هوس الصفقات بين عمالقة النفط في طريقه للتلاشي بسبب "التحول الأخضر"

صفقات القطاع النفطي تشهد تراجعاً
صفقات القطاع النفطي تشهد تراجعاً المصدر: بلومبرغ
David Fickling
David Fickling

David Fickling is a Bloomberg Opinion columnist covering commodities, as well as industrial and consumer companies. He has been a reporter for Bloomberg News, Dow Jones, the Wall Street Journal, the Financial Times and the Guardian.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

هل اقترب العام القاحل لنشاط صفقات صناعة النفط أخيرا من نهايته؟. وفقا لبيانات جمعتها "بلومبرغ" فإنه حتى الآن، جرى الإعلان عن 86 مليار دولار من عمليات الاستحواذ المعلقة أو المكتملة. وإذا استمرت الأمور بهذه المعدلات حتى شهر ديسمبر المقبل، فستكون السنة الحالية واحدة من أكثر السنوات الباهتة لصفقات قطاع الطاقة خلال عقدين من الزمن.

لكن هناك أمل يلوح في الأفق، حيث تقترب شركة النفط السعودية أرامكو بشكل أكبر من صفقة مقايضة الأسهم مع شركة "ريلاينس إندستريز " (Reliance Industries Ltd.) بعد سنوات من العمل عليها، حسبما قالت مصادر مطلعة لـ"بلومبرغ" هذا الأسبوع.

فيما أعلنت شركة "بي إتش بي" (BHP Group )، الثلاثاء الماضي، عن خطط لدمج أعمالها في مجال النفط والغاز مع شركة "وود سايد بتريليوم" (Woodside Petroleum Ltd.) في صفقة قائمة على الأسهم من شأنها أن تدفع شركة التعدين لترك قطاع البترول، وتضاعف إنتاج شركة "وودسايد" تقريبا.

ومع القيمة المقدرة للصفقة الأولى بما يصل إلى ما يترواح بين 20 مليار دولار و25 مليار دولار، والثانية بحوالي 15 مليار دولار بسعر سهم شركة "وود سايد" الحالي، فإن ذلك سيزيد حصيلة العام بمقدار النصف تقريبا.

اقرأ أيضا: إجبار شركات النفط الكبرى على التحوّل الأخضر لن ينقذ الكوكب

لا يعد ذلك مؤشرا على عودة انتعاش روح الحماس والنشاط في القطاع النفطي، فعلى الرغم من أن أسعار النفط الخام قد لامست أعلى مستوى لها في ثلاث سنوات الشهر الماضي، فإن هذه الموجة من نشاط الصفقات لا تشير إلى أن القطاع يستعد لارتفاع الطلب.

مع إعلان الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الأسبوع الماضي بأن معدل الاحترار العالمي يتقدم بوتيرة أسرع مما كان متوقعا في السابق – والذي من المحتمل أن يتجاوز عتبة درجتين مئويتين خلال القرن الحادي والعشرين دون خفض كبير للانبعاثات – ووسط توقعات وكالة الطاقة الدولية بأن الاستثمار في الطاقة المتجددة سيتجاوز ذلك في إنتاج النفط والغاز للسنة الثانية على التوالي، فإن طفرة الاندماج تبدو في طريقها إلي الانتهاء.

صفقات قليلة

على سبيل المثال، هناك صفقة شركتي "ريلاينس وأرامكو"، والتي من المتوقع أن تشهد مقايضة أكبر شركة نفط في العالم لنسبة تترواح بين 1% و2%، من حصتها مقابل حصة نسبتها 20% في أكبر مصفاة، غير أن هذا النوع من الصفقات لا ينتمى إلى نوعية المعاملات التي أجرتها السعودية في الماضي، حينما كانت لديها القدرة على الوصول إلى السيولة الضخمة لشراء الأصول بسعر جيد من مصافي التكرير، ذات هامش الربح المنخفض، وبدلا من ذلك، يتحكم الآن أغنى رجل في آسيا، موكيش أمباني، في الموقف.

ستكون قيمة الصفقة المقدرة ضعف مبلغ 10 مليارات دولار الذي توقعته شركة "ريلاينس" لحصة 25% عندما جرى طرحها لأول مرة في عام 2019، رغم أن قيمة الميزانية العمومية لمصفاة "جامناغار" وأرباحها لم تتحسن حقا منذ ذلك الحين.

كانت الشركة السعودية في يوم من الأيام غنية بالسيولة الكافية، التي دفعتها لضخ الدولارات على فرق كرة القدم، وشراء لوحات ليوناردو دافنشي، بدلا من التخلي عن الأسهم الثمينة.

ولا تقدم الصفقة الحالية الكثير لأي من الطرفين، حيث لا تُستخدم الأسهم في الشركات الهندية والسعودية كثيرا كشكل بديل من أشكال النقد، لأنها محجوزة في البورصات المحلية غير السائلة.

اقرأ أيضا: شركات النفط الكبرى تكتشف أخيراً أن المناخ قد تغير.. ماذا حدث؟

على الرغم من ذلك، فمن الناحية الاستراتيجية، تحصل أرامكو على مقعد على طاولة شركة لا تخفي تحولها المخطط له بعيدا عن البترول، وتوجهها نحو مصادر الطاقة المتجددة ودعم وحدة اتصالات سريعة النمو.

لن تتوقف "جامناغار" عن شراء النفط الخام في أي وقت قريب، لكن حماس أرامكو للاستثمار بأي سعر يشير إلى أنها حريصة على مراقبة الوضع قبل أن يبدأ في التسبب بمشكلات.

بالنسبة لصفقة شركتي "بي أتش بي" – "وودسايد" فإنها لا تنفذ على نطاق واسع. وفي حين أن الشركة المدمجة كانت ستنتج حوالي 649 ألف برميل مكافئ نفطي يوميا في عام 2019 - وهو ما يكفي لوضعها ضمن أكبر 30 منتجا للنفط مدرجا بالبورصة من حيث الحجم - فإن شركة "أرامكو" تضخ هذه الكمية تقريبا كل ساعة.

ومع ذلك، فإن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة للاعبين في القطاع، إذ يجب على كل شركة ذات أصول أقل جاذبية وعدد أقل من المالكين، مقارنة بأرامكو، أن تهتم بآراء مساهميها ومقرضيها. وبالنسبة لشركة "بي أتش بي"، أصبحت هذه مشكلة مع ارتفاع تكلفة رأس المال لشركات الوقود الأحفوري، بينما يتطلع المساهمون إلى إزالة الكربون من محافظهم للأصول.

انسحبت مجموعة "ريو تينتو"، المنافسة اللدود، من آخر أصولها من الوقود الأحفوري منذ عدة سنوات، وباعت شركة "أنجلو أمريكان" آخر أعمالها الخاصة بالفحم الحراري في شهر يونيو الماضي. في حين أن فحم الكوك المستخدم في صناعة الصلب لا يزال من الأعمال الأساسية لشركة "بي أتش بي" (فضلا عن خام الحديد، الذي لا يمكن تحويله إلى صلب باستخدام التكنولوجيا التجارية الحالية ما لم يجر وضع بعض فحم الكوك المشتق من الفحم في المزيج)، وتعتبر الأعمال النفطية التي كانت دائما مناسبة بشكل غريب لشركة التعدين طريقة جيدة لعرض صورة أوضح.

عام قاحل

ستحصل شركة "وودسايد" على نوع مختلف من الفوائد، ففي الوقت الحالي، تقع فيه الشركة ضمن الحد الأدنى من درجة الاستثمار لدى شركات التصنيف الائتماني الكبرى، وهو وضع غير مريح في وقت تكون فيه تكاليف الفائدة على ديون الطاقة عالية المخاطر أعلى من علاوة العائد، مقارنة بالسندات عالية الجودة، عما كانت عليه منذ سنوات. من خلال مضاعفة الحجم تقريبا، ستجعل التدفقات النقدية والميزانية العمومية الشركة أكثر اكتفاء ذاتيا في إنفاقها، وهو اعتبار مهم في السوق، حيث يُطلب من المقرضين على نحو متزايد التدقيق في التأثير المناخي لحافظات قروضهم.

بالنسبة إلى صانعي صفقات الطاقة الذين يتطلعون إلى توسيع العائدات، فإن بوادر براعم التعافي الخضراء في سوق الاندماج والاستحواذ في مجال الطاقة ستكون موضع ترحيب بعد عام من الجفاف. فقط لا يجب أن نخطأ في اعتبارها بداية موسم الحصاد، ورغم السنوات الأفضل التي عاشها القطاع في الماضي، فإن المجال يبدو قاحلا أكثر فأكثر.