تقارير التوظيف تحاصر سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

رغم ارتفاع مؤشرات التضخم، دافع باول عن موقف الاحتياطي الفيدرالي قائلاً إنه كان أشد اهتماماً بأمر أكثر من 6 ملايين أمريكي ما زالوا عاطلين عن العمل بسبب الجائحة
رغم ارتفاع مؤشرات التضخم، دافع باول عن موقف الاحتياطي الفيدرالي قائلاً إنه كان أشد اهتماماً بأمر أكثر من 6 ملايين أمريكي ما زالوا عاطلين عن العمل بسبب الجائحة المصدر: بلومبرغ
Robert Burgess
Robert Burgess

Robert Burgess is the Executive Editor for Bloomberg Opinion. He is the former global Executive Editor in charge of financial markets for Bloomberg News. As managing editor, he led the company’s news coverage of credit markets during the global financial crisis.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعرَّض الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جيروم باول لهجوم عاصف على مدى الشهرين الأخيرين، لما يبدو أنَّه تجاهل لارتفاع معدل التضخم. الغارة الأخيرة كانت يوم الخميس الماضي، عندما قام السيناتور جو مانشين، الديمقراطي من غرب فيرجينيا، بحثِّ باول على أن يبدأ في سحب برنامج الاحتياطي الفيدرالي لمشتريات السندات الذي تبلغ قيمته 120 مليار دولار شهرياً بهدف تحفيز الاقتصاد. وكتب مانشين في خطاب قام بنشره على الملأ: "إنَّ عدم القيام بذلك سوف يؤدي إلى نشاط اقتصادي محموم، وأعباء تضخمية لا يمكن تجنّبها، ولا يستطيع الكادحون من الأمريكيين تحمّلها".

تجار الفائدة يترقبون قرار "الفيدرالي" الأمريكي بشأن مشتريات السندات

ارتفعت مؤشرات التضخم، هذا حقيقي، ولكن دافع باول عن موقف الاحتياطي الفيدرالي قائلاً، إنَّه كان أشد اهتماماً بأمر أكثر من 6 ملايين أمريكي مازالوا عاطلين عن العمل بسبب الجائحة. غير أنَّ باول لم يعد يستطيع أن يختبئ وراء هذا العذر بعد صدور تقرير التوظيف القوي يوم الجمعة الماضي. توقَّع نغمة أقل لطفاً من البنك المركزي، وأن يبدأ في تخفيض مشتريات السندات بحلول الشهر القادم.

أرقام إيجابية

تجاوز كلُّ جزء من تقرير التوظيف تقريباً التوقُّعات. أضاف الاقتصاد 943 ألف وظيفة في شهر يوليو الماضي، وهو أعلى معدل منذ أغسطس 2020، ويتجاوز متوسطاً بلغ 870 ألف وظيفة لتقديرات خبراء الاقتصاد الذين استطلعت بلومبرغ آراءهم. ليس هذا فقط؛ بل تمَّت مراجعة أرقام شهر يونيو بالزيادة إلى 938 ألف وظيفة بدلاً من 850 ألف أعلنت في البداية. انخفضت نسبة البطالة إلى 5.4% من 5.9%. وصعد متوسط الأجر في الساعة بنسبة 4% مقارنة بالعام الماضي، وبما يزيد على معدل 2.7% هو متوسط زيادة أجر الساعة على مدى 5 سنوات قبل الجائحة.

مسؤول: "الفيدرالي الأمريكي" قد يُقلِّص مشتريات الأصول في سبتمبر

في حين يستمر نحو 5.7 مليون أمريكي دون عمل؛ فإنَّ إجمالي عدد العاملين البالغ 146.8 مليون هو في مستوى أواخر 2017 نفسه، عندما كان الاحتياطي الفيدرالي يرفع أسعار الفائدة. كذلك، لا ترصد تقارير الوظائف الارتفاع الكبير في عدد الأمريكيين الذين قرروا التقاعد مبكِّراً.

الرقم الأهم

ربما نجد الرقم الأهم في هذه البيانات في المسح الأسري، الذي يقول بنك الاستثمار "إف إتش إن فاينانشيال"، إنَّه يضمُّ الذي يعملون لصالح أنفسهم، والعمال غير الدائمين الذين لا يشملهم إحصاء قوة العمل. وصعد التوظيف في هذا النوع من الوظائف برقم هائل بلغ 1.04 مليون وظيفة، في أعلى ارتفاع له منذ أكتوبر الماضي.

هكذا شرح كريس لو، كبير الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار "إف إتش إن فاينانشيال" الأمر في ورقة بحثية.

كما توقَّع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول منذ شهور؛ سوف تؤدي النهاية المرتقبة لبرامج مكافحة البطالة الفيدرالية إلى أنْ يسعى ملايين الناس بحثاً عن عمل. استغرق انطلاق هذه العملية وقتاً أطول مما توقَّع في البداية، لكن كان الانخفاض الكبير في أعداد متلقي إعانة البطالة في يوليو الماضي بمثابة مقدِّمة للزيادة الحالية في أعداد الوظائف. من المتوقَّع أن تتمَّ إضافة المزيد من الوظائف في شهر أغسطس، وكذلك شهر سبتمبر، لأنَّه مازال هناك الملايين الذين يحتاجون بسرعة لأن يجدوا عملاً.

ربما يقول الحمائم، إنَّ أرقام التوظيف ارتفعت بسبب زيادة استثنائية بلغت 220,700 شخص أضيفوا إلى قوائم الأجور في قطاع التعليم المحلي بعد إجراء تعديلات موسمية، ونتيجة لمحاولة الحكومة لتسوية الأرقام بعد عمليات فصل العاملين في المدارس التي تحدث خلال شهور الصيف. نشرت وكالة بلومبرغ نيوز أنَّ التعديلات الموسمية نتج عنها زيادة أكبر من المعتاد في شهر يوليو بسبب انخفاض مستوى التوظيف خلال فصل الربيع.

الفيدرالي الأمريكي يُبقي "الفائدة" عند مستوياتها المنخفضة ويواصل شراء الأصول

مع ذلك، تظلُّ النقطة الأهم هي قي تسارع معدل الزيادة في التوظيف. يضفي هذا التقرير أهمية كبرى على المؤتمر السنوي حول السياسة النقدية الذي يعقده الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كانساس في وادي جاكسون هول بولاية وايومنغ أواخر الشهر الحالي. ويعرف هذا الحدث بأنَّه يشير إلى تغييرات كبيرة في السياسة النقدية، وأكَّد باول أنَّه سوف يلقي كلمة خلال المؤتمر.

توقَّع أن يوضِّح باول أنَّ الاقتصاد حقَّق "تقدُّماً كبيراً للأمام"، وأنَّ الاحتياطي الفيدرالي يستعدُّ فعلاً لتخفيف البرامج التحفيزية، وإيقافها تدريجياً. سيبدأ الاجتماع القادم للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التي تضع السياسة النقدية في 21 سبتمبر، وحينها ربما يعلن البنك المركزي متى سوف يبدأ في تخفيف مشتريات السندات، وبأي قدر؟. إنَّها مسألة وقت.