صانعو الشوايات.. نجوم الاكتتابات العامة في مرحلة ما بعد "كورونا"

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يستفيد صانعو الشوايات من ارتفاع المبيعات، ليتوجهوا نحو طرح أسهمهم للاكتتاب العام، مدعومين باندفاع أصحاب المنازل خلال فترة الحجر والإغلاق، لشراء معدّات الشواء الراقية.

في غضون أسبوع من الرابع من يوليو، العطلة التقليدية للشواء في الولايات المتحدة، قدّمت شركتان أوراقهما لطرح أسهمهما في اكتتاب عام أولي. ستقوم شركتا "ترايغر" (Traeger) و"ويبر" (Weber) هذا الصيف، وهما من أكبر مصنعي الشوايات الأمريكيين، بالاستفادة للمرة الأولى من أموال المستثمرين، بعد عقود على ملكيتهما الخاصة المغلقة. وتُجري شركة "بي بي كيو غايز" (BBQGuys)، وهي بائع تجزئة عبر الإنترنت للشوايات والمطابخ الخارجية ومستلزماتها، وتضم قائمة المستثمرين فيها اثنين من عظماء كرة القدم الأمريكية، "إيلي" و"بيتون مانينغ"، محادثات لطرحها للاكتتاب العام من خلال الاندماج مع شركة "فيلوسيتي أكويزيشن" (Velocity Acquisition)، وفقاً لأشخاص على دراية بالموضوع. ومن المقرر أن تبلغ قيمة الشركة المندمجة نحو 900 مليون دولار، بما في ذلك الديون، على حد قولهم.

لقد أثبتت ما يسمى "صفقات البقاء في المنزل" شعبيتها بين المستثمرين على مدى العام الماضي، إذ أنفق المستهلكون مزيداً من الأموال على منازلهم بعد إبعادهم عن المطاعم والحانات وأماكن الترفيه، من خلال عمليات الإغلاق الوبائية على مستوى الولاية والبلد ككل.

ارتفعت مبيعات كل من "ترايغر" و"ويبر"، ما وفر للشركتين بعض أفضل النتائج ربع السنوية على الإطلاق. فقد ارتفعت إيرادات "ترايغر" بنسبة 50% في عام 2020، فيما ارتفعت مبيعات "ويبر" بنسبة 60% في الأشهر الستة حتى مارس. وكان أحد أسباب ذلك أن شيّ عدد من قطع اللحم على الشواية ليس رخيصاً هذه الأيام. ويمكن لعشاق الشواء أن ينفقوا نحو 4 آلاف دولار على موقد غاز من "ويبر" قبل إضافة أي ملحقات، ويمكن أن تصل قيمة تجهيزات المطبخ الخارجي من "ترايغر" إلى عشرات آلاف الدولارات.

أسباب تغيير النهج

أضف إلى ذلك أن أسواق الأسهم لم تتوقف عن تسجيل ارتفاعات قياسية، فيما تزدهر أكثر فأكثر سوق الاكتتابات الأولية، في ظل غياب أي علامة على تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي. ومن هنا يمكن معرفة سبب تغيير هذه الشركات الخاصة للنهج الذي كانت تعتمده لسنوات طويلة. يقول كلايتون هيل، الرئيس العالمي للخدمات المصرفية الاستثمارية للأفراد والتجزئة في "سيتي غروب"، إن "إبقاء الناس في منازلهم لم يخلق فقط مدخرات اقتصادية. فهو، وكما يقول، يقضي في أثناء عمله من المنزل نحو ربع الوقت خلال استراحة الغداء في عملية الشواء. ويضيف: "تلك الظروف أوجدت فرصة لنماذج الأعمال للاستفادة من التحول الطبيعي في معنويات المستهلكين، إذ إن الشراء لم يعد من أجل التملك فقط، بل ولأن المرء لديه شغف أيضاً".

من شأن ولاء المستهلكين للعلامة التجارية أن يجعل من تسويق الطرح الأولي للأسهم عملية أكثر سهولة، إذ إن أسماء السلع الاستهلاكية تترك في العادة صدى لدى المستثمرين الذين استخدموا المنتج شخصياً. ووفقاً لجمعية "هيرث، باتيو آند بي بي كيو" (Hearth, Patio & Barbecue Association)، أو جمعية الموقد والفناء والشواء، فإن 64% من البالغين في الولايات المتحدة يمتلكون شواية خارجية أو موقداً لتدخين الطعام. في الواقع، كل مصدر جرى الاتصال به في أثناء الإبلاغ عن هذه القصة يمتلك معدّات من صنع واحدة على الأقل من علامتين تجاريتين ستطرحان قريباً للاكتتاب العام، وغالباً لديه آراء قوية حول أيهما أفضل.

انتعاش مبيعات المنتجات الفاخرة

يقول أحد المصرفيين إن أسلوب الطهي على الفحم "البطيء وعلى نار هادئة"، الذي تستخدمه معدّات "ترايغر" باهظة الثمن، لا يُجدي عندما يشعر أطفاله بالجوع، في وقت يقول آخر إنه يحب أن يكون قادراً على التحكم في شواية "ترايغر" من خلال هاتفه. أحد المستشارين متفائل بوجود مساحة لكلتا الشركتين، ويقول: "هناك دائماً رجل أمريكي يريد الشواء".

في كل القطاعات الصناعية، استفاد مصنعو السلع المنزلية الفاخرة من الأموال الإضافية التي وجهتها العائلات الأمريكية من الطبقة المتوسطة لتحسين مساكنها عندما لم يكن بإمكانها قضاء الإجازات بعيداً عن المنزل.

لقد انتعشت مبيعات المنتجات باهظة الثمن (مثل الخلاطات، والشوايات، وحمامات السباحة)، بشكل لافت، إذ قفزت مبيعات الشوايات ومعدات تدخين الطعام في الولايات المتحدة بنسبة 41% لتصل إلى 3.2 مليار دولار خلال الأشهر الاثني عشر المنتهية في مارس، وفقاً لبيانات "إن بي دي غروب" (NPD Group) البحثية.

على مدار العام الماضي، كان هناك ثلاث شركات تقوم بتصنيع أو صيانة أحواض السباحة المنزلية -وهي "ليزليس" (Leslies)، و"هايوارد إندستريز" (Hayward Industries)، و"لاثام غروب" (Latham Group)– طُرحت للاكتتاب العام، وجمعت معاً نحو مليارَي دولار. وقد ارتفع سهم كل منها بأكثر من 40% منذ الاكتتابات الأولية.

هل يستمر نمو المبيعات؟

كما هي الحال مع معظم قصص النمو في عصر كوفيد، فإن السؤال الأهم الذي يسعى المستثمرون إلى إيجاد الإجابة عنه، هو: هل يمكن للمبيعات أن تستمر في الارتفاع بالسرعة التي ترتفع بها الآن عندما يعود المستهلكون في عديد من الأسواق إلى المطاعم ويسافرون في إجازات؟ حمامات السباحة ستظل تحتاج بالطبع إلى التنظيف والصيانة الدورية، لكن الأمر على الأرجح لا ينطبق على حفلات الشواء.

بعض الصناعات مهيأ فعلاً لركوب مسار النمو الذي صنعه الوباء، لكن البعض الآخر مدين بالفضل للمستهلكين الذين يعيدون ضبط سلوكهم. في مايو، حذّر المسؤولون التنفيذيون في شركة "دورداش" (DoorDash) لخدمات توصيل الطعام المساهمين من حدوث تباطؤ، إذ تخلى المستخدمون عن طلبات تسليم مع عودة الأنشطة الصيفية في الهواء الطلق بعد إعادة فتح الأعمال. وكتبت الشركة في رسالة إلى المساهمين: "نتوقع مزيجاً من الموسمية الصيفية، وإعادة فتح السوق، والتأثير المتضائل للتحفيز، ما سيؤدي إلى نوع من التأثير في أعمالنا على المدى القريب".

وبالمثل، فإن شركتَي "بلو أبرون هولدينغ" (Blue Apron Holdings) و"هيلوفريش" (HelloFresh)، اللتين تبيعان مستلزمات وجبات الطعام، قد تكونان مستعدّتين للتفوق على متاجر البقالة، لكن ما زال من المحتمل أن تشهدا تباطؤاً حاداً مقارنة مع مستوى أعمالهما خلال فترة الإغلاق بسبب كوفيد. ووفقاً لأبحاث "كورسايت" (Coresight)، يمكن أن ينخفض ​​معدل نمو السوق بالكامل إلى 18% في عام 2021، من 70% تقريباً الذي سُجّل في العام الماضي خلال ذروة الحجر الصحي.

لا يستخدم صانعو الشوايات بالضرورة مكاسبهم غير المتوقعة للتوسع في المستقبل. تضع "ترايغر" عائدات الاكتتاب العام لسداد قرض، إضافة إلى السماح لبعض المساهمين الحاليين بالانسحاب. أما "ويبر" فتقول إنها ستستخدم جميع عائداتها الصافية لإعادة شراء الأسهم من شركتها القابضة والمساهمين الحاليين والإدارة.

يقول جو ديروشوسكي، مستشار صناعة تحسين المنازل في "إن بي دي غروب"، إن الاتجاه مستدام لصانعي الشوايات لأنه لا توجد طريقة أفضل لإظهار المناظر الطبيعية الجديدة أو حوض الاستحمام الساخن أو تجديد المنزل، في النهاية، من دعوة الأصدقاء إلى الشواء في الفناء الخلفي أو الحديقة. كما أن التحول نحو جداول العمل المختلطة من شأنه أن يوفر للصناعة فرصة نمو أخرى في وجبات الغداء. يقول ديروشوسكي: "أُعدّت المائدة للشواء. كل شيء ينمو لأننا نأكل ونستمتع أكثر في المنزل".