كائنات فضائية وأجنَّة معدَّلة... المستقبل سيكون أكثر غرابة مما نتوقع

يتوقع علماء ناسا ظهور علامات على وجود كائنات فضائية بحلول عام 2025
يتوقع علماء ناسا ظهور علامات على وجود كائنات فضائية بحلول عام 2025 المصدر: أ.ف.ب
Tyler Cowen
Tyler Cowen

Tyler Cowen is a Bloomberg Opinion columnist. He is a professor of economics at George Mason University and writes for the blog Marginal Revolution. His books include “The Complacent Class: The Self-Defeating Quest for the American Dream.”

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إلى أي مدى سيكون المستقبل غريباً؟ قليلاً فقط أم سيكون غريباً بكل ما في الكلمة من معنى وبشكلٍ جذري وصريح وبما لا يخطر على بال؟ وهل سيكون هذا المستقبل بعد ألف عام من الآن أم 100؟

فكرة أن المستقبل سيكون أغرب مما نعتقد، وسيأتي عاجلاً، هي احتمالية طرحها هولدن كارنوفسكي، المدير التنفيذي المشترك لمؤسسة الأبحاث والمنح "أوبن فيلانثروبي" (Open Philanthropy)، وهي فكرة مثيرة للاهتمام والجدل.

الهندسة الوراثية

أحد العوامل المعقدة التي ستصبح ممكنة هو الأشكال المختلفة للهندسة الوراثية، ومع تقدم علم الجينوم، سنكون قادرين على تغيير المسار المستقبلي للبشرية، وأبسط شكل هو اختيار الأجنة، إذ يمكن للوالدين اختيار صبي بدلاً من فتاة، أو طفل له بعض الخصائص دون غيرها، وستصبح قدرتنا على القيام بذلك دقيقة بشكلٍ متزايد، ومن المحتمل أيضاً أن تكون أنواع التلاعب الجيني المباشرة ممكنة.

ربما لن يرغب معظم الآباء في القيام بذلك لحماية أطفالهم من العيوب الخلقية المحتملة، لكن من الواضح أن بعض الآباء سيفعلون ذلك، وبالتالي ستنقسم البشرية إلى مجموعات ذات تواريخ وراثية مختلفة، وهو أمر لم يحدث في التاريخ الحديث للبشرية.

إبطاء الشيخوخة

والاحتمال الحقيقي الآخر هو أن تصبح أبحاث طول العمر مثمرة، وحالياً، يبدو من الممكن بشكلٍ متزايد أن نتمكن من العبث "بساعات" بيولوجية مختلفة لإطالة العمر وإبطاء الشيخوخة.

وقضية متوسط العمر المتوقع الأطول ليست بالأمر الجديد، لكن هنا أيضاً يمكن أن يحدث إنجازاً جوهرياً، ويمكن أن يكون هناك العديد من الأشخاص الذين يعيشون حياة جيدة بعد بلوغهم الـ100 عام، ولا يعانون من مشاكل صحية كبيرة.

وبافتراض أن هذه التطورات لن تصل إلى جميع الناس دفعة واحدة، فإن العالم سينقسم مرة أخرى، وسيسعى البعض إلى تحقيق هدف "سرعة الإفلات"، أي محاولة العيش لفترة كافية بحيث يتم اكتشاف علاجات جديدة لموتهم الوشيك.

وعلى طول الطريق، قد تمنحنا الهندسة العصبية القدرة على تحريك وتغيير أماكن الأشياء المادية فقط باستخدام عقولنا، وأصبح هذا ممكناً بالفعل مع القرود، وإن كان ذلك بشكلٍ محدود.

الكائنات الفضائية

أيضاً من المحتمل أن نحصل على دليلٍ قاطع على وجود حياة ذكية على كواكب أخرى، مع تزايد قدرتنا باطراد على البحث عن إشارات كيميائية وكهرومغناطيسية خارج كوكب الأرض.

وتخيلوا مستقبل نتعلم فيه أننا لسنا وحدنا في الكون، حتى لو بقيت الحياة الفضائية على مسافة بعيدة، ويتوقع بعض علماء ناسا ظهور علامات على وجود كائنات فضائية بحلول عام 2025.

في مرحلة ما سيكون لدينا القدرة على صنع مسابر فضائية ذاتية التناسخ، ونرسلهم إلى الفضاء في محاولة لزرع الحياة في جميع أنحاء المجرة، مما يجعلنا نشبه الآله في بُعد واحد على الأقل، وحتى لو استغرق النجاح ملايين السنين، سينجح في ذلك إيلون ماسك المستقبلي، حتى لو لم تتمكن أي حكومة من صناعتها.

وبدلاً من ذلك، يمكننا خلق أشكال حياة إضافية هنا على الأرض من خلال الذكاء الاصطناعي العام، وقد تعتقدون أن هذه ليست فكرة جيدة بشكل خاص، ولكن إذا كان من الممكن القيام بذلك، فمن المحتمل أن يفعل شخص ما ذلك.

اضطراب الأنظمة البيئية

ورغم أنه من الصعب التنبؤ بالعواقب الثانوية لمثل هذه التطورات، فهي على الأرجح ستغير العديد من جوانب الحياة البشرية المختلفة، وكذلك معظم وظائفنا، ويمكن أيضاً إنشاء أشكال حياة بيولوجية جديدة وأصلية، وهو ما قد يؤدي إلى اضطراب جذري في العديد من أنظمتنا البيئية.

ونظرياً، هناك احتمالية ضئيلة أن تزور الكائنات الفضائية الأرض وتكشف عن نفسها، وبالنظر إلى تقرير الحكومة الأمريكية الحديث بشأن الظواهر الجوية غير المحددة "UAPs" (المصطلح المستخدم لما كان يطلق عليه الأجسام الطائرة المجهولة "UFOs")، أُعطي احتمالية أن يكون هذا الأمر قد حدث بالفعل 1%.

فقط تخيلوا لو ظهرت كل هذه التطورات أو معظمها على مدار عدة عقود، لم يعد توقع ذلك درباً من الخيال العلمي السخيف.

مستقبل غريب

وبغض النظر عن الأجسام الطائرة المجهولة، فإن هذه التغييرات المتوقعة أكثر راديكالية من تلك التي حدثت بين عام 1921 واليوم، لكن مقارنة بعام 1921، نحن أكثر ثراءً وأماناً، ومع ذلك الكثير من الهياكل الأساسية في العالم لا تزال كما هي، ولا أعتقد أن الكثير مما يمكننا القيام به حالياً من شأنه أن يدهش أسلافنا في عام 1921 باعتباره سحرياً باستثناء أن سرعة وقوة أجهزة الحاسب قد تفاجئهم، ولن يعتقد الزوار من عام 1921 أننا بطريقة ما لسنا بشراً.

بالطبع لا شيء من هذه التطورات حتمي، وهناك مستقبل غريب آخر محتمل تماماً وهو أن نستخدم نحن البشر طاقاتنا الإبداعية للتدمير، ما يتسبب في اتخاذ الحضارة بعض الخطوات الرئيسية والدائمة إلى الوراء.

في كلتا الحالتين، المستقبل ليس مجرد ضواحي أجمل وألطف، وأشكال دفع وتواصل اجتماعي جديدة أفضل، فكل هذا من المرجح أن يحدث، لكنها لن تكون أهم التغييرات، وعندما يتعلق الأمر بمستقبل الجنس البشري، فإننا وأطفالنا - لمن لديه منا أطفالٌ- قد نتحول إلى أجيال ذات أهمية خاصة، وأتمنى أن نكون على قدر هذه المسؤولية.