أيرلندا الشمالية عالقة بين لندن وبروكسل المصدر: بلومبرغ

بروتوكول أيرلندا الشمالية يجدد الخلاف في مجلس اللوردات البريطاني

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لم يتسبب خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في مزيد من الغضب السياسي أو العنف بأكثر مما تسبب فيه ما يُعرف باسم "بروتوكول أيرلندا الشمالية"، فيما يجري الحديث بشكل أقل حينما يتعلق الأمر برؤية الشركات لهذا البروتوكول كميزة تنافسية يمكن أن تعزز الوظائف والنمو.

تضمن تقرير حديث لمجلس اللوردات في المملكة المتحدة هذه الفكرة، وهو التقرير الذي يُعَدّ في الوقت ذاته حُكماً قاسياً على الأدوار التي لعبتها كل من الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي في تنفيذ البروتوكول المُربك.

اقرأ أيضاً: العلاقات بين لندن وأوروبا تصل إلى التحذير والتهديد بسبب إيرلندا الشمالية

وأنشأ الاتفاق حدوداً جمركية بين أيرلندا الشمالية وبقية المملكة المتحدة للسلع التي تعتبر "معرضة لخطر" الانتقال إلى سوق الاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى زيادة التكاليف وأسعار المستهلكين والغضب بين النقابيين "البروتستانت" في المنطقة.

ورغم ذلك فإن البروتوكول يجعل أيرلندا الشمالية أيضاً الجزء الوحيد من المملكة المتحدة القادر على التجارة مع الاتحاد الأوروبي، تماماً كما فعلت قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ارتفعت التدفقات التجارية من وإلى المقاطعة مع قيام الشركات بإعادة التوجيه بهدف تجنب الحواجز الجمركية والتنظيمية.

وتزايدت استفسارات الشركات التي جذبتها تلك الحالة الفريدة التي أنشأها البروتوكول، لواحدة من أفقر مناطق المملكة المتحدة، حسب ما قالته شركة "نورذرن أيرلاند إنفستمنت" (Northern Ireland Invest)، التي تروج لأيرلندا الشمالية بوصفها وجهة للاستثمار الأجنبي المباشر.

فرصة استثمارية

قال اللورد جاي من أويلمي، وهو رئيس اللجنة الفرعية لأيرلندا وأيرلندا الشمالية، التي أصدرت تقريرها الخميس: "أن تكون عضواً في السوق الموحدة للمملكة المتحدة، وعضواً في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، هو ميزة مهمة حقاً لبروتوكول أيرلندا الشمالية. إنني دَهِش لعدم الاستفادة منه أكثر بصفته ميزة محتملة".

يستشهد التقرير باستطلاع أجرته غرفة التجارة والصناعة في أيرلندا الشمالية في 7 يوليو، الذي وجد أن 67% من 200 عضو شملهم الاستطلاع رأوا في البروتوكول فرصة، فيما رأى 47% أنه مفيد لأعمالهم.

اقرأ أيضاً: بريطانيا ترسل سفناً عسكرية إلى "جيرزي" بعد تصاعد الخلاف مع فرنسا بشأن الصيد

من جانبه قال آلان ماكنيل، الذي يعمل في شركتين لتصدير الهواتف المحمولة جرى تسجيلهما مؤخراً في أيرلندا الشمالية: "كثير من المنظمات الصينية يرغب في إنشاء مراكز توزيع هنا في أيرلندا الشمالية للشحن إلى أوروبا".

تُقر معززات البروتوكول بأن فوائده الاقتصادية المحتملة طويلة الأجل، في حين أن تكاليفه وعقباته ستحدث بشكل فوري، وإذا فشل الاتفاق بين لندن وبروكسل فقد يزداد الأمر سوءاً عندما تنتهي ما تسمى بفترات السماح في أكتوبر، ما يلحق الضرر بسلاسل التوريد في مجالات رئيسية مثل الإمدادات الطبية.

تلهب هذه المشكلات المشاعر بين سكان المقاطعة البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة، الذين ما زالوا مرتبطين بشدة بالمملكة المتحدة بعد عقود من العنف. وتتمحور هذه المشاعر حول ما إذا كان يجب على المقاطعة أن تتحد مع جمهورية أيرلندا.

وقال ستيفن أيكن، رئيس اللجنة المالية بالهيئة التشريعية لأيرلندا الشمالية وعضو حزب أولستر الاتحادي، عن البروتوكول: "إنه ليس أفضل ما في العالَمين، بل هو أسوأ ما في العالمين". يجادل أيكن بأنه بدلاً من أن تحمي الصفقة اتفاقية "الجمعة العظيمة" للسلام الموقعة في عام 1998، التي أنهت الصراع، قوّضت الصفقة أيرلندا الشمالية من خلال قطعها عن سوقها الأساسية، و هي المملكة المتحدة.

تنازلات حتمية

بينما ترى كاويهمي أرشيبالد، زميلة "أيكن" التي تشغل منصب رئيسة اللجنة الاقتصادية في الهيئة التشريعية، وهي عضو في حزب "الشين فين" الجمهوري، أن الأمر يمثل قضية خاصة، توضح أن البروتوكول جرى التفاوض عليه على مدى أربع سنوات، وعزز بالفعل التجارة بين الشمال والجنوب. وتضيف: "يجب أن نبحث عن الفرص الموجودة".

وقال تقرير مجلس اللوردات إن حكومة المملكة المتحدة فاقمت مشكلات البروتوكول من خلال منح الشركات نحو 12 ساعة فقط للاستعداد لتغييرات القواعد التجارية، ودمرت الثقة مع الاتحاد الأوروبي من خلال التهديد باتخاذ إجراء أحادي الجانب في خرق لالتزاماتها تجاه معاهدة "بريكست".

اقرأ أيضاً: لندن ما زالت المركز المالي المهيمن في أوروبا

في الوقت نفسه، كان الاتحاد الأوروبي يبالغ في حماية سوقه الموحدة من خلال تقديم تعريف واسع للغاية للسلع "المعرضة للخطر" الخاضعة لضوابط باهظة الثمن، حسبما ذكر التقرير، الذي اعتبر أن هذا الرأي صحيح بالنظر إلى أن التجارة بقيمة 13 مليار جنيه إسترليني بين أيرلندا الشمالية وبقية دول الاتحاد الأوروبي تمثل 0.0008% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للكتلة.

وفقاً لما قاله اللورد جاي فإن لجنته منقسمة بشدة بشأن البروتوكول، لكنها وافقت على أن التوصل إلى اتفاق بشأن التغييرات يُعَدّ أمراً ضرورياً. وسيتعين على كل من لندن وبروكسل تقديم تنازلات لتحقيق ذلك -كما يقول اللورد جاي-، "وإلا فإن شعب أيرلندا الشمالية هو الذي سيعاني".