متاحف إيطاليا تفتح أبوابها مجدداً للسياح لجمع بيانات عمّا يعجبهم

متحف إيطالي يفتح بابه لتقنية تدرس جاذبية معروضاته بعد انقضاء الإغلاق بسبب الوباء
متحف إيطالي يفتح بابه لتقنية تدرس جاذبية معروضاته بعد انقضاء الإغلاق بسبب الوباء المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعيد المتاحف والمعارض الفنية في إيطاليا فتح أبوابها، لترحب بالسياح، وتسعى لتعويض بعضاً من 190 مليون يورو (225 مليون دولار) خسرتها العام الماضي، فيما برز مشروع بيانات جديد قد يساعد مقيّميها في تبيان أي لوحات أو منحوتات أشد جذباً للمتذوقين.

فقد طوّر فريق بحثي لدى الوكالة الوطنية للتقنية الجديدة والطاقة والتنمية الاقتصادية المستدامة "إينيا"، حديثة النشأة، نظاماً يقوم على أجهزة لقياس أمد ومدى تمعن زوار المتاحف والمعارض لعملٍ فنيٍ.

يعتمد نظام "شير آرت" (ShareArt) على وضع كاميرات قرب تحفة، فيجمع البيانات عن أعداد المشاهدين وسلوكياتهم، فيما هم ينظرون إلى اللوحة أو المنحوتة أو ما سواها، بما يشمل الوقت الذي قضوه في مشاهدتها ومدى اقترابهم منها.

من شأن ذلك أن يسهم في تقدير "قيمة الجاذبية" التي تتمتع بها أعمال فنية معينة، بما قد يؤدي إلى تغيير التصميم الداخلي لمتاحف أو معارض وكذلك جداولها، وفقاً لباحثي "إينيا" ستيفانو فيرياني، وغيسيبي مارغيلا، وسيمونيتا باغنوتي، وريكاردو سيبينوتي.

رغم أن سيبينوتي ابتكر هذا النظام في 2016، إلا أن تجريبه على أرض الواقع لم يبدأ إلا في الأسابيع القليلة الماضية، إثر قرار الحكومة الإيطالية إعادة فتح المتاحف والمعارض الفنية بشكل كامل، بعد الإغلاق واسع النطاق في فترة الوباء.

يُوضع حالياً 14 جهاز "شير آرت" في إطار مشروع مشترك مع "مؤسسة متحف بولونيا" (Istituzione Bologna Musei) في موقع يتيح للباحثين تجربة هذه التقنية على معارض تضم تنوعاً في الأعمال الفنية من أشكل وأحجام وفترات زمنية متباينة، دونما تعدٍ على خصوصية المشاهد.

وقال فيرياني، في مقابلة "بفضل التفسير البسيط للبيانات، يمكن تحويل نظرة المشاهد إلى رسم بياني... بالتالي، يصبح بإمكاننا أن نستنتج أين يتركز انتباه معظم الزوار".

فإذا أخذنا لوحة "سان سيباستيان تسعفه سانت إيرين" لـ"تروفيم بيغو" على سبيل المثال "نرى أن المشاهدين لا يركزون على وسط اللوحة ولكن إلى يمين وجه القديس قليلاً، بفضل تداخل الضوء بالظلّ الذي رسمته فرشاة الفنان".

التسمّر في المكان

يرصد نظام "شير آرت" أيضاً عدد الزوار الذين يقفون لمشاهدة عمل فني، والمدة التي يشاهدونه فيها. وبحسب الباحثين، قلة نادرة من الأعمال الفنية تبقي زوار المتاحف والمعارض "متسمرين" في مكانهم لأكثر من 15 ثانية، حيث إن معدل وقت المشاهدة يتراوح بين 4 و 5 ثوان فقط.

حتى أن بعض النتائج التي توصّل إليها الباحثون كانت غير متوقعة. فحين تحققوا من بيانات مشاهدي عمل فني ذي لوحين، بريشة فيتالي ديغلي إكوي، يعود إلى القرن الرابع عشر، كان من اللافت أن انتباه المشاهد "يذهب فوراً إلى الرسم الأكثر تفاصيلاً لمباركة القديس بطرس الى جهة اليمين،" كما قال روبيرتو غراندي، رئيس متحف بولونيا. وقال أنه تفاجأ بتخطي عدد الزوار اللوح الأيسر.

وسأل غراندي: "هل السبب في ذلك أنه حين يشاهد شخص ما عملاً فنياً، فإنه يملح في الوقت عينه عملاً آخر في زاوية نظره؟" وأضاف متسائلاً: " هل يعود ذلك إلى مسائل لوجستية تتعلق بالتصميم الداخلي؟ ليس لدينا صيغة سحرية، ولكن كلما جمعنا معلومات موضوعية أكثر، نستطيع أن نحسن عرضنا".

وقال غراندي، يمكن لهذه البيانات أن تساعد على إحداث تغييرات على صعيد الإضاءة والعرض ومواضع الأعمال الفنية بالنسبة لبعضها بعضاً، إذ قد تدفع هذه الاستنتاجات المتاحف والمعارض إلى إعادة التفكير في طرق لإبراز بعض اللوحات والمنحوتات.

يطرح "تمثال أبولو ڤيي" بالحجم الحقيقي الذي يعود إلى ما بين عاميّ 510 و500 قبل الميلاد حالة أخرى من الواقع. فرغم أن التمثال يعدّ واحداً من كنوز متحف الأتروسكان الوطني في روما، إلا أن تقنية "شير آرت" أظهرت في تجربة أخرى منفصلة أن عدداً قليلاً نسبياً من الزوار يمنحونه الانتباه الذي يعتقد الخبراء أنه يستحقه. وقال مارغيلا، الباحث لدى "إينيا" إن وضع التمثال قرب نهاية مجموعة، ما قد يكون لصالح ترك الأفضل للختام، ربما جعل الزوار يتخطون التمثال كليةً.

إلى جانب فتح أبواب المتاحف والمعارض أمام عشاق الفنان، فإن تخفيف القيود المرتبطة بجائحة كورونا في إيطاليا يفتح أيضاً أبواباً جديدة أمام الباحثين في مجال البيانات. مع طرح الكمامات، قد يتمكن "شير آرت" بفضل تقنياته المتطورة من تقييم تعابير وجوه المشاهدين، ما يتيح مطابقة البيانات الكمية مع التحليل النفسي الإدراكي، حسب غراندي.

إلا أن الفريق حذر في الوقت نفسه من تبني فرضيات تستند إلى استجابة الناس. وقال غراندي "سيكون من المضلل استخلاص العديد من الاستنتاجات حول سلوك المشاهدين استناداً إلى ردة فعلهم الجسدية تجاه عمل فني". وأضاف "يمكن لابتسامة أن تعني أموراً مختلفة حسب اختلاف الثقافات".