متداولو العملات المشفرة أحبوا رهان الرافعة المالية حتى أتى انهيار غير مفهوم

صورة من مؤتمر "بتكوين" الذي انعقد في ميامي بولاية فلوريدا الأمريكية في يونيو 2021
صورة من مؤتمر "بتكوين" الذي انعقد في ميامي بولاية فلوريدا الأمريكية في يونيو 2021 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في يوم شهد أحد أسوأ انهيارات سوق العملات المشفَّرة، استيقظ أليكس هولاند على سيل رسائل من أصدقاء وأقرباء كانوا يعلمون أنَّه راهن بقوة على انخفاض الأسعار أخيراً.

لكن عندما ذهب لتفقُّد حسابه على منصة بورصة "بينانس" للتداول عبر الإنترنت، وجد أنَّ قيمة الرهان ذي الرافعة المالية ضد "إيثيريوم" كانت تنحدر بدلاً من تحقيق مكاسب أكبر ببضع أضعاف الانخفاض الذي سجَّلته ثاني أكبر عملة مشفَّرة.

قال الكندي البالغ من العمر 59 عاماً، الذي أصيب بشلل نصفي بعد تعرُّضه لحادث تزلج: "بقيت أرمش بعيني. اعتقدت أنَّه كان مجرد خطأ، وأنَّهم سيصلحون ذلك."

بحلول نهاية 19 مايو، كانت "إيثيريوم" قد انخفضت بنسبة 20% تقريباً، وانخفض

ما يسمى بالقرص المراهن على الهبوط في حساب هولاند بنسبة 85% تقريباً. كانت القيمة منخفضة جداً لدرجة أنَّها ظهرت على أنَّها صفر على خط السعر البياني.

بطريقة ما، هذه رواية توعوية قديمة قِدم "وول ستريت" عبر مضاربي تجزئة تحرقهم مشتقات بيزنطية، لكنَّها تضخَّمت بسبب الافتقار للتنظيم، ومزاريب السوق العميقة، والتقلُّب الشديد لعالم العملات المشفَّرة الذي تبلغ قيمته 1.3 تريليون دولار.

"بتكوين" تكسر ترابط "تسلا" بأسهم شركات التكنولوجيا العملاقة

تصعب معرفة القيمة التي شطبت بالضبط. لكنَّ مجموعة متزايدة من مستخدمي "بينانس" الساخطين ينظِّمون الآن صفوفهم للضغط من خلال خليط من وسائل التواصل الاجتماعي والتهديدات القانونية على البورصة لتعويض خسائرهم. لاحظ المنظِّمون ما يحدث، في حين تواجه "بينانس" تدقيقاً متزايداً في آسيا، وأمريكا الشمالية، وأوروبا.

مكسب يتحول إلى خسارة

تُظهر سجلات هولاند في الفترة من إبريل إلى 19 مايو أنَّه استثمر حوالي 2700 دولار في الأقراص رهاناً على الهبوط عبر سلسلة صفقات. ويقدِّر أنَّ استثماره بلغ حوالي 10 آلاف دولار، بما في ذلك معاملاته السابقة.

يتمُّ الترويج للأقراص المثقلة بالرافعة المالية من خلال بورصات العملات المشفَّرة كطريقة سهلة للهواة لوضع رهانات ضخمة دون الحاجة إلى إدارة متطلَّبات الضمان أو الهامش. في "بينانس"، يستخدم المنتج العقود الآجلة لتقديم تعرُّض طويل أو قصير للعملات المشفَّرة مع تطور فريد؛ إذ تتراوح نسبة الرافعة المالية بين 1.25 إلى 4 مرات. وهذا يعني، نظرياً، أنَّ هبوط العملة المشفَّرة بنسبة 20% يجب أن يترجم إلى مكسب يتراوح بين 25%، و 80%.

تروِّج أكبر بورصة عملات مشفَّرة في العالم في أنَّ عدم القدرة على التنبؤ ميزة، وليست خللاً كونها تمنع استباق السوق. لكنَّها دفعت المتداولين أيضاً للتساؤل عن كيفية إدارة البورصة لها، خاصة أثناء التقلُّبات الجنونية التي تعدُّ أيضاً من سمات السوق.

3 أسباب وراء انهيار "بتكوين" و"إيثريوم".. فما هي؟

كانت تجربة هولاند نموذجية في 19 مايو. فقد خسرت الأقراص التي تراهن على الهبوط المرتبطة بـ "لايت كوين" (Litecoin)، و"تيزوس" (Tezos) برغم المراهنة بالاتجاه الصحيح. كما أقفلت قيمة الأقراص المراهنة على هبوط "بولكادوت" (Polkadot) عند أقل من ثلاثة سنتات، متراجعة بنسبة 95% عن اليوم السابق. في مرحلة ما، انخفض سعر كلٍّ من الاقراص التي تراهن على صعود "إيثيريوم"، وعلى هبوطها بنسبة 75% تقريباً.

كان 19 مايو يوماً يعجُّ بالاضطرابات بشكل عام، فقد عانت منصات العملات المشفَّرة، ومن بينها "بينانس"، و"كوين بيس" (Coinbase) من اضطرابات في التداول المنتظم بعد تغريدات سلبية من "إيلون ماسك"، وتشديد القيود في الصين، مما دفع المستثمرين إلى الفرار.

تقليص انكشاف

ومع رغبة المزيد من المتداولين في الاستفادة من الأقراص المراهنة على الهبوط والمثقلة بالرافعة المالية، قالت "بينانس"، إن التدفقات الخارجة تسببت في ارتفاع معدل الرافعة المالية في بعض الحالات. فأُجبر البرنامج على تقليص انكشاف البيع في سوق متقلبة وغير سائلة لخفض النسبة مرة أخرى، وانتهى الأمر بخسارة أموال بسبب ظروف السوق.

بمعنى آخر، تمَّ إجبار المنتج على الاستمرار في تجاوز الصفقات في أسوأ الأوقات. في ذلك اليوم، تمَّت إعادة توازن الأقراص المراهنة على هبوط "إيثيريوم" 21 مرة، وقد حدث معظمها على مدى نصف ساعة.

وقال متحدِّث في رسالة بالبريد الإلكتروني: " مع ذلك يجب أن نلاحظ أنَّه لم تكن هناك مشكلات أو أخطاء يمكن تحديدها في أقراص الرافعة المالية خلال هذه الفترة. يتمُّ إبلاغ مستخدمي "بينانس" مسبقاً بالمخاطر المرتبطة بأيِّ أنشطة تداول"، وهذا يتضمَّن الفيديو التدريبي، بالإضافة إلى اختبار لفهمهم له.

كيف تستثمر في "بتكوين" دون أن تشتريها.. إليك الطريقة؟

في عمق عمليات البيع، علَّقت المنصة التداول بمعظم الرموز ذات الرافعة المالية. ولم يعد يُسمح الآن بالاشتراك في الأقراص أو استردادها أثناء إعادة التوازن.

يشبه هذا المنتج الصناديق المتداولة في البورصة المثقلة بالرافعة المالية إلى حدٍّ ما، التي عادة ما تعيد التوازن في نهاية كل يوم للحفاظ على انكشاف معين. يكمن الاختلاف في أنَّ الأقراص لـ"بينانس"تعيد التوازن عندما تتأرجح نسبة الرافعة المالية خارج النطاق الزمني 1.25 إلى 4 استناداً إلى خوارزمية خاصة بها تحدد المعدل.

من بين المشكلات المتعلِّقة بغياب إعادة التوازن المنتظمة؛ هي أنَّ المنتج سيحصل بطبيعة الحال على المزيد من الاستدانة في الوقت الذي يتحرَّك فيه السوق ضده، كما يحذِّر تيم ليونغ، أستاذ الرياضيات التطبيقية في جامعة واشنطن الذي وضع كتاباً عن صناديق الاستثمار المتداولة ذات الرافعة المالية.

قال في تعليق عام له على منتج تجزئة منظَّم بهذه الطريقة: "إنَّه مبهم للغاية. ينظر المستثمر إلى معدل الرافعة المالية التاريخية، ويعتقد أنَّها يجب أن تكون عند الضعفين، ولكن ليس هناك ما يضمن أن يكون معدل الرافعة المالية في المستقبل اثنين."

لا دعاوى جماعية

لا طائل من لجوء المتداولين للجهات الرقابية. إذ تعمل "بينانس" كمجموعة كيانات تتبع ولايات قضائية مختلفة، وتنص شروطها على أنَّ أيَّ نزاع يجب أن يخضع للتحكيم الفردي في هونغ كونغ، ولا يمكن أن يؤدي إلى دعاوى جماعية.

شكَّل هذا ضربية جديدة لإيمان هولاند القديم بالعملات المشفَّرة بعد جمعه بعض العملات في البداية فيما يسمى بجهاز تنقيب العملات المشفَّرة، وقد فقد كل الأموال التي وضعها في "كوادريغا سي إكس" (QuadrigaCX)، وهي بورصة كندية قضت على 125 مليون دولار على الأقل من أموال العملاء لدى انهيارها في عام 2019.

عندما أتى على اختيار بورصة أخرى؛ اعتقد أنَّه لا يمكن أن يخطئ في التعامل مع أكبر بورصة في عالم العملات المشفَّرة.

قال من كاليغاري: "لقد فقدت مبلغاً كبيراً جداً من المال بالنسبة لي، برغم أني توقَّعت كل شيء بشكل صحيح. ونظراً لوضعي، كانت تلك هي فرصتي الوحيدة للتقاعد، والآن كل ذلك ذهب أدراج الرياح إلى حدٍّ كبير."