الهند ليست مستعدة لموجة كوفيد أخرى

يبدو أن الهند لم تتعلم من الآثار المدمرة لموجة كورونا الثانية التي خلفت مئات الآلاف من الوفيات وأصابت الملايين والدولة الآسيوية لم تستعد لموجة ثالثة وشيكة
يبدو أن الهند لم تتعلم من الآثار المدمرة لموجة كورونا الثانية التي خلفت مئات الآلاف من الوفيات وأصابت الملايين والدولة الآسيوية لم تستعد لموجة ثالثة وشيكة المصدر: غيتي إيمجز
Mihir Sharma
Mihir Sharma

Mihir Swarup Sharma is a Bloomberg Opinion columnist. He is a senior fellow at the Observer Research Foundation in New Delhi and head of its Economy and Growth Programme. He is the author of "Restart: The Last Chance for the Indian Economy," and co-editor of "What the Economy Needs Now."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تنحسر ببطء ذكريات الموجة الثانية المدمرة من فيروس كوفيد-19 في الهند. لقد سقطت الجائحة مرة أخرى من العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام، بينما تزدحم مراكز التسوق والمنتجعات الجبلية بالمتسوقين والسياح.

عاد النشاط التجاري تقريباً إلى مستويات ما قبل وباء فيروس كورونا، كما كان الحال قبل اندلاع الموجة الثانية في شهر مارس الماضي. في الواقع، مثلما حدث في ذلك الوقت، يبدو أن العديد من الهنود يعتقدون أن أسوأ ما في الجائحة قد انتهى.

لكن لا يمكننا التأكد من ذلك على الإطلاق. تشير النماذج الوبائية التي تنبأت بالموجة الثانية إلى أن موجة أخرى أكثر ضحالة قد تضرب الهند في أقرب وقتٍ هذا الشهر. والبلد ليست جاهزة تقريباً كما تظن.

ثقة في غير محلها

جزء مما يدفع الثقة المفرطة هو الطبيعة المدمرة بطريقة خاصة للموجة الثانية في الهند: أدى الانتشار الواسع للعدوى إلى تعريض شريحة كبيرة من الهنود للفيروس، والذين يجب أن يتمتعوا حالياً بدرجة معينة من المناعة. ومع ذلك، فإن الحقيقة البسيطة هي أننا ما زلنا لا نعرف ما يكفي عن الموجة الثانية لعمل تنبؤات سهلة حول الموجة الثالثة.

ما لدينا هو سلسلة من الاستطلاعات التي أجراها المجلس الهندي للبحوث الطبية لأخذ عينات عن عدد الهنود الذين لديهم أجسام مضادة لمرض كوفيد-19. كانت هناك أربعة استطلاعات من هذا القبيل، شملت 29 ألف مستجيب في 700 قرية عبر 21 ولاية من أصل 28 ولاية في الهند.

تشير نتائج الاستطلاع الرابع، الذي أجري في شهري يونيو ويوليو الماضيين، إلى أن ثلثي الهنود تعرضوا لإصابة بمرض كوفيد-19، ارتفاعاً من حوالي 24% في شهري ديسمبر ويناير. في حين أن هذا كثير، فإنه لا يزال يترك 400 مليون هندي بدون أجسام مضادة. قد ترفع الموجة الثالثة أو الرابعة من إجمالي عدد القتلى على نحو حاد.

عدد كبير من الوفيات

ومما زاد الطين بلة، أننا ما زلنا نفتقر إلى الفهم الجيد لعدد الهنود الذين لقوا حتفهم حتى الآن. وتقول الحكومة الفيدرالية إن عدد القتلى أقل من نصف مليون. بينما تشير بعض النماذج إلى أن العدد الحقيقي قد يكون من مليونين إلى ثلاثة ملايين حالة وفاة. كما يوجد تقديرات أخرى أعلى من ذلك.

قدَّر خبراء الاقتصاد في "مركز التنمية العالمية" ما بين 3.4 مليون و4.7 مليون حالة وفاة زائدة في الهند أثناء الجائحة - على الرغم من أنه قد لا يكون جميعها بسبب مرض كوفيد-19 مباشرة. أخفت بعض حكومات الولايات عدد الوفيات لتعزيز سمعتها كمقاتلي كوفيد.

هذه مشكلة لأنه بدون فهم واضح بكيفية وأين كانت الموجة الثانية الأكثر ضراوة، لا يمكننا حقاً معرفة الشكل الذي ستبدو عليه الموجة الثالثة.

كان الدرس الأساسي من الموجة الثانية في الهند هو أن أنظمة الرعاية الصحية المحلية بحاجة إلى التعزيز قبل ارتفاع حالات الإصابة، وإلا فسيكون من السهل هزيمتها. بدون معرفة من تأثر في الماضي، لا يمكننا معرفة أين ومن قد يكون أكثر عرضة للخطر في المرة القادمة؟

تعثر برنامج اللقاح

يأتي بعد ذلك برنامج التطعيم المتعثر في الهند. أدى حظر تصدير لقاحات هندية الصنع استمر لشهور إلى ترك بقية العالم الناشئ يكافح لدرء سلالة "دلتا" المتحورة. كما أنها لم تساعد الهند كثيراً أيضاً. حاولت الحكومة ترهيب مصنعي اللقاحات لتقديم جرعات رخيصة. لضمان قدرة الشركات على الاستثمار بسعة أكبر، سمحت لهم أيضاً بالبيع إلى القطاع الخاص بأسعار أعلى.

كان من الممكن أن تنجح هذه الاستراتيجية إذا كان للرعاية الصحية الخاصة أي حافز لتعزيز نظام توزيع اللقاح. وبدلاً من ذلك، قلَّصت الحكومة بعد ذلك هوامش أرباح المستشفيات، لذلك لم يهتم سوى أكبر اللاعبين من القطاع الخاص. في غضون ذلك، اشتكت حكومات الولايات الهندية باستمرار من عدم حصولها على اللقاحات الكافية لتوزيعها بنفسها.

يعتبر إمداد اللقاح عنق زجاجة آخر. يبدو أن اللقاحات القائمة على تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) من شركة "فايزر إنك" و"مودرنا إنك" أكثر فعالية ضد سلالة "دلتا" المتحورة بالمقارنة بغيرها. ومع ذلك، تجاهلت الحكومة شركة "فايرز" في البداية، ثم تفاوضت مع الشركة بشأن بنود التعويض عن الضرر التي وقعتها معظم الدول الأخرى منذ أشهر.

هذا يعني أن الهند لم تقبل أياً من 110 ملايين جرعة شحنتها الولايات المتحدة إلى العالم الناشئ. جرى إيقاف تسليم الملايين من جرعات لقاح "موديرنا" المخصصة للهند في شهر يوليو الماضي.

عندما التقى زعيما الولايات المتحدة والهند قبل أشهر، أعلنا عن خطط لتمويل تصنيع لقاح "جونسون آند جونسون" في الهند. لم يكن هناك تقدم واضح منذ ذلك الحين.

فشل التعلم من التجربة

كان الدرس المهم الآخر من الموجة الثانية، عندما احتشد العالم لإحضار الأكسجين والأدوية إلى الهند، هو أنه لا يوجد بلد، حتى لو كان في حجم الهند، يمكنه التعامل مع الوباء بمفرده. النظام الهندي، الذي تحول إلى التركيز على الشأن الداخلي على كل الجبهات خلال السنوات القليلة الماضية، اختار أن ينسى ذلك.

جُهد التطعيم البطيء في الهند، وتجدد مخاطر التعرض لهجوم من مرض كوفيد-19، هو ثمن هذا الفشل في التعلم.