لماذا علينا ألا نقلق بشأن ضريبة الكربون؟

محطة طاقة عاملة بالفحم في بولندا.. يعد التحوّل نحو مصادر الطاقة  النظيفة عاملاً أساسياً لنجاح العالم في الوصول إلى أهدافه المناخية ووقف التغيّر المناخي
محطة طاقة عاملة بالفحم في بولندا.. يعد التحوّل نحو مصادر الطاقة النظيفة عاملاً أساسياً لنجاح العالم في الوصول إلى أهدافه المناخية ووقف التغيّر المناخي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تقترح إندونيسيا فرض ضريبة كربون تبلغ نحو 5 دولارات على كل طن من الانبعاثات، وذلك في محاولة البلاد لزيادة إيراداتها، وتحقيق أهدافها المناخية في الوقت نفسه. ورغم كون هذه الضريبة تعادل أقل من عُشر السعر الحالي لتراخيص الكربون في نظام تداول الانبعاثات الذي يتبناه الاتحاد الأوروبي، فإنها تعرضت لانتقادات من جانب قطاع الصناعة، الذي يقول إن الضريبة ستبطئ النمو الاقتصادي في البلاد.

من جهتها، تقدّر وكالة الطاقة الدولية أنه للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، سيتعين على الاقتصادات المتقدمة أن تدفع سعراً فعالاً للكربون يبلغ نحو 75 دولاراً لكل طن من الانبعاثات بحلول عام 2025، وما يصل إلى 250 دولاراً للطن بحلول منتصف القرن. أما بالنسبة إلى بعض الأسواق الناشئة، فترجح الوكالة أن تبدأ الأسعار من 3 دولارات للطن، وترتفع إلى 55 دولاراً بحلول عام 2050.

ومع أن تلك الأرقام قد تبدو كبيرة، فإن ارتفاع سعر الكربون لا يعني بالضرورة زيادة كبيرة في النفقات اليومية. ووفقاً لـ"لجنة تحوّل الطاقة" فإنه بعد احتساب جميع تكاليف تصنيع منتجات الأسمنت والصلب والبلاستيك الخالية من الكربون فإن ذلك سيقود إلى ارتفاع أسعار المنازل بنسبة 3%، والسيارات بنسبة 1%، وزجاجات الصودا بنسبة 1% فقط.

وفي الوقت الذي يأخذ العالم خفض الانبعاثات بجدية أكبر، سيلجأ عديد من الدول إلى تسعير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كأداة سياسية. ورغم دعم سنوات من البحث لفوائد ذلك، فإن رد الفعل السياسي والصناعي العنيف سيحصل بالتأكيد عند إثارة أي نقاش بشأن إقرار ضريبة كربون جديدة.

ومن هذا المنطلق تحدثت إلى سام فانكهاوزر، وهو أستاذ اقتصاد وسياسة تغيّر المناخ في جامعة أكسفورد، للبحث وتوضيح حقيقة الاعتراضات حيال موضوع ضريبة الكربون. وقد اختُصرت المقابلة وحُرِّرت للتوضيح.

هل نحتاج إلى ضرائب الكربون حقاً؟

لا يهم الغلاف الجوي من أي الدوي يكون مصدر الكربون، الأمر المهم أنه إذا أردنا الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية على مستوى العالم فسيتعين على كل من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء خفض انبعاثاتها. قد يكون الاختلاف هو سرعة القيام بذلك، بحيث سيتعين على الدول المتقدمة القيام بذلك في وقت أقرب.

يُفترض أن تشكل ضريبة الكربون أداة جيدة في كل مكان حول العالم، لكن الدول النامية تواجه تحدياً إضافياً يتمثل في احتمالية كون قطاعات كبيرة من الاقتصاد غير منظمة، مما يجعل فرض الضريبة عليها أمراً صعباً.

وبالنسبة إلى إندونيسيا، فقد تكون كمية كبيرة من انبعاثات البلاد مرتبطة بقطاع استخدام الأراضي (مثل عملية إنتاج زيت النخيل)، إذ يصعب رصد التلويث وقياسه، الأمر الذي قد يعني خضوع قاعدة ضئيلة فقط من الاقتصاد للضريبة، لذا من المهم محاولة فرض ضريبة الكربون التي تغطي جميع الانبعاثات والقطاعات بوجه عام.

الضرائب لا تحظى بشعبية، كيف يمكن التغلب على هذا المنظور لها؟

يجب أن تكون الحجة الأساسية هي أن ضريبة الكربون تتعلق بتغريم المُلوثين، وليست مجرد وسيلة أخرى تستغلها الدول لانتزاع مزيد من الأموال من الأفراد والشركات. على سبيل المثال، في ولاية بريتش كولومبيا الكندية، وجدوا بعض الطرق الذكية لمعالجة تلك المشكلة عن طريق استخدام عائدات الكربون التي تحصلت لخفض ضرائب الدخل. لذا فإن الشفافية مهمة في هذا الموضوع، لتوضيح معنى الضريبة التي تجني الدولة عائداتها، وكيف تستغل تلك العائدات.

ماذا عن الحجة القائلة إن فرض ضرائب على الكربون قد يؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي؟

هنا علينا أن نسأل: انخفاض نمو بالقياس إلى ماذا؟ إذا كانت ضريبة الكربون مرتبطة باللوائح الأخرى التي تقلل الانبعاثات، فمن المحتمل أن تكون ضريبة الكربون أرخص من سواها، لأنها يمكن أن تقلل الانبعاثات بشكل أكثر كفاءة عبر الاقتصاد، ما يعد عامل جذب لضريبة الكربون.

ولكن إذا كنا نقيس مقارنة بعالم لا توجد فيه لوائح لخفض انبعاثات الكربون، فعندئذ يتعين على دول مثل إندونيسيا أن تسأل: لماذا يريدون خفض الانبعاثات؟ وهل ستكون تكلفة تغير المناخ على المدى الطويل في متناول الجميع؟ إنه احتمال ضئيل.

بعض الضربات التي قد يلحق بالاقتصاد بسبب ضريبة الكربون. ستكون تكاليف قصيرة الأجل، تنتج عن التعديل الهيكلي لتحويل الاقتصاد، من اقتصاد مرتفع الانبعاثات الكربونية إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات. إن ذلك ليس بالأمر الهين، لكن بمجرد التحول ستختفي تلك التكاليف.

هل سيكون لخطوة الاتحاد الأوروبي بفرض تعريفات الكربون الحدودية آثار كبيرة؟

يوجد دافعان لفرض تعريفات الكربون الحدودية. أولاً، حماية الصناعة المحلية. وثانياً، تحفيز الدول الأخرى لفرض ضريبة الكربون الخاصة بها. من منظور دولة نامية، فقد تفكر: لماذا يجب أن أترك الأوروبيين يفرضون ضرائب على صناعتي، ويجنون الإيرادات جراء ذلك، فيما يمكنني أن أقوم بذلك بنفسي؟