موجة التخلف عن السداد تضرب الشركات الحكومية الصينية بعدما كانت "ملاذاً آمناً"

أوراق نقدية صينية من فئة 100 يوان
أوراق نقدية صينية من فئة 100 يوان المصدر: ا ف ب
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يكشف ارتفاع حالات التخلُّف عن السداد لدى الشركات الحكومية الصينية الحاجة إلى أن يكون المستثمرون في السندات أكثر دهاء بشأن تلك الشركات، وليس الأمر هيناً في دولة تفتقر فيها القرارات الحكومية، والعمليات التجارية إلى الشفافية.

وتخلَّفت خمس شركات مرتبطة بالدولة، تعمل في مجالات مختلفة، من منجم للفحم إلى شركة كبرى لتصنيع الرقائق، وشركة سيارات لها علاقات مع "بي إم دبليو" الالمانية، عن السداد لأول مرة في سوق السندات المحلية خلال العام الجاري.

ويمثِّل عدد الشركات الحكومية الصينية المتخلِّفة عن السداد خلال العام الجاري، الأكبر منذ عام 2016.

المخاطر

وفي السوق الثانوية، قفز متوسط العائد لأكثر من 700 سند محفوفاً بالمخاطر للشركات المحلية المملوكة للدولة إلى 17% من 13.4%، بعد أن تخلَّفت عن السداد شركة "يونغ تشنغ للفحم والكهرباء القابضة"بحسب البيانات التي جمعتها بلومبرغ.

وساعد التخلُّف عن السداد في الشهر الماضي على رفع تكاليف إصدار أدوات الدين إلى أعلى مستوياتها في عام 2020 بالنسبة للشركات المملوكة للدولة ذات التصنيف الأعلى، مع ارتفاع عائدات السندات السيادية أيضاً.

وتمثِّل حالات التخلُّف عن السداد في الآونة الأخيرة بين الشركات الحكومية بمثابة تحوُّلٍ عن العامين الماضيين، عندما كان التخلُّف عن السداد في الغالب بين شركات القطاع الخاص.

وتشكِّل حالات التخلف عن السداد أقل من 30٪ من ديون الصين الداخلية الحاصلة على تصنيف "AAA".

القطاع الحكومي

ويمكن أن يشكِّل وجود حالات تخلف عن السداد في شركات القطاع الحكومي، تحدياً كبيراً للاستثمار وصانعي السياسات على حد سواء.

ووفقاً لـ بروك سيلفرز ، كبير مسؤولي الاستثمار في " كايوان كابيتال": "لقد تضرَّرت التصنيفات الائتمانية للشركات المرتبطة بالدولة، لكنَّ جودة هذه الاعتمادات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بسياسة الحكومة، التي يمكن أن تكون غامضة للغاية".

وأضاف: "وبالتالي، فإنَّ الائتمانيات المرتبطة بالدولة، يمكن أن تكون مخادعة خاصة بالنسبة للمستثمرين الذين ليس لديهم خبرة محلية كبيرة".

لكنَّ المستثمرين سيحتاجون إلى التركيز بما يتجاوز سياسة الحكومة.

وتعني مخاطر إعادة التسعير بين الشركات الحكومية أنَّ فحص أساسيات أعمال الشركة، فضلاً عن هيكل ملكيتها، سيصبح أكثر إلحاحاً.

ومع ذلك، فإنَّ المعرفة القوية بالسياسات المحلية الغامضة، وسياسات الصناعة المتطورة، ستساعد أيضاً في تحديد الشركات الأكثر ضعفاً في قطاع الدولة بشكل أفضل.

وقال إيفان تشونج، المحلل لدى "موديز "لخدمات المستثمرين، والمقيِّم في هونغ كونغ :"يجب على المستثمرين إيلاء المزيد من الاهتمام لتنافسيِّة السوق، وقدرة كل شركة على سداد ديونها، بدلاً من الاعتماد بشكل كبير على الدعم الحكومي".

تداعيات كبيرة

وأضاف "من غير المرجَّح أن تقوم الصين بإنقاذ شركة ضعيفة في صناعة تنافسية، مثل السلع، إذا لم يتسبب التخلف عن السداد في إحداث تداعيات كبيرة".

ويقوم المشترون المحتملون أيضاً بإعادة تقييم احتمالات استرداد تكاليف الاستثمار، بمجرد تعرض الشركات الحكومية لأزمة، أو تتخلف عن السداد.

وتراجعت سندات الشركات الحكومية في الآونة الأخيرة، في علامة على تراجع الثقة في جهود إعادة هيكلة نتائج الشركات.

ويجري تداول سندات " كيب ويل" التابعة لـ "Peking University" بأقل من 10 سنتات من الدولار، وسندات شركة "Qinghai Provincial Investment" بسعر 37 سنتاً، وسندات شركة "Tsinghua" في نطاق 20 سنتاً.

و"إعادة التسعير تحدث بالفعل في سندات الشركات الحكومية مع توقُّعات منخفضة بحدوث التعافي" وفقاً لِـ أوين جاليمور، رئيس استراتيجية الائتمان في "مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية المحدودة" في سنغافورة.

وتعني الجهود التي تبذلها بكين لتقليص ديون الاقتصاد الصيني، وزيادة الكفاءة، إمكانية السماح لمزيد من الشركات الحكومية بالتخلف عن السداد.

فيروس كوورنا

والشركات في الأقاليم الأشد فقراً معرَّضةٌ بشكل خاص للتخلف عن السداد وسط الآثار المستمرة لوباء فيروس كوورنا.

وقال رولين كاي ، مدير الصندوق في" إتش اس بي سي جين تراست " لإدراة الصناديق: "مع استقرار الوضع المحلي تدريجياً، ينعكس التصميم على حل مخاطر الديون المحلية، وتقليل الرافعة المالية الإجمالية في السياسة النقدية الحذرة للبنك المركزي الصيني".

وأضاف كاي أنَّه من المرجَّح أن تستمر الإيرادات المالية المحلية في التراجع بسبب آثار الوباء، مما يقلل من مدى قدرة حكومات الأقاليم على دعم الشركات المحلية المملوكة للدولة.

إفساد النظام المالي

ومع ذلك، ستظل السلطات الصينية حريصة على منع التخلف عن السداد من إفساد النظام المالي أكثر من اللازم.

واجتمع كبار المنظمين الماليين في الصين الشهر الماضي لمناقشة الحفاظ على استقرار السوق والسيولة في أعقاب التخلف عن السداد في نوفمبر.

لكن من الواضح أنَّ القطاع الحكومي المتضخِّم يمرُّ ببعض الأوقات الصعبة، ويجب أن يتحلى المستثمرون بالمرونة حتى لا ينشغلوا بما يمكن أن يصبح عملية فوضوية.

وقالت يوان يوان لي، رئيسة قسم عمليات الدخل الثابت في" إتش اس بي سي جين تراست " لإدراة الصناديق، "بالنسبة للسندات التي تمَّ تقييمها بشكل مبالغ فيه أساساً، سنحتاج بالتأكيد الآن إلى علاوات أعلى، وحماية أفضل".

وأضافت : "يعود المستثمرون للنظر في أساسيات التسعير من خلال تقييم الملاءة المالية للشركة المصدِّرة، بدلاً من كونها شركة حكومية، أو تصنيفها الائتماني".