السرّ وراء جمع التبرعات عبر بطاقات ترمب "الساحرة"

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب خلال تجمع لحملته الرئاسية في ولمينغتون نورث كارولاينا عام 2016
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب خلال تجمع لحملته الرئاسية في ولمينغتون نورث كارولاينا عام 2016 المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بواسطة:جوشوا غرين

امتلأ "تويتر" يوم الخميس بما بدا للوهلة الأولى أنه قصة بلهاء أخرى تتمحوّر حول ترمب، وهو نوع القصص الذي يُحب الليبراليون المذهولون مشاركته مع الآخرين. دارت القصص حول اقتراب حملة "إنقاذ أمريكا" التابعة لدونالد ترمب، من إطلاق مجموعة "بطاقات ترمب الرسمية"، وهي بطاقات بلاستيكية باللونين الأحمر والذهبي، يُمكن للمؤيدين شراؤها بما يسمح لهم بالقيام بأشياء عديدة، وإن كانت القصة لم تحدد شيئاً على وجه الخصوص.

هذا ما يجده مستخدمو موقع "تويتر" مسلياً للغاية. فلماذا يدفع أي شخص 20 أو 50 دولاراً مقابل قطعة بلاستيكية، لا تختلف وظيفيتها عن بطاقات الائتمان الوهمية التي ترسلها البنوك بالبريد في موادها التسويقية؟

تساءلت عن هذا الأمر عندما سمعت للمرة الأولى مسؤولي الحملة يتحدثون بحماس عن بطاقات ترمب في عام 2016. لكن اتضح لي أن البطاقات ليست بلا قيمة على الإطلاق، على الأقل ليس من وجهة نظر الحملة. فهي تعتبر جزءاً من التسويق الذكي، بل وتعد أيضاً دراسة حالة حول كيفية استغلال إدارة عمليات ترمب لعلم نفس المانحين. في عام 2016، دعم المانحون الصغار ترمب بشكل كبير، إلى درجة دفعت حملته إلى تقديم رمز مميّز للمشجعين المتشددين لكي يقومون بتمييز أنفسهم عن الأشخاص الآخرين المنتمين إلى حركة "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى". يقول مستشار سابق للحملة، طلب عدم الكشف عن هويته لتجنّب إثارة غضب ترمب: "كانت هذه طريقة تفكيرهم. إذا أردت أن تكون مؤيداً من بين مجموعة مؤيدي ترمب، فهذه البطاقة الصغيرة تميّزك وتفصلك عن أقرانك". من هنا بدأت الحملة في بيع بطاقات ترمب، وتهافت المعجبون به على شرائها.

العائد على استثمار البطاقات

كان الرئيس المستقبلي نفسه، والمعروف بأنه بائع ماهر، هو الذي أعطى قيمة للبطاقة البلاستيكية، على الأقل بين المتعصبين من مؤيديه. كان ترمب يذهب إلى التجمعات ويتوّجه إليهم بالقول: "ارفعوا بطاقة ترمب الخاصة بكم إذا كنتم تملكونها"، ثم يرفع لهم في المقابل، إبهامه. كانت الحملة تفترض أن المعجبين بترمب الذين يشعرون بالكآبة لعدم رفعهم البطاقات، والذين يُحرجون لدى اكتشافهم أنهم على هامش حفلة المرح، أو الذين يحسدون جيرانهم الذين يحملون البطاقات، سيهرعون إلى الموقع الإلكتروني للحملة، لكي يصححوا تلك الإهانة.

أدى ذلك إلى التدافع طلباً لبطاقات ترمب وجني الأموال، لتقوم الحملة بعد ذلك بإصدار بطاقات ملونة مختلفة تستهدف مستويات مختلفة من المتبرعين. وبدأت أيضاً نشر أسماء حاملي البطاقات في خدمة البث المباشر لترمب، وعلى "جدران المانحين" التي أقامها الموظفون في حملة ترمب. يقول المستشار: "وصل عائد الاستثمار على تلك البطاقات إلى مستوى قياسي. أتذكر فقط أننا لم نتمكن من العثور على الشركات التي يُمكنها إنتاجها بالسرعة الكافية". ويضيف أن الحملة جمعت عشرات الملايين من الدولارات عن طريق بيع البطاقات، واصفاً إياها بأنها إحدى أكثر طرق الحملة الفعّالة لجمع التبرعات.

هل الأمريكيون سعداء؟

بعد خمس سنوات، كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأسبوع الماضي، لا يزال ترمب، الطاغوت الذي لا يُضاهى في جمع الأموال لكافة أنواع مصالح الجمهوريين. ورغم أنه خارج البيت الأبيض ولا يرشح نفسه لأي منصب حتى الآن، قرر العودة إلى ماضيه، حيث أشار آخر طلب له عبر البريد الإلكتروني إلى شارة المضرب الخاصة بحملة "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، والتي تستهدف بشكل مباشر أكثر معجبي ترمب حماسة.

كتب ترمب في رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 4 أغسطس: "ستحمل (صواريخ) باتريوت البطاقة التي تختارونها في جميع أنحاء البلاد، وستكون علامة على دعمكم المتفاني لحركتنا (إنقاذ أمريكا)، وأنا أضع ثقتي الكاملة بكم".

وفي تحديث للرسالة بعد ذلك بفترة وجيزة، كتب: "نحن على وشك إطلاق بطاقات ترمب الرسمية، وسيتم حجزها لأقوى مؤيدي الرئيس ترمب".

بينما تتحرك إدارة عمليات ترمب لجني المزيد من الأموال، فإن السؤال حول بطاقات ترمب لم يعد يتعلّق كثيراً بـ"لماذا؟"، ولكن "لماذا لم نرهم قبل ذلك؟". وكما يقول المستشار:

"إنهم يلعبون الضربات، ثم يعودون إلى ما يجدونه ناجحاً من بينها".