ما فائدة هاتف "هواوي" بـ1445 دولار دون تطبيقات "غوغل"؟

لوحة إعلانية إلكترونية لهاتف الجيل الخامس من هواوي طراز "بي40 برو". لا يتضمن الهاتف الجديد  خرائط "غوغل"، أو البريد الإلكتروني "جي ميل"
لوحة إعلانية إلكترونية لهاتف الجيل الخامس من هواوي طراز "بي40 برو". لا يتضمن الهاتف الجديد خرائط "غوغل"، أو البريد الإلكتروني "جي ميل" المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كانت شركة "هواوي تيكنولوجيز" في طريقها لتصبح أكثر شركاء "غوغل" التي تعمل بنظام "أندرويد" إنتاجاً، حتى أدرجتها الحكومة الأميركية في القائمة السوداء الصيف الماضي قاطعةً بذلك أيَّ علاقة لها بوحدة "ألفابيت" (Alphabet Inc). وهو الذي دفع شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة اليوم للبحث عن استراتيجية بديلة لتعويض غياب تطبيقات "غوغل"، وخدماتها من أجهزتها العالمية.

ويشكِّل هاتف "هواوي مايت 40 برو" (Huawei Mate 40 Pro)، الذي اختبرته "بلومبيرغ نيوز"، مؤشِّراً مبكِّراً لما يمكن أن تكون عليه هواتف "الأندرويد" الذكية بدون "غوغل". وتثير الأجهزة التقنية للشركة، التي مقرها شينزين، الإعجاب، ولكن من الصعب تخيُّل أن يقوم أي شخص خارج الصين، بخلاف المتحمِّسين طبعاً لهذه العلامة التجارية، بإنفاق أكثر من 1000 دولار للحصول على هاتف بدون خرائط "غوغل"، أو البريد الإلكتروني "جي ميل".

وقد استطاعت شركة "هواوي" تحقيق نجاحها بسبب قدرتها على الهيمنة على السوق الصينية، في وقت لم تكن فيه خدمات "غوغل" متوفرة منذ فترة طويلة. وتمتلك الشركة أكثر من 490 مليون مستخدم نشطٍ شهرياً على مستوى العالم لمعرضها الخاص للتطبيقات، بما في ذلك خدمة الموسيقى المدعومة بصفقات مع علامات تجارية كبيرة. كما تقدِّم بدائلها الخاصة لخدماتٍ، مثل المتصفح "كروم" ومساعد "غوغل" (Google Assistant).

معرض تطبيقات فقير

وقال أنشل ساغ، كبير المحلِّلين في شركة "مور انسايتس أند ستراتيجي" (Moor Insights & Strategy): "من المفيد أن يكون في حوزة "هواوي" الكثير من الأجهزة المناسبة للسوق الصينيَّة، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنَّ العديد من هذه الأشياء يمكن أن تتناسب، وتنتقل من هذه السوق إلى أسواق أخرى". فمعرض التطبيقات، على سبيل المثال، يفتقر إلى أساسيات "غوغل" مثل الخرائط، و تطبيق "يوتيوب". كما يفتقر إلى أساسيات شركة "فيسبوك"، مثل "واتساب"، و"انستغرام". وهو ما يجعل جهاز "مايت 40 برو" (Mate 40 Pro) بالنسبة لمعظم المستهلكين، مع سعره بالتجزئة الذي يبلغ 1199 يورو (1445 دولاراً أمريكياً) في أوروبا، غير مرغوب فيه، كما أنَّ نسبة توفُّره في الولايات المتحدة الأميركية محدودة.

وقال "بن وود"، رئيس الأبحاث في شركة "سي سي أس إنسايت": "قد يكون الأمر ممكناً إن كنت مهووساً بعض الشيء بهذه العلامة التجارية، ومستعداً للمثابرة عليها وتحملها، ولكنه ليس مصقولاً كفاية حتى يتبناه جموع الناس فيشتروه".

في محاولة لمعالجة ما هو مفقود في هذا الجهاز، طورت شركة "هواوي" نظام للعثور على حزم تثبيت عبر الإنترنت، بالإضافة إلى توفيرها لأداة استنساخ تقوم بنسخ تطبيقات وبيانات أيِّ جهاز "أندرويد" حالي، وهو ما يتطلَّب الكثير من الجهد والعمل بالنسبة لجهازٍ بهذا الثمن الباهظ.

قد يؤدي الاستبعاد لجهاز "مايت 40 برو" (Mate 40 Pro) خارج الصين إلى تقويض مكانته داخلها، إذ لا يزال يعدُّ منافساً كامل الميزات. ويحتوي الهاتف الذي يبلغ حجمه 6.7 بوصة، على شاشة ضخمة، وبطارية، وخدمة شحن لاسلكي، وتصوير متطور متعدد الكاميرات، ومعالج مفصل بتقنية 5 نانومتر، وهو الهاتف الوحيد من هذا القبيل خارج عائلة أجهزة "آي فون" التابعة لشركة آبل" في الوقت الحاضر، وهو ما يشير إلى الريادة التقنية التي بنت عليها شركة "هواوي" نجاحها وصعودها في عالم الهواتف المتحركة، متجاوزةً شركة "سامسونغ" للإلكترونيات في سباق المواصفات.

لكنَّ هذه الريادة والقيادة أصبحت في دائرة الخطر. فالعقوبات الأميركية الأخيرة تعني أنَّ شركة "هواوي" لن تتمكن على الأرجح من الوصول إلى المورِّدين الرئيسيين للرقائق، مما يطرح تساؤلاتٍ حول قدرتها على تشغيل الأجهزة المستقبليَّة. ومن الجدير بالذكر أنَّ شركة "هواوي" كانت قد باعت للتوِّ علامتها التجارية ذات الدرجة الدنيا "أونور" (Honor) بهدف محاولة استعادة الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية.

جذب مطوري التطبيقات

في الوقت الحالي، تعمل الشركة على تحقيق أقصى استفادةٍ ممكنةٍ من وضعها بالعمل على جذب مطوِّري التطبيقات برسوم أقل، وعروض أفضل لمعرض التطبيقات الخاص بها، إذ ستحصل شركة "هواوي" على نسبة 15% من أرباح التطبيقات مقابل نسبة ال 30% المعتادة التي تأخذها "غوغل". وتمتلك الشركة الآن أكثر من 2 مليون مطوِّرِ تطبيقات مسجَّل، أي بزيادة قدرها 87% بالمقارنة مع العام الماضي. وقامت الشركة بمضاعفة عدد التطبيقات المدمجة مع إطار خدمات "هواوي" المتحركة "أتش أم أس كور" (HMS Core) خلال العام الماضي إلى ما يزيد عن 100,000.

وقالت شركة "سي سي أس إنسايتس وود" إنَّ "هواوي": "تقوم بعمل رائع في مساعدة مطوِّري التطبيقات غير الصينيين على دخول السوق الصينية المربحة".

جهاز "مايت 40 برو" الذي يبلغ حجمه 6.7 بوصة، يحتوي على شاشة ضخمة، وبطارية، وخدمة شحن لاسلكي، وتصوير متطور متعدد الكاميرات، ومعالج مفصل بتقنية 5 نانومتر، وهو الهاتف الوحيد من هذا القبيل خارج عائلة أجهزة "آي فون" التابعة لشركة آبل" في الوقت الحاضر

تحدي ضمان الاستمرارية

تتبنى شركة "هواوي" أيضاً عدداً من الأساليب الترويجية من خلال تقديم امتيازات حصرية لجهات مشهورة، مثل "إيه أف كي أرينا" (AFK Arena) من "ليليث غيمز" (Lilith Games). وتقول إنَّ لديها بالفعل العديد من الألعاب، مثل "لوردز موبايل" (Lords Mobile) من "آي جي جي "(IGG)، التي حقَّقت أرباحاً تزيد عن مليون يورو شهرياً في أوروبا عبر منصتها.

وتعتمد شركة "هواوي" في رسم مسار عملها في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية، على حجمها الهائل، وقوتها الهندسية، والتوق العام للاعب ثالث في النظام البيئي للهواتف النقَّالة. وتبشر جهودها للتنافس مع "آبل"، و"غوغل" بالخير بالمقارنة مع المشاريع السابقة من شركاتٍ، مثل "سامسونغ"، و"مايكروسوف".

ولكن، إذا كانت شركة "هواوي" تستطيع توسيع نظامها الحيوي الناشئ إلى حدٍّ تتمكَّن فيه من إقناع العالم بأجهزتها رفيعة المستوى، مثل "مايت 40 برو" (Mate 40 Pro)، فإنَّ التحدي الأول أمامها سيكون هو ضمان استمرارها في إنتاج مثل هذه الهواتف عالية المواصفات.