بعد رحلته إلى الفضاء.. ريتشارد برانسون "يزخرف" خطوطه الجوية لطرحها للاكتتاب

الملياردير برونسون، مالك "فيرجن غروب" التي تمتلك 51% من "فيرجن أتلانتيك إيرويز" مقابل 49% لـ"دلتا إيرلاينز"
الملياردير برونسون، مالك "فيرجن غروب" التي تمتلك 51% من "فيرجن أتلانتيك إيرويز" مقابل 49% لـ"دلتا إيرلاينز" المصدر: بلومبرغ
Chris Bryant
Chris Bryant

Chris Bryant is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies. He previously worked for the Financial Times.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مع ارتفاع أسعار الأسهم وتسجيلها أرقاماً قياسية، ترتفع سخونة وحيوية سوق الاكتتابات الأولية. وقد بلغت سخونة هذه السوق درجة باتت معها شركة "فيرجن أتلانتك إيرويز" (Virgin Atlantic Airways) المثقلة بالديون، والتي يملكها المليادير البريطاني تشارلز برانسون، تتطلع حالياً إلى بيع جزء من أسهمها في لندن في الخريف القادم، وذلك بعد نحو 40 عاماً على تأسيسها.

هذا هو نوع المغامرات التي يعشقها الملياردير المتهوّر، لكن الغريب في الأمر أن يأتي ذلك مباشرة بعد رحلته إلى الفضاء، جعلت أسهم شركته العاملة في مجال السياحة "فيرجن غالاكتك القابضة" (Virgin Galactic Holding) ترتفع ارتفاعاً صاروخياً. أمّا الأصعب فهو أن نراه يتراجع عن الإقدام على مغامرة مماثلة مع شركة طيران عادية لا تثير اهتمام أحد.

خسائر وديون كبيرة

لقد كانت شركة "فيرجن أتلانتك" تعاني من تزايد خسائرها وأعباء ديونها الباهظة حتى قبل انتشار الجائحة. وبسبب تركيزها على سوق الطيران عبر الأطلنطي، التي استحوذت على 70% من طاقتها التشغيلية في عام 2019، تعرضت الشركة لضربة عنيفة واستثنائية نتيجة فرض قيود على السفر بعد انتشار فيروس كورونا. انهارت إيراداتها بنسبة 70% في العام الماضي، ونتج عن ذلك تكبد الشركة خسائر تدعو إلى الأسى بلغت قيمتها 864 مليون جنيه إسترليني (نحو 1.2 مليار دولار أمريكي).

لا شك أن شركة الطيران هذه سوف تؤكد جهودها الأخيرة لخفض التكاليف، والموقف القوي لنشاط نقل البضائع التابع لها، وإمكانية المراهنة على انتعاش السفر السياحي لتسيير رحلات جوية إلى أماكن مثل الكاريبي، لكنها ستحتاج إلى ضخ رأس المال فيها من أجل إصلاح مركزها المالي الضعيف.

في ضوء خطر استمرار الأزمات الناتجة عن الجائحة، يحظى المستثمرون المحتلمون بموقف يجعلهم قادرين على طلب كثير مقابل استثماراتهم من مالكي الشركة، وهما "فيرجن غروب" (Virgin Group) وشركة "دلتا إيرلاينز" (Delta Air Lines). كما ينبغي عليهم أيضاً أن يكونوا مستعدين لضخ أموال إضافية في حال لم يحدث تحوّل في موقف الشركة المالي وفقاً للمخطط.

في العام الماضي، لم تحصل شركة "فيرجن أتلانتك" على حزمة إنقاذ من الحكومة البريطانية، وتدهورت الأمور أكثر عندما أغضبت عملاءها بسبب عدم ردّها بالسرعة المطلوبة قيمة تذاكر الرحلات التي أُلغيت. لقد فعل الرئيس التنفيذي لشركة "فيرجن أتلانتك" شاي وايس كل ما بوسعه حتى تستمر الشركة، فخفض أعداد العاملين بنسبة 40%، وأحال إلى الاستيداع طائرات الشركة القديمة من طراز "بوينغ 747"، كما أغلق قاعدتها في مطار غاتويك بلندن.

كان على "فيرجن أتلانتك" أن تمتلك خيالاً نشطاً أيضاً في إدارة أموالها جزئياً بسبب هيكل ملكيتها. فشركة "دلتا" تمتلك 49% منها، لكنها تواجه مشكلاتها المالية الخاصة بها، كما هي الحال بالنسبة إلى الشركات الأخرى التابعة لإمبراطورية برانسون، التي تركز على السياحة والترفيه.

مساعدة مالية

في نهاية الأمر، جرت الموافقة على حزمة لإعادة التمويل في العام الماضي، جلبت للشركة 1.2 مليار جنيه إسترليني مساعدة مالية. كانت هذه الأموال في معظمها معونة مؤقتة، كونها جاءت بشكل رئيسي عن طريق تأجيل مدفوعات مستحقة لحاملي الأسهم والدائنين. شركة "ديفيدسون كمبنر كابيتال مانجمنت" (Davidson Kempner Capital Management) وافقت على تأجيل موعد استحقاق قروض بقيمة 170 مليون جنيه إسترليني، لكن بثمن باهظ، وقد سُدّد نصف هذه المبالغ تقريباً منذ الاتفاق.

وبينما قيل كثير في ذلك الوقت حول استثمار برانسون البالغة قيمته 200 مليون جنيه إسترليني في شركة الطيران -وهي مبالغ حصل عليها من بيع حصة في شركة "فيرجن غالاكتيك" التابعة– فإن حسابات عام 2020 تكشف أن هذه الأموال كانت قرضاً واجب السداد. قدم برانسون 100 مليون جنيه إضافية في مارس الماضي. وقالت شبكة "سكاي نيوز" إن هذه الأموال كانت قرضاً هي الأخرى. ورفضت شركة "فيرجن أتلانتك" التعليق على هذه الأخبار.

كانت النتيجة أن "فيرجن أتلانتك" أصبحت مدينة بمبلغ 2.5 مليار جنيه إسترليني (تعادل نحو سبعة أضعاف أرباح الشركة قبل الفوائد والضرائب وإهلاك رأس المال واستهلاك الديون التي حققتها في عام 2019)، ولم يكن لديها سوى 115 مليون جنيه إسترليني من السيولة النقدية القابلة للتصرف في نهاية شهر ديسمبر (منذ ذلك الوقت تحسن الوضع النقدي لدى الشركة بعد قرض آخر من برانسون ودعم إضافي من الدائنين).

تجاوزت قيمة التزامات شركة "فيرجن أتلانتك" قيمة أصولها بمبلغ 150 مليون جنيه إسترليني عند إعلان نتائج الأعمال في شهر ديسمبر الماضي، كما تضمنت نتائج أعمال 2020 تحذيراً من عدم اليقين بشأن إمكانية استمرار الشركة إذا حدثت سيناريوهات الطلب على السفر جواً، التي وصفتها الشركة بأنها "عنيفة ولكن منطقية"، وقد اعتبرت ذلك السيناريو "غير محتمل الوقوع".

إن ما تحتاج إليه شركة "فيرجن أتلانتك" إذاً هو دفعة من رأس المال في صورة أسهم تدعم مركزها المالي، ويبدو أنها تأمل في أن المستثمرين في سوق الأوراق المالية سوف يقدمون لها ما تريد.

لا شك أن أسواق الأسهم تتمتع حالياً بالقوة والحيوية، لكنّ المستثمرين مازالوا ينظرون إلى شركات الطيران العاملة على مسافات طويلة بحذر شديد، بسبب مراكزها المالية الضعيفة مقارنة بغيرها من الشركات، وبسبب المخاوف من أن السياحة العابرة للقارات ورحلات قطاع الأعمال سوف تستغرق وقتاً أطول للتعافي. ولا تضيف التقارير التي تشير إلى أن الاتحاد الأوروبي يدرس تشديد معايير السماح للمسافرين الأمريكيين بدخول أوروبا مرة أخرى، سوى مزيد من هذه التعقيدات والمخاوف.

تأثيرات الجائحة

ما زالت القيمة السوقية لشركة "إنترناشيونال كونسوليديتيد إيرلاينز غروب" (International Consolidated Airlines Group) المالكة لخطوط الطيران البريطانية "بريتيش إيرويز" أقل بما يزيد على الثلث من أعلى مستوى لها سجلته قبل الجائحة. ورغم أن شركة "إير شاتل" (Air Shuttle) النرويجية توقفت عن المنافسة على طرق الأطلنطي، فإن شركات أخرى بدأت في الظهور، مثل خدمة الطيران من نيويورك إلى لندن التي تقدمها شركة "جيت بلو إيرويز" (JetBlue Airways)، وهي تهدّد بأن تجعل استمرار "فيرجن أتلانتك" في هذه السوق أكثر صعوبة.

قالت شبكة "سكاي نيوز"، التي كانت أول من نشر عن خطة الطرح الأولي للاكتتاب العام المحتملة، إن العروض التي قدمتها الإدارة للمستثمرين المحتملين قوبلت حتى الآن بردود فعل "إيجابية". مع ذلك، كل هذا يدفع إلى الاعتقاد بأن طرحاً أولياً لأسهم "فيرجن أتلانتك" سيكون صفقة عصيبة تُضعف كثيراً موقف برانسون وشركة "دلتا" إن لم يشاركا فيها. بخلاف ذلك، إذا كانت مزايا الشركة عظيمة فإن من حقنا أن نتساءل: لماذا لا يستمران وحدهما في تمويل الشركة؟

لقد حقق برانسون مكاسب هائلة من شركته الفضائية، لكن الطيران العادي أثبت أن أعباءه أكبر.