بريكست رفع صادرات بريطانيا من المصرفيين فقط

مكانة لندن كعاصمة مالية مهيمنة في أوروبا في خطر فيما تحقق أوروبا القارية مكاسبَ على حسابها

رجل أعمال يمشي بالقرب من بنك إنكلترا في لندن
رجل أعمال يمشي بالقرب من بنك إنكلترا في لندن المصدر: بلومبرغ
Mark Gilbert
Mark Gilbert

Mark Gilbert is a Bloomberg Opinion columnist covering asset management. He previously was the London bureau chief for Bloomberg News. He is also the author of "Complicit: How Greed and Collusion Made the Credit Crisis Unstoppable."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أحد المخاوف الاقتصادية الكبرى التي أفرزها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو ما يسمى بريكست هو تعرقل دخول صادراتها إلى أسواق شريكها التجاري الرئيسي. انخفضت فعلا مبيعات بريطانيا من منتجات الألبان مثل الجبن والحليب إلى القارة بأكثر من 90% خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بنظيره من العام الماضي، حيث بدأت الغصة مع زيادة التكاليف وتعقيدات التجارة عبر الحدود.

غير أن سلعة واحدة عالية القيمة عظمت من صادرات المملكة لدى اتخاذها قرار مغادرة التكتل التجاري، وهي المصرفيون ذوو الأجور المرتفعة. وهم من يصعب على البلاد تحمل تدفقهم إلى الخارج في ضوء اعتمادها على قطاع المال في تحقيق نحو 7% من إجمالي الناتج الاقتصادي.

في حرب اصطياد المواهب... "بنك أوف أمريكا" يرفع رواتب صغار الموظفين مجدداً إلى 100 ألف دولار

بينت أرقام صدرت أخيراً عن السلطة المصرفية الأوروبية تبين أن عدد المصرفيين البريطانيين ممن يتقاضون نحو مليون يورو (1.2 مليون دولار) سنوياً انخفض في 2019 فيما كانت البلاد تتأهب للانفكاك عن الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء بريكست في 2016. تزامنا مع ذلك، ارتفع عدد الأشخاص من العاملين في قطاع المال ويتقاضون أجوراً عالية في إيطاليا وألمانيا وفرنسا.

تغير حظوظ

اعتبرت السلطة المصرفية الأوروبية "انتقال العاملين في البنوك من المملكة المتحدة إلى دول الاتحاد الأوروبي في إطار الاستعداد لبريكست" سبباً رئيسياً في تغير الحظوظ لصالح مكاسب فرانكفورت وباريس وميلانو على حساب لندن.

مصرفي أثرى العائلات بايرون تروت يجمع 3.6 مليار دولار

مازالت المملكة المتحدة الموطن الأهم للمصرفيين الأثرياء، وفيها 71% من إجمالي هذه الشريحة مرتفعة الدخل في أوروبا. حتى مع تراجع عددهم إلى 3519 من 3614 في 2018، فإن هؤلاء المليونيرات من صناع الصفقات مازالوا أكثر عددا بكثير من مجموع الموجودين لدى الدول الأوروبية الثلاث القيادية مجتمعة، حيث لدى ألمانيا 492 مصرفياً منهم، وعددهم في فرنسا 270 أما حصة إيطاليا فهي 241 من ذوي الدخول المرتفعة. غير أن هذه النزعة تظل مقلقةً بالنسبة لمدينة لندن.

مازالت مجيدة؟

رغم الحديث عن انتهاء الأيام المجيدة لنشاط بنوك الاستثمار، مازال هذا القطاع يصنع كثيرا من أصحاب الملايين. ما يداني 5000 من موظفي البنوك في المملكة المتحدة وأوروبا تخطوا حاجز مليون يورو في 2019، بزيادة 45% عن الأعوام العشرة السابقة. تحسن الأجور في قطاع التمويل بوجه عام، وزيادة تعويضات نهاية الخدمة عند إعادة هيكلة البنوك، ساهمت في الزيادة الإجمالية في أعداد المليونيرات وفق تصريحات السلطة المصرفية الأوروبية.

"غولدمان ساكس" يرفع رواتب موظفيه الجدد لـ110 آلاف دولار سنوياً

يتعرض مركز المملكة المتحدة كعاصمة مالية مهيمنة لأوروبا لأخطار محدقة وواضحة. ألمح وزير المالية البريطاني ريشي سوناك الشهر الماضي إلى تخليه عن محاولة التوصل إلى ما يطلق عليها اتفاقات تكافؤ النظم التي كان من شأنها الحفاظ على استفادة الاتحاد الأوروبي من شركات الخدمات المالية في بريطانيا.

لذلك ربما تستمر هجرة مصرفيين من ذوي الدخول المرتفعة إلى مراكز مالية تتمتع بأمان نسبي خارج بريطانيا. فيما ستظهر بيانات العام المقبل أي زيادة في عدد من يجنُون مليوناً في فرانكفورت وفي باريس، لن ترصد أي انخفاض جديد في أعدادهم في لندن، لأن السلطة المصرفية الأوروبية أعلنت أنها لن تنشر بيانات ذات صلة عن المملكة المتحدة، وتلك بحد ذاتها خسارة من صنع بريكست.