شركة "TSMC" تدفع من أرباحها ثمن "دراما" الرقائق العالمية

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لدى شركة "تايوان لصناعة أشباه الموصلات" (TSMC) سبب وجيه للتفاؤل، إذ تتوقع شركة تصنيع الرقائق الأكثر أهمية في العالم ارتفاع إيراداتها بنسبة 20% خلال العام الجاري، في ظل معاناة القطاع الصناعي من نقص في المكونات المستخدمة في كل شيء، بدءاً من السيارات، ووصولاً إلى الخوادم. لكن التكلفة الهائلة لتلبية هذا الطلب الضخم بدأت تأكل صافي الأرباح.

لقد تراجعت الأرباح التشغيلية في الربع الثاني عن التقديرات للمرة الأولى منذ عامين، كما أن التوقعات لهذه الفترة أقل مما يتنبأ به كثيرون. ويقع بعض اللوم على قوة العملة التايوانية، وهي قوة نتجت جزئياً عن زيادة صادرات شركات من أمثال "TSMC". وقال المدير المالي للشركة، ويندل هوانغ، إن سعر الصرف غير المواتي شطب 0.5% من إجمالي الهامش خلال الربع الماضي.

مع ذلك، عند إضافة هذا العجز إلى بيان الدخل الخاص بالشركة، يمكن أن نرى أنه على الرغم من أن الأرقام كانت ستكون أفضل، فعلى الأرجح كانت "TSMC" ستسجل أيضاً دخلاً تشغيلياً أقل من التقديرات.

نقص الإمدادات وبناء المخزونات

من المتوقع أن يظل الطلب قوياً، وترى "TSMC" استمرار النقص في الرقائق حتى العام المقبل، فيما يبني العملاء أيضاً مخزونات أكبر مما كانت عليه في الماضي، من أجل تقليص مخاطر قيود المعروض والتوترات السياسية العالمية.

وسيستمر التباين بين انتعاش الإيرادات وتراجع الربحية في فصل الذروة الذي تبدأ فيه الشركة تصنيع رقائق للإصدار السنوي لهواتف "آيفون" التي تصنعها "أبل"، وكذلك مكونات الخوادم المستخدمة في خدمات البث، وفي دعم الطلب المستمر على العمل من المنزل. وقالت الشركة إن الإيرادات سترتفع بنسبة 20% على الأقل في الربع الذي ينتهي في سبتمبر على أساس سنوي، لكنها تتوقع هامش تشغيل يتراوح ما بين 38.5% و40.5%، أي أقل من التقديرات البالغة 40.8%. بمعنى آخر، ستظل المبيعات قوية، أما الهوامش فلن تكون كذلك.

وهذا شيء يتعين على المساهمين أن يعتادوه. ورغم المساهمة البسيطة لرقائق السيارات في المبيعات الإجمالية، فإن الشركة تعمل على تعزيز القدرة التصنيعية لها، وسيرتفع إنتاج الشركة من وحدات التحكم الدقيقة، وهي المكونات التي يشكو صنّاع السيارات من نقصها، بنسبة 60% في عام 2021 مقارنة بالعام الماضي. ولتلبية الطلب الأكبر على المنتجات الناضجة، تعمل الشركة على توسيع القدرة الإنتاجية في مصنعها في نانجينغ في الصين.

لا تعتبر رقائق السيارات والتقنيات التي يبلغ عمرها 10 سنوات من ضمن الميزة التنافسية التي تتمتع بها شركة "TSMC"، بل هي تركت هذا القطاع إلى حد كبير للمنافسين البعيدين مثل "يونايتد مايكروإلكترونيكس" (United Microelectronics)، و"غلوبال فاوندريز" (GlobalFoundries)، اللتين أعلنتا عن خطط توسع لتعزيز إنتاج هذه الفئات القديمة. لكن نظراً إلى وجود طلب زائد، ترى "TSMC" حاجة واضحة إلى اغتنام الفرصة، ولأنها تكنولوجيا قديمة فإن تكاليف زيادة إنتاجها لن تكون باهظة.

منتجات أكثر قوة

تكمن الأشياء المهمة حقاً في الفئات الأكثر تقدماً. وتعتمد شركة "أبل"، ومصممة رقائق الغرافيكس "إنفيديا" (Nvidia)، وشركة "كوالكوم" (Qualcomm) لتصنيع رقائق الهواتف الذكية، وصانعة المعالجات "أدفانسد مايكرو ديفايسز" (Advanced Micro Devices)، على شركة "TSMC" لزيادة عدد الترانزستورات في طبقات السيليكون، حتى تتمكن من تقديم منتجات أكثر قوة. وهذا التقدم المستمر صعب للغاية، لدرجة أن أقرب منافسي الشركة، وهما "سامسونغ إليكترونيكس" و"إنتل"، قد تخلفتا عن الركب.

بالتالي، إذا كنت تريد أفضل صانعة لأشباه الموصلات، فإن "TSMC" هي خيارك الوحيد، وهو أمر عظيم بالنسبة إلى الشركة التايوانية، لكنه عبء أيضاً. وتُعَدّ عملية تطوير الإنتاج وزيادته في الواقع عبئاً على الأرباح، لأن التكاليف الأولية تفوق زيادة الإيرادات الأولية، ولا تتمتع الشركة بهوامش أكبر قبل أن يصل الإنتاج إلى النطاق التجاري الكبير.

وتثق "TSMC" بأنها ستتمكن من الاستفادة من هذا الاستثمار الضخم، الذي تجاوز 100 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، ويساعدها على ذلك تاريخ من الإصرار القوي، لكنّ المستثمرين قد يحتاجون إلى القليل من الصبر، قبل جني الثمار.