الديمقراطيون بمجلس الشيوخ الأمريكي يعتمدون إطاراً لميزانية بـ3.5 تريليون دولار

السيناتور بيرني ساندرز مع مساعديه في طريقهم لغرفة مجلس الشيوخ بمبنى الـ"كابيتول هيل" بالعاصمة الأمريكية واشنطن
السيناتور بيرني ساندرز مع مساعديه في طريقهم لغرفة مجلس الشيوخ بمبنى الـ"كابيتول هيل" بالعاصمة الأمريكية واشنطن المصدر: رويترز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اتخذ الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي خطوة كبيرة نحو أكبر توسُّع في عقود للجهود الفيدرالية للحدِّ من الفقر، ورعاية المسنين، وحماية البيئة، عبر تمرير إطار ميزانية بقيمة 3.5 تريليون دولار يفتح الطريق لأجندة الرئيس جو بايدن الاقتصادية.

يمثِّل التصويت بخمسين صوتاً مقابل 49 انعكاساً مفاجئاً عن فلسفة الجمهوريين لتخفيض الضرائب عندما سيطروا على الحكومي. ويوفِّر مساراً لسنِّ قائمة طويلة من الأولويات الديمقراطية، إذا تمكَّن جناحا الحزب المنقسمَين - من التقدُّميين والمعتدلين- من الاتفاق فيما بينهم في الأشهر المقبلة.

يروِّج الديمقراطيون للتخفيضات الضريبية في الخطَّة باعتبارها الأكبر في التاريخ بالنسبة للطبقة الوسطى، بما في ذلك تمديد الائتمان الضريبي المؤقت للأطفال. وسيُدفَع جزء من التكلفة عن طريق التراجع عن التخفيضات الضريبية للشركات والأثرياء، التي كانت إنجازاً تشريعاً للرئيس السابق دونالد ترمب.

تتضمَّن خطَّة الميزانية الديمقراطية لمرحلة قبل الروضة للأطفال بعمر 3 و4 سنوات، إجازة عائلية مدفوعة الأجر، وإعفاء من الرسوم الدراسية في كليات المجتمع لمدَّة سنتين، ومزايا جديدة تتعلَّق بطب الأسنان، والبصر، والسمع للمستفيدين من برنامج الرعاية الطبية "ميديكير".

يدعو القرار أيضاً إلى سلسلة من الإجراءات لمكافحة التغيُّر المناخي، ومن بينها "رسوم المُلوّث" على واردات منتجات لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وخطط تحويل أسطول المركبات الفيدرالية إلى الكهرباء، وحوافز لمورِّدي الكهرباء لتحقيق هدف بايدن 80% من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، ارتفاعاً من حوالي 40% حالياً.

وقال رئيس الميزانية في مجلس الشيوخ بيرني ساندرز، إنَّ من شأن الحزمة أن تعالج "الاحتياجات التي تمَّ إهمالها منذ فترة طويلة للأسر العاملة- وليس فقط نسبة الواحد بالمئة- والأثرياء من المساهمين في الحملة". مضيفاً أنَّها سوف "تعيد إيمان الشعب الأمريكي بأنَّه يمكن أن يكون لدينا حكومة تعمل من أجلنا جميعاً، وليس لقلَّة فقط".

معارضة جمهورية

من جهته، قال السيناتور ميتش مكونيل، عن ولاية كنتاكي، والزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ، إنَّ الحزب الجمهوري لن يساعد الديمقراطيين في لعبة "الروليت الروسية" مع الاقتصاد. وأضاف: "إذا كان هذا التهوّر التاريخي في الضرائب، وفورة الإنفاق هو ما يريد الحزب الديمقراطي الحديث أن يُعرّف نفسه به، وأن يكون التضخم والارتفاعات الضريبية إرثاً لهم؛ فإن الجمهوريين لا يملكون حالياً الأصوات لتجنيب العائلات الأمريكية هذا الكابوس".

ما يزال يتعيَّن ملء التفاصيل من خلال التشريع الفعلي. وكي يتمَّ تمرير ذلك من خلال مجلس الشيوخ؛ سيتطلَّب الأمر دعماً موحَّداً من جميع الأعضاء الخمسين في مجلس الشيوخ الذين تجمَّعوا مع الديمقراطيين، حتى مع وجود قاعدة للديمقراطيين في المجلس تمنع الجمهوريين من المماطلة لمنعه. ولذا أعرب شيوخ ديمقراطيون معتدلون، مثل جو مانشين، وكيرستن سينيما بالفعل عن هواجسهم تجاه هذا الأمر.

من المفترض أن تكمل لجان مجلس الشيوخ مشروع القانون في وقت قريب من 15 سبتمبر، رغم أن التفاوض بشأن الحزمة الضخمة وتمريرها في المجلسين قد يستغرق وقتاً أطول نظراً للجدل القائم بين الفصائل الحزبية حول حجم الخطة، وكيفية التعامل مع القضايا الساخنة مثل أحكام المناخ، ومنح الجنسية إلى ملايين المهاجرين، والضرائب.

ظهور الانقسامات

تعمّد الجمهوريون تأجيج بعض هذه الخلافات من خلال اقتراح تعديلات غير ملزمة بجلسة مجلس الشيوخ التي استمرت حتى الليل، مما أدى إلى إجبار الأصوات المشحونة سياسياً، وظهور الانقسامات داخل الحزب الديمقراطي. وبرعاية الجمهوري كيفن كرامر من ولاية نورث داكوتا، تمت الموافقة على التعديل الذي أمر الحكومة بعدم إصدار أي لوائح تُقيّد التكسير الهيدروليكي، بعد حصوله على نسبة 57-42 صوتاً ، وعلى دعم ثمانية ديمقراطيين.

غاب السيناتور الجمهوري مايك راوندز من ساوث داكوتا عن التصويت بسبب تواجده مع زوجته التي تخضع لعلاج السرطان، لكنه قال في بيان إنه يعارض القرار.

في حين دعا مخطط ميزانية الديمقراطيين إلى زيادة الضرائب على الأسر التي تربح أكثر من 400 ألف دولار سنوياً، إلا أنه وجّه اللجان بخفض الضرائب على أولئك الذين يكسبون أقل من ذلك المبلغ.

تضمنت الأحكام أيضاً تمديد الإعفاء الضريبي للطفل، والذي يمنح الوالدين ما يصل إلى 300 دولار لكل طفل شهرياً، على أن يتم تقليص هذه المهلة الضريبية، مثلما هو مُقرر، في نهاية العام. كذلك، سيتم تعويض التخفيضات الضريبية لعائلات الطبقة المتوسطة من خلال الزيادات الضريبية الكبيرة على الشركات، والتي تشمل رفع معدل ضريبة الشركات، وفرض حد أدنى من الضرائب على أرباح الشركات الخارجية. اقترح بايدن رفع معدل ضريبة الشركات من 21% إلى 28%، برغم عدم دعم بعض الديمقراطيين المعتدلين من أمثال مانتشين لهذه الزيادة الكبيرة.

ويُشير القرار تحديداً إلى توسيع نطاق الخصم الضريبي على مستوى الولاية ومحلياً، فيما يُعد أولوية رئيسة للمشرّعين الذين يُمثّلون المناطق الضريبية المرتفعة، بما في ذلك تلك الموجودة في نيويورك ونيوجيرسي. تكتسب زيادة الحد الأقصى، البالغة 10 آلاف دولار، للخصم الضريبي على مستوى الولاية ومحلياً، أهمية خاصة في مجلس النواب، بعدما قال أكثر من 20 ديمقراطياً إنهم سيُضعفون جدول أعمال بايدن الاقتصادي، ما لم يجعل الإعفاء الضريبي المحدود في عهد ترمب، أكثر سخاءً.

الفوز بميزانية البنية التحتية

جاء فوز بايدن بالميزانية بعد فوزه الكبير الآخر في مجلس الشيوخ إثر موافقة الحزبين بـ69 صوتاً مقابل 30 صوتاً يوم الثلاثاء على تشريع قيمته 550 مليار دولار للإنفاق على البنية التحتية الجديدة التي تُشكّل ركيزة أخرى من الأجندة الاقتصادية للرئيس. استعصت هذه التسوية المبهرة على الكونغرس والعديد من الرؤساء لعدة سنوات، برغم اعتبار البنية التحتية أولوية قصوى لدى الحزبين.

صوّت 19 جمهورياً لصالح حزمة البنية التحتية، بما في ذلك السيناتور ماكونيل، والذي أطلق على نفسه لقب "حاصد الأرواح" في عهد باراك أوباما نظراً لسجلّه في عرقلة الأولويات الرئاسية الديمقراطية.

بيد أن الديمقراطيين على وشك الوقوع في ممارسة عدة مناورات بعد تهديد بعض التقدميين في مجلس النواب بالتصويت ضد مشروع قانون البنية التحتية، ما لم يُرسل مجلس الشيوخ أولاً تدبيراً يفي بالوعود المشمولة في إطار عمل الميزانية.

وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، التي لا تستطيع تحمّل خسارة أكثر من ثلاثة أصوات ديمقراطية لحزبها، إنها ستؤجل النظر في حزمة البنية التحتية حتى يُمرّر مجلس الشيوخ التشريع الخاص بمتابعة الميزانية.

كما أعلن زعيم الأغلبية ستيني هوير يوم الثلاثاء أن مجلس النواب سيقطع إجازته الصيفية في 23 أغسطس للتصويت على قرار الميزانية، ومن المتوّقع أن توافق الغرفة التي يُسيطر عليها الديمقراطيون. ولم يكن من المقرر أن يعود أعضاء مجلس النواب إلى واشنطن حتى 20 سبتمبر.

تحدد خطة الميزانية أيضاً احتمالية تقديم عرض سياسي جانبي مختلف في وقت ما في الخريف، لكن المخطط لا يتضمن زيادة أو تعليق سقف الدين القانوني، وهو أمر ضروري لتجنّب التخلف عن السداد في الولايات المتحدة في وقت لاحق من هذا العام.

هذا يعني أن التحرّك الخاص بسقف الدين سيتبع الإجراءات العادية لمجلس الشيوخ، والتي تتيح حظره، ما لم ينضم 10 جمهوريين إلى الديمقراطيين في تقييد النقاش، إلا أن قادة الحزب الجمهوري قالوا إن الحزب لن يدعم الزيادة.