بعد وصفها بـ"الأفيون الروحي".. هل تهاجم بكين “تينسنت" من جديد؟

فقدت شركة "تينسنت" حالياً أكثر من 110 مليارات دولار أو حوالي 17% من قيمتها السوقية منذ بداية الأسبوع الماضي، ويضرب الذعر البيعي سهم الشركة وسط مخاوف من تحويل دفة حملة بكين إلى اسهم قطاع الألعاب
فقدت شركة "تينسنت" حالياً أكثر من 110 مليارات دولار أو حوالي 17% من قيمتها السوقية منذ بداية الأسبوع الماضي، ويضرب الذعر البيعي سهم الشركة وسط مخاوف من تحويل دفة حملة بكين إلى اسهم قطاع الألعاب المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

هوت أسهم "تينسنت هولدينغز" بما يصل إلى 11% يوم الثلاثاء، بعدما انتقد فرع من وكالة الأنباء الرسمية الصينية بشدة "الأفيون الروحي"، و"المخدرات الإلكترونية" للألعاب، ما دفع أكبر شركة في الدولة إلى الإعلان عن احتمالية حظر اللعب تماماً على الأطفال دون سن 12 عاما.

وأثار الحدثان المتتاليان المخاوف من أن بكين ستضع أنظارها تالياً على الترفيه عبر الإنترنت بعدما كبحت قطاعات التجارة الإلكترونية ومشاركة السيارات والتعليم عبر الإنترنت، وتعرضت "تينسنت" ومنافساتها "نت إيز" (NetEase)، و"إكس دي" (XD) لموجة بيع حادة بعدما نشرت صحيفة تديرها وكالة أنباء "شينخوا" نقدا لاذعا للقطاع، واستشهدت "ذي ايكونوميك انفورميشن ديلي" بتلميذ يقول إن بعض زملائه في المدرسة يلعبون لعبة "تنسينت" "Honor of Kings" - واحدة من أكثر الألعاب شهرة - ثمان ساعات يومياً، وطالبت الصحيفة بضوابط أكثر صرامة على الوقت الذي يقضيه الطلاب في اللعب.

التعهد

كان لهذا النقد تأثيرات امتدت عبر أكبر ساحة ألعاب على الهواتف في العالم، وتمت إزالة الرابط المؤدي للمنشور بعد ساعات دون تفسير، رغم أن القصة لا تزال متواجدة في النسخة المطبوعة، وقدمت "تينسنت" بنفسها في وقت لاحق يوم الثلاثاء تعهدا موجزا بأن تقلص وقت اللعب أكثر للقاصرين إلى ساعة واحدة خلال أيام الأسبوع، وما لا يزيد عن ساعتين خلال العطلات وأيام الإجازة، كما تخطط لمنع المشتريات داخل اللعبة لمن هم دون سن الـ12، وستبدأ بلعبتها الرئيسية، كما طرحت الشركة - باقتضاب- احتمالية استكشاف إمكانية فرض حظر عبر القطاع بأكمله لجميع الألعاب لمن هم دون سن الـ12 عاما.

مذبحة أسهم "التعليم" تُدمي بورصات الصين وهونغ كونغ

عوض سهم "تينسنت" بعضاً من خسائره في تداولات بعد الظهيرة، لكن أثار المقال شديد اللهجة مخاوف المستثمرين القلقين بالفعل بعد حملة بكين الشرسة على قطاعات الإنترنت، ما أشعل فتيل موجة بيع على الأسهم الصينية بقيمة تجاوزت التريليون دولار في مرحلة ما.

يواصل المستثمرون القلقون إعادة تقييم ممتلكاتهم في الوقت الذي يحسبون فيه التداعيات طويلة الأجل للحملة على الشراء؛ بدءاً من "آنت غروب" و"علي بابا" المملوكتين لجاك ما وصولا إلى "ميتوان" و"ديدي غلوبال" المدعومتين من "تينسنت".

ذعر بيعي

فقدت شركة "تينسنت" حالياً أكثر من 110 مليارات دولار، أو حوالي 17% من قيمتها السوقية منذ بداية الأسبوع الماضي عندما كثفت بكين حملتها بحدة.

وجاء في المقال نقلاً عن أكاديمي في معهد مدعوم من الدولة: "لا ينبغي لقطاع أو رياضة أن تزدهر على حساب تدمير جيل بأكمله".


سهم "تينسنت" الخاسر الأكبر على مستوى العالم بعد تبخر 170 مليار دولار من قيمته السوقية

تسللت المخاوف يوم الثلاثاء إلى أسهم الألعاب اليابانية والكورية أيضاً، وانخفضت أسهم "نكسون"، التي تحصل على 28% من إيراداتها من الصين، بمقدار 10% وهي أكبر نسبة هبوط منذ 13 مايو الماضي ليصل لأدنى مستوياته منذ مايو 2020.

قال كي يان، محلل لدى "دي زي تي ريسيرش" (DZT Research) في سنغافورة: "لا يمكنك أبداً إعارة القليل من الانتباه لأي قصة تنشرها "شينخوا".. ويعد اختيار كلمة "الأفيون الروحي" قاسيا بشكل خاص، وسيكون عدم اتخاذ المشرعين أي تصرف تجاه الأمر مثيراً للدهشة".

ليست المرة الأولى

اصطدمت الشركة الأعلى قيمة في الصين سابقاً مع المُشرعين، وأبرز ذلك كان في 2018 عندما أطلقت الجهات الرقابية حملة على إدمان الألعاب وعلقت مؤقتاً تراخيص إدرار الدخل ما أعاق أعمال "تينسنت" الرئيسية، وفي الواقع، استُخدم مصطلح "الأفيون الروحي" في وسائل الإعلام الصينية في السابق للفت الانتباه إلى انتشار الألعاب بين الشباب، ويعود إلى عصر ألعاب الحاسوب في مقاهي الإنترنت.

هكذا يخطط الرئيس الصيني لإعادة تشكيل قطاع التكنولوجيا العملاق

واستجابة لذلك، قلصت "تينسنت" أوقات اللعب للقاصرين وفرضت تدابير أخرى لمحاولة الحد من الإدمان، وثبتت الشهر الماضي فقط أنظمة تعرف على الوجه لألعاب معينة لمنع الأطفال من استخدام هويات آبائهم في عمليات الشراء داخل الألعاب، وفي الربع الرابع من 2020، شكل القاصرون تحت سن 18عاما 6% فقط من إجمالي عائدات الألعاب عبر الإنترنت للشركة في الصين.

رأي بلومبرغ إنتليجنس

يقول ماثيو كانترمان، المحلل في "بلومبرغ انتليجنس"، إن جهود "تينسنت" و"نت إيز" خلال السنوات الثلاث الماضية لتقليل وقت اللعب للاعبين الأصغر سناً وتحسين ضوابط المحتوى قد تحميهما من جولة أخرى من التدقيق على قطاع الألعاب عبر الإنترنت في الصين.

ومع ذلك، يرى كانترمان أن هناك تكاليف أعلى محتملة على المدى القصير نتيجة الحاجة لتسريع إدراج فحص الهويات وغيرها من الأنظمة في الألعاب لمنع اللاعبين الأصغر من الوصول إلى محتوى غير مناسب.

من غير الواضح ما إذا كان المشرعون يعتزمون حالياً إعادة التركيز على قطاع الألعاب أو أجزاء أخرى من إمبراطورية الإعلام والترفيه الواسعة الخاصة بـ"تينسنت". في 27 يوليو، قالت "تينسنت" إنها علقت تسجيلات المستخدمين الجدد على تطبيق الرسائل الفائق "وي تشات"، ما عزز المخاوف من نوايا بكين تجاه رائدة قطاع الألعاب.

تعرضت أسهم "تنسينت" ونظيراتها في الأسابيع الماضية لموجات بيع عنيفة، بعدما أعلنت الصين عن القيود الأكثر صرامة على الإطلاق على قطاع التعليم على الإنترنت، وأطلقت مجموعة من المراسيم الأخرى التي تنظم النشاط غير القانوني على الإنترنت وأنشطة توصيل الطعام.

شرعت حكومة شي جين بينغ في الأشهر التسعة الماضية في سلسلة من الحملات القمعية على شركات القطاع الخاص الأكثر نفوذاً في الصين، بسبب قضايا تتراوح من مكافحة الاحتكار إلى أمن البيانات، إذ تسعى الدولة إلى كبح جماح نفوذ عمالقة التكنولوجيا.

الصين تطالب شركات الإنترنت العملاقة بتعزيز حماية أمن البيانات

وقال تشين يكونغ، العضو المنتدب لشركة "بكين تشنغ يانغ أسيت مانجمنت" (Beijing Chengyang Asset Management): "تسير السوق على حافة الهاوية وهي متقلبة للغاية، خاصة بعد الأسبوع الماضي، لكن أعتقد أن ذلك لن يجلب سوى المزيد من التعديلات الفنية لكيفية القيام بالأشياء، وليس المزيد من عوامل المخاطر التي لم تستعد السوق لها".

وأضاف: "حدث ذلك من قبل، ووُضعت جميع الآليات لمنع الإدمان، لكن بالطبع ستظل هناك ثغرات".