هذه نصائح رائد رأس المال المغامر مارك آندرسن للمستثمرين

مارك آندرسن رائد الأعمال الأمريكي والمستثمر في رأس المال المغامر
مارك آندرسن رائد الأعمال الأمريكي والمستثمر في رأس المال المغامر المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مارك آندرسن، مستثمر في رأس المال المغامر (VC)، وأحد الرواد الأوائل في مجال الإنترنت، ونصيحته بالنسبة للمستثمر العادي الذي يتساءل أين يجدر به استثمار أمواله، تتلخص بـ"ضع أموالك في صندوق مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، و"لا تُعقد الموضوع كثيراً".

استطاع آندرسن، الذي تدير شركته الاستثمارية " آندرسن هورويتز" نحو 18 مليار دولار، ويترأس مجلس الإدارة فيها، تحقيق بعض من أكثر الرهانات استشرافية في عالم صناعة التكنولوجيا. حيث كان من أوائل الداعمين لشركات مثل "تويتر" و"فيسبوك". لكن نصيحته للأفراد العاديين أكثر حذراً، إذ يقول إنه يتعين على المستثمرين "الدخول بحذر شديد" إلى "المنطقة شديدة المضاربات" لرأس المال المغامر، على حد قوله.

الاستثمار عالي المخاطر

وبشكل عام، فإن المستثمرين العاديين غير مدعوين للاستثمار في شركات مثل "آندرسن هورويتز"، وقد تكون صناعة رأس المال المُغامر خادعة، خاصة أن الشركات الناشئة بشكل فردي، غالباً ما تفشل، وبالوقت ذاته، وبالرغم من ازدهار الشركات الناشئة في وادي السيليكون، يعتقد بعض مراقبي الصناعة أن التقييمات الحالية قد وصلت إلى مستويات غير مستدامة. في حين أن آندرسن يطرح سبباً آخر محتملاً لهذا الارتفاع في الأسعار، وهو أن "المجتمع يمر بتحول تكنولوجي". مضيفاً: " توجد شركات التكنولوجيا الجديدة هذه التي تقود هذا التغيير مع إدراكها للفوائد المترتبة على ذلك".

الوباء والتحول التكنولوجي

كذلك، يتحدث آندرسن عن إثبات التكنولوجيا لأهميتها، وكونها باتت شيئا لا يمكن الاستغناء عنه، خاصة أثناء تفشي الوباء، مسلطاً الضوء على لقاح "موديرنا"، الذي طورته شركة أمريكية ناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية، والتي استخدمت مزيجا من علم الأحياء، والهندسة، والبرمجيات، لبرمجة تركيبة تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، في غضون يومين فقط.

ويقول آندرسن أيضاً إن شركات التكنولوجيا جعلت عمليات الإغلاق أكثر قابلية للتحمل، من خلال توفيرها لمكالمات الفيديو بشكل سريع، وتيسيرها لعمليات تسليم البضائع.

في الوقت نفسه، يراهن آندرسن أيضاً على بعض العناصر الأقل عملية في عالم التكنولوجيا هذا، حيث إن شركة "آندرسن هورويتز" متفائلة بالعملات المشفرة، وقد أعرب المستثمر عن اهتمامه بالنظام اللامركزي التي تقوم عليه. ويقول: "العديد من أذكى الأشخاص في علوم الحاسب الآلي، يدخلون هذا المجال"، الذي يمثل "نوعاً جديداً من النظام المالي"، يكون باستطاعة الأفراد فيه "تكوين علاقات موثوقة، في بيئة غير موثوقة".

الشركات الناشئة

الجدير بالذكر أن شركة "آندرسن هورويتز" لديها حالياً 60 موظفاً، و22 آخرين في منصب شريك عام. وضمن عملياتها، ليس ضرورياً الحصول على موافقة جماعية على كل فكرة استثمارية، حيث يعتقد آندرسن أن مستثمراً واحداً فقط يمكنه أن يؤيد الصفقة، وهي استراتيجية تتناقض مع عملية صنع القرار القائمة على توافق الآراء. ويقول: "ينتهي بك الأمر بإقناع نفسك بأن تتخلى عن بعضٍ من أفضل الصفقات".

وتتمثل النصيحة الأفضل التي يقدمها آندرسن للراغبين بالاستثمار المغامر، بالتعرف على المجال الذي ينوون الاستثمار به بشكل عميق. وبالنسبة للمستثمرين العاديين الذين يرغبون بتجربة الاستثمار المغامر رغم المخاطر المرتفعة، فإنه يوصي بموقع (AngelList)، الذي يسمح للأفراد باختيار الشركات الناشئة التي يرغبون بالاستثمار فيها.

وقال آندرسن إن أكبر أخطائه عادة ما تكون بسبب التقصير، حيث يمكن لبعض قراراته الاستثمارية أن تحقق نتائج معاكسة، ويضيف: "إذا لم أستثمر في مجال ما، ثم ارتفعت عوائده الاستثمارية بنحو 1000 مرة، فإنه يجب علي أن أقرأ عن هذا الموضوع يومياً، على مدار الثلاثين عاماً القادمة".

استثمرت شركة "بلومبرغ إل بي"، الشركة الأم لـ "بلومبرغ بيزنس"، في " آندرسن هورويتز".

تم تحرير المقابلة واختصارها.

ازدهر عالم رأس المال المُغامر بشكل كبير. لماذا يتم تحقيق الكثير من الأرباح الآن؟

هناك احتمالان لذلك، أولهما هو انجرافنا مع الموجة، والثاني هو مرور المجتمع بتحول تكنولوجي، وهذا التحول كان قد بدأ قبل كوفيد، لكن ثمة حجة جيدة تقول إن كوفيد قد سرع هذا التحول. وأصبحت لديك الآن شركات تكنولوجيا جديدة تقود هذا التغيير، وتدرك إمكانية الاستفادة من ذلك.

يبدو أن الخسائر قد تلاشت، إذ يبدو أنه بالإمكان كسب المال من كل شيء. هل هذا صحيح؟

يمكنني أن أؤكد لك بأن هذا ليس الواقع. لقد تعهدنا بالالتزام تجاه مستثمرينا، وقلت لهم، نحن نحاول الوصول إلى القمر. لكن بالتأكيد أن بعضاً من الصواريخ ستنفجر على منصة الإطلاق بين الحين والآخر، وفي الواقع، فإن معدل النجاح يبلغ 50%.

هل صحيح أنه عندما تقوم شركة مثل شركتك بجولة تمويلية أولية، تتوقع أن تقوم بجولة ثانية، ومن ثم تقوم بالإدراج العام بعد الجولة التمويلية الثالثة؟

في هذه الأيام، يمكن أن تبقى الشركات خاصة لفترة أطول، لتشارك في خمس أو ست أو سبع جولات من التمويل الخاص، حيث إن الأسواق قد أصبحت أكبر حجماً، وهذا هو السبب خلف الكثير من الأمور. هناك سوق عملاقة من المستثمرين تستهدفها هذه الشركات، و5 مليارات شخص على هذا الكوكب يملكون هواتف ذكية، وهناك الشركات التي يمكنها جذب الجماهير، ويمكن أن تصبح كبيرة حقاً.

وهناك الآن أيضاً، شركات تكنولوجيا قيمتها تتجاوز حاجز التريليون دولار، وبعضها ينتهي بها الأمر بجمع أموال أكثر بكثير من المعايير التاريخية العادية، ويمكنها أن تبقى تعمل كشركات خاصة لفترة أطول.

ماذا عن شركات وادي السيليكون، مقارنة بأجزاء أخرى من الولايات المتحدة؟

في فترة ما قبل "كوفيد"، كان يبدو أن الصناعة أكثر ترسخاً في شمال كاليفورنيا، لكن يبدو أن الأمر يتغير بشكل كبير في عالم ما بعد الوباء، لأننا جميعاً أصبحنا أكثر اعتياداً على فكرة العمل عن بُعد، والشركات المنتشرة في عدة أماكن.

الآن، هناك الكثير من الحركة والنشاط خارج وادي السيليكون، وذلك ليس في مدن أخرى فقط، بل يمكن القول أيضاً، كما نحب أن نعبر، أن وادي السيليكون ينتقل إلى الخدمات السحابية.

لقد سبق لك وأن كتبت مقالاً مؤخراً عن ضرورة الامتنان بشكل أكثر للتكنولوجيا خلال الوباء، على الأقل في واشنطن، فلقد انتقدنا شركات التكنولوجيا بعض الشيء؟

كنت أتوقع أن المعاناة من كوفيد ستكون بمثابة مواجهة شاقة تستمر لخمسة أعوام، وربما تتسبب بكساد كبير آخر، لكنك تدرك أننا نجلس هنا، بعد 18 شهراً، وقد أحرزنا تقدماً كبيراً في مواجهة الوباء، وتطوير اللقاح هو جزء كبير من هذا التقدم.

هناك "موديرنا" التي تُعرف بأنها شركة أمريكية تقليدية ناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية ومدعومة برأس مال استثماري، وقد استطاعت بناء تقنية جديدة تسمى (mRNA). عادةً ما يستغرق تطوير لقاح خمس أو عشرة أو عشرين عاماً، لكن "موديرنا" استطاعت فعل ذلك في غضون يومين.

وهذا مثال على نوع من الطفرات الإبداعية التي تخرج من هذا النظام البيئي الذي نتمتع به في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن تجربة كوفيد كانت سيئة، إلا أنها لم تكن بنفس السوء الذي كان يمكن أن تكون عليه، بفضل وجود التكنولوجيا الحديثة، حيث مكنتنا من الخروج من الوباء بشكل أسرع بكثير.

إليك 10 قواعد مالية بسيطة لاستثمار ناجح

نصيحة لجيل الألفية.. الأسهم لا تصعد دائماً

ما مقدار المال الذي تديره الآن؟

ما يقرب من 18 مليار دولار في الوقت الحالي.

هل لديك ثقة أكبر في قدرتك على تقييم الاستثمارات التي يمكنها النجاح، بشكل أكثر مما كنت تفعل قبل 10 أعوام؟

لا، ولكن لدينا ثقة أكبر في قدرتنا على إنشاء المحفظة، فأنا لدي ثقة كبيرة الآن في قدرتنا على تكوين محفظة من 20 أو 30 أو 40 شركة، والتي يمكن أن تمثل ما يبدو عليه رأس المال المغامر من الدرجة الأولى في هذا العصر. أي من هذه الشركات ستنجح؟ لا أعرف، خاصة أن غموضا كبيرا يشوب هذه العملية، ولا أعتقد أن هذا الغموض يمكنه أن يزول أبداً.

ليس من السهل الاستثمار في وادي السيليكون، حيث غالباً ما يتم تجاوز الاكتتاب في الصناديق المعروفة. لذلك كيف تعرف شركات الاستثمار المغامر الجيدة، وكيف تندرج ضمن واحدة؟

بشكل عام، يصعب الدخول في شركات رأس المال المُغامر الجيدة. في حين أن شركات رأس المال المُغامر المفتوحة نوعاً ما للمال الخارجي، عادةً ما تكون تلك التي لا تريد الاستثمار فيها. لكن هناك منصة تستحق البحث عنها للأشخاص الراغبين في معرفة المزيد تسمى (AngelList)، حيث يمكن أن يجني "الـمستثمرون الملائكة"، الأموال من الأشخاص الذين يرغبون باتباع صفقاتهم، ويجب الحذر الشديد عند الدخول في هذا المجال.

كيف يمكن أن يصبح الشخص مستثمراً مغامراً؟

هناك نهجان أساسيان؛ أولهما يتمثل في المسار الكلاسيكي وهو كلية إدارة الأعمال، حيث يخضع المرء لتدريب كمستثمر، وربما العمل في بنك استثماري، والنهج الآخر هو أن تصبح جيداً حقاً في إنشاء وإدارة شركات التكنولوجيا. أعمل في تطوير المنتجات وكن ماهراً في ذلك، ثم استفد من هذه المهارات في الجانب الاستثماري.

أيهما أكثر أهمية العمل الشاق، أم الذكاء؟

أصحاب رؤوس الأموال المغامرة الناجحون لديهم عادات غريبة، وهم أشخاص من خلفيات مختلفة جداً، مثل مايك مورتيز الذي كان مراسلا صحفيا سابقا، وجون دوير الذي كان موظف مبيعات في مجال الرقائق سابقاً. وأعتقد أن الأمر يتعلق بامتلاك مجموعة من المهارات، وقدر من المعرفة، ثم هناك مكون يتعلق بالحدس وهو يصعب قياسه حقاً أو التنبؤ به.

رحلة رائد أعمال من الفشل في وادي السيليكون إلى حصد المليارات في اليابان

من "كريدي سويس" للعمل منفرداً.. رحلة صعود عبقري التداولات المغربي "ليمسوغر"

ما الذي يجعل العملات المشفرة عرضاً استثمارياً دائماً؟

حصل تقدم تكنولوجي هام وأساسي في مجال علوم الحاسب الآلي يُعرف باسم "الإجماع المُوزع"، وهو قدرة اتصال الكثير من الأشخاص، والبرمجيات، في إطار علاقات موثوقة، في بيئة غير موثوق بها.

يعد المال أحد تطبيقات هذا التقدم التكنولوجي، بجانب العديد من التطبيقات والأمور الأخرى التي سيتمكن الناس من القيام بها باستخدام هذه التكنولوجيا مستقلاً.

والعديد من أذكى الأشخاص في مجال علوم الحاسب الآلي يدخلون إلى هذا المجال حالياً، وهم يدفعونه للأمام بوتيرة سريعة حقاً، لذلك يبدو الأمر بالنسبة إلينا، كثامن أو تاسع تحول تاريخي أساسي في أسس هندسة صناعة التكنولوجيا، ولذلك نحن نأخذ الأمر على محمل الجد.

لماذا لم يظهر مخترع "بتكوين" علناً؟

إن "بتكوين" هي أحد أكثر الأشياء التي رأيتها إبهاراً. عادة، عند اختراع شيء بهذا التقدم، يميل معظم المخترعين إلى ألا يدركوا مدى أهمية اختراعهم في البداية. ولكن، في حالة "بتكوين"، فإن من اخترعها، سواء كان شخصاً، أو شيئاً، أو ذكاء اصطناعياً، أو جهة حكومية، فمن المؤكد أن منشئيها عرفوا أهمية اختراعهم هذا من البداية، وأدركوا أنه من المهم جداً الإبقاء على هوياتهم سرية.

التكنولوجيا الحيوية، هي مجال آخر يهتم به الناس كثيراً هذه الأيام، ما رأيك؟

نعتقد أن التكنولوجيا الحيوية، وعلوم الحاسب الآلي، والهندسة آخذة في الاندماج، حيث أصبح الآن هناك الكثير من رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية ممن لديهم معرفة في علم الأحياء أيضاً، وكذلك في الهندسة والبرمجيات، والبيانات، والذكاء الاصطناعي. إنهم يدمجون هذه التخصصات سوياً، ويبنون نوعاً جديداً من التكنولوجيا الحيوية، و"موديرنا" نموذج رائع لذلك.

في المستقبل.. أموالك ستكون رقمية ولكن هل ستكون ذكية؟هل يعني شراء "بتكوين" أنك انضممت لطائفة دينية جديدة؟

ما هي أفضل نصيحة استثمارية تلقيتها؟

على الأرجح أنها كانت نصيحة وارن بافيت: ضع كل بيضك في سلة واحدة، وراقب تلك السلة. اعرف حقاً ما تفعله. وافهم بعمق حقيقي طبيعة ما تستثمر فيه.

إذا أعطيتك 100 ألف دولار غداً، ماذا ستفعل بها؟

سوف أضعها في صندوق مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، ولن أعقد الموضوع كثيراً.

ما هو الخطأ الذي ارتكبته وتتمنى أنك لم تفعله؟

بالنسبة لمعظم أشكال الاستثمار الأخرى، فإن الأخطاء عادة تكون بالاستثمارات التي تجريها، وتخسر أموالك فيها. لكن في عالمنا، فإنها الاستثمارات التي لم تقم بها.

إذا اتخذت قرار استثمار خاطئ في رأس المال المُغامر، فإني أخسر مرة واحدة، ولكن، إذا لم اتخذ قرار الاستثمار الصحيح، فإن العوائد الاستثمارية التي أخسرها ترتفع بمقدار 1000 مرة، ويمكن أن استمر بالقراءة عنها يومياً على مدار الثلاثين عاماً القادمة، بينما أفكر في كل الأموال التي كان بإمكاني جنيها، ولكنني لم أقم بذلك.

أخيراً، إذا أراد شخص ما أن يكون مستثمراً في رأس المال المُغامر، فما الذي يجب أن يعرفه عن هذا الفن؟

أعتقد أن هذا المجال يحتاج لكيمياء تجمع بين فهم الأشخاص، والتكنولوجيا، والأسواق، إنه حقاً فن متحرر.