بنك إنجلترا يمتلك أداة قوية لتشديد السياسات دون إثارة القلق

بنك إنجلترا في مدينة لندن، المملكة المتحدة. قد يقترب بنك إنجلترا من تشديد السياسة النقدية وإلغاء 900 مليار جنيه إسترليني من آلية شراء السندات
بنك إنجلترا في مدينة لندن، المملكة المتحدة. قد يقترب بنك إنجلترا من تشديد السياسة النقدية وإلغاء 900 مليار جنيه إسترليني من آلية شراء السندات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قد يكون "عدم التحرّك" هو الخيار القوي لدى مسؤولي بنك إنجلترا الذين يتطلعون إلى تقليص الحزم التحفيزية الاقتصادية وميزانيته المتضخّمة.

في حركة مفاجئة، أشار محافظ البنك المركزي البريطاني أندرو بايلي الأسبوع الماضي إلى أنه من المحتمل القيام بـ "تشديد معتدل" في السياسة النقدية خلال السنوات القليلة المقبلة، وعندما يحين الوقت، سيبدأ البنك في وقف إعادة استثمار السيولة المولّدة من الاستثمارات المستحقة في آلية شراء الأصول التي قام بنك إنجلترا بتطبيقها.

اقرأ المزيد: بنك إنجلترا يتجه لتشديد سياسته ويرى أن التضخم سيتجاوز المتوقع

السندات الذهبية

تؤشر تلك التصريحات إلى الكيفية التي سيبدأ بها بنك إنجلترا في التخلّص من 900 مليار جنيه إسترليني (1.2 تريليون دولار) من السندات الحكومية التي اشتراها على مدار العقد الماضي. وإذا بدأ في تطبيق السياسة الجديدة عام 2023، كما يتوقع المستثمرون، فقد يسحب البنك حوالي 400 مليار جنيه إسترليني من الأسواق بحلول عام 2030، وذلك استناداً إلى بيانات بنك إنجلترا التي تّوضح تفاصيل سنداته الذهبية حتى تاريخ 4 أغسطس. كما يعتبر السماح باستحقاق السندات الذهبية طريقة لطيفة لتقليص الدعم الذي قدمه بنك إنجلترا إلى الأسواق للمساعدة في تكاليف الاقتراض والحفاظ على الثقة بين المستثمرين.

قال آرون روك، مدير الاستثمار في "أبردين ستاندرد إنفستمنتس": "هناك فرق شاسع بين التوقّف عن إعادة استثمار الحيازات المستحقة والبيع النشط للسندات الذهبية، مُشبّهاً العملية الأولى بـ "رفع القدم عن دواسة الوقود" بدلاً من "الضغط على المكابح".


هل يلجأ "بنك إنجلترا" للفائدة السلبية لمزيد من تحفيز الاقتصاد؟

مع بدء الأزمة المالية العالمية منذ أكثر من عقد من الزمان، كانت مشتريات الأصول هي الأداة الرئيسة التي اتبعها بنك إنجلترا في تعزيز الاقتصاد. منذ ذلك الحين، ضخ صانعو السياسات المزيد من الدعم في شكل شراء السندات، أو التيسير الكمي، خصوصاً في الوقت القريب من قرار مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، ثم مرة أخرى في العامين الماضيين خلال جائحة كورونا.

وتزامناً مع تعافي الاقتصاد بشكل حاد من أسوأ ركود له منذ ثلاثة قرون، يتحدث صانعو السياسات الآن عن كبح جماح هذا الدعم، ونظراً لعدم التخطيط لكميات جديدة من التيسير الكمي بعد نهاية هذا العام، تتجه التكهنات نحو قيام بنك إنجلترا بتقليص حجم حيازاته المتراكمة.

معدل الفائدة

قال المسؤولون الأسبوع الماضي إنهم سيوقفون إعادة الاستثمار لمرة واحدة فقط بعد ارتفاع سعر الإقراض القياسي من مستواه القياسي المنخفض حالياً عند 0.1% إلى 0.5%، فيما قد يبدأ البيع المباشر للسندات الذهبية فقط عندما يصل السعر الرئيسي إلى 1%.

في الوقت الحالي، ينتظر بنك إنجلترا استحقاق السندات الذهبية في آلية شراء الأصول قبل قيامه بإعادة استثمار تلك الأموال في أوراق مالية جديدة لكي يُحافظ على حجم صندوقه. وقال بايلي إن وضع حد لهذه السياسة سيُعطي المستثمرين القدرة على التنبؤ بشأن خطى السياسات المتشددة.

إلا أن هذا الأمر سوف ينقذ السوق بشكل حاسم من مفاجأة غير سارة، مع اعتماد كل مرحلة من مراحل التشديد على الجدول الزمني المحدد لاستحقاق السندات الذهبية المختلفة التي يحتفظ بها آلية شراء الأصول التابع لبنك إنجلترا. وإذا تم الإعلان عن هذه الخطوة في بداية عام 2023، فسوف يستغرق الأمر حتى شهر يوليو لكي تنتهي صلاحية السند الأول.

أكد المشرّعون في البرلمان الحاجة المُلحّة لتقليص ميزانية بنك إنجلترا، فلقد دعت لجنة متعددة الأحزاب في مجلس اللوردات البنك المركزي لتبرير استخدام التيسير الكمي، قائلة إنه يزيد الضغط على المالية العامة ويؤدي إلى تضخم أسعار الأصول في جميع أنحاء الاقتصاد.

وضع مختلف

رأى جورج باكلي، الاقتصادي البريطاني في "نومورا إنترناشونال" ، أنه حتى لو أوقف بنك إنجلترا عمليات إعادة الاستثمار فقط، فسوف يحتاج إلى التحرّك بحذر لكي يتجنب تكدير السوق بسبب تفاوت تواريخ استحقاق السندات الذهبية.

قال باكلي: "إنه ليس كمجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي يمتلك مثل هذه المحفظة الكبيرة، ويتم إصدار الكثير من سندات الخزانة طوال الوقت مع تواريخ استرداد مختلفة بشكل كبير. إنه غير مكتمل للغاية".

اقرأ المزيد: هل يغلق بنك إنجلترا صنابير أموال التحفيز قبل "الفيدرالي الأمريكي"؟

وبناءً على بيانات الحيازات الذهبية حتى تاريخ 4 أغسطس، على سبيل المثال، سيشمل ذلك ما يلي، بعد نضوج حوالي 50 مليار جنيه إسترليني من الحيازات في عام 2024:

● 2.9 مليار جنيه إسترليني من السندات المنتهية في يناير.

● 20 مليار جنيه إسترليني في أبريل.

● 26 مليار جنيه إسترليني في سبتمبر.

● 82 مليار جنيه إسترليني مستحقة على أربع فترات استرداد في شهور يناير ومارس ويونيو وسبتمبر من عام 2025.

شعر جون رايث، رئيس إستراتيجية الأسعار في بريطانيا وأوروبا بـ "يو بي إس غروب"، إن السوق قد يقوم برد فعل كبير حيال "نقاط التحوّل المحتملة" في برنامج بنك إنجلترا، خصوصاً في ظل اقتراب نسبة السعر الأساسي من عتبة 0.5% عند بدء المرحلة الأولى من خفض التيسير.

وقال رايث: "يحتاج السوق حقاً إلى تقبّل الأمر والتكيّف التدريجي مع التسعير في ظل ورود تلك المعلومات الجديدة".

من ناحيته، قال باكلي إن بنك إنجلترا قد ينتهي به الأمر بتأجيل قرار رفع أسعار الفائدة إلى المستوى الحرج عند 0.5%، وذلك لكي يضمن استعداد الاقتصاد لتحمّل الضربة المزدوجة للتشديد الكمي ورفع الفائدة.

كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا يتوقع تعافياً "مذهلاً" للاقتصاد

من المرجّح أن تكون عملية تقليص الأصول المتراكمة طويلة الأمد، وقد تستمر لسنوات، لكي تمنح الأسواق والمستثمرين وقتاً للتكيّف مع الموقف الجديد، بينما أشار بايلي إلى أن الحجم الإجمالي لميزانية بنك إنجلترا قد يظل متضخماً.

وفي مقابلة تلفزيونية مع "بلومبرغ نيوز" الأسبوع الماضي، قال المحافظ أندرو بايلي: "لا نعرف متى سنصل إلى تلك الحالة المستقرة، ولكننا نعلم أنها ستكون أعلى بكثير مما كانت عليه قبل بدء التيسير الكمي".

عائدات السندات الحكومية