الرأسماليون لم يعودوا موضع ترحيب في الفصول الدراسية بالصين

الصين تفرض قيوداً مشددة على شركات تكنولوجيا التعليم تحظر عليها التربح من تدريس المناهج الدراسية
الصين تفرض قيوداً مشددة على شركات تكنولوجيا التعليم تحظر عليها التربح من تدريس المناهج الدراسية المصدر: غيتي إيمجز
Tim Culpan
Tim Culpan

Tim Culpan is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. He previously covered technology for Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ظهرت عدّة دلائل تُشير إلى أن الهجوم على التعليم الربحي في الصين كان وشيكاً؛ إلا أن القلة فقط توقعوا أن ترمي بكين بقنبلة مدوية على الصناعة لتدع العالم بأسره يعرف أنها ترى تعليم الطفولة كأولوية في سياساتها وليس مجرد دخلاً رأسمالياً متدفقاً.

قيود مفاجئة

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أصدرت الحكومة مرسوماً يقضي بمنع تعليم الطلاب بعد ساعات المدرسة بغرض الربح، وكذلك منع تمويله من خلال زيادة رأس المال، أو السماح بطرح أسهمه للاكتتاب العام في أسواق الأسهم.

ويمكن لهذه الخطوة أن تدمر صناعة بقيمة تريليون يوان (154 مليار دولار) بُنيت على إقناع الآباء بالحاجة إلى إبقاء أطفال المدارس حتى وقتٍ متأخر من الليل وخلال عطلة نهاية الأسبوع.

وفي الحقيقة، فإن التحرك ضد قطاع التعليم التجاري يختلف تماماً عن الحملات الرقابية التي شُنّت مؤخراً في محاولة لكبح القطاعات القوية والبارزة الأخرى.

ضربة لقطاع كامل

من الجلي أن شركات مثل "آنت غروب" (التكنولوجيا المالية)، و"ديدي غلوبال" (اللوجستية)، و"مجموعة علي بابا القابضة" (التجارة الإلكترونية)، و"تينسنت القابضة" قد وجدت نفسها في مرمى النيران التنظيمية بسبب قضايا تتراوح بين خصوصية البيانات والسلوك المنافي للمنافسة؛ إلا أن كبار مقدمي خدمات التعليم يتعرضون لانتقادات بسبب عملياتهم الأساسية، أي استيفاءالأموال وجني الأرباح من تعليم تلاميذ المدارس.

وفي الواقع، كان أمام الشركات التقنية الكبرى خيار تعديل مسارها ودفع الغرامة؛ أما بالنسبة للشركات العملاقة في مجال التعليم الخاص، مثل"مجموعة تال التعليمية"، و"مجموعة نيو أورينتال للتعليم والتكنولوجيا"، وشركة "غاوتو تيك إيديو" – قد تُصبح بلا أي نموذج عمل على الإطلاق.

معالجة الفوارق بين الأغنياء والفقراء

واهتم الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بالموضوع؛ حيث أشار منذ مارس الماضي، إلى ميل الصناعة إلى استغلال قلق الآباء، وقارنه بمرض مزمن: "من ناحية، يريد الآباء أن يتمتع أطفالهم بصحة جيدة وطفولة سعيدة؛ ومن ناحية أخرى، فإنهم يخشون أن يخسر أطفالهم مباشرة ومنذ خط البداية المنافسة على العلامات".

وفي الحقيقة، يمتد هذا الاهتمام برفاه الآباء والأطفال إلى أبعد من رفاههم العاطفي.

فهو يقع في صميم تركيز الحكومة على الفوارق بين الأغنياء والفقراء، والسياسات المعدلة بشأن التحكم بعدد السكان بعد أن سجلت الصين العام الماضي انخفاضاً رابعاً على التوالي في معدل المواليد.

ففي كل عام، يجد ملايين الطلاب (بما في ذلك أولئك في مرحلة رياض الأطفال) أنفسهم في برامج ما بعد المدرسة التي تهدف إلى جعلهم يتفوقون على أقرانهم. إلا أن الأقران ينخرطون في هذه البرامج أيضاً.

ضغوط على الأسر

ومع انضمام المزيد من الزملاء في الفصل، يشعر الآباء بالضغوط للدفع من أجل مواكبة ذلك.

حيث وجدت إحدى الدراسات الاستقصائية أن 92٪ من الآباء أرسلوا أطفالهم إلى صفوف إضافية، وأن أكثر من النصف ينفقون أكثر من 10 آلاف يوان سنوياً (1,500 دولار)، أي ما يعادل 40٪ تقريباً من متوسط ​​الدخل؛ حيث وجد البعض أنفسهم يدفعون 16 ألف دولار سنوياً.

الجدير بالذكر أنه حتى بالنسبة للأثرياء في المدن الكبرى مثل بكين وشنغهاي، فإن هذه التكاليف يمكن أن تزيد مبلغ الميزانية.

ولكن بالنسبة للأسر ذات الدخل المتوسط ​​والمنخفض – خاصة في المناطق الريفية حيث يكون الدخل أقل بنسبة 60٪ مما هو عليه في المدن –فإن هذه التكاليف تُعدّ باهظة.

قلق من عدم المساواة

ولطالما كان عدم المساواة مصدر قلق لقادة الصين الحديثين بدرجات متفاوتة؛ ولكن في عهد شي، الذي تعهد بمعالجة الفساد وأشار إلى حقيقة أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء تشكل تهديداً للأمة، فإن السماح لقطاع التعليم الخاص بالنمو بلا هوادة أصبح أمراً لا يمكن السكوت عنه.

في الواقع، فإن الخطوة المتعلقة بالمدارس والتعليم ترتبط بقرار الصين إنهاء عقيدة الطفل الواحد المطبقة منذ 35 عاماً؛ حيث يمكن للأزواج حالياً إنجاب ثلاثة أطفال.

ومع ذلك، لا يستطيع معظم الناس تحمل تكاليف ذلك؛ وكما هو الحال في العديد من البلدان حيث معدلات المواليد منخفضة، فإن الضغط والعبء الاقتصادي لتربية الأطفال ما يزال يمثل عقبة أكبر أمام الأسر الكبيرة مقارنة بالتشريعات الحكومية.

غرامات ضد الشركات

وهنا أصبح قطاع التدريس بعد المدرسة جزءاً من المشكلة. حيث أكدت الغرامات التي تم فرضها في أبريل بسبب التسويق المخادع انتشار أساليب البيع الملتوية، من بينها ذكر أسعار تعليم مرتفعة وغير مستخدمة كطريقة لإقناع الآباء بالتسجيل للحصول على خصومات مزعومة (دفعت الشركات، بما في ذلك "نيو أورينتال"، و"تال"، و"وتو"، الغرامات "بصدق" ووعدت بتغيير ممارساتها، وفقاً لتقرير على الإنترنت).

كذلك لابدّ من الإشارة إلى أن هذه المنافسة الشديدة أدت إلى سنوات من نمو الإيرادات المكونة من رقمين. وهذا بدوره جعل المستثمرين متحمسين، حيث ارتفعت القيمة السوقية لأكبر شركتين – "نيو أورينتال" و"تال"- بأكثر من خمسة أضعاف في خمس سنوات.

قيود على الدروس الخصوصية

كما تُعد دقة بكين مثيرة للإعجاب؛ حيث يشمل كبح جماح أساتذة الدروس الخصوصية ضوابط أكثر صرامة على ساعات عمل المعلم، واستخدام المناهج والكتب المدرسية الأجنبية.

كذلك تم حظر دروس نهاية الأسبوع وفترة الإجازة، حيث يجب أن يحد هذا الإجراء من مقدار الساعات التي يقضيها الأطفال في الفصول الدراسية، على الرغم من أنه ما يزال هناك مجال متاح أمام مقدمي الخدمات لتقديم دروس خصوصية للطلاب الذين يحتاجون إلى مزيد من الاهتمام من أجل مواكبة أقرانهم في بيئة مدرسية يثقلها التعلم عن ظهر قلب والفصول الدراسية الكبيرة.

وبالنسبة للحكومة، سيعني هذا التجديد أن الدروس الخصوصية تعمل في خدمة الصين وطلابها، وليس المديرين التنفيذيين ومستثمريهم. حيث قد تضطر شركات مثل "تال" و"نيو أورينتال" إلى التحوّل إلى تعليم الكبار للحصول على أي أمل في النمو المستمر. وهناك سوق ناشئ لتدريب الشركات ورفع مهاراتها، حيث تحتاج الشركات والموظفين إلى التطوير المهني المستمر.

ما من شكٍ في أن الانتقال من تدريس الرياضيات والفيزياء في المدارس الثانوية إلى تدريس المحاسبة والترميز لن يكون أمراً سهلاً؛ حيث سيكون الناجون هم أولئك الذين يمكنهم طرح برنامج جديد وبسرعة.