"غوتاني أداني".. رهينة تحوَّل إلى ملياردير ينافس "أمباني"

غوتاني أداني
غوتاني أداني المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتمتَّع غوتاني أداني بموهبة النجاة من الأزمة، فهو الذي تمَّ احتجازه مقابل فدية منذ أكثر من عقدين، وكان في عام 2008 من بين رهائن فندق "تاج محل بالاس" في مومباي، عندما حصلت الهجمات الإرهابية التي أودت بحياة أكثر من 160 شخصاً.

ومكَّنته فطنته التجارية وقدرته من التغلب على العقبات، فأصبح منذ ذلك الحين في مقدمة أغنى أغنياء الهند. وبالرغم من أنَّ تفشي فيروس كورونا هذا العام في البلاد أدى إلى ركود غير مسبوق، إلا أنَّ مجموعة "أداني" استمرت في النمو، فقد استطاعت مجموعة مؤسساته تأمين شركاء عالميين، واستثمارات، بالإضافة إلى العمل في قطاعات جديدة.

أكبر منتج للطاقة المتجددة في العالم

وارتفعت قيمة أسهم معظم شركاته، بما في ذلك أسهم وحدات التعدين والغاز والموانئ، وتضاعفت قيمة شركته " أداني غرين إنرجي" (Adani Green Energy Ltd) بست مرَّات هذا العام بعد أن أبرمت صفقة بمجال الطاقة الشمسية بقيمة 6 مليارات دولار، في خطوة لتحقيق الشركة هدفها بأن تصبح أكبر منتجٍ للطاقة المتجددة في العالم مع حلول عام 2025.

وقال سانجيف باسين، مدير شركة إدارة الاستثمار "آي آي أف أل سيكيوريتيز" (IIFL Securities Ltd): "إنَّ السوق تعاني من متلازمة "الخوف من تفويت الفرص" عندما يتعلق الأمر بأسهم "أداني". وبما أنَّ أعماله تتماشى مع رؤية الحكومة المركزية الحالية، فإنَّ الطريق أمام هذه المجموعة التجارية ممهَّدٌ، وسلسٌ لخمسة أو ستة أعوام قادمة على الأقل".

ثاني أغنى شخص في الهند

ويعد "أداني" أغنى شخص في الهند بعد موكيش أمباني، بثروة تقدَّر بـ 32.4 مليار دولار، وقد تصدَّر "أداني" عناوين الأخبار لشراكاته مع بعض أهم الأسماء التي تعمل في وادي السيليكون.

وخلال عام 2020 وحده، أضاف ارتفاع الأسهم ما يعادل 21.1 مليار دولار إلى صافي ثروة أداني، وهو أكثر مما حقَّقه أمباني من مكاسب، وفقاً لمؤشر مليارديرات بلومبرغ.

وامتنع ممثلو مجموعة أداني (Adani Group) عن التعليق على تلك المعلومات.

وقال جيمس كرابتري، الأستاذ المشارك في جامعة سنغافورة الوطنية، ومؤلِّف كتاب "الملياردير راج: رحلة عبر العصر الذهبي الجديد في الهند"، الذي يناقش فيه صعود أباطرة الهند: "إنَّ المخاطر تتمثَّل في خلق الهند لهذه الفئة من رجال الأعمال القلة الراسخين".

بداية الطريق

بعد تركه الجامعة، جرَّب أداني حظَّه في مجال صناعة الماس في مومباي خلال أوائل الثمانينيات، إلَّا أنَّه سرعان ما عاد إلى مسقط رأسه في ولاية غوجارات لمساعدة أخيه في إدارة أعماله في البلاستيك قبل تأسيس شركة "أداني انتربرايزيز" (Adani Enterprises Ltd) في عام 1988، التي شكَّلت التجارة الرئيسية للمجموعة. وبعد مرور عقد من الزمن، بدأ في تشغيل ميناء موندرا الواقع على ساحل بحر العرب، إذ بنى أخيراً أكبر مشغِّل للموانئ في القطاع الخاص في الهند.

كما أصبحت المجموعة أكبر منتج غير حكومي للطاقة في البلاد، والرائدة في تعدين الفحم، وتوسَّعت في عملها خارج البلاد. إلا أنَّه في أستراليا على سبيل المثال، لا يزال يتعامل مع دعاية سلبية لمشروع "كارمايكل للفحم الحراري" (Carmichael thermal-coal project)، الذي حصل على ترخيص عليه العام الماضي بعد صراع دام عقداً كاملاً مع المنظِّمين، ودعاة حماية البيئة.

ومثل غيره من رواد الأعمال الآخرين، تقدَّم أداني مراراً وتكراراً بالصناعات الجديدة المميَّزة التي كانت الحكومة تدفع من أجل تطويرها، إذ تكون المنافسة ضئيلة نسبياً. وكثيراً ما يستشهد رجل الأعمال البالغ من العمر 58 عاماً، وحتى يومنا هذا، "ببناء الأمَّة"، كونها ركيزة أساسية لاستراتيجياته، وهو ما يتماشى مع رؤية رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

دعم مودي

قال أوميش ميهتا، رئيس الأبحاث في "سامكو سيكيوريتيز" (Samco Securities) في مومباي: "يا لروعة الطريقة التي نما بها، وكبر، ليتحوَّل من شركة تجارية في منطقة أحمد آباد إلى مجموعة من المؤسسات المتنوعة القطاعات والبضائع. إنَّها رحلة مذهلة. كان لديهم رؤية مستقبلية لبناء شركة ذات إمكانات نمو من شأنها أن تساعد الهند بطريقة ما، وقد حظي هذا بمباركة الحكومة".

ارتقى أداني في المناصب مع وصول مودي، الغوجاراتي أيضاً، إلى السلطة. وبدأ في إجراء العمليات التجارية في ميناء موندرا، وبناء منطقته الصناعية عندما كان مودي حاكماً، ويعدُّ رجل الأعمال هذا من الداعمين الرئيسيين لمودي على مدى عقدين تقريباً.

بدأ الملياردير التنويع السريع في الأعمال في عام 2015. فعندما تعهد مودي بتطوير التصنيع المحلي للمعدات الدفاعية، قام ببناء قدرات إمدادات الجيش بسرعة من خلال عقد شراكات مع مقاولي الدفاع. وبعد ثلاث سنوات، أدَّى التوجُّه نحو الغاز الطبيعي إلى تحويل إمبراطوريته لاحقاً إلى أكبر تاجر تجزئة للوقود في القطاع الخاص في الهند. وفي عام 2019 ، بدأ التركيز على المطارات، وهو الآن يحاول دخول قطاعات تشمل تخزين البيانات، والخدمات المالية.

وقالت إنديرا هيرواي، مديرة مركز بدائل التنمية (Centre for Development Alternatives) في أحمد آباد: "ساعدت سياسات مودي الشركات ومجموعات الأعمال منذ أن كان في ولاية غوجارات، وساهم ذلك في النموِّ السريع لمجموعات المؤسسات، مثل مجموعة أداني. لأنَّ طريقة ممارسة الأعمال التجارية في الهند تعتمد على دمج استراتيجيات الشركات مع الأولويات الحكومية".

تحديات في أستراليا

وفي حين أنَّ أعمال أداني تسير على قدم وساق في وطنه، لكنَّها تواجه معارضة وانتقادات في أستراليا، فقد اكتسبت حركة "أوقفوا أداني" (Stop Adani) زخماً، فابتعد المقرضون عن مشروع الفحم "كارمايكل" المثير للجدل، حتى تحوَّل إلى قضية انتخابية في التصويت البرلماني لعام 2019. وقد قامت شركة "أداني انتربرايزيز" الشهر الماضي بإعادة تسمية ذراع التعدين للشركة في البلاد في خطوة عدَّها بعضهم وسيلة لإبعاد المجموعة عن تطورات الأحداث.

وقال الرئيس التنفيذي للوحدة حينها، إنَّ جودة فحم المنجم أفضل مما هو موجود حالياً في السوق، وإنَّه سيؤدي إلى انبعاثات أقل عند إنتاج الكهرباء.

ولم يمنع ذلك المجموعة من النمو، ولكنَّ التوسع السريع أدى إلى تراكم ديون تزيد عن 17 مليار دولار، بناءً على ما ورد في تقرير محليٍّ صدر في شهر مايو نقلاً عن المدير المالي للمجموعة. وقد تمكَّنت المجموعة من الاستمرار في جمع الأموال، وذلك بفضل التركيز جزئياً على الطاقة الخضراء، والاقتراض المتزايد من البنوك الخارجية.

استثمارات الطاقة

وأمَّا بالنسبة للمستثمرين الدوليين، وشركات الطاقة العالمية، فهم يحاولون توسيع محافظهم المتجددة، والحصول على جزء من السوق الهندية المربحة، وإمبراطورية أداني لاشك جذابة. وكانت شركة "توتال" الفرنسية العملاقة للطاقة قد استثمرت بالفعل في "أداني غرين" (Adani Green) والموزع "أداني غاز" (Adani Gas Ltd)، في حين دخلت شركة "سنام أس بي إيه" (Snam SpA) الإيطالية مع المجموعة في تعاونٍ استراتيجيٍّ لاستكشاف الفرص في الهيدروجين وأنواع الوقود الأنظف الأخرى.

وقال ديفين تشوكسي، المدير الاداري لشركة "كيه آر شوكسي انفستمنت مانيجيرز" (KRChoksey Investment Managers Pvt): "يتمتَّع أداني بصفته رائد أعمال بقناعة استثنائية، وقدرة على التوسُّع بعد اتخاذه مخاطر محسوبة. لا يمكن للمستثمرين أن يتغاضوا عن أداني، القائم على الأصول المدرَّة للنقد في سوق متنامية مثل الهند.".