لماذا زحزحت إصابة كوفيد واحدة بنك نيوزلندا المركزي عن مساره؟

ليس الوقت مناسباً لتقود نيوزيلندا الركب متجاهلةً المشهد العالمي

أدريان أور، محافظ البنك الاحتياطي النيوزيلندي
أدريان أور، محافظ البنك الاحتياطي النيوزيلندي المصدر: بلومبرغ
Daniel Moss
Daniel Moss

Daniel Moss is a Bloomberg Opinion columnist covering Asian economies. Previously he was executive editor of Bloomberg News for global economics, and has led teams in Asia, Europe and North America.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اتخذت نيوزيلندا قراراً صحيحاً بإرجاء رفع سعر الفائدة الذي كان متوقعاً على نطاق واسع، وعلى البنك المركزي أن يقاوم إغراء اختصار التأجيل لشهر أو شهرين فحسب. ربما بلغ التعافي العالمي ذروته، ومعلوم أن السلطات النقدية الأكثر تأثيراً في العالم تعاف فكرة التشديد لعام على الأقل، لكن الوقت ليس مناسباً لتقود نيوزيلندا الركب.

أبقى بنك الاحتياطي النيوزيلندي السعر القياسي عند 0.25% الأربعاء، بعد إعلان إغلاق على الصعيد الوطني بسبب حالة كوفيد واحدة، حيث امتزجت دراما اللحظة الأخيرة بقرار ظن العديد من الاقتصاديين أنه حتمي. بينما عاشت البلاد خالية من كوفيد لعدة أشهر، أكد مسؤولون سبع إصابات خلال اليومين الماضيين، وكان هذا التحول كافياً لجعل بنك الاحتياطي النيوزيلندي يتردد.

يظهر جلياً أن محافظه ادريان أور مازال راغباً برفع الفائدة، إذ قال البنك في بيان إن موقف السياسة "الأقل ندماً" ينطوي على مزيد من خفض التحفيز النقدي لإبقاء التضخم تحت السيطرة ودعم التوظيف. مع ذلك، اتفق المسؤولون "على إبقاء الفائدة دون تغيير في هذا الاجتماع نظراً لزيادة حالة عدم اليقين في ظل حالة الإغلاق المفروضة في البلاد". تظهر التوقعات التي نشرها بنك الاحتياطي النيوزيلندي ارتفاعاً لسعر الفائدة الرسمي مرة واحدة على الأقل في وقت لاحق من هذا العام.

هل تكفي بضع إصابات؟

تتطلب زحزحة خطط شبه معلنة لبنك مركزي شأناً كبيراً، فيما لا ينبغي لبعض حالات كوفيد أن تكون كافية لذلك، إلا أن ذلك يشير إلى ضعف في المشهد الاقتصادي النيوزلندي الذي يبدو واعداً بخلاف ذلك. عندما تفكر ببعض المقاييس الأساسية، فإن سحب التيسير له ما يبرره حيث ارتفع التضخم لأعلى من هدف البنك لما بين 1% و3% في الربع الأخير، وهي مشكلة كبيرة بالنسبة لدولة بدأت ممارسة تحديد هدف له منذ ثلاثة عقود.

تبدو سوق عملها قويةً، حيث تراجعت البطالة إلى 4% وبلغ نمو الأجور أعلى مستوياته منذ أكثر من عقد. هكذا مسار كان ممكناً لأن نيوزيلندا أجرت تجربتها تحت السيطرة داخل حدود مغلقة فعلياً، ويمكن لمثل هذا النهج أن يعمل على المدى القصير، أما أن يكون هذا أساساً سليماً لتخطيط نقدي طويل المدى فهو مسألة أخرى.

لطالما كانت هذه الصورة المحلية الوردية عرضةً لسلالة دلتا المتحولة، التي تحدث خسائر فادحة في أجزاء مهمة من آسيا. ارتخى انتعاش الصين بعد توسع سريع مطلع العام، ويرجح انكماش الناتج المحلي الإجمالي هذا الربع في أستراليا المجاورة، كما سجلت الأسهم الأمريكية الثلاثاء أكبر انخفاض لها في شهر وسط مخاوف من أن التعافي الاقتصادي العالمي سيفقد زخمه نتيجة إغلاقات لاحتواء عودة فيروس كورونا. ستواجه نيوزيلندا صعوبة في أن تتبرأ من هذه الخلفية.

تاريخ لا يُعوّل عليه

ليس تاريخ البلاد هو الآخر مشجعاً، حيث يميل بنك الاحتياطي النيوزيلندي إلى رفع أسعار الفائدة لأن بقية العالم يقارب الأمر بحذر. في حين أصبح هذا بمثابة وسام فخر محلياً، إلا أنه لم يفضِ دائماً لنهايات سعيدة. عندما بدأ البنك المركزي رفع أسعار الفائدة في 2014، فعل ذلك بسرعة. حينذاك كان الاحتياطي الفيدرالي يقلص التيسير الكمي تدريجياً، بينما كان البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا يبقيان الفائدة منخفضة للغاية. تلقت مقاربة نيوزيلندا الترحيب باعتبارها علامة اقتدار في صنع السياسات والأداء. لكن المسؤولين اضطروا للتراجع بعد عام واحد وبدأت أسعار الفائدة في الانخفاض، وفقاً للخبير الاقتصادي لدى بلومبرغ جيمس ماكنتاير هذا الأسبوع، الذي توقع محقاً أن أور سيمتنع عن الزيادة يوم الأربعاء.

يُعزى عكس الاتجاه جزئياً لانخفاض التضخم، وهو ما يعكس ظاهرة عالمية وصفتها رئيسة الاحتياطي الفيدرالي آنذاك جانيت يلين بأنها "لغز". في هذه الأيام، يفضل رؤساء النقد أن يصفوا طفرة التضخم بأنها "مرحلية". ربما يكونون على حق، ما يجعل أي وتيرة لرفع الأسعار تبدو سريعة للغاية.

من الأفضل لنيوزيلندا أن تدقق في المشهد العالمي بعناية خلال الأشهر القليلة المقبلة. لقد أتخذ البنك القرار الصائب في يوم الأربعاء. بدلاً من أن يكون هذا التأجيل درساً للعالم، يجب على المسؤولين أخذ زمام المبادرة من القوى الكبرى. هناك متسع من الوقت لإتقان هذا الأمر.