحترفين، إنَّهم يفضِّلون أوروبا، التي من المتوقَّع أن تحصل على دفعة من تعرُّضها الكبير لمثل هذه الأسهم، علاوةً على اليابان، التي تراجعت سوق الأسهم فيها عن الولايات المتحدة.

انتبه جيداً

وبرغم أنَّ المخاوف من قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتشديد السياسة النقدية بشكل أسرع مما كان متوقَّعاً في الأسواق المضطربة الشهر الماضي، لكن

ما يزال المستثمرون يستبعدون أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة في أيِّ وقت قريب، أو على الأقل ليس بسرعة كبيرة.

وبشكل عام، يتوقَّع اللاعبون في السوق أن تبقي سياسة البنك المركزي ميسرة من أجل دعم الاقتصادات الخارجة من فوضى الجائحة.

قال "بن لوفتهاوس"، رئيس دخل الأسهم العالمية في "يانوس هندرسون إنفستورز (Janus Henderson Investors.) : "في الوقت الحالي، ستظلُّ السياسة النقدية والسياسة المالية غير متشددة في جميع أنحاء العالم. وفي الواقع، سيمرُّ بعض الوقت قبل أن تبدأ الأسعار في الارتفاع".

انتعاش الأرباح

يرى العديد من المستثمرين أنَّ انتعاش نمو الأرباح هو المفتاح لتغذية ارتفاع الأسهم. وعلى الصعيد العالمي، عادت توقُّعات الأرباح إلى مستويات ما قبل تفشي وباء فيروس كورونا، ورفعت ما يقرب من 50 % من شركات مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" توقُّعاتها للعام بأكمله خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهي واحدة من أعلى مستويات الربح منذ عام 2010.

وقال ماكس أندرل، مدير محفظة في "يو بي أس" في لندن: "الإيحاء بوجود أوقات أفضل في المستقبل وحده لن يفي بالغرض، وسيريد المستثمرون بعض الأدلة الحقيقية على النمو، أو التدفُّق النقدي الحر".

تقدم التطعيم

وبرغم أنَّ ظهور المزيد من الفيروسات المتحوِّرة الأكثر قابلية للانتقال يمثِّل خطراً كبيراً، لكنَّ التقدُّم الذي أحرزته البلدان المتقدِّمة في برامج التطعيم الخاصة بها يحافظ على هدوء أعصاب المستثمرين.

وقالت ماريجا فيتمان، كبيرة المحللين الإستراتيجيين للأصول المتعددة في "ستيت ستريت غلوبال ماركتس": "ما زلنا نرى النجاح في حملات التطعيمات، وإعادة الانفتاح الاقتصادي كقوة دافعة رئيسية وراء تحسين التوقُّعات الاقتصادية والأرباح، وفي نهاية المطاف، مكاسب سوق الأسهم".

قد يكون من الصعب تحقيق عائدات من الأسهم، على الرغم من ذلك، نظراً لأنَّ الكثير من التفاؤل حيال إعادة فتح الاقتصاد ظهر في الأسعار. وتعتقد سيما شاه، كبيرة الاستراتيجيين العالميين في شركة "برينسيبال غلوبال إنفيستورز" (Principal Global Investors)، أنَّه من الضروري أن يكون المستثمرون أكثر انتقائية بشأن المناطق، والقطاعات، والأساليب التي يختارونها.

وقالت "شاه" في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "داخل الأسهم، سواء الأسهم الدورية، أو أسهم القيمة، يجب أن تستمر في الاستفادة من الارتفاع المحتمل في الإنفاق الاستهلاكي، لكن يجب على المستثمرين أيضاً التفكير في أسهم النمو طويل الأجل، مثل شركات التكنولوجيا الكبرى". مضيفةً أنَّ هذه الشركات ستستفيد من التحرُّك المستمر نحو الحوسبة السحابية، والاعتماد على التكنولوجيا.

عقبات على الطريق

ويمكن الجدال بأنَّ صعود الأسهم يعدُّ ببساطة في ذروة مستوياته، في ظلِّ المؤشرات الاقتصادية في كلٍّ من منطقة اليورو والولايات المتحدة، لكن حتى هذه النقطة لا يُنظر إليها بالضرورة باعتبارها مشكلة.

وقالت كلوديا بانسيري، محللة الأسهم العالمية في "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت"، عبر الهاتف: "عندما تنظر إلى الماضي؛ فإنَّ بلوغ الذروة في المؤشرات الرائدة لا تعني أنَّ الأسواق ستنخفض". عادةً ما يكون السوق منخفضاً إلى حدٍّ ما، عندما يكون لديك مخاوف من النمو، وعندما تعتقد أنَّه سيكون هناك تشديد قوي، أو تغيير كبير في السياسة النقدية. وأعتقد أنَّ كلا الشرطين ما زالا غير مناسبين لإجراء تصحيح كبير".

في حين يمكن اعتبار التقييمات الممتدة المبالغ فيها أمام المزيد من المكاسب، لكن لا يشعر المستثمرون بالقلق الشديد. وبحسب باتريك شويتز، المحلل الاستراتيجي للأصول العالمية المتعددة في "جيه بي مورغان ستانلي"، فإنَّه في حين يتوقَّع أن تنخفض تقييمات الأسهم أكثر، يجب أن يكون ذلك مدفوعاً بارتفاع الأرباح بشكل أسرع من أسعار الأسهم، بدلاً من الأسواق الضعيفة.

وعلى الرغم من أنَّ المستثمرين يتوقَّعون أن تستمر الأسهم العالمية في الارتفاع، إلا أنَّهم حذَّروا من التقلُّبات. وكان مؤشر الذعر في بورصة شيكاغو "VIX"، يضعف عند أدنى مستوى له منذ ما قبل التراجع الذى غذَّته الجائحة خلال العام الماضي.

ووصل مؤشر "ناسداك 100" إلى مستوى عالٍ في قيمته، الذي أسفر عن بعض الانخفاضات في المدى القصير خلال العام الماضي.

أما بالنسبة لبعض مراقبي السوق؛ مثل نايغل بولتون، كبير مسؤولي الاستثمار المشارك في شركة "بلاك روك"، فإنَّ أي عمليات انسحاب ستكون بمثابة شراء للفرص.

وقال "بولتون" عبر الهاتف: "نتوقَّع نمواً قوياً في الأرباح، ليس فقط لهذا العام، وليس فقط التعافي، ولكن في الواقع نحو تحقيق مزيد من التقدُّم في عام 2022، وأيضاً، بوتيرة أبطأ في عام 2023 كذلك". تابع: "لذا؛ فإنَّ كل هذه العوامل هي الأسباب التي تجعلك ما تزال تتوقَّع سوقاً صاعدة، وسيكون لدينا تذبذباً في الطريق".

أوروبا