فيتش تعدِّل نظرتها لاقتصاد السعودية من سلبية إلى مستقرة

العاصمة السعودية الرياض
العاصمة السعودية الرياض المصدر: رويترز
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عدَّلت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية للسعودية من "سلبية" إلى "مستقرة"، وأكدت في تقرير أصدرته اليوم الخميس، التصنيف الائتماني للمملكة عند "A".

قالت فيتش إنها لا تزال تتوقع ارتفاع نسبة الدين الحكومي السعودي إلى الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض صافي الأصول الأجنبية السيادية على المدى المتوسط.

يعكس التعديل النظرة المستقبلية للاقتصاد السعودي "الارتفاع الكبير في أسعار النفط واستمرار التزام الحكومة بضبط أوضاع المالية العامة". كما قالت الوكالة إن حكومة المملكة ستحتفظ بهوامش أمان مالية كبيرة، منها على سبيل المثال الودائع في البنك المركزي التي تتجاوز 10% من الناتج المحلي الإجمالي.

في الوقت نفسه، رأت فيتش أن الاعتماد على النفط، وضعف مؤشرات الحوكمة، والتعرض للصدمات الجيوسياسية يقيد التصنيف الائتماني للسعودية.

اتسع عجز الميزانية السعودية العام الماضي إلى 11.2% من الناتج المحلي الإجمالي. وترى الوكالة أن ذلك أقل حدة مما كان عليه خلال تراجع أسعار النفط 2015-2016 بسبب الإصلاحات المالية اللاحقة، واستجابة السياسات في عام 2020، والتحويلات الاستثنائية للميزانية من البنك المركزي السعودي، وكذلك تحويلات صندوق الاستثمارات العامة. وأشارت إلى أبرز الإصلاحات التي تم إقرارها مثل زيادة معدل ضريبة القيمة المضافة إلى 15% في يوليو 2020، ورفع الرسوم الجمركية، وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق، فيما لم يزد الإنفاق عن المقدر بالموازنة عن 5% فقط بسبب التخفيضات الرأسمالية وتعليق بدل غلاء المعيشة للمواطنين.

من جهته، قال وزير المالية السعودي، على حسابه على موقع تويتر، إن تعديل وكالة فيتش النظرة المستقبلية لتصنيف المملكة الائتماني إلى مستقرة، يؤكد إيجابية الإجراءات والإصلاحات الهيكلية التي اتخذتها المملكة خلال الخمس سنوات الماضية وفق مستهدفات #رؤية_2030، التي انعكست بشكل إيجابي على فعالية السياسة المالية ورفع كفاءة العمل الحكومي.

اقرأ: كل ما تريد معرفته عن اقتصاد السعودية ميزانية وديونها

اختبار لزخم الإصلاح

خلال العام الماضي، ارتفعت الإيرادات غير النفطية لتشكل 18.5% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، مقارنةً بأقل من 10% في عام 2015.

توقعت وكالة فيتش أن يتقلص عجز الميزانية السعودية إلى 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، وهو أفضل من هدف الميزانية البالغ 4.9%، وافترضت بلوغ متوسط ​​سعر خام برنت 63 دولاراً للبرميل، بزيادة 46% عن عام 2020.

ترى فيتش أن السياسة المالية تميل إلى أن تكون مسايرة للدورات الاقتصادية مع أسعار النفط، لكنها تتوقع أن يظل الإنفاق في الميزانية مرتكزاً بشكل أفضل على خطط الميزانية في عام 2021 نظراً للتوقعات غير المؤكدة لأسعار النفط على المدى المتوسط​​، وهدف الحكومة لتحسين الهيكل المالي للمملكة وزيادة إنفاق القطاع العام.

ومع ذلك، قالت فيتش إن: "ارتفاع أسعار النفط في عام 2021 يمثل اختباراً لزخم الإصلاح الاقتصادي في السعودية، بما في ذلك فاتورة الأجور والإعانات، وقد تتباطأ الإصلاحات المخطط لها في هذه المجالات".

في العامين 2022 و2023، تتوقع الحكومة السعودية عجزاً في الميزانية يبلغ 3% و0.4% من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي. لكن فيتش وضعت توقعات أكثر تحفظاً، بحيث يتسع عجز الميزانية إلى متوسط ​​3.6% من الناتج المحلي الإجمالي، مع انخفاض أسعار النفط وافتراض زيادات إسمية هامشية في الإنفاق.

توقعات وكالة فيتش لمؤشرات الاقتصاد السعودي مقارنة بتوقعات الحكومة

عجز الموزانة/ الناتج المحلي الإجمالي 2021 2022
الحكومة السعودية%4.9%3.3
فيتش %3.3 %3.6

تتوقع وكالة "فيتش" تحسن العجز الأولي غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي بالسعودية، وهو مقياس للموقف المالي الأساسي، إلى -24%، بدلاً من -34% في عام 2020.

حددت فيتش سعر التعادل المالي للنفط في المملكة عند 64 دولاراً للبرميل، بافتراض أن ضريبة القيمة المضافة ستظل عند 15%، وأن أرامكو السعودية ستواصل دفع أرباح سنوية بقيمة 75 مليار دولار لمساهميها، ومعظمهم من الحكومة.

نتوقع أن يصل الدين الحكومي إلى 35% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2023، وأن تنخفض ودائع الحكومة المركزية لدى البنك المركزي السعودي إلى 11.4% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2023 مقابل 16.6% في عام 2020، إذ يتم استخدام الودائع في تمويل بعض أوجه العجز المالي.

ولاحظت فيتش زيادة حيازات مؤسسات القطاع العام الأوسع، بما في ذلك صناديق التقاعد، من الدين المحلي الحكومي إلى 7.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، ورأت أن بإمكانها أن تقدم المزيد من التمويل للحكومة.

موارد السعودية المالية الخارجية "هائلة"

ورغم انخفاضها في الأعوام الماضية، لا تزال الموارد المالية الخارجية للمملكة العربية السعودية هائلة بحسب فيتش، التي توقعت أن تزيد الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي السعودي إلى 470 مليار دولار في 2022-2023، ليعود الحساب الجاري إلى تسجيل فائض، كما تقوم المؤسسات والشركات العامة، ولا سيما صندوق الاستثمارات العامة بالاستثمار بشكل أقل في الخارج، وزيادة استثماراتها محليا.

تمتلك المملكة العربية السعودية واحدة من أعلى نسب تغطية الاحتياطي بين الحكومات الحاصلة على تصنيف وكالة فيتش في أكثر من 20 شهراً للمدفوعات الخارجية الحالية.

رجحت الوكالة انخفاض صافي الأصول الأجنبية السيادية إلى 63% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2023 مقارنة بـ 75% في عام 2020، مع زيادة الديون الخارجية السيادية، لكنه سيظل الرقم الأقوى في فئة الدول الحاصلة على تصنيف "A".

في الوقت ذاته، حذرت فيتش من التحول في تركيز إنفاق القطاع العام خارج الميزانية واحتمال زيادة ديون الكيانات المملوكة للدولة والمتعلقة بالحكومة، ورأته يمثل خطراً مهماً على نقاط القوة في الميزانية العمومية للدولة.

الاحتياطيات السعودية تهبط لأدنى مستوى منذ نوفمبر 2010

خطط صندوق الاستثمارات العامة وأرامكو تتطلب وضوحاً أكثر

ووصفت الخطط المعلنة للاستثمار المحلي من قبل صندوق الاستثمارات العامة وأرامكو وكيانات أخرى، بأنها "كبيرة وتفتقر إلى الوضوح من حيث النفقات الفعلية المحتملة والتمويل وإطار الاستثمار".

اقراً: أرامكو تخطط لبيع المزيد من الأصول لحصد مليارات الدولارات

تتضمن استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة 2021-2025، إنفاق 150 مليار ريال سنويا، تعادل 5% من الناتج المحلي)، في حين أشار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤخراً إلى ضعف هذه المبالغ، وأن أرامكو ستنفق أيضاً مستويات مماثلة، أي ضعف خططها الرأسمالية الحالية.

وقدَّرت الوكالة مستوى الدين لدى الكيانات المملوكة للدولة والمتعلقة بالحكومة بحوالي 23% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، باستثناء البنوك، وقالت إنه "لا يزال مستوى معتدلا في ضوء الدور الكبير للقطاع العام في الاقتصاد، كما لا يزال العديد من الكيانات المملوكة للدولة والمتعلقة بالحكومة غير مستغلة مقارنة بنظرائها دولياً".

مع ذلك، فإن الزيادة الكبيرة في ديون الكيانات المملوكة للدولة والمتعلقة بالحكومة يمكن أن تقوض تقييم قوة المالية العامة في المملكة، اعتماداً أيضا على إنتاجية تلك الاستثمارات، وتفاقم وضع صافي الديون الخارجية للبلاد.

تعمل المملكة على تعزيز النشاط الاقتصادي غير النفطي وخلق فرص العمل، وتتوقع فيتش أن يبلغ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي 3% في الفترة 2021-2023.

فيما تراجع معدل البطالة بين السعوديين منذ الربع الثاني من عام 2020، إلا أنه ما يزال مرتفعاً عند 11.7% في الربع الأول من عام 2021، في حين تتوسع القوى العاملة، وقد يؤدي عدم تدبير الوظائف إلى زيادة الضغط من أجل زيادة الإنفاق الحكومي لدعم مستويات المعيشة، وبالتالي يمكن أن يقوّض ضبط أوضاع المالية العامة.