"وول ستريت" تراهن على استمرار "باول" في منصبه وسط مخاوف من تغييره

جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي
جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يُعوّل المستثمرون في "وول ستريت" على أربع سنوات أخرى لجيروم باول كرئيس للاحتياطي الفيدرالي، ما يضع مخاطر محتملة أمام الرئيس جو بايدن إذا اختار استبداله.

وقال بوب دياموند، كبير المديرين التنفيذيين ومؤسس "أطلس ميرشانت كابيتال" (Atlas Merchant Capital) والرئيس السابق في "باركليز" (Barclays): "أنا أرى أنه سيكون الخيار الصحيح، وأعتقد أن الأسواق المالية تعتقد ذلك أيضاً. لا أعتقد أن هناك مرشحاً آخر مع هذا النوع من الإجماع حوله".

تتماشى وجهة نظر "دياموند" مع رؤية الجزء الأكبر من مراقبي الاحتياطي الفيدرالي، حيث توقع 40 من بين 50 اقتصادياً استطلعت "بلومبرغ" آراؤهم حول هذا الموضوع في الشهر الماضي أن "بايدن" سيعيد تطبيق تقليد دام عقوداً بإعادة تعيين رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي للرئيس السابق. وكسر دونالد ترامب النمط بترقيته لـ"باول"، الذي كان حينها محافظ الاحتياطي الفيدرالي، وتعيينه رئيساً للبنك في عام 2018.

اقرأ أيضاً: كيف أقنع رئيس الفيدرالي مستثمري "وول ستريت" بموقفه من التضخم؟

يتجه بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن نحو أول تشديد له بموجب إطار عمل سياسي جديد، تم تبنيه قبل عام. و يولي هذا الإطار اهتماماً أكبر لأجزاء من سوق العمل لم تتمتع تاريخياً بالمكاسب التي حققها الآخرون بحلول الوقت الذي بدأ فيه "الفيدرالي" في رفع أسعار الفائدة.

وقال "باول" نفسه الأسبوع الماضي إن الترتيب الجديد سيواجه "اختباراً" عندما يحين وقت رفع أسعار الفائدة.

"يسير الاحتياطي الفيدرالي على طرف جديد هنا منذ الوباء، حيث يضع نظرة اجتماعية أكثر تقدماً كجزء من سياسته"، بحسب قول غاري بولاك، رئيس الدخل الثابت لإدارة الثروات الخاصة في "دويتشه بنك". يضيف بولاك: "إذا لم يُعِد بايدن تعيين باول، فسيكون هناك رد فعل سلبي في سوق السندات"، مشيراً إلى مخاوف محتملة بشأن "فقدان الاحتياطي الفيدرالي لتركيزه على التضخم" لصالح الأهداف الاجتماعية.

من الأسباب الكامنة وراء تقليد إعادة التعيينات أن الاحتفاظ برئيس البنك المركزي الحالي أدى إلى استمرار عملية صنع السياسات التي يفضلها المستثمرون، كما عزز استقلالية الاحتياطي الفيدرالي عن طريق إزالة اقتراح رئيس يمارس نفوذه السياسي. حتى رونالد ريغان، ترك بول فولكر في عام 1983، الذي أدت سياسته المتشددة إلى حدوث ركود.

من جانب "الفيدرالي" فقد كان الاستقرار هو الشعار، بينما يبقى أمام المستثمرين أن يتوقعوا أن البنك سوف يسحب حوافزه النقدية على الأرجح في وقت لاحق من هذا العام، ويمهد الطريق بعد ذلك لرفع أسعار الفائدة. ومن شأن هذا أن يشكل قائمة مهام كاملة لمنصب الرئيس الجديد الذي سيتولى منصبه في فبراير.

ويقول ماكس جوكمان، رئيس تخصيص الأصول في "باسيفيك لايف فند أدفايزيرز": "استبدال باول الآن يشبه تغيير الطيار الخاص بك في منتصف هبوط مضطرب".

وقال آخرون إن المستثمرين سيتعاملون مع أنباء استبدال "باول" بسرعة كبيرة، إذا ثبت أنه من المخضرمين في البنك المركزي.

تعد لايل برينارد البديل الأكثر ترجيحاً، والتي عملت عضواً في مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي لأكثر من سبع سنوات، وعملت سابقاً كمسؤول كبير في وزارة الخزانة والمجلس الاقتصادي الوطني للبيت الأبيض. وكان رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، هو المرشح المحتمل الآخر الذي حصل على أصوات في استطلاع "بلومبرغ" الشهر الماضي، و سيمنح اسمه الرئيس "بايدن" فرصة لترشيح أول شخص أسود، وشاذ جنسياً لإدارة الاحتياطي الفيدرالي.

اقرأ أيضاً: ترشيح"يلين".. رهان من "بايدن" على تحفيز الاقتصاد وتجنب خطأ تاريخي

من جهته، قال تشارلز مايرز، رئيس مجلس إدارة ومؤسس "سيغنوم غلوبال أدفايزرز"، إنهم في "وول ستريت" سيكون راضين عن وجه مألوف لديه خبرة في السياسة النقدية مثل برينارد أو بوستيك. واضاف مايرز، الذي كان نائباً سابقاً لرئيس شركة "إيفركور": "إن الفريق الاقتصادي في البيت الأبيض ذكي بشكل لا يصدق، وعلى دراية بالتداعيات المحتملة للسوق إذا حاولوا السير في اتجاه من شأنه أن يزعج الأسواق". لكن مرشحاً أكثر ليبرالية قد يمثل مصدر قلق بشكل خاص في أذهان الكثيرين.

إيريكا كارب، المؤسسة وكبيرة المديرين التنفيذيين لشركة "كورنرستون كابيتال"، والتي تصف نفسها بأنها مستثمرة واعية اجتماعياً، تعتقد"أن حقيقة انجرافه إلى اليسار نوعاً ما، أو ينجرف بشكل تقدمي -سواء كان ذلك بسبب المناخ أو عدم المساواة في الدخل - تتفق مع ما تريده الإدارة. لذلك إذا كان هناك تعيين جديد له توجه يساري أكثر، فأعتقد أن ذلك سيمثل مشكلة للأسواق".

وحتى بالنسبة للمخضرمين في البنك المركزي، فإن الإشراف على تشديد السياسة النقدية يمكن أن يكون بمثابة اختبار. و كان "باول" عضواً في مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي لحوالي ست سنوات بحلول الوقت الذي تولى فيه المنصب الأعلى. ومع ذلك، في أواخر عام 2018، أثارت تعليقاته تقلبات في الأسواق، حيث تمسك بخط أكثر تشدداً مما شعر بعض المتداولين بأنه مبرر - مثل ترك تقليص الميزانية العمومية "في وضع القيادة التلقائية".

في العام المقبل، من المحتمل أن يناقش بعض أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المعنية بوضع السياسات جدولاً زمنياً أكثر صرامة لسحب التحفيز. وستنتقل مجموعة جديدة من مدراء البنوك الإقليمية إلى اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في العام الجديد، وهي مجموعة يقول مراقبو الاحتياطي الفيدرالي عنها إنها يمكن أن تضفي ميلاً متشدداً - ما يضيف مكوناً صعباً محتملًا أمام رئيس الاحتياطي الفيدرالي الجديد.

اقرأ أيضاً: محمد العريان: التضخم لن يكون مؤقتاً

في ذات الشأن قال روبرتو بيرلي، الشريك في "كورنرستون ماكرو" إن "السؤال الذي يطرحه السوق – وسأطرحه أنا - هل سيكون هذا الشخص قادراً على توجيه اللجنة في الاتجاه الذي يفضله؟، و هل سيكون لديهم القدرة على القيام بذلك - هذا ليس بالأمر السهل... يتمتع باول بثقة واحترام معظم أعضاء اللجنة. بينما سيتعين على أي شخص آخر كسب ذلك ".

أضاف بيرلي، الذي عمل سابقاً في السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي بصفته أحد كبار الموظفين: "ما يقلقني هو أن هذه هي المرة الأولى في الذاكرة الحديثة التي يكون فيها منصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي مفتوحاً بينما سياسة الاحتياطي الفيدرالي ليست في مسار واضح".

بعبارة أخرى، لن يشرف رئيس الاحتياطي الفيدرالي في عام 2022 ببساطة على مسار محدد مسبقاً للتشديد، ولكن سيتعين عليه قيادة الصياغة الفعلية لمثل هذا المسار. وقال "بيرلي" إن تنحية باول تعني خطوة إلى المجهول، ما يزيد مخاطر سوق السندات من حيث "تقلبات أعلى بشكل عام في أسعار الفائدة ومعدلات أعلى".