كيف ترى الإمارات مستقبل "أوبك+"؟

شعار منظمة "أوبك"
شعار منظمة "أوبك" المصدر: بلومبرغ
Liam Denning
Liam Denning

Liam Denning is a Bloomberg Opinion columnist covering energy, mining and commodities. He previously was editor of the Wall Street Journal's Heard on the Street column and wrote for the Financial Times' Lex column. He was also an investment banker.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تكمن عبقرية مسمى "أوبك+" في أنَّها تُظهر السلبي على أنَّه إيجابي، ولم يكن توسُّع "أوبك" في أواخر 2016، حالة من الحالات التي تطالب فيها المجموعات بحماس من أجل دخول النادي، وإنَّما كان نتيجة سعي مؤسسة قديمة تمرُّ بأوقات صعبة إلى كسب مؤيدين جدد.

منذ ذلك الحين، فقد تصرَّفت المجموعة بأفضل طريقة كان من الممكن أن تتصرَّف بها "أوبك" القديمة في أوقات الأزمات وقلة الحلول، فعندما ضرب كوفيد-19 العام الماضي، طالبت "أوبك+" بهدنة في حرب أسعار كانت قد بدأت لتوِّها، وخفَّضت الإنتاج.

اعتراض الإمارات

بعد حوالي عام، عاد سعر النفط إلى حوالي 80 دولاراً للبرميل، لكنَّ التحالف غير سعيد مجدداً وللسبب الأساسي نفسه، ويمكنك أن تطلق على هذا السبب تحوُّل "الطاقة"، ولكنَّه يتعلَّق أكثر بتحوُّل كل شيء.

يتعلَّق الخلاف بين الإمارات والسعودية (وبقية أوبك+، اسمياً) على مستوى من المستويات بالبراميل وخطوط الأساس.

من جهتها، ترى الإمارات أنَّها تستحق هدف إنتاج أعلى، ولا تريد تمديد الاتفاق، أما السعودية، فليست لديها رغبة في مناقشة الحصص، وتريد الاحتفاظ بقبضة قوية على سوق النفط خلال 2022.

أبوظبي تتطلع لزيادة الإنتاج

لكن الانقسام أعمق قليلاً من ذلك؛ فقد بدأت الإمارات التصرف وكأنَّها ترى موعد انهيار "أوبك" سواء مع حلفائها الجدد أو بدونهم، واستثمرت بشدَّة في تعزيز قدرتها الإنتاجية (وهو ما يفسر إصرارها على هدف أعلى).

كما أنَّها قسَّمت أعمال النفط الخاصة بها إلى أجزاء قابلة للبيع، مما يساعدها على الحفاظ على السيطرة، ولكن يجلب لها سيولة نقدية مقدَّماً.

وأطلقت أبوظبي أيضاً خاماً معيارياً جديداً للعقود الآجلة، الذي إذا نجح، سيقضي على فكرة قيود المعروض من أساسها.

باختصار، تستعدُّ الإمارات لعالمٍ قد يصل فيه الطلب على النفط إلى الذروة، ومن الأفضل أن يبيع فيه المنتجون منخفضو التكلفة مثلها كل برميل يستطيعون بيعه.

عالم جديد

مثل هذا العالم سيختلف بطرقٍ أخرى أيضاً، أبرزها ما يتعلَّق بالترتيبات الأمنية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفي ظلِّ ازدياد الغموض الذي يكتنف علاقة واشنطن بالرياض، نأت الإمارات بنفسها، ووقَّعت على الاتفاقية الإبراهيمية مع إسرائيل على سبيل المثال (التي انتقدتها السعودية).

من جانبها، تحرَّكت السعودية غريزياً أيضاً، بناءً على توقُّعات ذروة الطلب، وإن كانت أقل اقتناعاً، واقترحت فكرة الطرح الأولي للجمهور لشركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو"، في الأساس استعداداً لذلك، وكان ذلك قبل أن تبرز حقيقة مقدار النفط الذي يغذّي اقتصاد الدولة ومكانتها الدولية.

وتتعامل الرياض مع تحوُّل كل شيء بطريقتها الخاصة، وتمزج السيطرة القديمة في سوق النفط، مع مجهودات انتزاع أعمال عالم ما بعد النفط من جيرانها وحلفائها، مثل الإمارات.

الإمارات مستفيدة من ارتفاع الأسعار

لا يعني كل هذا أنَّ الإمارات عازمة على نسف تحالف "أوبك+"، وإذا استطاعت المجموعة زيادة أسعار النفط؛ فإنَّ الإمارات تستفيد مثل أي منتج آخر على المدى القصير، وتكون الفترات الانتقالية أفضل عندما تكون تدريجية، وما يزال من المرجَّح التوصُّل لتسوية.

لكن من الواضح أنَّ نهج الدولة انحرف عن جارتها الأكبر، وربما تتصوَّر نفسها أكثر كواحدة من دول "بلس"، وليست عضواً رسمياً في "أوبك".

مخاطر انخفاض الطلب

توحي أفعال الإمارات أنَّها تدرك ضمنياً الخطر الذي تفرضه أسعار النفط الأعلى على الطلب، فهذا ليس عام 2007، عندما جلس رجل النفط في المكتب البيضاوي، وكانت السيارات الكهربائية مجرَّد نماذج أولية.

أيضاً من الواضح أنَّ نقص المعروض في السوق اليوم هو نقص مصطنع في ظلِّ حبس "أوبك+" حوالي 6 ملايين برميل يومياً عن السوق، وفي الوقت نفسه، تطارد منتجي النفط الصخري الأمريكي ردود الفعل العنيفة على طفرة النمو غير المربحة (غير مربحة للمساهمين على أية حال) خلال العقد الماضي.

مع ذلك؛ فإنَّ استمرار تداول النفط عند مستوى 80 دولاراً ببساطة نتيجة خلاف داخل المجموعة سيختبر صبر المستهلكين (والموارد)، وكذلك قدرة منتجي النفط الصخري على الاحتمال.

أسباب ظهور "أوبك" لم تعد موجودة

تبدو موجة الصعود تلك غير مستدامة، وبالنسبة لنادي "أوبك +" نفسه، سنجد أنَّه من بين أعضاء "أوبك" المؤسسين الأصليين الخمسة، لا يمكن اعتبار إلا السعودية والكويت من منتجي النفط المستقرين والموثوقين.

أما الثلاثة الآخرون (إيران، والعراق، وفنزويلا)، فهم يختبرون درجات مختلفة من التدهور الاقتصادي في مراحله المتأخرة، والعديد من أعضاء "أوبك+" يوجدون فقط لملء المقاعد، وإمَّا أنَّهم أصغر من أن يكونوا مهمين، أو أنَّهم يفتقرون للمقوِّمات اللازمة للنمو أو حتى الحفاظ على الإنتاج.

وبالفعل، كان ينظر إلى أحدث الممارسات إلى حدٍّ بعيد على أنَّها احتكار سعودي- روسي، مع خروج العديد من ممثلي الرياض عن طريقتهم لمدح الكرملين علناً، ويوفِّر السخط على ذلك دافعاً إضافياً للإمارات لتتطلَّع إلى المستقبل.

أما السبب الأكبر، فهو أنَّ الأشياء المؤكدة القديمة التي كانت سبباً في وجود "أوبك" - مثل: الارتفاع المستمر في الطلب، ودورات الأسعار الطويلة، والأمن التجاري الأمريكي، وشبه الجزيرة العربية - تتلاشى، وهذا هو سبب تأسيس "أوبك+" في المقام الأول.

ومهما كانت القوة التي تجذب الإمارات تجاه ما هو قادم في المرحلة المقبلة، فإنَّها تصبح أكثر قوة من تلك التي تربطها في مكانها حالياً، وهي ديناميكية لها تداعيات على المجموعة بأكملها.