دراسة: الحياة في المدن الكبرى لا تجعلك مكتئباً

وجدت دراسة جديدة أن التفاعلات الاجتماعية غير الرسمية في المدن الكبرى يمكن أن تساعد في محاربة الاكتئاب
وجدت دراسة جديدة أن التفاعلات الاجتماعية غير الرسمية في المدن الكبرى يمكن أن تساعد في محاربة الاكتئاب المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عانت المدن كثيراً من تشويهات تدَّعي أنَّها مسبِّبة للتوتر، وأنَّ ذلك يؤدي لارتفاع معدلات الاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى. لكنَّ بحثاً حديثاً يشير إلى أنَّ المدن الكبرى لديها بالفعل بعض الفوائد المتعلِّقة بالصحة العقلية مقارنة بنظيراتها الأصغر حجماً.

تعتمد الدراسة، التي سيتمُّ نشرها في 3 أغسطس في مجلة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" بالولايات المتحدة الأمريكية، على نماذج رياضية، وقواعد بيانات متعددة لمحاولة قياس مدى تأثير حجم المدينة، و"البيئة العمرانية" مثل المباني والطرق على الاكتئاب.

وتبيّن أنَّ التفاعلات الاجتماعية العارضة التي تفرضها علينا المدن الكبرى- حتى تلك الباردة أو القاسية في بعض الأحيان- تساعد في خفض إجهاد الصحة العقلية، كما أنَّ الأفراد أصحاب الخطى السريعة يرون أشخاصاً آخرين على الأقل. في حين أنَّ المدن الأصغر حجماً ذات مستويات الضوضاء الأقل قد لا تقدِّم القدر نفسه من الفوائد المساهمة في مكافحة الاكتئاب.

يقول أندرو ستيير، طالب الدكتوراه في علم النفس بجامعة شيكاغو، إنَّه يلزم إجراء المزيد من البحوث، على أنَّ هناك دروساً محتملة لجهات التخطيط الحضرية. "ستتير" أيضاً، هو المؤلِّف الرئيسي لدراسة "الأدلة والنظريات لانخفاض معدلات الاكتئاب في المناطق الحضرية الكبيرة بالولايات المتحدة".

التفاعل الاجتماعي

أما بالنسبة لجهات التخطيط في المدن والضواحي الأصغر للاستفادة من هذه النتيجة؛ فإنَّ الأمر كله يتعلَّق بزيادة فرص التفاعل الاجتماعي.

وأضاف "ستيير" في مقابلة: "هل يمكننا خلق ابتكارات لجعل الناس يتنقَّلون حول المدينة بشكل أكثر، ولتحسين وصول الأشخاص المعزولين عن بقية المدينة، حتى يتمكَّن الناس فعلياً من السفر إلى أحياء أخرى؟".

وقال: "مازال علينا أن ننظر ونرى ما تظهره البيانات عن هذا الأمر، لكن هذه ستكون أكثر الأفكار الواعدة على مستوى أدنى من هذا البحث".

لقد حلَّل "ستيير" وزملاؤه أربع قواعد بيانات حول معدلات الاكتئاب في مختلف المناطق الحضرية الأمريكية، وذلك في محاولة منهم لإيجاد "أعراض الاكتئاب".

وقواعد البيانات هذه تتمثَّل في المسح الوطني المتعلِّق بتعاطي المخدرات والصحة التابع لإدارة الصحة العقلية، وإساءة استخدام العقاقير، ونظام مراقبة عامل الخطر السلوكي التابع لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فضلاً عن مجموعتين من بيانات الأفراد ورسائلهم على موقع "تويتر".

بالإضافة إلى ذلك، قام الباحثون بمراقبة التعليم، ومعدل التغيُّر السكاني، والعِرق، وتأثيرات الدخل على معدلات الاكتئاب في المدن الكبرى. وكانت أحدث البيانات المتاحة خاصة بعام 2019، وبالتالي فهي لا تأخذ في الاعتبار أي تداعيات لتفشي وباء كوفيد-19.

المدن أقل عزلة

لقد تمَّ التأكيد على العلاقة بين التفاعل الاجتماعي والصحة النفسية باستمرار في المجال الطبي، بحسب ما قال الدكتور دان إيوسيفيسكو، الأستاذ المشارك في الطب النفسي ومدير الأبحاث السريرية بمعهد "ناثان إس كلاين" لأبحاث الطب النفسي، المرتبط بجامعة نيويورك لانغون. جدير بالذكر أنَّ عمليات الإغلاق المرتبطة بكوفيد-19 تجعل البحث في الموضوع أكثر أهمية.

وأوضح إيوسيفيسكو، الذي لا علاقة له بالدراسة: "تنطوي المدن على بعض المزايا، لأنَّ كل هذه الاضطرابات، والاكتئاب، والقلق ترتبط حقاً بتراجع العزلة الاجتماعية- وهذا الأمر هو السبب بشكل جزئي في أنَّ هذا الوباء كان مروِّعاً جداً بالنسبة للصحة العقلية".

وأضاف: "على الرغم من أنَّ المدن مرهقة من نواحٍ كثيرة، إلا أنَّها تتمتَّع في الواقع بقدر أقل من العزلة، وقدرة أكبر على حدوث تواصل بين الأفراد".