يمكن تصنيف الحلول التقنية لمكافحة تغيُّر المناخ ضمن فئتين. إذ تتمثَّل الفئة الأولى في حلول عمودية تعالج التلوث في قطاع واحد، مثل نقل إنتاج الأسمدة منخفضة الكربون التي تسهم في خفض الانبعاثات في القطاع الزراعي. في حين تتمثَّل الفئة الثانية في الحلول الأفقية التي تعالج مشكلات مختلفة ضمن العديد من الصناعات، وهي مثل بطاريات الليثيوم أيون، التي تعمل في السيارات الكهربائية، لكنَّها تسهم أيضاً في دمج مصادر الطاقة المتجددة ضمن مزيج الكهرباء.
ضمن هذا المنظور؛ فإنَّ الذكاء الاصطناعي يندرج ضمن التقنيات الأفقية، التي لديها قدرة كبيرة على المساعدة في خفض الكثير من الانبعاثات المتسبِّبة بالاحتباس الحراري. وعلى هذا الأساس؛ فإنَّ قائمة المشكلات التي يمكن للذكاء الاصطناعي حلها تطول كثيراً، وعدد الشركات الناشئة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي بالفعل لحلِّ بعض من هذه المشكلات، تزداد هي الأخرى.
وكما هو الحال مع أيِّ تقنية جديدة؛ فإنَّ موضوع الذكاء الاصطناعي يثير الكثير من الضجيج حوله كذلك. وللوقوف عند هذا الأمر، تحدَّثت مع كلٍّ من بريا دونتي من "جامعة كارنيغي ميلون"، وديفيد رولنيك من "جامعة ماكغيل"، وهما رئيسان من الرؤساء الثلاثة المشاركين بمجموعة "كلايمت تشينج إيه آي" (Climate Change AI)، التي تجمع الخبراء الأكاديميين مع خبراء الصناعة.
ما هو الذكاء الاصطناعي بالتحديد؟
تقول دونتي: "الذكاء الاصطناعي مصطلح واسع جداً، وهو يغطي في الأساس أي خوارزمية حسابية بإمكانها أن تؤدي نوعاً من أنواع المهام المعقَّدة. وعادةً ما تكون تغطي المهام التي يمكن للبشر فعلها، مثل الرؤية، والكلام، والتفكير".
ما يزال النقاش الفلسفي يدور بين باحثي الذكاء الاصطناعي حول ما إذا كان الهدف من الذكاء الاصطناعي هو فعل الأشياء مثل الإنسان، أو تحقيق أداء خارق يفوق قدرات البشر.
ويُعرَّف التعلم الآلي بأنَّه نوع من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تركِّز بشكل كبير على استخلاص الأفكار من مجموعات البيانات الكبيرة. وعن ذلك، تقول دونتي، إنَّ هذا الأمر يمكن أن يفعله الإنسان على الأرجح، لكنَّ التعلم الآلي يسهم في تسريع العملية.
كيف يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في خفض الانبعاثات؟
توجد خمس طرق واسعة النطاق عند التفكير في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال المناخ، وهي:
هل يمكن أن يسرِّع الذكاء الاصطناعي من زيادة الانبعاثات؟
يقول رولنيك: "نعم، الذكاء الاصطناعي يُسرِّع أي أمر تطلب منه تسريعه". وهذا يعني أنَّ هناك تطبيقات للذكاء الاصطناعي من شأنها زيادة مستوى الانبعاثات أيضاً.
فعلى سبيل المثال، تقدِّم أكبر شركات التكنولوجيا حلول الذكاء الاصطناعي لشركات النفط والغاز، من أجل تحسين استكشاف وإنتاج الوقود الأحفوري. ومن المحتمل أن تسهم الأدوات التي تعطي توصياتها، بناءً على الخوارزميات على منصات البيع بالتجزئة، في زيادة الاستهلاك، كذلك قد تؤدي السيارات ذاتية القيادة في النهاية إلى زيادة عدد أميال القيادة بشكل كبير. لذلك، من المهم أن يجد العاملون في نشر حلول الذكاء الاصطناعي طرقاً لضمان مواءمة حلولهم مع أهداف المناخ العالمية، كلما كان ذلك ممكناً.
ما هي المخاطر المحتملة الأخرى التي قد تنجم عن الذكاء الاصطناعي؟
يبدو أنَّ الاهتمام المتزايد بنشر حلول الذكاء الاصطناعي يعني أنَّ تطبيقاته قد تزيد بشكل يخرج عن السيطرة، كما تقول دونتي. فقد استقطبت ورشة عمل افتراضية حديثة بشأن دور الذكاء الاصطناعي في التصدّي للتغيُّرات المناخية ألفي مشارك، وقدَّم الباحثون ثلاثمئة اقتراح لاستخدام الذكاء الاصطناعي في معالجة التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري.
وأضافت دونتي: "بالرغم من أنَّ الذكاء الاصطناعي يُمثِّل تقنية برَّاقة ولافتة للنظر، إلا أنَّ هناك العديد من المواقف التي يكون فيها الحل الأقل جاذبية هو الحل الصحيح، وهذه مهمة كبيرة يواجهها المجتمع". متابعة: "من المهم التأكُّد من أنَّ حلول الذكاء الاصطناعي لن تشكِّل في نهاية المطاف أمراً مضللاً".
ويتمثَّل الهدف بجعل استخدام الذكاء الاصطناعي واسع الانتشار كاستخدام جداول البيانات حالياً، لكن حتى يتم تطبيقه بشكل فعَّال في مجال مكافحة تغيُّر المناخ؛ فإنَّ الموضوع سيتطلَّب أن يمتلك المستخدمون مهاراتٍ وإدراكاً كافياً لإمكانات هذه التقنية وأخطارها أيضاً، كما يقول رولنيك.