الدفع لحملة تلقيح داعم واسعة ضد كورونا مضلل وخطير

شعار منظمة الصحة العالمية على واجهة مقرها في جنيف بسويسرا
شعار منظمة الصحة العالمية على واجهة مقرها في جنيف بسويسرا المصدر: بلومبرغ
Max Nisen
Max Nisen

Max Nisen is a Bloomberg Opinion columnist covering biotech, pharma and health care. He previously wrote about management and corporate strategy for Quartz and Business Insider.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يطبق عددٌ متزايد من البلدان الغنية، بينها إسرائيل وألمانيا، خططاً لحقن بعض السكان بجرعة داعمة من لقاح كورونا، ومنها من تستعد لذلك، وسط دلائل على تراجع المناعة ضد الفيروس بين بعض من تلقوا اللقاح. حدا ذلك بمنظمة الصحة العالمية لأن تدعو لتأجيل إعطاء جرعات داعمة حتى نهاية سبتمبر أو لحين تلقيح عشر سكان جميع الدول كحد أدنى. لا تسمح الولايات المتحدة رسمياً بإعطاء جرعات داعمة، لكن الناس يسعون ويحصلون على هذه الجرعات بأنفسهم. منظمة الصحة العالمية على حق، ينبغي أن تكون الأولوية للتلقيحات الأولى طالما كانت إمدادات اللقاح محدودة، وكان هناك تفاوت هائل في الوقاية عالمياً.

توزيع اللقاحات.. أزمة تجارية بعواقب صحيّة

تشير البيانات الحالية إلى أن الغالبية العظمى ممن تلقوا اللقاح لا يحتاجون إلى جرعة داعمة حتى الآن. إعطاء جرعة ثالثة على نطاق واسع قد يكون غير أخلاقي، وربما خطيراً وغير فعال في مواجهة الجائحة.

ما يغذي الدفع تجاه جرعات داعمة هو انتشار سلالة دلتا المتحولة سريعة العدوى والدلائل على أنها تقلل من الحماية الناتجة عن اللقاح التي قد تنخفض فعلا بمرور الوقت. لكن حتى إن كانت فاعلية لقاحات تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) ضد الإصابة بسلالة دلتا المتحولة المصحوبة بأعراض تبلغ 60%، وهذا الرقم محض تكهن متحفظ في ضوء تقديرات متباينة من دول متعددة، من الواضح أن الجرعات تقدم درجة عالية من الحماية حتى ضد الأعراض الخفيفة للإصابة بالفيروس. كما أنها فعالة بدرجة عالية جدا في مواجهة التطورات الأهم، أي تحمي من تفاقم الإصابة والوفاة وتحد من الحاجة للرعاية في المستشفيات.

مخاوف حول سلالة دلتا

قد تكون دول أخرى مدفوعة بظهور معلومات جديدة تشير إلى أن الأشخاص الذين تلقوا اللقاح وأصيبوا بعدوى اختراقية من سلالة دلتا المتحولة يحتمل أن يكونوا أكثر نقلا للعدوى بسبب أحمال فيروسية مرتفعة. في الحقيقة، من تلقى اللقاح يظل أقل عرضة بكثير لالتقاط العدوى، حتى إن أصيب، فقد يكون احتمال أن ينقله للآخرين أقل. كما أنه أسرع من الآخرين في تخليص جسمه من الفيروس، لذلك فاحتمال أن يكون ناقلاً للعدوى، إن وُجد، يكون أمده أقصر من سواه.

حملات التلقيح الناجحة في الدول الغنية ستحجب معاناة الفقراء

قد تتغير البيانات لاحقاً، لكن يصعب تبرير معظم الجرعات الداعمة راهناً. يحتمل أن الجرعة الداعمة لن تقدم إلا زيادة متواضعة في الوقاية من العدوى والإصابة الخفيفة وانتقال الفيروس، وكذلك تخفيضاً محدوداً في خطر شدة الإصابة وهو ضئيل راهناً. وكلا الأمرين يتضاءل في الأهمية مقارنة مع فوائد التلقيح الأولي، خصوصا فيما يخص تفادي حالات الإصابة الشديدة والوفاة.

ينطوي التلقيح بالجرعات الأولى على ميزة أخلاقية ظاهرة علاوة على فعاليته، خاصة أن كثيرا من البلدان النامية لم تلقح بعد سكانها الأكثر عرضة للإصابة والعاملين في مجال الصحة. علاوة على ذلك، يزيد خطر الوفاة بسبب فيروس كوفيد في البلدان الأفقر، لأن لديها بنية أساسية صحية ضعيفة وموارد أقل لتوفير العلاج والأكسجين.

نهج فقير الكفاءة

حتى لو تجاهلنا المعضلة الأخلاقية، فإن تقديم جرعة داعمة طريقة تفتقر للكفاءة بشكل استثنائي في وقف انتشار الفيروس أو خفض الوفيات، لأن من لم يحصلوا على اللقاح هم الأكثر عرضة لهذه الأخطار. للحصول على نتيجة تشابه تلك التي يحققها عدد قليل من الجرعات الأساسية الأولى يتطلب جرعات تكميلية أزيد بكثير.

لماذا يجب الاستمرار في تطوير لقاحات جديدة ضد "كورونا"؟

إن إمدادات اللقاح محدودة، وستظل محدودة لفترة طويلة، حتى مع زيادة المنح التي تقدمها الدول الغنية، لذا فإن كل جرعة داعمة تأتي فعليا على حساب فرصة تقديم جرعة تلقيح أساسية. إن تكلفة تقديم جرعات داعمة على نطاق واسع قد تكون باهظة، ولن تقتصر على وفيات العالم النامي. يزيد السماح باستمرار جموح انتشار الفيروس فرص سلالة متحولة جديدة أبرع بكثير في اختراق اللقاح أو تمثل خطورة أكبر على صغار السن. يزيد ذلك من خطر الجائحة على الجميع. ولو لم يحدث ذلك، فإن استمرار موجات انتشار الفيروس تسبب أضراراً اقتصادية دائمة يتأثر بها العالم كله.

إن تقديم جرعة داعمة محدودة لكبار السن والذين يعانون ضعف المناعة، حيث لا تؤدي اللقاحات دورها بنفس الدرجة، أكثر منطقية. لكن حتى مع هذه الشرائح، تكون الحجة أنجع عندما تكون لدى نسبة أكبر بكثير من سكان العالم فرصة الحصول على الجرعة الأولى. ينبغي أن نولي توسيع الاستفادة من اللقاح أهمية أعلى بكثير.

قد استهلكت الدول الغنية في العالم حصة مفرطة من الجرعات دون أن تستثمر ما يكاد يكفي لإنتاج جرعات تداني حاجة الآخرين. لقد أزف زمن التفكير بعواقب المضي على هذا المسار.