تجدد الخلاف الداخلي يضع تحالف "أوبك+" في أزمة

شعار "أوبك" معلق على مقر المنظمة في فيينا، النمسا. بعد عدة أيام من المحادثات المتوترة، تخلت منظمة "أوبك" وحلفاؤها عن عقد اجتماعها يوم الإثنين. وأثّر الخلاف حول كيفية قياس تخفيضات الإنتاج على الصفقة المبدئية لتعزيز الإنتاج، ليتحول بسرعة بعد ذلك إلى خلاف شخصي وعام غير مألوف بين السعودية والإمارات
شعار "أوبك" معلق على مقر المنظمة في فيينا، النمسا. بعد عدة أيام من المحادثات المتوترة، تخلت منظمة "أوبك" وحلفاؤها عن عقد اجتماعها يوم الإثنين. وأثّر الخلاف حول كيفية قياس تخفيضات الإنتاج على الصفقة المبدئية لتعزيز الإنتاج، ليتحول بسرعة بعد ذلك إلى خلاف شخصي وعام غير مألوف بين السعودية والإمارات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتعرَّض تحالف "أوبك+" إلى أزمة بعد أن أدى تفاقم الخلاف بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى تعطيل زيادة المعروض من النفط.

وستُحدِّد الأحداث التالية لتلك الأزمة ما إذا كان انهيار المحادثات، الذي تسبَّب في صعود سعر خام برنت صوب 80 دولاراً للبرميل، يُمكن أن يتصاعد إلى صراع مرير ومدمِّر مشابه لحرب أسعار العام الماضي.

كما يتعرَّض استقرار التعافي الاقتصادي العالمي إلى الخطر بسبب الضغوط التضخمية المتزايدة، وقدرة تحالف المنتجين على الاستمرار في السيطرة على سوق النفط، التي تمَّ الوصول إليها بشقِّ الأنفس سابقاً.

بدا الخوف من احتمال خروج الأحداث عن السيطرة واضحاً أيضاً، إذ ستُراقب الدول الإقليمية المنتجة للخام، وشركات النفط العالمية الكبرى باهتمام شديد خلال الأيام المقبلة، الأسعار التي ستُعلنها الرياض وأبوظبي، والمفاوضات التي ستتمُّ بينهما على أحجام إمدادات النفط الخام لشهر أغسطس.

وقال وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار:

لا نريد حرب أسعار، ولا نريد لأسعار النفط أن ترتفع إلى أكثر من مستوياتها الحالية

إلغاء الاجتماع

بعد عدَّة أيام من المحادثات المتوترة، تخلَّت منظمة "أوبك" وحلفاؤها عن عقد اجتماعها يوم الإثنين. وأثَّر الخلاف حول كيفية قياس تخفيضات الإنتاج على الصفقة المبدئية لتعزيز الإنتاج، ليتحوَّل بسرعة بعد ذلك إلى خلاف شخصي وعام غير مألوف بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

بيد أنَّه سبق للدولتين أن اشتبكتا حول السياسة النفطية في شهر ديسمبر من عام 2020، عندما طرحت الإمارات فكرة مغادرة التحالف؛ إلا أنَّ ذلك النزاع انتهى بهدنة بينهما. لكنَّ انهيار المفاوضات هذه المرة كان شديداً إلى الدرجة التي لم يستطع فيها التحالف الاتفاق على موعد اجتماعه التالي.

اقرأ أيضاً: وزير الطاقة الإماراتي: ثلث الطاقة الإنتاجية لنفط البلاد معطل بسبب اتفاق "أوبك+"

تتلخَّص النتيجة المباشرة لانهيار المحادثات في أنَّ الزيادة المتوقَّعة في الإنتاج لشهر أغسطس لن تحدث، مما سيؤدي إلى معاناة السوق من نقص في المعروض وسط تعافي الاقتصاد العالمي من جائحة كورونا. وردَّاً على ذلك؛ قفز سعر النفط الخام إلى ما يزيد عن 77 دولاراً للبرميل في لندن للمرة الأولى منذ أكثر من عامين، قبل أن يكسب المزيد في التعاملات الآسيوية يوم الثلاثاء.

وقال جيوفاني ستونوفو، محلل السلع الأساسية في مجموعة "يو بي إس":

من المرجَّح أن يؤدي استمرار سقف إنتاج "أوبك+" الحالي إلى ارتفاع الأسعار، في ظل العجز الفعلي في سوق النفط، وتأخُّر نمو العرض عن نمو الطلب

من الممكن أيضاً أن يكون للانقسام تأثير معاكس على المدى المتوسط، مما سيؤدي إلى انخفاض الأسعار بسبب تنافس الدول على اكتساب مكانة لها، لتبدأ بعد ذلك في ضخِّ المزيد من النفط. إلا أنَّ "ستونوفو" يرى ضعف هذه الاحتمالية.

الضغط على المستهلك

من جانبهم، اهتم كبار المستهلكين بفشل التحالف، ففي غضون ساعات، حثَّت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التحالف على العمل سوياً.

وقال متحدِّث باسم البيت الأبيض، إنَّه "يراقب عن كثب مفاوضات "أوبك+"، وتأثيرها على التعافي الاقتصادي العالمي، كما "بدأت محادثات بين مسؤولي الإدارة والعواصم ذات الصلة، للحثِّ على التوصُّل إلى حلٍّ وسط من شأنه أن يسمح بالمضي قدماً في زيادة الإنتاج المقترحة."

في هذا الصدد، قد يجد الأمريكيون حلفاء لهم داخل التحالف.

يعكف تحالف"أوبك+" فعلياً على إحياء بعض إمدادات الخام التي أوقفها العام الماضي في المراحل الأولى من الوباء، وقرر التحالف، الذي يضم 23 دولة، إضافةَ حوالي مليوني برميل يومياً إلى السوق من شهور مايو إلى يوليو. إلا أنَّ السؤال الذي كان من المفترض طرحه على الوزراء يوم الإثنين يتعلَّق باستمرار ذلك خلال الشهور المقبلة.

اقرأ أيضاً: وزير الطاقة السعودي لـ"الشرق": نأمل في التوافق على تمديد اتفاق "أوبك+"

كما تُظهر بيانات التحالف أنَّ مخزونات النفط التي زادت بشكل كبير سابقاً عادت إلى المستويات المتوسطة، مع استمرار التعافي في استهلاك الوقود، في حين قال الأمين العام لمنظمة "أوبك" محمد باركيندو الأسبوع الماضي، إنَّ الطلب في النصف الثاني من العام سيصل إلى5 ملايين برميل يومياً، أي أعلى مما كان عليه في الشهور الستة الأولى من العام.

الدور الروسي

في السابق، قادت روسيا معسكر زيادة حجم الإنتاج بشكل كبير، بل وحرصت شركاتها على زيادته، في حين تكسب مسألة ارتفاع أسعار البنزين المحلية أهمية متزايدة قبل الانتخابات البرلمانية الروسية في شهر سبتمبر.

وكان فشل موسكو في تأمين زيادة الإنتاج المرغوبة بمثابة نكسة نادرة لنائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، أحد مهندسي تحالف "أوبك+"، الذي لم يُعلِّق نهائياً بعد إلغاء اجتماع يوم الإثنين، لكنَّه يملك كل الحافز لمواصلة العمل خلف الكواليس بهدف إيجاد الحل.

بدوره، قال وزير النفط العراقي، إنَّه يأمل أن "يشهد موعداً" لاجتماع تحالف "أوبك+" خلال الأيام العشرة المقبلة، التوصُّل إلى اتفاق مُرضٍ للجميع، متوقِّعاً أن يستمر الأعضاء في احترام حصص الإنتاج الحالية، ومشيراً إلى أنَّ التأثير على الأسعار سيكون مؤقتاً.

وفي مكالمة هاتفية، قال جبار: "توقَّعت السوق إضافةً صغيرةً في الشهور المقبلة، وأدى التأخير في الاتفاق إلى هذا الارتفاع الطفيف في أسعار النفط. قد تنخفض الأسعار إذا وافقت "أوبك" على زيادة الصادرات."