خلال 2020، أضافت الولايات المتحدة أكبر عدد من القدرة التوليدية للطاقة الشمسية في تاريخها. المصدر: بلومبرغ

تسريع الاستثمار بالبنية التحتية ضروري لتحقيق تعهدات أمريكا المناخية

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعد سنوات من الانتظار، شهدت الولايات المتحدة أخيراً أسبوع البنية التحتية الذي طال انتظاره. فقد توصَّل أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في يوم الأربعاء الـ28 من يوليو الماضي، إلى توافق من جانب الحزبين الديمقراطي والجمهوري بشأن مشروع قانون لتمويل مشاريع البنية التحتية بقيمة 550 مليار دولار، إذ عملوا على وضع اللمسات الأخيرة على نصِّ المشروع خلال عطلة نهاية الأسبوع المنتهية في يوليو الماضي. وفي يوم الأحد التالي، قال زعيم الأغلبية، تشاك شومر، إنَّ التصويت على مشروع القانون قد يتمُّ "في غضون أيام".

الوصول للأهداف الصفرية

وفي حين كان أعضاء الكونغرس الأمريكي يناقشون مدى ضخامة مبلغ التمويل، كان باحثون في مركز "أندلينجر للطاقة والبيئة " في "جامعة برينستون"، يعدون تقريراً يوضِّح أنَّ على وتيرة الاستثمار في البنية التحتية التسارع بدرجة كبيرة في البلاد، للوصول لهدف الرئيس جو بايدن المتمثِّل في تحقيق صافي انبعاثات صفرية من الغازات الدفيئة بحلول عام 2050.

يقول كريس غريغ، كبير الباحثين في "جامعة برينستون"، وأحد مؤلفي الدراسة، التي نُشرت في الثاني من أغسطس، إنَّ "مسألة تسارع وتيرة الاستثمار في البنية التحتية تعدُّ قضية بالغة الأهمية. وإذا قمنا بالاستمرار بفعل الأشياء بالطريقة التي اعتدنا عليها، فنحن سنفشل في هذه المهمة نحو الحياد الكربوني بحلول عام 2050".

يُذكر أنَّ تحليل الفريق الأخير اعتمد على تقرير سابق لفريق أبحاث "جامعة برينستون" أيضاً، وهو يحمل عنوان "تقرير حياد الكربون في أمريكا"، كان قد نُشر في نهاية العام الماضي، وقد حدَّدت الدراسة آنذاك خمسة مسارات "يمكن تحقيقها تقنياً واقتصادياً"، لإزالة الكربون من الاقتصاد الأمريكي بحلول عام 2050.

يأخذ التقرير الجديد في نطاقه اثنين من هذه المسارات الخمسة، أحدهما يعتمد بشكل أكبر على المصادر غير المتجددة للطاقة النظيفة، مثل توليد الكهرباء من الطاقة النووية، في حين يستخدم الآخر الطاقة النظيفة بنسبة 100%. وفي كلتا الحالتين، وحتى في ظل السياسات الداعمة للبيئة، لن تقطع الولايات المتحدة سوى نصف الطريق نحو تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، إذا استمرت في تنفيذ مشاريع البنية التحتية بالمعدل الحالي.

الطاقة الشمسية

من المهم أن نعرف وضعنا الحالي، حتى نتمكَّن من تقدير مدى السرعة التي نحتاج أن نتحرَّك بها لتحقيق أهداف المستقبل. ووفقاً لـ"رابطة صناعة الطاقة الشمسية"، فقد حطَّمت الولايات المتحدة الرقم القياسي الخاص بها في مجال تركيب محطَّات الطاقة الشمسية خلال العام الماضي، إذ أضافت البلاد ما مجموعه 19.2 غيغاواط من القدرة التوليدية للطاقة الشمسية.

ولكن، بالرغم من كلِّ قدرة الطاقة الشمسية الجديدة هذه؛ فإنَّ الولايات المتحدة ستحتاج لأن تزيد قدرتها عبر إضافة محطات بسعة 800 ميغاواط أسبوعياً، للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية في غضون 30 عاماً، وفقاً للدراسة.

يُذكر أنَّ حجم إنشاء محطة واحدة للطاقة الشمسية بقدرة 400 ميغاواط، يعادل حجم 130 ملعباً أولمبياً بطوكيو، وبحسب مؤلفي الدراسة؛ فإنَّ بناء ذلك سيستغرق ثلاث سنوات ونصف في ظلِّ الظروف الحالية.

خمسة تغييرات رئيسية

سيتطلَّب تسريع هذا الجدول الزمني الحالي، إجراء خمسة تغييرات رئيسية في الطريقة التي تخطط وتطوِّر بها الولايات المتحدة مشاريع البنية التحتية، وهذه التغييرات هي: التفكير بقيمة المشاريع بما يتجاوز العائدات المالية، واستخدام تقنيات الطاقة المتجددة الحالية مع الاستثمار في تقنيات جديدة أيضاً، وتوحيد التصاميم من أجل قابلية توسع أكبر وأسرع، وتعزيز التعاون بصورة أكبر بين الحكومة، والمجتمعات، وأسواق رأس المال. وأخيراً، تبنّي التكنولوجيا الرقمية لتشغيل النظام بأكمله.

هندسة أسترالية

تمَّ إجراء الدراسة الأخيرة بالشراكة مع "وورلي بارسونز " (Worley)، وهي شركة هندسية أسترالية تضمُّ في محفظتها عدداً من مشاريع الطاقة النظيفة، بما في ذلك أوَّل مصنع للهيدروجين الأخضر في أيرلندا، ومصنع صلب في بلجيكا يعمل على إعادة تدوير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحويلها إلى وقود حيوي من الإيثانول.

ومن جهته، لا يخفي كريس أشتون، الرئيس التنفيذي لشركة "وورلي"، تفاؤله، ويقول: "قدرة العالم على تحقيق أمور استثنائية عندما نتكاتف لتحقيق هدف ما للصالح العام، هي مبهرة للعقل على أقل تقدير". ويتابع أشتون، إنَّ الشركات الكبرى بدأت تنتبه أيضاً لتلك المتطلَّبات، مشيراً إلى حملة المساهمين الأخيرة التي نجحت في وضع اثنين من المصلحين البيئيين ضمن مجلس إدارة شركة النفط العملاقة "إكسون موبيل"، قائلاً: "أتوقَّع أن نرى (إكسون موبيل) في الوقت الحالي تتخذ مجموعة مختلفة من القرارات، بناءً على ما حقَّقته شركة (إنجين نمبر 1)".

مشروع البنية التحتية

ومع ذلك، يبقى الوضع مختلفاً في الكونغرس الأمريكي. فحتى لو أقرَّ مجلس الشيوخ مشروع قانون البنية التحتية؛ فإنَّه ما يزال بعيداً عن كونه أمراً محسوماً، إذ يطالب أعضاء مجلس النواب بالفعل بإجراء مراجعات للقاون. لكن بالنسبة إلى غريغ، كبير الباحثين في "جامعة برينستون"؛ فإنَّ صياغة السؤال بالطريقة الصحيحة تساعد في تبسيط الأمور إلى حدٍّ كبير. إذ يقول: "النجاح في المهمة غير قابل للنقاش". ويضيف: "يتعيّن علينا تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050، أي قصور في ذلك لن يكون مقبولاً. عندما تنظر إلى هذا التحدي من تلك الزاوية؛ فإنَّها تدفعك للتفكير بالأمور بشكل مختلف".