ذروة النمو تضع مكاسب "ستاندرد آند بورز 500" على المحك

لافتة شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك في نيويورك، الولايات المتحدة
لافتة شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك في نيويورك، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

على مدار حقبة الجائحة، كان شراء الأسهم في الوقت الذي تُقدّم فيه الشركات الأمريكية بيانات ربع سنوية متطورة يُعدّ صفقة رابحة يمكن الاعتماد عليها، إلا أن الحكاية ربما شارفت على نهايتها.

وفي حين أن أرباح الربع الثاني قد تبدو قوية عندما تبدأ البنوك في تقديم تقاريرها في 13 يوليو، فإن الزيادة المتوقعة في الأرباح بنسبة 64% لجميع الشركات في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" (S&P 500 Index) ربما تُمثّل ذروة دورة التوسع هذه. يُضاف إلى هذا المخاوف من أن كل العوامل التي عززت هذا السوق الصاعد لمدة 15 شهراً، بدءاً من الازدهار الاقتصادي وصولاً إلى الدعم السياسي الهائل، على وشك أن تفقد زخمها.

إذا كان التاريخ خير دليل، فإن المضاربين على ارتفاع الأسهم لديهم أسباب تدعوهم للقلق؛ حيث تميل ذروة نمو الأرباح إلى التنبؤ بأداء دون المستوى في الأسهم، وذلك وفقاً لما تظهره البيانات "مؤشرات إس آند بي داو جونز" (S&P Dow Jones Indices) و"بلومبرغ" على مدى قرن من الزمن.

تزايد القلق

دفع التباطؤ الاقتصادي المحتمل، وانتشار متحور فيروس كورونا شديد العدوى، وشبح تقليص الاحتياطي الفيدرالي للحوافز النقدية، شركة "كمبرلاند أدفايزرز" (Cumberland Advisors) إلى زيادة حيازاتها النقدية مؤخراً في محافظها.

وفي هذا الصدد، قال ديفيد كوتوك، كبير مسؤولي الاستثمار في "كمبرلاند": "نحن أكثر دفاعية قليلاً؛ ونود أن نرى النتائج المتفائلة، إلا أننا نعتقد أن حجم المخاطر في العالم آخذ في الارتفاع".

في الواقع، هزت علامات ضعف الاقتصاد الأسواق المالية في الأسابيع الأخيرة، مما أسهم في انخفاض عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات. وفي الوقت نفسه، فقدت الأسهم الحساسة اقتصادياً، مثل البنوك، بعضاً من بريقها، في حين عادت القطاعات الثابتة مثل التكنولوجيا إلى واجهة الرواج.

وبعد انتهاء نشر نتائج الربع الثاني، من المتوقع أن يتباطأ نمو دخل الشركات المدرجة بمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في كل من الأرباع الثلاثة القادمة مع انتهاء التعزيز الناجم عن التحفيز الحكومي وتلاشي التأثير الأساسي من الركود المرتبط بالجائحة. وبحلول بداية العام المقبل، ستتضاءل وتيرة نمو الأرباح إلى أقل من 5%، وهو جزء بسيط مما يُتوقع أن يكون أسرع توسع في أكثر من عقد خلال الربع المنتهي للتو، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ إنتليجنس".

لم تكن فترات ما بعد الذروة المماثلة تبشر بالخير للأسهم في الماضي. ومنذ عام 1927، عندما يبدأ زخم الأرباح في التراجع، ينخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في ثلثي الوقت أو كان أداؤه أسوأ من المعتاد في الربع التالي.

تحديات قادمة

وفي الحقيقة، جاء أحدث مثال بعد أن أدت التخفيضات الضريبية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب إلى تعزيز أرباح الشركات في عام 2018؛ حيث بلغ النمو ذروته في الربع الثالث من ذلك العام، قبل انخفاض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 14% خلال الأشهر الثلاثة التالية.

يذكر أنه مع تداول الأسهم الآن بالقرب من أعلى مضاعفات ربحية منذ عصر الدوت كوم، لا يوجد مجال للخطأ. ومع ذلك، بدءاً من الزيادات الضريبية التي اقترحها الرئيس جو بايدن وصولاً إلى ضغوط التسعير من ارتفاع تكاليف العمالة والمواد الخام، فإن التهديد الذي تتعرض له أرباح الشركات ليس ضئيلاً، وذلك وفقاً لتوبياس ليفكوفيتش، كبير محللي الأسهم في شركة "سيتي غروب".

كتب ليفكوفيتش في مذكرة في وقت سابق من هذا الشهر "هناك تفاؤل مفرط في السوق حالياً، حيث يعتقد الكثير من الأشخاص الذين نتحدث معهم أن الانتقال السلس من دعم السياسة النقدية إلى دعم الأرباح سوف يتحقق. إلا أننا أقل يقيناً؛ حيث يمكننا أن نرى أن تقارب ضغوط هامش الربح، ومخاوف التضخم، وتقليص دعم بنك الاحتياطي الفيدرالي، والضرائب هي جميعها عوامل تُسهم في التراجع".

وما من شكٍ في أن الرضا هو أمر مفهوم؛ حيث كان موسم الأرباح نعمة للمضاربين على ارتفاع الأسهم منذ بداية الجائحة، وقد حطمت الشركات التوقعات من خلال استراتيجيات مثل خفض التكاليف. كما تقدم مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في كل فترة تعلن فيها التقارير المالية، مرتفعاً بمتوسط ​​4.6% خلال فترة الستة أسابيع الممتدة لإعلان النتائج.

بالنسبة لنيكولاس كولاس، المؤسس المشارك لشركة "داتا تريك ريسيرتش" (DataTrek Research)، فإن حقيقة أن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" قد ارتفع بشكل أسرع من ترقيات الأرباح هو علامة على أن السوق يتوقع نتائج أفضل. ومنذ بداية العام، ارتفع المؤشر القياسي بنسبة 16%، متقدماً على زيادة متوقعة في الأرباح بنسبة 14% و10% لهذا العام والعام المقبل، على التوالي.

تسأل كولاس، ما مقدار الربح الذي يتم تسعيره في السوق حالياً؟ بافتراض أن نسبة السعر إلى الأرباح لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" تعود إلى متوسط ​​خمس سنوات وهو 18، فإن كولاس يصل إلى رقم متوسط لسعر السهم في المؤشر يصل إلى حوالي 240 دولاراً للسهم. وهذا يزيد بنسبة 14% عن 211 دولاراً التي يقدرها المحللون للعام المقبل.

من جهته قال كولاس: "تحتاج الأسواق إلى رؤية مسار واضح للوصول إلى أرباح "ستاندرد آند بورز 500" لعام 2022 بقيمة 240 دولاراً؛ حيث تتطلب هذه النتيجة نمواً اقتصادياً صحياً طوال العام المقبل. ونعتقد أن هذا أمر محتمل، إلا أنه عادة ما يكون لدى الأسواق ثقة حقيقية فقط على مدى ستة أشهر".