شكَّكوا في السيارات الكهربائية فخسروا مليارات الدولارات

سيارات كهربائية
سيارات كهربائية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا تتعلق الاضطرابات التي تعرَّضت لها الشركات في 2020 بالوباء العالمي فحسب، بل كان العام الجاري هو العام، الذي أعاد فيه المستثمرون تشكيل قطاع السيارات البالغة قيمته 2.7 تريليون دولار.

وأصبحت شركات السيارات الكهربائية فجأة تساوي نصف القيمة السوقية الإجمالية لأكبر 10 شركات سيارات قيمة في العالم، ويعود ذلك إلى استغلال المستثمرين لمزيج السياسات الحكومية الداعمة، وتفضيلات الناس المتعلقة بمكافحة التغيُّر المناخي، وجعلوا الطاقة البديلة رهانهم الأكبر.

عام واحد كان كافياً لصنع الفارق

وحقَّقت شركة تسلا الكثير، إذ تبلغ القيمة السوقية للشركة الواقعة في "بالو ألتو" 539 مليار دولار أو أكثر من قيم "تويوتا موتور كورب" اليابانية، و"فولكس فاجن" الألمانية، و"جنرال موتورز" بمدينة ديترويت الأمريكية مجتمعين.

ولم تكن قيمة تسلا تتجاوز 26% من "تويوتا" قبل عام من الآن، كما لم يكن هناك شركة تصنع سيارات كهربائية فقط في قائمة أكبر 10 شركات في العالم خلال عام 2015، أما العام الجاري فتحتوي القائمة على شركة "نيو إنك Nio Inc" الواقعة في شنغهاي، وكذلك "إكس بينج إنك XPeng Inc" في جوانزو، وهي شركات ناشئة لصناعة السيارات الكهربائية في أكبر سوق بالعالم.

وشكَّلت تسلا ومنافساتها الصينية حوالي 8% من قيمة أكبر 10 شركات بالعالم في 2019، وهي قفزة كبيرة أيضاً من 0% في عام 2016، وسجَّلت الشركات الثلاث التي تصنع السيارات الكهربائية مبيعات سنوية تبلغ 30.5 مليار دولار، أو حوالي 3% من إجمالي مبيعات أكبر 10 شركات وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ .

ويتوقَّع مراقبو السوق والبائعون على المكشوف، الذين يجنون مكاسب من تراجع أسعار الأوراق المالية، أن تهبط أسهم هذه الشركات قريباً، لأنَّ قيمتها أعلى بكثير نسبة أرباحهم وإيراداتهم المتواضعة.

أداء شركات السيارات الكهربائية مخالف للتوقعات

ومنذ طرحها الأولي للجمهور في يونيو 2010، ارتفعت إيرادات تسلا بمقدار 241 مرة، في حين صعدت إيرادات بقية القطاع بنسبة 19%، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ"، كما ازدادت قيمة أسهم تسلا 170 مرة، في حين تضاعفت قيمة نظيراتها العالمية ثلاثة أضعاف، ومع ذلك لا تقنع تلك الأرقام منتقدي تسلا الذين يصرون على أنَّ الشركة سوف تفشل بمجرد أن يقرر صناع السيارات أنَّ السيارات الكهربائية مربحة، وهو أمرٌ تحقق الشهر الجاري عندما انضمت تسلا لمؤشر "ستاندرد آند بورز S&P 500" كأكبر عضو جديد محطِّم للأرقام القياسية.

وإصرار المشككين على عدم تقبلها كلَّفهم مليارات الدولارات، وقال جايمس تشانوي، البائع على المكشوف، في أبريل، إنَّه كان متشائماً أكثر من أي وقت على الإطلاق بشأن "تسلا"، ثم ارتفعت أسهمها بنسبة 523%، وقال في موقع "ياهو فاينانس" في 28 مايو 2019: "تسلا الآن محكوم عليها بالفشل، وفيما يلي نستعرض كيف سينهار قريباً حلمها للسيارات الكهربائية".

ولكن منذ ذلك الحين ارتفعت قيمة تسلا 13 ضعفاً، وحتى وقت قريب في 17 سبتمبر، استشهدت الشبكة الإعلامية "يو إس نيوز آند" و"ورلد ريبورت"، بـ 3 أسباب لبيع أسهم تسلا على المكشوف، قبل أن ترتفع أسهم الشركة بنسبة 34%.

في حين كان مستثمرون آخرون أكثر ذكاءً، ويناصر صندوق المؤشرات آرك إنوفيشن Ark Innovation الذي تديره كاثي وود، شركة "تسلا" منذ إطلاقه في 2014، وهو عادة رقم 1 من بين 960 صندوقاً يستثمرون في الشركة بأصول لا تقل عن مليار دولار، وتشبه "كاثي" "تسلا"، التي تجاوزت شركة "تويوتا" كأكبر شركة سيارات من جهة القيمة في يوليو، بشركة أخرى غيَّرت نماذج الأعمال التقليدية؛ وهي "أمازون دوت كوم".

في عام 2006، بعد تسع سنوات من طرحها، وقبل سنوات قليلة من تحولها للربحية، ازدرى 85% من المحللين "أمازون"، وأوصوا بعدم شراء الأسهم التي كانت تتداول حينها بـ32 دولاراً للسهم، والآن تتداول أمازون فوق 3200 دولار، أي 100 ضعف مستواها في 2006.

الحوافز الصينية تدفع شركاتها للأمام

وفي الصين تعد حوافز السيارات الكهربائية جزءاً من هدف الحكومة لتصبح محايدة الكربون مع حلول 2060، كما تضاعفت الإيرادات السنوية لشركة "نيو Nio" ثلاثة أضعاف منذ طرحها في سبتمبر 2018، وصعدت أسهمها بنسبة 665% خلال الفترة نفسها، في حين اكتسب نظيراتها العالمية 47% وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ.

وبلغت إيرادات "إكس بينج XPeng" في الربع الثالث من 2020 نحو 4.4 ضعف الربع نفسه العام الماضي، وبعد طرح الشركة في أغسطس الماضي، صعدت أسهمها بنسبة 269% في حين ارتفعت أسهم نظيراتها حول العالم بنسبة 29%.

وتأتي هذه التقييمات غير المسبوقة في مرحلة يعلن فيها قطاع الوقود الأحفوري عن خسائر قياسية، بما في ذلك شطب "إكسون موبيل كورب لأصول بقيمة 20 مليار دولار الشهر الجاري.

وتشير بيانات جمعتها بلومبرغ إلى أنَّ سوق السيارات الكهربائية صفرية الانبعاثات على وشك أن تشهد تطوراً هائلاً، وفي عام 2019، تمَّ بيع 2.1 مليون سيارة كهربائية، أو 2.5% من إجمالي السيارات المباعة عالمياً، ومع حلول 2030، سوف يتم بيع 26 مليون سيارة أو 28% من إجمالي المبيعات عالمياً، ويتوقَّع المحللون أنه مع حلول 2040، سيتم بيع 54 مليون سيارة كهربائية، أي 58% من السوق العالمي.

وقالت بلومبرغ في تقرير في 19 مايو: "سوف تواصل الصين قيادة سوق السيارات الكهربائية العالمي بالرغم من التباطؤ قصير الأجل بسبب كوفيد 19 .. وسوف يأتي أغلب النمو من السياسات المركزية والبلدية الداعمة على المدى القريب، مثل تمديد حوافز الشراء، وقواعد كفاءة استهلاك الوقود، والأوامر التوجيهية الملزمة بشأن المركبات التي تعمل بالطاقة الجديدة، والقيود على السيارات ذات محركات الحرق الداخلي".

السيارات الكهربائية 71% من المبيعات في 2041

وسوف يُسرِّع الالتزام المتزايد من قبل شركات صناعة السيارات، والاستثمارات الهائلة في البنية التحتية للشحن على تبني السيارات الكهربائية على نطاق واسع خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما سوف يرسخ مكانة الصين الرائدة، ويتوقَّع كولين ماكيراتشر، مدير تحليلات النقل في بلومبرغ NEF أن يصل تبني سيارات الركاب الكهربائية (سواء التي تعمل بالبطارية أو الهجينة) إلى 20% من المبيعات في 2025، و47% في 2030، و71% في 2040.

ووفقاً لتقديرات المحللين، سوف تنمو إيرادات "إكس بينج" بنسبة 160% في 2021، تليها "نيو" بنسبة 87% ، ثم "تسلا" بنسبة 47%، في حين سيكون متوسط أكبر 10 شركات سيارات 36%، كما يتوقعون أن ترتفع أسهم "إكس بينج، ونيو، وتسلا، بنسب 94% و68% و28% على التوالي في 2022، في حين سيبلغ المتوسط لأكبر 10 شركات 22%.

ويعدُّ الانضمام لمؤشر "ستاندرد أند بورز 500" مواتياً بشكل خاص لتسلا، فمن بين أكثر من 1200 صندوق استثمار عالمياً يتتبعون المؤشر، لم يفصح 93% منهم؛ أي بأصول تبلغ 4.7 تريليون دولار، عن أيَّة ملكية لأسهم في تسلا في أحدث بياناتهم التنظيمية، وإذا شكلت 1% من المؤشر، فسوف تتلقى بسهولة 47 مليار دولار من الأصول المدارة باستراتيجيات استثمار سلبية، وهذا سبب آخر يثبت أنَّ تسلا لا تُبدي أيَّة علامات على التراجع.