أمريكا وألمانيا تهددان بفرض عقوبات على روسيا بسبب "نورد ستريم 2"

يثير مشروع "نورد ستريم 2" مخاوف أمريكية من استخدام روسيا للطاقة كسلاح للسيطرة على أوروبا
يثير مشروع "نورد ستريم 2" مخاوف أمريكية من استخدام روسيا للطاقة كسلاح للسيطرة على أوروبا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اقتربت الولايات المتحدة وألمانيا من إبرام اتفاق بشأن خط أنابيب "نورد ستريم 2" من شأنه التهديد بفرض عقوبات وأعمال انتقامية ضد روسيا في حال استخدامها الطاقة كسلاح ضد أوكرانيا، وفقاً لمسوَّدة الاتفاقية التي حصلت عليها بلومبرغ نيوز.

تلتزم ألمانيا بموجب الاتفاق باتخاذ إجراء سيادي غير محدَّد ضد روسيا في حال ارتكبت أيّاً من تلك الإجراءات، وهو ما يمثِّل تنازلاً من المستشارة أنغيلا ميركل التي كانت أحجمت سابقاً عن اتخاذ أيِّ خطوات منفردة ضد الكرملين بشأن خط أنابيب الغاز الذي سيمتد من روسيا إلى ألمانيا.

عقوبات محتملة ضد روسيا

ينصُّ الاتفاق على أن تتخذ ألمانيا إجراءً أحادياً بالتزامن مع الضغط من أجل اتخاذ إجراء على الصعيد الأوروبي يصل إلى حدِّ فرض عقوبات للحدِّ من صادرات الطاقة الروسية في حال محاولتها استخدام الطاقة كسلاح أو ارتكاب عدوان ضد أوكرانيا.

قال مسؤول أمريكي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته أثناء مناقشة شروط الاتفاق، إنَّ غموض صياغة الاتفاق مقصودة لرغبة الإدارة عدم إعطاء روسيا خريطة طريق لتحدد ردَّها بطريقة ملتوية. ولم يستبعد المسؤول أنَّ مثل هذا الإجراء قد يشمل الحد من تدفُّق الغاز من روسيا إلى ألمانيا.

وبرغم ما يشير إليه الاتفاق من إمكانية فرض قيود على تدفُّقات الغاز الروسي، إلا أنَّ صياغته تخيّب آمال العديد من المشرِّعين الأمريكيين من منتقدي إدارة بايدن لعدم قيامها بما يكفي لإيقاف خط الأنابيب الذي اكتمل أكثر من 90% منه وقت تولي الرئيس جو بايدن منصبه.

تنازل ألماني

سعى الأمريكيون لصياغة الاتفاق بشكل محدَّد يستوجب وقف ألمانيا تدفُّق الغاز عبر "نورد ستريم 2" في حال مارست روسيا نفوذاً غير مشروع على أوكرانيا. لكنَّ ألمانيا قاومت منذ فترة طويلة مثل هذه الخطوة قائلة، إنَّ مثل ذلك التهديد لن يؤدي إلا لزيادة تسييس المشروع الذي تصرُّ ميركل على تناوله في إطار اقتصادي فقط.

يدَّعي معارضو خط الأنابيب منحه نفوذاً كبيراً على الأمن القومي الأوروبي لصالح موسكو.

اقترحت إدارة بايدن في البداية محاولة وقف المشروع، لكنَّها غيَّرت نهجها في وقت لاحق، وقالت، إنَّ القيام بذلك سيكون بعيد المنال، ولن يؤدي إلا إلى مزيد من توتر العلاقات مع حكومة ألمانيا.

قال أنتوني بلنكين وزير الخارجية الأمريكي الشهر الماضي في مقابلة مع صحيفة دير شبيغل الألمانية: "هل يمكننا التدخل ضد ميراث سيئ للغاية؟ اذا كانت الإجابة نعم، فقد قال الرئيس بايدن منذ فترة طويلة، إنَّ خط الأنابيب فكرة سيئة، ومن المحتمل أن يكون أداة للإكراه الاقتصادي والاستراتيجي الروسي، وأداة يمكن استخدامها ليس فقط ضد أوكرانيا؛ ولكن في الواقع في أوروبا ككل، وإلى أي مدى يزيد الاعتماد على الغاز الروسي".

مساعدة أوكرانيا

ومن المتوقَّع إبرام الاتفاق خلال الأيام القليلة المقبلة قبل قيام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بزيارة للولايات المتحدة.

كان من المقرر وصول ديريك شوليت مستشار وزارة الخارجية إلى أوكرانيا يوم الثلاثاء لمناقشة خط الأنابيب الذي عارضته أوكرانيا قبل التوجه إلى بولندا التي تعارض المشروع أيضاً.

تسعى الولايات المتحدة وألمانيا بموجب مسوَّدة الاتفاقية إلى تشجيع استثمارات تصل إلى مليار دولار، فيما يسمى بالصندوق الأخضر لمساعدة أوكرانيا في الانتقال إلى مصادر طاقة نظيفة. إذ ينصُّ الاتفاق على التزام ألمانيا باستثمار مبدئي بقيمة 175 مليون دولار في الصندوق. كما ستقوم ألمانيا بتعيين مبعوث خاص بتمويل قدره 70 مليون دولار لدعم مشاريع الطاقة الثنائية مع أوكرانيا.

في النهاية، تلزم الاتفاقية ألمانيا باستخدام نفوذها لتمديد اتفاقية أوكرانيا مع روسيا بشأن نقل الغاز لمدة تصل إلى 10 سنوات بعد انتهاء صلاحيتها في عام 2024. وستبدأ هذه المفاوضات في موعد لا يتجاوز الأوَّل من سبتمبر.

موقف الكرملين

لم يرد ديمتري بيسكوف، المتحدِّث باسم الكرملين على الفور بشأن طلب التعليق على الاتفاق المبدئي بين الولايات المتحدة وألمانيا.

إذ كثيراً ما رفض الكرملين مزاعم استخدام إمدادات الطاقة كسلاح سياسي، ودافع عن "نورد ستريم 2" باعتباره مشروعاً تجارياً بحتاً.

وقالت روسيا، إنَّها تدرس استخدام أوكرانيا لتزويد أوروبا بالغاز بعد انتهاء عقد النقل الحالي، وهذا فقط إنْ عرضت كييف شروطا جذَّابة.

يأتي ذلك التقدُّم بعد شهور من المفاوضات، وزيارة ميركل إلى البيت الأبيض الأسبوع الماضي. فقد أعلن الرئيسان في مؤتمر صحفي مشترك اتفاقهما على ردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إساءة استخدام خط الأنابيب لتحقيق مكاسب سياسية حتى مع اختلاف تقييماتهما بشأن النية من وراء مشروع خط الأنابيب.

وقال بايدن: "نتفق أنا والمستشارة ميركل تماماً بشأن قناعتنا بضرورة عدم السماح لروسيا باستخدام الطاقة كسلاح لإكراه جيرانها أو تهديدهم. وسنكثِّف عملنا في حالة عدم احترام روسيا هذا الحق الذي تتمتَّع به أوكرانيا كدولة عبور".

وقالت ميركل في تصريحاتها: "لدينا عدد من الأدوات القابلة للتنفيذ التي غالباً ما ستكون على المستوى الأوروبي وليس الألماني فقط. كما أنَّ ألمانيا تجري محادثات مع الأصدقاء الأوروبيين في ذلك الشأن".

فرضت إدارة بايدن عقوبات على "نورد ستريم2" الشركة الأم التي تتخذ من سويسرا مقرَّاً لها، التي تقوم ببناء خط الأنابيب في وقت سابق من هذا العام، لكنَّها عادت وتراجعت عنه في الوقت نفسه.

وقال مسؤولون أمريكيون، إنَّ إلغاء العقوبات منحهم مجال المناقشات الدبلوماسية، ومواصلة المفاوضات مع برلين.