المكتب السياسي الصيني يجتمع الأسبوع المقبل.. والأسواق العالمية تترقب رسائل جديدة

الأسواق المالية تترقب رسائل صينية جديدة
الأسواق المالية تترقب رسائل صينية جديدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعد أسبوع من تقلبات السوق، يبحث مراقبو المشهد الصيني عن إشارات من اجتماع المكتب السياسي الرئيسي المقرر عقده الأسبوع المقبل حول ما إذا كان في المستقبل مزيد من الألم أو إذا كان البنك المركزي سيتدخل لتوفير الدعم أم لا.

عادة ما ينعقد اجتماع يوليو لقيادة الحزب الشيوعي العليا لمراجعة أداء الاقتصاد في النصف الأول ووضع أولويات السياسة لبقية العام. واكتسب الاجتماع أهمية متزايدة هذه المرة بعد أن أزعجت السلطات الأسواق المالية بسلسلة من الإصلاحات التنظيمية التي شددت قبضة الدولة على عدة قطاعات، بدءاً من التعليم الخاص إلى التكنولوجيا والممتلكات.

يحذر الاقتصاديون من حدوث مزيد من القيود التنظيمية، في الوقت الذي تركز فيه بكين بشكل أكبر على تحقيق أهداف اجتماعية طويلة الأجل للحد من عدم المساواة، وتعزيز المنافسة العادلة، وتحسين سبل معيشة المواطنين وخفض تكلفة تربية الأطفال. وفي الوقت ذاته، يمكن أن يشير صناع السياسة إلى التحول نحو مزيد من الدعم النقدي والمالي مع تزايد المخاطر أمام النمو الاقتصادي.

اقرأ أيضاً: الرأسماليون لم يعودوا موضع ترحيب في الفصول الدراسية بالصين

قال لاري هو ، رئيس اقتصادات الصين الكبرى في "Macquarie Group"، في مقابلة عبر الهاتف: "على المستوى الكلي، من المرجح أن تكون السياسات أكثر مرونة على الهامش ، لكن على المستوى الجزئي من المحتمل أن يستمر التشديد التنظيمي المكثف". وقال إن المكتب السياسي سيكرر على الأرجح بيانه السابق بشأن تنظيم شركات المنصات وتعزيز جهود مكافحة الاحتكار.

واعتبر أنه رغم احتمالية تحقيق بكين هدفها للنمو الذي يزيد على 6% العام الجاري بكل أريحية، فإن لدى السلطات نافذة صغيرة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر للمضي قدماً في الإصلاحات الهيكلية قبل بدء ضغوط النمو في العام المقبل. وفي أبريل، تعهد المكتب السياسي المكون من 25 عضواً بـ"الاستفادة جيداً" من الفترة الحالية التي تتسم بمخاطر منخفضة على النمو.

تلميح سياسي

ورغم أن اجتماعات المكتب السياسي رفيعة المستوى، التي يرأسها الرئيس شي جين بينغ، عادة لا تحدد قطاعات بعينها، لكن أي صياغة جديدة أو لغة تخص قضية ما يمكن أن تكون تلميحاً إلى اتخاذ إجراءات صارمة في المستقبل، وفقاً لما يراه تشو هاو، كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة في "كوميرز بنك" في سنغافورة.

على سبيل المثال، قال المكتب السياسي في اجتماعه في أبريل إنه سيمنع المضاربة على ارتفاع أسعار المنازل في المناطق ذات المدارس الجيدة، وبعد فترة وجيزة، فرضت الحكومة مزيداً من إجراءات تهدئة الأسعار في المدن الكبرى.

اقرأ أيضاً: هكذا يخطط الرئيس الصيني لإعادة تشكيل قطاع التكنولوجيا العملاق

في ديسمبر، تعهد المكتب السياسي بتعزيز جهود مكافحة الاحتكار لكبح ما سماه "التوسع الرأسمالي غير المنظم"، وتلا ذلك عدد كبير من الإجراءات التنظيمية في قطاع التكنولوجيا العام الجاري، بما في ذلك غرامة قياسية بقيمة 2.8 مليار دولار على مجموعة "علي بابا"، بالإضافة إلى إجراءات استهدفت المضاربة والتخزين الاحتكاري في سوق السلع.

قال دينغ شوانغ، كبير الاقتصاديين المختص بشؤون الصين الكبرى وشمال آسيا في "ستاندرد تشارترد" بهونغ كونغ: "يتضمن معظم هذه الإجراءات التنظيمية صناعات أدت فيها مضاربات رأس المال إلى جعل قلة من الناس أثرياء على حساب مصلحة الجمهور"، وقال إنه بغضّ النظر عن التعليم والممتلكات، يمكن أن يكون التركيز التالي لإصلاحات السياسة على تسعير الخدمات الطبية وقطاع رعاية المسنين، التي لها تأثير أساسي في سبل عيش الناس.

ستحتاج بكين أيضاً إلى إصلاح بعض الضرر الذي ألحقته بثقة المستثمرين نتيجة تدابيرها المفاجئة، ويتطلع المحللون إلى إشارات على ذلك في اجتماع المكتب السياسي.

وقال دانغ: "إذا أكد الاجتماع أن التنظيمات ستنفذ بطريقة منظمة، فيمكن أن يساعد ذلك في تحسين معنويات السوق، مؤقتاً على الأقل".

توجد دلائل على أن الصين تريد استعادة الثقة بعد تراجع السوق، إذ عزز البنك المركزي، يوم الخميس، ضخ السيولة في سوق الإقراض بين البنوك، وهو ما يمثل انفصالاً عن نهج عمليات السيولة اليومية المعتاد، فيما عقد منظمو الأوراق المالية أمس الأربعاء، اجتماعاً مع البنوك الاستثمارية الرئيسية لتهدئة المخاوف بشأن التنظيمات، كما نشرت وسائل الإعلام الحكومية مجموعة من المقالات التي توحي بأن موجة البيع كان مبالغاً فيها.

سياسات تيسيرية

سيكون موقف السياسة النقدية أيضاً موضع تركيز في بيان المكتب السياسي بعد أن فاجأ بنك الشعب الصيني السوق في وقت سابق من الشهر الجاري بخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي المطلوب من البنوك، وحرر مزيداً من السيولة لتوجيهها إلى الإقراض.

يتوقع الاقتصاديون في "غولدمان ساكس"، و"ماغواير"، و"ستاندرد تشارترد"، والمؤسسة المصرفية الصينية الخارجية المحدودة (Oversea-Chinese Banking Corp)، خفضاً آخر لنسبة الاحتياطي الإلزامي العام الجاري، وهو ما سيحرر السيولة لمساعدة البنوك على سداد 3.75 تريليون يوان من القروض المقدمة بموجب سياسة تسهيلات الإقراض متوسط الأجل من قِبل بنك الشعب الصيني، والمستحقة قبل نهاية العام.

اقرأ أيضاً: انتهى زمن المليارديرات.. مصنع الأثرياء العالمي يتعثر تحت وطأة التنين الصيني

ورجح تومي شي، رئيس أبحاث الصين الكبرى في المؤسسة المصرفية الصينية الخارجية المحدودة، أن تظل أسعار الفائدة ثابتة، وأن ينحسر التباطؤ في نمو الائتمان والمشهود منذ أواخر العام الماضي قريباً.

يمكن أيضاً أن ترفع الحكومة الدعم المالي للاقتصاد في النصف الثاني، وتُسرع مبيعات السندات بعد التباطؤ الحاد في الإنفاق في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، حسبما قال شو هونغ كاي، نائب مدير لجنة السياسة الاقتصادية في الجمعية الصينية لعلوم السياسة، وهي مركز أبحاث مرتبط بالحكومة.

ويقضي كبار القادة الحاليين والمتقاعدين عادة أوائل شهر أغسطس متجمعين في منتجع بيداهي لمناقشة التوجهات السياسية على المدى الطويل، وذلك عقب اجتماع المكتب السياسي.