"الاحتياطي الفيدرالي" أمام فرصة لدعم المساواة باستخدام العملة الرقمية

متى سنرى الدولار الرقمي؟
متى سنرى الدولار الرقمي؟ المصدر: غيتي إيمجز
Karen Petrou
Karen Petrou

Karen Petrou is the managing partner of Federal Financial Analytics Inc., a financial services consulting firm. She is the author of "Engine of Inequality: The Fed and the Future of Wealth in America."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في 15 أغسطس الجاري، احتفلت الولايات المتحدة بالذكرى الخمسين لميلاد العملة الرسمية، أو العملة التي تعتمد على الثقة في الاحتياطي الفيدرالي لا في قاعدة الذهب. ومثل معظم الاحتفالات بالخمسين، كشف هذا الاحتفال عن تردي الحال من كثرة الاستعمال.

إن "الدولار الجبار" يواجه حالياً مجموعة من التحديات تأتي من عملة أخرى عابرة للقومية تُصدرها إحدى مراكز القوة والتأثير مثل الصين، ومن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تدرك أنها سوف تستطيع زيادة نفوذها وهيمنتها على الأسواق إذا سيطرت ليس على ما نشتري ونبيع فحسب، وإنما أيضاً على كيفية دفع الثمن.

الدولار الرقمي

إذا لم يُسرع الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة تعريف الدولار بما يعكس عملية رقمنته السريعة على أيدي آخرين، فسوف تنضم البنوك المركزية إلى مراكز التسوق ضمن قائمة طويلة من المؤسسات الطبيعية التي سقطت صريعة لمنافسين أكثر ذكاء وحنكة.

عندما يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتصميم عملته الرقمية يجب عليه ألا يركز على مخاوفه الخاصة فحسب، بما في ذلك تأثيرها على نفاذ السياسة النقدية، بل أيضاً على ضمان أن تكون العملة الرقمية للبنك المركزي نقوداً تعمل على تحسين الفرص الاقتصادية بصورة حقيقية.

لا يعني ذلك، ولا يجب أن يعني، التلاعب بقيمة الدولار الرقمي في مصلحة مجموعة معينة أو أخرى، بل يعني أن الدولار الرقمي ينبغي أن يكون حاملاً للقيمة محايداً بحق في انتقالها تماماً مثل الدولار المادي.

رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، يعترض على وجود أي مخاطر تواجه الدولار في حال رقمنته، من حيث كونه عملة رسمية وعملة الاحتياطي الدولي الرئيسية. ورغم ذلك فإن البنك المركزي للولايات المتحدة يتأهب لأي هجمات محتملة.

الحفاظ على الأوراق النقدية

وبينما يجري العمل، فلا شيء مما قاله مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي حتى الآن يشير إلى أدنى وعي بأهمية تصميم العملة الرقمية للبنك المركزي خارج حدود الاحتياطي الفيدرالي والنظام المصرفي. هناك أربع ملامح رئيسية في تصميم العملة الرقمية للبنك المركزي ضرورية حتى تكون معادلة للدولار الرسمي.

أولاً، ينبغي أن تكون العملة الرقمية للبنك المركزي مكمِّلة للأوراق النقدية، لا بديلاً عنها. الاحتياطي الفيدرالي يعرف ذلك فعلاً لدوافعه وأغراضه الخاصة، ولكن يبنغي كذلك أن يدرك أن الأوراق النقدية ذات أهمية حيوية بالنسبة للعائلات ذات الدخل المنخفض، وأن العملة الرقمية مازالت غير ميسرة لكثير من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة من الأمريكيين.

مشروع قانون البنية الأساسية الجديد سوف يؤدي إلى تقليص "الفجوة الرقمية" إذا تم إقراره، لكن الأوراق النقدية مازالت ضرورة حيوية بالنسبة لكثير من المجتمعات الريفية المعزولة عن الاتصال بشبكة للإنترنت السريع آمنة وتتسم بالكفاءة والسرعة.

سهولة الوصول

ثانياً، إمكانية الوصول ينبغي أن تكون مدرجة منذ البداية في تصميم العملة الرقمية للبنك المركزي. إن أي مستخدم للكمبيوتر ضعيف البصر يعرف الفرق بين استخدام تطبيق لقراءة الشاشة الذي يرتبط ارتباطاً ضعيفاً فقط بنظام التشغيل كبرنامج ملحق به وبين مزايا إمكانية الوصول التي تمثل جزءاً من بنية النظام فعلاً.

ورغم أهمية النقود الورقية فإنها تختفي بسرعة من التعاملات اليومية في النظام المالي. لذلك فإن سهولة وسرعة الوصول إلى الدولار الرقمي لها بالنسبة لمبدأ المساواة أهمية تعادل على الأقل أهمية الحفاظ على دور النقود الورقية.

ثالثاً، إن العملة الرقمية التي سيُصدرها الاحتياطي الفيدرالي يجب أن تتدفق من خلال مؤسسات مالية آمنة وقوية وتخضع للرقابة والتنظيم.

إن أي شخص يلعب دوراً يتعلق بنقود المستهلكين، ينبغي أن يكون بعيداً عن شبهة تعارض المصالح التجارية التي قد تغير وجهة الدولارات الرقمية لخدمة أغراضها الخاصة. إن نظم الدفع الحالية، قطعاً، لا تتمتع بالكفاءة بدرجة تؤثر سلباً على الفئات الأضعف، لكن السرعة التي تعطي مزايا تنافسية أكبر بالأساس لتجار التجزئة أو شركات التواصل الاجتماعي سوف تدمر الحياد وهو أمر جوهري في ضمان العدالة.

الإبقاء على الودائع البنكية

أخيراً، لا يجب على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يسحب الودائع إلى خارج النظام المالي القومي. وفضلاً عن ذلك، ينبغي أن يكون دور العملة الرقمية للبنك المركزي فقط تيسير إمكانية الوصول والاستفادة من نظام الدفع بكفاءة وسرعة، وهو أمر شديد الأهمية.

لكن إذا تحول الاحتياطي الفيدرالي إلى متلقي ودائع الأمة، فسوف يجب عليه أن يكون كذلك مقدم القروض لها.

وسوف يحتاج لاتخاذ قرارات لا تتعلق بالجدارة الائتمانية لكل فرد فحسب، وإنما أيضاً بشأن من يستحق قرضاً لدفع أي نوع من النشاط الاقتصادي.

عندما قام الاحتياطي الفيدرالي في مارس 2020 بالعودة إلى شراء أصول مالية بتريليونات الدولارات، فقد أنقذ الأسواق المالية كلها شاملة صناديق المؤشرات المتداولة التي تتعامل في سندات رديئة عالية المخاطرة، ولم ينقذ الملايين من العائلات التي كانت تعاني تحت وطأة أزمة السيولة.

استطاع النظام المالي أن يتماسك، بل إن قطاعات رئيسية منه - مرة أخرى تعود السندات الردئية فوراً إلى الذهن - حققت أداءً أفضل من ذي قبل.

غير أن ملايين العائلات مازالت تنتظرها سنوات من الفرص الضائعة نتيجة فقدان وظائفهم وحلول أجل سداد الفواتير مع انتهاء فترة السماح في القروض.

تطور حتمي

عندما رسَّخت الولايات المتحدة سيطرة الدولار نهائياً في عام 1971، فإن قاعدة الذهب التي حلّ مكانها الدولار كان يمكن أن ينطبق عليها أي شيء غير كونها ذهبية أو قاعدة. وقد أدى الإخفاق في الاعتراف بذلك والتأكد من الانتقال التدريجي إلى نظام جديد للنقد إلى اضطرابات في الاقتصاد الكلي والنظام المالي استمرت طويلاً حتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي، زارعة بذور مشكلة عدم المساواة الاقتصادي التي نراها اليوم.

في عام 1971 كانت الولايات المتحدة بلد الطبقة الوسطى؛ وبحلول عام 1990 لم تعد كذلك بل شيئا آخر.

إن الدولار الرقمي تطور حتمي تماماً مثل انهيار قاعدة الذهب، لكن تصميماً لعملة رقمية يصدرها البنك المركزي تكون المساواة فيها خاصية دخيلة وملحقة سوف يجعلها عملة رقمية أخرجت بتكلفة عالية غير مبررة ليس من ناحية الاقتصاد والنظام المالي فحسب، ولكن أيضاً من زاوية المنفعة العامة.