الصين تخفض معدل الاحتياطي الإلزامي لدى البنوك لإنعاش الإقراض

مبنى بنك الشعب الصيني في بكين أطلق البنك مزيداً من المال للبنوك للإقراض معلناً أنه يحافظ على سياسته النقدية الحذرة
مبنى بنك الشعب الصيني في بكين أطلق البنك مزيداً من المال للبنوك للإقراض معلناً أنه يحافظ على سياسته النقدية الحذرة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

خفّض بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) معدل الاحتياطي النقدي التي يلزم معظم البنوك الاحتفاظ بها، في خطوة لتعزيز الإقراض ودعم الانتعاش الاقتصادي الذي بدأ يضعف.

وبحسب بيان صدر اليوم الجمعة، خفض البنك معدل الاحتياطي الإلزامي 0.5 نقطة مئوية لمعظم البنوك. وقال البنك إن القرار سيسمح بضخ نحو تريليون يوان (154 مليار دولار) من السيولة طويلة الأجل في الاقتصاد ويسري القرار من 15 يوليو.

أشار مجلس الدولة، وهو المكافئ الصيني لمجالس الوزراء، إلى التخفيض في وقت سابق من الأسبوع، حيث ألمح إلى توفير بنك الشعب مزيد من السيولة للبنوك حتى تتمكن من إقراض الشركات الأصغر المتضررة من ارتفاع تكاليف الإنتاج. وقال اقتصاديون، إن توقيت وحجم الخطوة، التي أتت قبل أسبوع من الإفصاح عن بيانات النمو الاقتصادي للربع الثاني، تؤشر الى مخاوف متزايدة حول النظرة المستقبلية للاقتصاد.

متى ستحكم الصين العالم؟ ربما لن يحدث ذلك أبداً

أوسع وأسرع من المتوقع

قال كين تشيونغ، كبير محللي العملات الآسيوية في "ميزوهو فاينانشال" (Mizuho Financial): "قرار بنك الشعب الصيني أوسع وأسرع مما كان متوقعاً، مما يشير إلى سياسة دعم ملحة للاقتصاد الصيني. يمكن أن تؤدي تلك الإجراءات التيسيرية القوية إلى زيادة المخاوف بشأن توقعات نمو الاقتصاد الصيني بالنصف الثاني، وبيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني المتوقع الإعلان عنها الأسبوع المقبل".

كانت آخر مرة خفّض فيها بنك الشعب معدلات رئيسية خلال الموجة الأولى من الوباء في عام 2020، محاولاً بذلك تعزيز الاقتصاد إبان إغلاقات لاحتواء تفشي كوفيد-19.

تقلص عائد السندات الحكومية الصينية لأجل 10 سنوات بما يصل الى أربع نقاط أساس بعد خفض معدل الاحتياطي الإلزامي ليستقر مع تغيير طفيف عند 2.99% حتى وقت متأخر الجمعة. فيما ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر "فوتسي الصين ايه 50" بنسبة 1.1%.

الخفض يمثل تناقضاً صارخاً مع توجه بنك الشعب الصيني شديد الحذر حول ضخ السيولة على مدار النصف الأول

رسمياً لا تغيير

تخشى الصين من المبالغة في تحفيز الاقتصاد، حيث قال بنك الشعب في بيان إن الخفض لا يعني حدوث تغيير في "السياسة النقدية الحذرة" التي يتبعها، وإن البنك سيحافظ على "استقرار وفعالية السياسة النقدية ويحافظ على سياسة نقدية اعتيادية لا تجعل الاقتصاد يفيض بالحوافز".

وقال دينغ شوانغ، كبير الاقتصاديين المتخصصين في الشأن الاقتصادي الصيني وشمال آسيا في "ستاندرد تشارترد" في هونغ كونغ: "حجم خفض معدل الاحتياطي الإلزامي كان أكبر من المتوقع. الخفض يمثل تناقضاً صارخاً مع توجه بنك الشعب الصيني شديد الحذر حول ضخ السيولة على مدار النصف الأول من العام". وأضاف شوانغ: "على الرغم من تصريح بنك الشعب بأن الخفض يجب ألا يُرى على أنه تغيير في توجهات سياسته، إلا أن السوق ستترجم الخطوة على أنها ميل تجاه سياسة نقدية أكثر تراخياً في النصف الثاني".

تحول الى التيسير؟

قال البنك إن حجم السيولة في الاقتصاد ستبقى مستقرة بشكل أساسي، حيث سيتم استخدام الأموال الإضافية لسداد القروض متوسطة الأجل المستحقة، وسد أي فجوات سيولة تسبب بها موسم دفع الضرائب بين منتصف وآخر يوليو، إضافة إلى زيادة رأس المال طويل الأجل.

يأتي خفض معدل الاحتياطي، رغم عدم خفضه تكلفة الاقتراض في الصين فورياً، كوسيلة سريعة لتحرير الأموال الرخيصة للإقراض، وطالما كانت تلكم أحدى أدوات بنك الشعب المفضلة لضبط التباطؤ الاقتصادي في السنوات الأخيرة.

ماذا يقول اقتصاديو "بلومبرغ"؟

لا يخاطر بنك الشعب الصيني في ما يخص التعافي حيث يضخ الخفض المفاجئ بنصف نقطة مئوية لمعدل الاحتياطي الإلزامي تريليون يوان في النظام المصرفي لدعم النمو المتوقع تباطؤه بالنصف الثاني. ويمثل تزامن خفض معدل الاحتياطي الإلزامي مع ارتفاع الإقراض في يونيو الذي فاق التوقعات إشارة على تحول حاسم نحو التيسير، وفقاً لديفيد كو، خبير باقتصاد الصين.

جاء الإعلان عن الخفض بعد صدور بيانات أظهرت أن نمو الائتمان في يونيو كان أقوى بكثير من المتوقع حيث تركزت الزيادة في القروض المصرفية.

يأتي خفض معدل الاحتياطي الإلزامي على خلفية استقرار في أسعار الفائدة. حيث امتنع بنك الشعب الصيني عن تغيير سياسة الفائدة منذ خفضها أوائل العام الماضي خلال ذروة الوباء في الصين. ومع نهاية العام 2020، بدأ البنك في تشديد سياسته النقدية تدريجياً من خلال توجيه نمو الائتمان نزولاً.

كما قدم بنك الشعب الصيني خصومات سنوية على معدلات الاحتياطي الإلزامي لبعض البنوك المؤهلة منذ العام 2017 ضمن برنامج "التمويل الشامل" للمساعدة في توجيه السيولة لزوايا الاقتصاد التي تعاني تقليدياً من شح في الإقراض.