هيئة الأمم المتحدة لتغير المناخ تعتبر إزالة الكربون "ضرورة مُلحة" لإنقاذ الكوكب

موقع سحب الكربون من الهواء مباشرة في مقاطعة "كولومبيا البريطانية" في كندا
موقع سحب الكربون من الهواء مباشرة في مقاطعة "كولومبيا البريطانية" في كندا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

احتل التقييم العلمي الأحدث الذي أصدرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، التابعة للأمم المتحدة (IPCC)، العديد من العناوين الرئيسية المُقلقة مؤخراً. ولكن، لم يتم التشديد بصورة كافية على أحد أهم النتائج التي توصلت إليها الهيئة. حيث ذكر التقرير، أن خفض الانبعاثات يعد أمراً بالغ الأهمية، ولكن للإبقاء على معدل الاحترار العالمي دون المستويات الكارثية، ينبغي علينا أيضاً إيجاد طريقة لسحب مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون الذي أطلقناه في الغلاف الجوي، وهي العملية التي تُعرف بإزالة ثاني أكسيد الكربون، أو الانبعاثات السلبية.

الانبعاثات السلبية

كانت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، قد ذكرت الانبعاثات السلبية في تقرير خاص، صدر عام 2018. لكن، هذه المرة، فإن الهيئة قد ذكرت الانبعاثات السلبية في التقييم الرسمي، باعتبارها ضرورة ُملحّة. عن ذلك، يقول جوليو فريدمان، كبير الباحثين في "مركز جامعة كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية": "لقد أخبرتنا الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أننا فشلنا، وأن التدابير التقليدية لتخفيف آثار الانبعاثات وحدها لن تكون كافية". ويتابع:

عندما تفشل في كل شيء، فإن كل ما يتبقى أمامك هو إزالة ثاني أكسيد الكربون البشري المنشأ

وعندما تناقش الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إزالة ثاني أكسيد الكربون، فإنها لا تشير فقط إلى احتجاز الكربون وتخزينه، وهي العملية التي يتم من خلالها احتجاز الكربون الصادر عن المداخن الصناعية بتركيزات عالية، من خلال تفاعلات كيميائية، وتخزينه تحت الأرض. بل تعني أيضاً سحب الكربون من الهواء مباشرةً، حيث تبلغ مستوياته الحالية ما يقارب 415 جزءاً في المليون.

ويقدّر مؤلفو التقرير أن مستقبل الأرض كبيئة صالح للعيش يعتمد الآن، بشكل جزئي بأقل الأحوال، على إزالة ما بين 100 مليار إلى تريليون طن من الكربون، الموجود بالفعل في غلافنا الجوي بحلول نهاية القرن. ويتوقف ذلك الرقم على مقدار الانبعاثات التي سنستمر في إطلاقها. لتقريب الصورة، يقدر فريدمان أننا حالياً لدينا القدرة على سحب نحو 5 آلاف طن سنوياً من خلال احتجاز الكربون من الهواء مباشرةً. وهناك العديد من التقنيات التي تتمتع بالإمكانات اللازمة لتحقيق ذلك، بعضها لا يزال قيد الدراسة، مثل الاستخدامات المختلفة للمعادن المسحوقة، وبعضها قديم، مثل زراعة المزيد من الأشجار.

مع ذلك، لا تزال معظم هذه التقنيات في مراحلها الأولى، فضلاً عن كونها باهظة التكلفة. ويقول فريدمان إننا في أحسن الأحوال سيكون لدينا القدرة على إزالة 20 مليون طن سنوياً بحلول نهاية العقد. ومن المحتمل أن يعني الحفاظ على هذا المسار أو تحسينه ضرورة ضخ استثمارات كبيرة في التقنيات ذات الصلة. لكن، لا يوجد إجماع على كونها الوجهة التي ينبغي أن تذهب أموالنا إليها.

آراء مشككة

من جهة أخرى، تشكك العديد من المنظمات البيئية بشدة في تقنية احتجاز الكربون، حيث يتم حقن معظم ما مقداره 40 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون الذي يتم احتجازه اليوم، عن طريق تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه في الأرض (أي الكربون الذي يتم احتجازه من المداخن الصناعية، بدلاً من الهواء العادي)، ثم يتم استخدامه لدفع المزيد من المواد الخام إلى السطح، وبالتالي يسهم ذلك في إطالة عمر الوقود الأحفوري.

وفي يوليو الماضي، وقعت المئات من المنظمات الناشطة في مجال حماية المناخ على خطاب، يحث إدارة بايدن على الابتعاد عن هذا النوع من احتجاز الكربون.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت ثانو ياكوبيتيج، مديرة الاتصالات في الولايات المتحدة في منظمة "350.org"، وهي إحدى المنظمات الموقعة على الخطاب، إن موقفها لم يتغير بسبب تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وأضافت: "غالباً ما تبدأ حكومة بايدن، وقيادات العالم الأخرى، بتقنية احتجاز الكربون وغيرها من الحلول الزائفة". وقالت:

لمجابهة أزمة المناخ، علينا أولاً إبقاء النفط والفحم في باطن الأرض، هذه هي الأولوية

لكن نوح ديش، رئيس منظمة "كربون 180" والمؤسس المشارك فيها، وهي منظمة مناصرة لإزالة الكربون، يأمل في أن يُظهر تقييم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن وقت المفاضلة بين الحلول قد ولى. يقول ديش: "لقد نفد الوقت ببساطة لاختيار طريقتنا المفضلة لإزالة الكربون، وعلينا ببساطة استخدام جميع الأدوات المتاحة".

في الوقت الحالي، يبدو أن القرار السياسي في واشنطن يميل إلى تفضيل إزالة الكربون. فقد تضمن مشروع قانون البنية التحتية الذي حظي بدعم الحزبين وأقره مجلس الشيوخ مؤخراً، مبلغاً قياسياً بلغ 9 مليارات دولار إضافية، ستكون مخصصة للاستثمار في تقنيات احتجاز الكربون. ويشير ديش، إلى أن القانون يتضمن 3.5 مليار دولار ستضخ في أربعة مراكز إقليمية لاحتجاز الكربون من الهواء مباشرةً، و3.5 مليار دولار أخرى ستخصص لنقل وتخزين الكربون، بما في ذلك الأموال اللازمة لبناء شبكة خطوط أنابيب ضخمة لنقل ثاني أكسيد الكربون الذي تم احتجازه.

ومع ذلك، فإنه، حتى لو فاق نجاح بعض التقنيات الطموحة لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي أقصى أحلامنا، فإن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لا تقدم أي حلول سحرية، حيث يخلص تقريرها إلى أن "الانبعاثات السلبية الصافية المستمرة، قد تؤدي في النهاية إلى عكس الزيادات في درجات الحرارة، لكن التغيرات المناخية الأخرى ستستمر في اتجاهها الحالي لفترة قد تتراوح بين عقود أو آلاف السنين".

يقول فريدمان أخيراً: "لا توجد فائدة من الشعور بالإحباط نتيجة لذلك. وسواء كنا متفائلين أو متشائمين، العمل المطلوب يبقى كما هو. لقد حددت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الخطوط العريضة للمشكلة. والآن، يمكننا المضي قدماً في تنفيذ المهام".