جائحة كورونا والأمن الغذائي يعززان استثمارات الزراعة العمودية

أزمة كورونا دعمت التوجه نحو اعتماد التكنولوجيا في الزراعة
أزمة كورونا دعمت التوجه نحو اعتماد التكنولوجيا في الزراعة المصدر: بلومبرغ بيزنس ويك
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

الزراعة الحديثة.. قطاع ينمو وتزداد أهميته مع الجائحة


بحلول نهار السبت 14 مارس، وحتى قبل أن يعلن عمدة نيويورك، بيل دي بلازيو، إغلاق كافة المطاعم أمام روَّادها في الليلة التالية، تغيَّر نموذج عمل فيروج بوري بين ليلة وضحاها، وهو الرئيس التنفيذي لشركة الزراعة الداخلية "غوثام غرينز" الواقعة في بروكلين.

وكان من بين عملائه كبرى المطاعم التي بدأت توقف طلبياتها تحت شعار "حتى إشعار آخر"، في حين راحت محلات البقالة التي تتعامل مع شركته عادة، بما فيها "هول فودز ماركت" و"فريش دايركت" وغيرها من سلاسل المحلات الكبيرة، تفعل العكس تماماً، فتطلب كمياتٍ إضافية هائلة من منتجات الخضروات والأعشاب التي تزرعها الشركة محلياً. (رفض بوري أن يطلعنا عن كيفية توزيع أعماله تحديداً بين المطاعم ومحلات التجزئة، إلا أنَّ المطاعم تشكِّل الحصة الأصغر منها، بحسب قوله).

ويضيف: "لم يعد يتوقف هاتفي عن الرنين من قبل متاجر البقالة الكبرى التي راحت تطلب مني توصيل شاحنات إضافية من المنتجات". وكانت شركته "غوثام" جاهزةً لهذا الأمر تماماً، فقد افتتحت ثلاث منشآت في كلٍّ من بالتيمور، وشيكاغو، وبروفيدينس، بالإضافة لمنشأة أخرى في دنفر، وهو ما من شأنه أن يضاعف قدرتها الإنتاجية بثلاثة أضعاف.

وفي الأيام التي تلت الإعلان عن الجائحة، زادت الشركة نسبة زراعتها للمحاصيل بأكثر من 20%. وتقول جين فرايمارك، وهي الشريكة الإدارية التي تشغل منصب الرئيسة التنفيذية للصوبات الزراعية في الشركة أيضاً : " ما يعنيني، كان علينا زرع أكثر

ما يمكننا من البذور".

وبخلاف العمليات المعتادة في الحقول التي تنطوي على مواسم غرس وحصاد منفصلة، تدير "غوثام" مواسم متواصلة على مدار السنة في دفيئاتها القائمة على الزراعة المائية، التي غالباً ما تُبنى على أطلال المنشآت الصناعية القديمة والفارغة، بما فيها مصنع سابق لشركة "Bethlehem Steel Corp " في بالتيمور، ومصنع قديم للألعاب في كوينز في نيويورك.

وتركِّز الشركة على أنواع من الخضروات، مثل الخس الأميركي (butterhead) والحبق، والخس الروماني، بالأخص بعد زيادة حالات تفشي الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء المستورد من الساحل الغربي للولايات المتحدة.

ويمكن أن تُباع مكوِّنات السلطة الأساسية هذه التي تجهز في الشركة ضمن علب بلاستيكية أنيقة، بسعر يبلغ ضعفَي سعر المنتجات المنافسة، الأمر الذي يبرِّر تركيز بوري على سوق الخضروات دون سواه في الوقت الحاضر.

وتستخدم هذه الشركة تقنيات متقدمة جداً في الصوب الزراعية، بالمقارنة مع التقنيات التي تستخدمها المزارع الأقدم. إذ يمكن للمهندسين فيها أن يكيِّفوا عوامل عدة للمحاصيل، مثل الرطوبة، ودرجة الحرارة، وذلك بغرض توفير الظروف الأنسب ليناسب دورة نمو المزروعات في كل الفصول. ولهذا فهي بحسب بوري "نباتات مدللة جداً". وتقول الشركة إنَّه بفضل عوامل، مثل دورات النمو الأقصر مدةً، وعملية إُعادة تدوير المياه الناتجة عن الري بدقة، فإنَّ المزرعة تحصد من المحاصيل يفوق ما تحصده المزارع التقليدية بـ 35 مرةً لكل فدان، في حين تستخدم كمية مياه أقل بنسبة 95% من المياه.

وعندما شاهدت المزارع الكبرى في البلاد أعمالها تتهاوى بين ليلة وضحاها مع إغلاق المطاعم، لم يكن أمام الكثير منها إلاّ رمي محصوله، أو طمره بالتراب قبل أن يُقطَف حتى. أما بوري، فيقول إنَّّ "غوثام"، قد تبّرَّعت للمحتاجين في ذلك الحين ببعض منتوجها الذي كان سيؤول إلى المطاعم، وهي لم ترمِ شيئاً. إذ إنَّ بعض عملائها، مثل الشركة الموزِّعة للمطاعم " Baldor Specialty Foods Inc ". وسلسلة المطاعم "جاست سالاد" واصلتا شراء المنتجات التي صارت تباع بالتجزئة.

وفي قطاع الزراعة الأميركي، لا تتفرد مزرعة "غوثام" وحدها في سعيها لإعادة هيكلة الزراعة وتنظيمها، كي تكون أقرب إلى المستهلك، وأكثر استخداماً للتقنيات المتقدمة، وأقل اعتماداً على الموارد المتضائلة التي تزيد من التحديات التي تواجهها الزراعة التقليدية، مثل المياه والعمالة المهاجرة.

وفي حين أنَّ عدداً من منافسي الشركة انهار أمام التحديات، مثل الحاجة إلى التوسع، واستخدام التقنيات الجديدة مع السعي في الوقت عينه لبيع منتجات أكثر ثمناً، فإنَّ شركة "غوثام" توسِّع نطاق عملها لتغطيَ مناطق جديدة.

ووفقاً لشركة الأبحاث والاستثمار في مجال الزراعة " AgFunder Inc". فقد وصل حجم قطاع "الزراعة الحديثة" بالإجمال إلى 945 مليون دولار عام 2019، في قفزة بنسبة 46% بالمقارنةً مع عام 2018، ويشمل هذا القطاع المزارع العمودية الضخمة بالقرب من المدن، والمزارع الموزَّعة التي تختص بزرع منتجاتها في ممرات متاجر البقالة.

ولكن، حتى مع تزايد الزراعة الداخلية في الولايات المتحدة، فإنَّّه لا تزال أكثر من 90% من الخضروات الورقية، والخضار الأخرى تأتى من كاليفورنيا، وذلك بحسب رولاند فومازي، وهو من كبار المحلِّلين المتخصصين في زراعة الزهور، والفاكهة، والخضار في شركة الخدمات الاستثمارية "رابوبانك".

وقد سلَّط هذا الوباء الضوء على الاضطرابات التي يُمكن أن تصيب سلسلة التوريد الغذائية، التي تزيد كلما طالت هذه السلسلة. ففي مارس، طالت الاضطرابات برَّادات التخزين والشاحنات وأجزاء أخرى من الطرق المعتادة لإدارة الأعمال المتصلة بالأغذية، وهو ما صبَّ في صالح شركات أمثال "غوثام"، التي تجتاز مسافات أقصر بكثير للوصول إلى المستهلك، وذلك بحكم اختلاف طرق إدارة سلسلة توريدها.

وفي الوقت عينه، تسعى شركات أخرى تُعنى بالزراعة الداخلية إلى التوسع لتذهب أبعد من مجرَّد زراعة الحبق، والخس المربحتين. إذ تعمل شركة "هاملتون" في أوهايو التي تملك مزارع تمتد على 80 فداناً، على زرع الطماطم في مزارع عامودية من طوابق عدة. كما عمدت شركة "بووري فارمينغ إنك" في نيويورك، التي تزعم أنَّ إنتاجيتها تفوق 100 مرة إنتاجية زراعة الحقول المعتادة، إلى زرع محاصيل الكرنب والدرنات، والعنب، وذلك ليس لأغراض البيع بالجملة. وتقول الشركتان، إنَّ الجائحة أسفرت عن قفزات هائلة من جهة الطلب على منتجاتهما بالتجزئة.

وقد تُرجِم ذلك بالنسبة إلى "غوثام" بزيادة في عائداتها، فاقت 50% في مارس. وتقوم شركة " Intelligent Growth Solutions Ltd. " في ادنبره بإنتاج معدَّات يمكن أن تزيد من محاصيل جذرية كالجزرن واللفت، والفجل، والبطاطا، والبصل الأخضر، والخضروات الورقية، وهي تبني وتبيع أبراجاً، ومحطات زراعية عمودية عالية الأتمتة للشركات التي تشغِّلها.

وقد زاد الطلب على منتجاتها "مرَّتين على الأقل" منذ بدء الجائحة بحسب رئيسها التنفيذي ديفيد فاركوهار، وهذه الطلبات ترِد من كافة أنحاء العالم.

غير أنَّ ذلك لا يعني أنَّ العمليات التقليدية في الحقول ستزول عمَّا قريب، بل إنها ستبقى المصدر الرئيسي للفاكهة والخضار لفترة طويلة. وفي الولايات المتحدة، ستستمرُّ هذه المنتوجات بالوفود من كاليفورنيا طوال الجزء الأكبر من العام. وستستمر المزارع بمواجهة المشاكل عينها التي تفاقمت، وأبرزها شحُّ المياه والعمالة بحسب دايف بوليا، الرئيس والمدير التنفيذي لـ "ويسترن غروورز" الذي قال: "إنَّ التحديات التي كانت تواجه أصحاب المزارع قبل فيروس كورونا، معروفةٌ جيداً لأنَّنا نطلب المساعدة منذ وقتٍ طويل".

حماية الأيدي العاملة

وأمَّا ما يتصل بالعمالة، فقد ساهم فيروس كورونا بتفاقم المشكلة التي كانت قائمةً أصلاً. فزراعة الحقول التقليدية تتطلب عمل الأشخاص في مسافات قريبة من بعضهم، إذ يتعيَّن عليهم غالباً الوجود بالمنطقة ذاتها؛ إمَّا لقطف المنتوج أو لتوضيبه. وفي حين أنَّّه يجري العمل على تطوير الآلات للحلول مكان الإنسان منذ سنوات، لا تزال التقنية عاجزة عن تقليد دقَّة العمل التي تضفيها اللمسة البشرية. وقد أدّت متطلبات العمل الزراعي هذه إلى تفشي حالات كوفيد في المزارع في كلٍّ من نيو جيرسي، وتنيسي، وواشنطن، وذلك مع اقتراب ذروة موسم الحصاد.

ويبذل القطاع الزراعي كلَّ ما بوسعه لحماية العمَّال على المدى القصير بحسب بوليا، بما في ذلك زيادة وعيهم وإرغامهم على التباعد الاجتماعي. (فذلك لا يحمي العمَّال فحسب، بل يحمي المحاصيل أيضاً، وبالتالي الأرباح النهائية). ومع ذلك، يبقى بعض المزارعين أكثر جهوزية من سواهم لإجراء التغييرات اللازمة للحفاظ على صحة اليد العاملة.

وتمتلك مزارع "تالي فارمز" في أرويو غراندي في كاليفورنيا 1600 فدان من المحاصيل المتنوعة، مثل الملفوف، والسبانخ، والفلفل. وغالباً يأتي عمَّالها الذين يبلغ عددهم 275 في ذروة الموسم عبر برنامج تأشيرات "H-2A" للعمَّال الزراعيين المؤقتين الذين يعيشون في مساكن تؤمِّنها المزرعة بحسب شروط هذا البرنامج الحكومي، غير أنَّ المسكن يشكل التحدي الأكبر في منع تفشي هذا الفيروس الفتَّاك.

وكانت المزرعة التي أنشأتها عائلة راين تالي (أحد ملاك المزرعة) عام 1948، قد وُسعت في العقود التالية لتعمل في توضيب الخضار، وشحنها أيضاً، كما تعدُّ من الأمثلة النموذجية في مواجهة التحديات المتعلقة بالزراعة في عصر كورونا.

ويقول تالي إنَّ مزرعته مجهَّزة على نحو يفوق المعتاد، وذلك لأنَّ معظم عمَّالها يعيشون في منازل فعلية، بما في ذلك المنازل التي كانت على أرض المزرعة، عندما تمَّ شراء الأرض وأخرى تم بناؤها بعد ذلك، عوضاً عن المهاجع الشبيهة بالقبو، التي من الشائع للمزارعين الحاصلين على تأشيرة "H-2A" أن يناموا فيها. ويتضمن كل منزل غرفَ نوم قليلة، وكل منها يضمُّ عدداً صغيراً من الأشخاص، ويتمُّ تنظيفها يومياً قبل أن يعود العمَّال إليها من الحقل.

وفي الحقل، لا يقف عمَّال القطف ملتصقين بعضهم مع بعض؛ فهم يقومون برمي نبتات الكزبرة والملفوف في حاويات تُعرف بأدوات "مساعدة الحصاد"، ويتم ربطها بجرار، وتنقل، ثمَّ يتم توزيع العمل، وكلُّ عامل يرتب ما يقطفه من الثمار. ولا يتم أي قطف فعلي بشكل ميكانيكي، مع أنَّ تالي وآخرين يدركون أنَّ القطاع ذاهبٌ باتجاه الاعتماد على آلات بشكل أكثر.

ويضيف تالي قائلاً: "إنَّ قطاعنا يتطلب عمالة يدوية مكثَّفة، ونظراً إلى ارتفاع الحدِّ الأدنى للأجور، وفرض دفع بدل ساعات العمل الإضافي هنا في كاليفورنيا، فإنَّ دوام العمل آخذٌ بالتقلُّص"، وهو يشير بذلك إلى القوانين الداعمة للعمَّال التي تزيد من الأجور بالساعة، وتفرض شروط دفع بدل أتعاب العمل الإضافي. فيقول: "الاعتماد على الآلات هو المستقبل".

ويتفق المستثمرون مع هذا التوقُّع، فقد تمكَّنت شركات تطوير روبوتات الزراعة والمكننة والمعدات من جمع 184 مليون دولار من رؤوس الأموال المغامرة عام 2019 في زيادة بنسبة 38% بالمقارنةً مع العام السابق، بحسب "آغ فاندر". ويقول بوليا: "على المدى الطويل، نأمل أن نكون قد نقلنا مزيداً من العمالة إلى وظائف أعلى أجراً، إذ يقومون بأنفسهم بتشغيل الآلات، فنقلِّل بذلك من خطر انتقال العدوى بينهم. وذلك يعني تشغيل عدد أقل من العمال، والاستعانة بعدد أقل من العمالة المهاجرة القادمة بتأشيرات العمل، أو من دون وثائق ثبوتية على الإطلاق".

وبقيَت "تالي فارمز" إلى حدٍّ كبير بمنأى عن أسوأ الضربات المالية التي نجمت عن جائحة (كوفيد-19)، بما أنَّّ عملها المتعلق بخدمات الأغذية لا يشكِّل سوى 10 إلى 15% من أعمالها. وشهد أحد برامج "تالي" التي توضِّب علب منتجات من "المزارع إلى المستهلك" قفزةً نوعيةً كونَّها توصل منتجات محلية طازجة إلى المستهلكين مباشرة، شأنها شأن الكثير من المزارع الأخرى في أنحاء البلاد.

وقد زاد الطلب مع بقاء المستهلكين في منازلهم والطهو بأنفسهم، وتجنَّب الكثير منهم الحشود في متاجر البقالة. لكنَّّ هذه النقلة من التعامل مع جهات مختلفة نحو المستهلكين مباشرة، نالت نصيبها من الخسائر. إذ يقول تالي: "لقد اضطررنا إلى رمي القليل من منتوجنا"، بما في ذلك ألفَي كرتونة من الملفوف، تزن كل منها 60 رطلاً. كما أنَّ إدارة الشؤون اللوجستية المترتبة على توصيل الأطعمة القابلة للتلف، تعني أنَّ تغييرات بهذا الحجم باهظة التكلفة.

ولا يتوقع تالي أن تتمكن مزرعته من تحمُّل تكلفة آلات القطف الميكانيكية عندما تصبح متوفرة لإحدى المحاصيل التي يزرعها، بل على الأرجح أنَّ المزارعين أمثاله سيستأجرون مثل هذه الآلات ولن يملكوها، بحسب المحلل فومازي من شركة الخدمات الاستثمارية "رابوبنك" الذي يقول: "النظر للحصاد كخدمة، كثيراً ما كان هذا الأمر منطقيَّاً ".

وفي قطاع الزراعة الحديثة، يتمُّ معظم العمل أصلاً بالآلات، وما لا تقوم به هذه الأخيرة الآن (وهو الحصاد)، ستقوم به عمَّا قريب على الأرجح. كما أنَّ الموظفين الذي يعملون في هذا القطاع لا يعيشون معاً، ومن غير المرجَّح أن يكونوا من العمالة المهاجرة. لأنَّ معظمهم من سكان المدينة الذين يعملون في وظائفهم بدوام كامل على مدار السنة. إلا أنَّّ العثور عليهم يمكن أن يكون صعباً بعض الشيء، فالذين يتحلون بالتدريب اللازم لا يزالون قلةً. غير أنَّ جائحة فيروس كورونا، سلَّطت الضوء على قدرة هذه النظم على الصمود.

نقل شتلات الفلفل الحلو من مشتل داخلي إلى الحقول في مزارع "تالي فارمز". تصوير: أليكس طهراني لـبلومبرغ بيزنس ويك

ويمكن لتكاليف البدء في عمليات الزراعة الداخلية أن تكون باهظة جداً، بالإضافة إلى تكلفة فواتير الكهرباء التي ستكون مكلفة أيضاً، بحسب مصدر الطاقة المعتمد، وتنعكس هذه الأسعار في متاجر البقالة عند بيع هذه المنتجات غالباً . غير أنَّ منافع بقاء المنتجات صالحةً لمدة أطول، واستخدام كميات أقل من المياه، ومبيدات الحشرات (هذا إن تمَّ استخدام هذه الأخيرة أصلاً)، وتدني الجراثيم التي تنقلها الأغذية كلها عوامل ستستمر في جعل نماذج العمل هذه أكثر جاذبية.

غير أنَّ ذلك لا ينطبق على كل المنتجات الزراعية، إذ يقول فومازي في هذا الإطار: "لكي ينجح هذا النموذج الاقتصادي، يجب أن يركِّز على المحاصيل عالية القيمة، مثل الأعشاب، وأصناف الخضار المميَّزة، وأنواع التوت".

ويتابع القول، إنَّ الشركات التي تتحلى بأفضل فرصة للنجاح هي تلك التي تركِّز على نماذج التوزيع الإقليمية، بدلاً من الإفراط في التركيز على التوزيع المحلي، الذي يُمكن أن يضع المنتِج في وضعٍ حرج، إذا أرغمته الأحوال الجوية القاسية على حصر أعماله ضمن حدود المدينة التي هو فيها مثلاً.

أمَّا نموذج "غوثام"، فهو إقليميٌّ، ويتجه بالتوسُّع أكثر نحو الغرب مع إنشاء نقطته الجديدة في دنفر، في حين لا تزال المزارع الأخرى الحديثة شديدة التركيز على السوق المحلية.

وأمَّا بالنسبة إلى البلدان التي يصعب فيها النفاذ إلى مصادر التوريد الغذائية المحلية، مثل جزيرة سنغافورة الصغيرة، أو الصحارى في الشرق الأوسط، فتعمل الحكومات أكثر فأكثر على تمويل هذه المشاريع للزراعة الحديثة، وذلك بحسب هنري غوردن سميث، المؤسِّس والمدير العام لشركة "Agritecture Consulting"، وهي شركة جديدة تُعنى بالاستشارات في المجال الزراعي، الذي أضاف: "تقول هذه الدول إنَّ جائحة فيروس كورونا بيَّنت لهم سرعة تأثر سلسلة توريد الأغذية لديهم".