إعانات البطالة الإضافية لا تعيق الاقتصاد

المصدر: غيتي ايمجز
Lisa Abramowicz
Lisa Abramowicz

Worked as a reporter for North Dakota's biggest daily newspaper. Wrote breaking news and features about topics including crime, government, religion and aging.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مع عودة التوظيف الكامل، يبدو أنَّ حجة بعض السياسيين التي تزعم أنَّ إعانات البطالة المعززة بشكل مفرط تعوق الانتعاش الاقتصادي تفقد زخمها. كما أنَّ الأموال الإضافية ستصبح أمراً جيداً على المدى الطويل.

منذ إقرار قانون خطة الإنقاذ الأمريكية لعام 2021 في وقت سابق من هذا العام؛ جرى السماح للعاطلين عن العمل بتلقي 300 دولار إضافيٍّ في شكل مزايا فيدرالية أسبوعية، بالإضافة إلى أيِّ مدفوعات أخرى حصلوا عليها. ولكن في الوقت الذي يجري إلغاء هذه الإعانات الإضافية تدريجياً في شهر سبتمبر المقبل، اختارت عشرات الولايات الأمريكية إنهاءها في وقت مبكر عن ذلك، بحجة النقص في سوق العمل.

يبدو الأمر كما لو أنَّ مدفوعات البطالة الأكبر قد أخَّرت بعض الأمريكيين عن العودة إلى القوى العاملة، لكنَّ الاتجاه التصاعدي الأوسع واضح. فقد أظهر تقرير التوظيف الشهري لوزارة العمل يوم الجمعة أنَّ الوظائف غير الزراعية زادت -بنسبة أفضل من المتوقَّع- بواقع 850 ألفاً الشهر الماضي، كما ارتفع عدد الباحثين عن العمل.

المكاسب ليست موحَّدة الشكل بالطبع كما يتضح من بيانات مطالبات البطالة الأولية الأخيرة. فعلى وجه التحديد؛ شهدت الولايات الأمريكية التي أنهت الإعانات في وقت مبكر عموماً وتيرةً أسرع في خروج السكان من قوائم البطالة، بحسب ما تظهر الأرقام الأولية.

مدى ارتباط البطالة بالإعانة

لفهم هذا الاختلاف، ضع في اعتبارك البيانات التي جرى تجميعها بواسطة كبير خبراء الاقتصاد في شركة "جيفريز" (Jefferies)، أنيتا ماركوسكا، من مطالبات البطالة الأولية لهذا الأسبوع. فقد وجد فريق الشركة أنَّ المطالبات انخفضت بنسبة 2.7% عن الأسبوع السابق في الولايات التي أنهت المزايا المعززة في وقت مبكر، وارتفعت بنسبة 2.8% في أماكن أخرى.

كتبت ماركوسكا في رسالة بالبريد الإلكتروني يوم الجمعة: "منذ منتصف شهر مايو الماضي، انخفضت المطالبات بنسبة 12.6% في حالات الإنهاء المبكِّر للإعانات، وبـ3.4% فقط في حالات إنهاء الإعانات في شهر سبتمبر، لذلك تستمر الفجوة في الاتساع".

البيانات ليست مثالية؛ لأنَّه من الصعب السيطرة عليها لعوامل، مثل: زيادة توافر رعاية الأطفال، والخوف من الإصابة بالمرض، وتباين وتيرة التطعيمات، وإعادة الفتح في ولايات مختلفة. ولكن مع ذلك، دعنا نفترض أنَّ الإتجاه صحيح بشكل عام.

ترجع أهمية ذلك إلى أنَّ الشركات لا يمكنها النمو والعودة إلى طاقتها الكاملة إذا لم تتمكَّن من العثور على عمال. وهذه هي الشكوى، إذ تظهر لافتات "مطلوب المساعدة" في كل زاوية تقريباً.

وقال تيموثي فيوري، رئيس مجلس إدارة لجنة بحوث أعمال التصنيع في معهد "إنستيتيوت فور سابلاي مانجمنت"، في بيان هذا الأسبوع: "ما تزال تحديات العمالة عبر سلسلة القيمة بأكملها تشكِّل العقبات الرئيسية أمام زيادة النمو". تتعقَّد المشكلة بصفة خاصة عندما يقلُّ عدد العاملين الأمريكيين اليوم بنحو 7 ملايين مقارنة بالمستوى الذي كان عليه قبل تفشي وباء فيروس كورونا، كما أوضح تقرير الوظائف.

لكن في حالة البطالة الاحتكاكية، إذ تحدث زيادة في عدد العاطلين عن العمل في وقت ترتفع فيه معدلات النقص في اليد العاملة، نشهد فروقاً بسيطةً غير ملحوظة. بالنسبة لمعظم الأشخاص في سنِّ العمل، يتطلَّب الأمر أكثر من مجرد الحصول على جزء مؤقت من المال للبقاء خارج القوى العاملة.

كتب الخبير الاقتصادي في شركة "أكسفورد إيكونوميكس"، أورين كلاشكين، في تقرير صدر في 30 يونيو الماضي: "بشكل عام، تفوق قيمة الوظيفة قيمة إعانات البطالة". وقدَّر أنَّ: "الإعانات يجب أن تتراوح بين 1600، و3200 دولار في الأسبوع، وفقاً للولاية، لإقناع الأفراد بالبقاء عاطلين عن العمل". وتوصَّل إلى نتيجة مماثلة اقترحتها نتائج ورقة بحثية حديثة من بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، التي وجدت أنَّ واحداً فقط من كلِّ سبعة أمريكيين عاطلين عن العمل رفض عروض العمل بسبب الدعم الإضافي البالغ 300 دولار في الأسبوع. إذ يبقى العمال في المنزل مع أطفالهم الذين لا يذهبون للمدرسة. كما يكتشف الآخرون أنَّهم لا يمتلكون المهارات التي أصبحت ذات صلة الآن، كما كانت قبل تفشي وباء فيروس كورونا، نظراً لتحوُّل كل شيء بقوة هائلة نحو الاعتماد على الإنترنت. بالنسبة للآخرين، ربما ما تزال لديهم مشكلات، أو مخاوف صحية متبقية، أو يستغرقون وقتاً أطول قليلاً للعثور على الوظيفة المناسبة.

ماذا عن الاقتصاد؟

لكن دعنا نقول فقط، إنَّ عدداً كبيراً من العمال أخذوا وقتهم في العودة إلى القوى العاملة بسبب الحصول على أموال إضافية. ومع ذلك، ما يزال من الصعب رؤية هذه الإعانات المعززة على أنَّها أي شيء بخلاف نعمة بالنسبة للنمو الاقتصادي. إنَّها محرِّك رئيسيٌّ وراء معدلات الادِّخار المرتفعة، وانخفاض مستويات الديون بين الأمريكيين، الذين لديهم الآن أكثر من تريليوني دولار في صورة مدَّخرات زائدة عن المعدل السنوي لاستخدامها. وقد ساعد ذلك في تغذية الإنفاق الذي دفع قطاع الترفيه والضيافة لإضافة 343 ألفَ وظيفة في شهر يونيو الماضي.

كما مكَّنت الإعانات العمال الذين ينشغلون بالبقاء مع الأطفال في المنزل من الحفاظ على مستوى إنفاقهم، مع أخذهم في الاعتبار أنَّهم سيعودون إلى سوق العمل في الخريف عندما يعود أطفالهم إلى المدرسة.

في النهاية يتعلَّق الأمر بمسألة التوقيت. كيف تسحب الولايات الأمريكية الدعم الإضافي؟. وما مدى ارتباط ذلك بشكل وثيق بمعدلات التطعيم والعلاج بالمستشفيات، وأرقام حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19؟ هذه تعديلات على الهامش، وربما هي طرق للتغلُّب على مكامن الخلل في البطالة الاحتكاكية لسوق العمل. أنا أتعاطف بشكل خاص مع أصحاب الأعمال الصغيرة الذين يكافحون للعثور على أيِّ متقدِّم لوظائفهم مع دفع أجر لا يُعرِّض بقاء شركاتهم للخطر.

بشكل عام، من الصعب المجادلة بأنَّ هذه الإعانات المعززة كانت أي شيء آخر غير إيجابي تماماً بالنسبة للأفراد وللاقتصاد ككل، الذي يسعى إلى إخراج نفسه من أشد فترات الانكماش الاقتصادي حدَّة منذ الكساد الكبير. إنَّها تضع المزيد من الأموال في أيدي الأشخاص الذين من المرجَّح أن ينفقوها بالكامل مع عودة الاقتصاد إلى الحياة بعد أسوأ أزمة صحية في التاريخ الحديث. لا ينبغي أن يفوت ذلك على السياسيين الذين يشجبون المدفوعات الإضافية، في حين يسعى سوق العمل لتعديل أوضاعه.