عرض استحواذ بـ9 مليارات دولار يُخزي سوق الأسهم البريطانية

المصدر: بلومبرغ
Chris Hughes
Chris Hughes

Chris Hughes is a Bloomberg Opinion columnist covering deals. He previously worked for Reuters Breakingviews, as well as the Financial Times and the Independent newspaper.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

جلبت أحدث صفقة استحواذ في بريطانيا -وأكبرها لأزيد من أعوام عشر- تساؤلاً مربكاً برسم مستثمري سوق أسهم لندن؛ لِم ثَمَّن حِلف من متقاعدين كنديين ومشترين أمريكيين ومستثمري عقارات، رابع كبرى متاجر التجزئة البريطانية بأعلى من جمهورها المحلي؟ يبدو هذا أجلى الدلالات، حتى حينه، على استغلال مستثمري القطاع الخاص لاتساع ظاهرة تنكب الأسهم البريطانية.

المجموعة التي وافقت أن تدفع 6.3 مليار جنيه إسترليني (8.7 مليار دولار) لقاء شركة "دبليو إم موريسون سوبرماركتس"، قادتها صناديق يديرها ذراع الاستحواذ "فورتيس إنفيستمنت " (Fortress Investment) التابع لـ"سوفت بنك" الياباني. إلى جانبها كان أيضاً مجلس استثمار خطة التقاعد الكندية، وشركة "كوخ ريل إستيت إنفستمنتس" (Koch Real Estate Investments)، وهي من امتدادات إمبراطورية مليارديرو آل كوخ.

إلا أن الأمر ليس استحواذاً تقليدياً مبالغا فيه. فقد بلغ السعر الإجمالي المفترض شاملاً صافي الدين حوالي 9 مليارات جنيه، وسيُموّل التحالف ذلك بما يزيد قليلاً عن 3 مليارات جنيه إسترليني من موجودات، بيد أن الباقي سيمول عبر قروض جديدة. ذلك يعني أن تحصيل عائد نسبته 20% على غرار الأسهم الخاصة يتطلب جَنْيَ 8 مليارات جنيه إسترليني عبر تخارج بعد خمسة أعوام، وهذا مطلب صعب المنال.

منافسة تمنع تمرير التضخم

تُحقّق شركة "موريسون" الكثير من الأموال، ولهذا يُمكن أن يأتي جزء من الزيادة المتوخاة عبر قضاء الديون، التي يبدو خفضها بما لا يقل عن ملياري جنيه معقولاً. مع هذا، سيحتاج المشترون إلى بيع الشركة بأكثر مما دفعوا، وسيتطلب ذلك القيام بزيادة أرباح ما قبل احتساب الفوائد والضريبة والإهلاك وإطفاء الدين، إلى جانب البيع بنفس مضاعف الربح مكرراً 8 مرات وفق المقياس الذي قالت شركة "فورتيس" إنها اعتمدته. ثمة حاجة لحظ وافر لتحقيق ذلك.

واقعياً، تعاني تجارة التجزئة البريطانية من ضغوط تضخمية من جهة التكلفة يصعب تمريرها إلى المستهلكين بسبب المنافسة الشديدة على الأسعار. ربما تتمكّن "موريسون" من رفع هوامش الأرباح قبل احتساب الفوائد والضريبة والاستهلاك وإطفاء الدين من نسبة 6% الحالية قليلاً في ظل تركيز دؤوب من مستثمري الملكية الخاصة على الأداء، علماً بأنه من المتوقع أن تكون النسبة الخاصة بشركة "تيسكو" (Tesco) حوالي 7% هذا العام. لكن هذا يدفعنا إلى طرح سؤال؛ هل يستطيع التحالف بيع "موريسون" بنفس مضاعف التقييم لو حدث ذلك؟ تحولات هذا القطاع سريعة، ومن يدري ما هو أثر تسارع عمليات ترحيل المبيعات إلى الإنترنت، إن حدث، على قيّم شركات البقالة في وقت لاحق من عقدنا الراهن.

ذراع عقاري وتوزيعات أقوى

في ظل هذه الخلفية، يُصبح الاستثمار أكثر منطقية إن رأيناه استثماراً طويل الأمد ذا عوائد منخفضة. عندئذ تُركّز الإدارة على الدفاع عن قيم "موريسون" المتعلّقة بتحقيق الأموال بإيقاع حولي، وتحسين الكفاءة في شتى الجوانب. ولكن إن كان الأمر هكذا، أليس من الممكن إقناع مستثمري سوق الأسهم أن ينظروا إلى شركة "موريسون" بنفس الطريقة؟ حيث لا يُمكن لهؤلاء المستحوذين، وهم تبسيطياً عبارة عن شراكة تضم مستثمري ملكية خاصة، ومستثمري آجال طويلة، وخبراء عقارات، أن يقوموا بما لا تستطيع الشركة فعله راهناً.

على سبيل المثال، لا يوجد قانون يمنع شركة "موريسون" كشركة عامة من تقليد بعض طرائق المستحوذين، كأن تمنح الإدارة حافزاً للجرأة وأن تقترض لتمويل توزيعات خاصة كبيرة. كما يُمكنها إنشاء ذراع شراكة تضع بعهدته بعض أصولها العقارية، دونما سعي بالضرورة لبيع وإعادة استئجار متاجر "موريسون"، وهو أمر يقول التحالف إنه غير مطروح لديهم.

ولنفترض أن ديفيد بوتس، الرئيس التنفيذي لـ"موريسون"، اقترح مثل هذه الإستراتيجية، فهل سيرى سوق الأسهم أي قيمة فيها؟ برغم أن الوباء عزّز من نمو قطاع متاجر التجزئة الكبرى، إلا أن سعر سهم شركة "موريسون" لم يستجب إيجابياً. كما لا تملك بريطانيا حتى الآن صناديق معاشات تقاعدية وطنية ذات نظرة بالغة في طول الأمد مثل تلكم الكندية.

بالنظر إلى كل تلك العوامل، يُمكنك أن ترى لم شعر المجلس بأن سعر العرض عند 252 بنساً وبنسين آخرين كتوزيعات، يعتبر جيداً بما يكفي. في حين أن العلاوة على قيمة السهم التي بلغت 42% قبل مضاربات الاستحواذ الأخيرة، لا تعتبر مرتفعة للغاية لتحظى بقبول تلقائي عليها، إلا أن أسهم "موريسون" كانت أعلى من هذا المستوى لمدة بضعة أسابيع إبان الأعوام الخمس الماضية. إلى ذلك، فإن دخول "فورتيس" على الخط من شأنه أن يرسي معياراً معقولاً لعرض منافس محتمل، ومن البدهي أن يأتي من غريمهم، "كلايتون دوبيلييه آند رايس" (Clayton, Dubilier & Rice)، التي أبدت ميلها للاستحواذ.

لكن قد يعلق المساهمون الحاليون في الوحل بسهولة إذا ما رفضوا هذا العرض على أمل أن ترتقي الأسهم ذاتياً إلى ذات المستوى. هكذا تفاضل وتكامل يرجح انطباقه عند عرض استحواذ الملكية الخاصة التالي في بريطانيا.