عقار آخر مشكوك في فعاليته ضد "كوفيد"

سيكون الدواء المعجزة رائعاً بالتأكيد
سيكون الدواء المعجزة رائعاً بالتأكيد المصدر: بلومبرغ
Faye Flam
Faye Flam

Faye Flam is a Bloomberg Opinion columnist. She has written for the Economist, the New York Times, the Washington Post, Psychology Today, Science and other publications. She has a degree in geophysics from the California Institute of Technology.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تبدو صناعة أدوية أفضل لعلاج "كوفيد-19" أكثر جاذبية الآن من أي وقت مضى. خاصة بعد تلاشي آمال قدرة مناعة القطيع على ردع الفيروس في ظل اجتياح المتحور"دلتا" الأكثر عدوى لجميع أنحاء العالم، وتزايد أعداد الإصابات، وعناد الملايين من المترددين بشأن اللقاح.

وعلاوة على ذلك، فإنه لأمر مؤسف ومثير للقلق معاناة الشباب الأصحاء ووفاتهم إثر الإصابة بأمراض قد تكون مرتبطة باللقاحات مثل جلطات الدم، والتهاب القلب، ومؤخراً مرض الشلل المعروف باسم متلازمة غيَّان باريه.

"هيدروكسي كلوروكين"

قد تبدو مثل تلك النتائج النادرة والمروعة مقبولة أكثر بالنسبة لعقار قام بعالج المرضى. لكن حالياً، وبعد أن قللت الدراسات السريرية من الحماس لاستخدام عقار "هيدروكسي كلوروكين"، الذي روّج له الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترمب، في وقت مبكر من الوباء. يشير بعض العلماء إلى دراسات واعدة عن فعالية أحد مضادات الطفيليات يعرف باسم "إيفيرمكتين". وحظي كلا العقارين بجاذبية خاصة كونهما قد اجتازا فحص السلامة، ويستخدمان لمكافحة الأمراض البشرية الأخرى بالفعل.

ويبدو أن إحدى مقالات المراجعة حملت بعض الأخبار السارة خلال الأسبوع الماضي، حيث خلصت إلى أن عقار "إيفيرمكتين" يستطيع أن يمنع تفاقم المرض وينقذ الأرواح.

تحظى الدراسة سالفة الذكر باهتمام وسائل الإعلام المحافظة والليبرالية على حد سواء. وبينما يستلزم التركيز على علاج المرضى مزيد من أخلاقيات المسؤولية الشخصية التي يتبناها المحافظون، يشعر اليساريون بارتياح أكبر للأخلاقيات الجماعية المتمثلة في قبول المخاطرة البسيطة والانزعاج بشان تلقى اللقاحات لصالح المجتمع.

لكن ثمة مشكلة، حيث انقسم الخبراء حول الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من الدراسات السريرية لعقار "إيفيرمكتين"، كما تشير التجارب المعملية التي دفعت به إلى التجارب السريرية، في المقام الأول، إلى أنه يكافح الفيروس بشكل فعال فقط عند تلقي جرعات يحتمل أن تكون سامة.

"إيفيرمكتين"

وكما هو الحال مع عقار"هيدروكسي كلوروكين"، فإن الآمال الكبيرة المعلقة على "إيفيرمكتين" تعود للسياسة أكثر من العلم.

وبحسب ديريك لوي، المتخصص في الكيمياء الدوائية، والذي عمل لدى العديد من شركات الأدوية ويقوم بكتابة مدونة تطوير الأدوية لمجلة "ساينس" بعنوان "قيد الإعداد" (In the Pipeline)، فإن الأدوية الفعالة ضد الأمراض الفيروسية تعتبر أكثر ندرة من اللقاحات الفعالة ضد الأمراض ذاتها.

ومن ثم، اقتصرت قائمة لوي للأدوية المضادة للفيروسات عالية الفعالية على العلاج المكتشف حديثاً لفيروس التهاب الكبد من النوع "C" باعتباره استثناءً نادراً، ومزيج الأدوية الذي يمنع عدوى فيروس نقص المناعة البشرية من التطور إلى مرض الإيدز. وكذلك، العقاقير التي يمكنها السيطرة على فيروس الهربس ولكنها لا تعالجه.

أيضاً، من المحتمل أن تكون معظم الأدوية التي تقضي على الجسيمات المسببة للأمراض سامة إلى حد ما، لذلك من الصعب اكتشاف آليات للقضاء عليها وتنقذنا منها. قال لوي إنه عادة ما يكون القضاء على الطفيليات والبكتيريا أسهل من الفيروسات، لأن الجسيمات المسببة للأمراض الأكبر حجماً لديها أجزاء فاعلة أكثر، ما قد يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالاضطراب الكيميائي مقارنة بالخلايا البشرية.

استراتيجية اللقاح

وعلى النقيض من ذلك، تميل اللقاحات إلى الوقاية من الأمراض الفيروسية بآثار جانبية أقل، كونها لا تعمل عن طريق السُمية، وإنما عن طريق تحفيز جهاز المناعة. كما استغرق الجهاز المناعي الحيواني مئات الآلاف من السنين ليصبح أفضل في القضاء على الجسيمات المسببة للأمراض.

تم اختيار "إيفيرمكتين" ليكون موضوع التجارب السريرية لأسباب منطقية. فصحيح، كما قال بعض المنتقدين، أنه يستخدم كدواء للتخلص من الديدان التي تصيب الأغنام وحيوانات المزارع الأخرى. لكنه أيضاً أحد العقاقير المعجزة القليلة لعلاج البشر، حيث أنقذ مئات الآلاف من الأشخاص من الإصابة بالعمى بسبب داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب، والمعروف أيضاً باسم العمى النهري، أو المعاناة من تورم الأطراف بسبب داء الفيل. وقد فاز مكتشفو العقار بجائزة نوبل عام 2015.

وقام ويليام كامبل، أحد مكتشفي العقار المشاركين، والذي عمل في شركة "ميرك آند كو" آنذاك، بتطوير تقنية جديدة لفحص أعداد كبيرة من المركبات لاكتشاف تلك التي قد تقضي على الطفيليات. ما أفضى، في النهاية، إلى دليل حاسم من أحد المركبات التي تم استخلاصها من بكتيريا التربة الموجودة بالقرب من ملعب للجولف في اليابان.

وبنفس الطريقة، سمحت تقنيات الفحص واسعة النطاق للعلماء باكتشاف أن "إيفيرمكتين" كافح أيضاً فيروس"سارس- كوف-2" (SARS-CoV-2) المسبب لـ "كوفيد-19". قال لوي إنه دائماً ما يكون من الأفضل البدء بعقار قيد الاستخدام، لأن بيانات السلامة تم جمعها بالفعل.

تجدر الإشارة إلى أن عقار "إيفيرمكتين" لا يقتل الطفيليات، لكنه يعالج الأمراض الطفيلية عن طريق تعطيل تكاثرها. وبحسب لوي: "من الأمور الرائعة للغاية، أنه عند علاج الطفيليات، من الممكن إعطاؤه بجرعات منخفضة للغاية، وهو ما يجعل (إيفيرمكتين) آمن جداً ويمكن تحمله بشكل جيد".

الجرعة

لكن لا يبدو أن هذا هو الحال في الدراسات المختبرية حول فعالية العقار ذاته ضد الفيروسات، حيث يبدو وكأنه ينجح فقط عند استخدامه بجرعات كبيرة بما يكفي لإطلاق آلية تسمى التدسم (phospholipidosis)- وهي عملية يشبهها لوي بالقضاء على الأشياء بالمنظفات. وبينما يمنع ذلك دخول الفيروسات إلى الخلايا، إلا أن الجرعات اللازمة لتلك العملية تعد شديدة السمية بالنسبة للبشر أيضاً.

إذاً ما الذي يفسر الاستنتاجات الإيجابية للتحليل الشمولي الجديد المنشور في "المجلة الأمريكية للتداوي"؟

في العديد من الدراسات السريرية التي جرى تحليلها، تم إعطاء "إيفيرمكتين" بجرعات قليلة بما يكفي لعدم التسبب في قتل المرضى. قال لوي إنه متشكك بشأن العقار لأن أقوى الدراسات وأفضلها إدارةً "لم تُظهر شيئاً"، بينما يبدو أن أضعف الدراسات فقط هي التي أظهرت تأثير. وعلى غرار تقييم لوي، قدمت شركة "ميرك آند كو" صاحبة عقار "إيفيرمكتين"، تقييماً متشككاً حول فائدته في مكافحة "كوفيد-19".

هناك العديد من التجارب الأكبر المحددة بشكل أفضل قيد التنفيذ، لذا لا تزال هناك فرصة لنجاحها. وهذا أمر يستحق القيام به، طالما أن الناس لا يعلقون آمالاً كبيرة عليه.

"ميرك" الأمريكية تشتري مطور أدوية المناعة الذاتية مقابل 1.8 مليار دولار

تكثر الحكابات عن المعجزات التي حققها "إيفيرمكتين" في علاج "كوفيد-19" لنفس السبب الذي يجعل الناس يؤمنون بأدوية علاج نزلات البرد. فمعظم الناس يتحسنون من تلقاء أنفسهم ثم يعزون تعافيهم إلى أحد العقاقير. حتى مع "كوفيد-19" الأكثر خطورة، يميل الناس إلى المبالغة في تقدير احتمالات وفاتهم ويتخيلون أن أي شيء يأخذونه سينقذهم وسيكون مسؤولاً عن شفائهم. لكن ما أنقذهم بالفعل هو جهاز المناعة البشري، والذي يعمل في معظم الحالات. ومع انتشار التطعيم على نطاق واسع، سيعمل على نحو أفضل.